ثقافة

تقويم الفصول الأربعة وحساب النجوم.. إرث معرفي متوارث في محافظة ظفار

 
العُمانية: استفاد الإنسان منذ القدم من مراقبة الفلك ورصد حركة النجوم ومنازلها في تحديد المواقيت الزمنية ومعرفة توقيت بدء مواسم وفصول السنة وانتهاءها، وفي محافظة ظفار تناقلت الأجيال معرفة الفصول والمواسم وحسابها عن طريق مراقبة النجوم وتحديد موعد طلوعها وغيابها؛ فلكل نجم ظاهرة معينة تميزه عن غيره كاشتداد الرياح وغزارة الأمطار ودرجات الحرارة والرطوبة.

واعتمد أهالي المحافظة قديما على هذا الإرث المدوّن في جداول مصنفة للاستدلال على دخول مواسم الزراعة والحصاد والرعي والصيد البحري ومواسم الأسفار والتجارة عبر البحار وترقب هطول الأمطار في موسم الخريف، فضلا عن تحديد مواقيت الشهور القمرية لارتباطها بالمناسبات الدينية كشهر رمضان وموسم الحج والأعياد الدينية.

وفي هذا السياق، قال الكاتب والباحث حامد بن جمعان باوزير: إنّ جداول فصول السنة الأربعة المتداولة منذ القدم في ولايات المحافظة تُحدّد موعد دخول وخروج كل نجم؛ مضيفًا أن ولايتي صلالة وطاقة اعتمدت قديما على جداول مدوّنة متوارثة تناقلتها الأجيال كتقاويم زمنية كانت تعلّق داخل المساجد لمعرفة فصول السنة وما يتميز به كل فصل؛ فيما اعتمدت ولاية مرباط جدول منازل النجوم لحسابات البحر المنسوب إلى عبدالله بن علي الشاذلي الكاف.

وأشار باوزير إلى أن كتاب 'العادات والأعراف في ظفار' لمؤلفه سعيد بن مسعود المعشني ذكر أن التقاويم القديمة في محافظة ظفار معدلة عن تقويم الإمام الحبشي ومستندة إليه، وجميعها تعمل بالتوقيت الغروبي أي أن اليوم ينتهي بعد غروب الشمس؛ في حين يعود الفضل في تعديل جداول النجوم وترتيبها إلى عبدالله بن علي باشعيب الذي قام بتعديل جدول المواقيت الغروبي إلى الجدول الزوالي وسُمي بالزوال لتوسط وقت الزوال عند الساعة 12 ظهرا ويبدأ اليوم من بعد منتصف الليل بعد أول ثانية من الساعة 12 بعد منتصف الليل.

من جانبه، قال الدكتور المهندس عوض بن سعيد السعدوني؛ أحد المهتمين بعلم الفلك: إنّ استخدام الذكاء الاصطناعي سهل كثيرًا على المهتمين معرفة وحساب مسارات النجوم ومواقعها وأطوار القمر وخط سيره بالساعة والتاريخ وحركة الشمس وتغير الفصول وتحديد الاتجاهات لأنظمة الملاحة بدقة.

وأشار إلى وجود العديد من التقنيات الحديثة التي تستخدم في أنظمة الملاحة والفلك وتحديد الاتجاهات والقبة السماوية لمعرفة تتبع حركة الشمس والكواكب والنجوم، منها تلسكوبات تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي لتتبع أي جرم أو كوكب يتم اختياره بدقة عالية؛ ما يسهم في معرفة الحسابات الدقيقة لتوقيت فصول السنة ومواسمها المختلفة.

وتتميز محافظة ظفار بفصول ومواسم خاصة -يتم تعيينها من خلال مراقبة النجوم- تختلف عن معظم مناطق شبه الجزيرة العربية بالرغم من وجود تشابه في أسماء النجوم؛ نظرًا لموقع المحافظة الجغرافي المطلّ على بحر العرب وتميزها بمناخ شبه استوائي؛ حيث يتّسم كل نجم بظواهر معينة تميزه عن غيره من خلال تأثير عناصر المناخ المختلفة كالرياح والأمطار ودرجات الحرارة والرطوبة خلال العام.