الإجهاض.. من التحريم الديني إلى الحق الليبرالي
الاثنين / 29 / ذو القعدة / 1444 هـ - 22:01 - الاثنين 19 يونيو 2023 22:01
حَرَّمت الأديان والفلسفات قتل النفس عموما، وسواء أكان ذلك انتحارا أم قتل الآخرين، وقد استثنوا حالات؛ كالدفاع عن النفس والعرض والمال، كما استجازوا قتل من يحاربهم؛ وعدّوه من البطولة التي يحمد صاحبها، بل كرّمت الدول شجعانها الذين يثخنون أعداءهم في المعارك؛ قتلا وإنهاكا. ومع حرمة قتل النفس؛ إلا أن أناسا أقدموا على الانتحار لظروف أورثتهم الكآبة السوداء والأمراض النفسية المستفحلة، أو للتخلص من الأزمات الخانقة التي تطوق رقابهم. وكذلك؛ ليسوا قليلا من يعتدون على حياة غيرهم؛ ظلما وعدوانا. ومن أسوأ حالات القتل وأد حياة الطفل: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) [التكوير:8-9]، وقتل الأولاد خشية الفقر: (وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئا كَبِيرا) [الإسراء:31].
وصفوة القول.. إن تحريم القتل كان من منطلق ديني، فسارت البشرية عليه ردحا من الزمن، وقد جرّمته الفلسفة بإيحاء من الدين، ولذلك؛ لم يكن بينهما في هذا خلاف كبير. فكلاهما انطلق من كون الإنسان فيه روح إلهي، لا يجوز إزهاق نفسه. وحتى الفلسفات المادية التي ترى أن في أوصال الإنسان روحا؛ تركن إلى أنه متميز عن غيره بهذا الروح الذي لا يجوز الاعتداء عليه.
المقال.. لا ينطلق من معتقدات دينية أو رؤى فلسفية، وإنما ينظر إلى الإجهاض بنزعة إنسانية؛ وأقصد وعي النفس بكرامتها وحق وجودها الذاتي، وهذا لا يعني عدم الاتفاق مع بعض المعتقدات الدينية والرؤى الفلسفية، فلدى البشر قدر من الاتفاق، مهما اختلفت توجهاتهم في الحياة.
الإنسان.. وهو يتحرر من أنظمته القديمة، التي صهرته في أتون الاجتماع، فلم تترك له سانحة يتفيأ فيها ظلال فردانيته، عانى كثيرا حتى وصل إليها. لقد وصل الإنسان في النظر إلى جسده من كونه مِلكا لله إلى أنه هو بنفسه مالكا له؛ أي من التحريم الديني إلى الإباحة الفردية. بيد أنه لم يحصل ذلك بوعيه خارجا عن الجماعة، وهذا من المفارقات العجيبة، فالإنسان الساعي للفردانية؛ يجد مرة أخرى نفسه في بوتقة الجماعة الضاغطة، وهذه الجماعية التي خرج منها من خلال مضيق النافذة عاد ليدخل إليها من بابين واسعين؛ هما: التحزب والانتصار بالجماعة، ولذا؛ نرى أتباع الليبرالية يتجمهرون لمواجهة معارضيهم و«مانعي حقوقهم». والتنظير الفلسفي؛ الذي يجعلك بمنطقه التبريري متآزرا مع الجماعة، فأنت لا تخرج إلى قارعة الطريق فردا لتعبّر عمّا يجول في نفسك، وإنما بالاصطفاف المؤدي ضرورة إلى الأدلجة.
هذه المقدمة ضرورية لفهم قضية الإجهاض، فلنأتِ إليها. الإجهاض.. بكونه توجها معلنا ومطلوبا تقنينه؛ لم يولد من رحم المعاناة كما يظنه الكثيرون، وإنما حبلت به الليبرالية، أي حصل بعد أن وعى الإنسان حريته الشخصية، وهذا لا ينفي أن الإجهاض ذاته يحصل نتيجة معاناة المرأة، ومعظمها معاناة نفسية، خشيةَ العار؛ عندما تُغتصَب، أو تعاشر رجلا خارج وثاق الزوجية، لكن هذا النوع من الإجهاض لم يمارس بكونه حقا مشروعا، وإنما عُدّ جريمة، أو خطيئة اضطرت إليها المرأة، هروبا من نير العار الاجتماعي، وربما اتقاء للقتل باسم الشرف.
الإجهاض.. بكونه حقا للمرأة أن تمارسه؛ بعيدٌ عن قضية المعاناة، وإنما هو وليد اعتناق مبدأ الليبرالية، والليبرالية.. كغيرها من المعتقدات؛ ليست كلها رجسا، ففيها ما هو مكسب واقعي للإنسان، نتيجة وعيه بحقيقته الوجودية، كاعتناقه المعتقد الذي يريده، وحرية التعبير التي لا تعتدي على الآخرين، والمساواة بين البشر، بغض النظر عن دينهم وعرقهم وجنسهم. لكن أيضا في الليبرالية ما يهدد الكينونة البشرية، وقد تحدثت عن ذلك في مقال «أفول الليبرالية.. والبديل المنتظر» المنشور في جريدة «عمان»، بتاريخ: 1/ 11/ 2022م. وفي ظل الليبرالية تحول الإجهاض إلى حركة، لا يحكمها مسار الليبرالية العام وحده، بل تتحكم بها كذلك الحركة النسوية، فمهما بدا الأمر بأنه نزوع فردي لامتلاك الإنسان لجسده -وهو أمر يجب مناقشته فلسفيا- فما هو إلا اعتصاب جماعي، بما لا يمكن قبول تبريره.
فإن قيل: ألا يمكن أن يمارس الإنسان حقه الفردي متآزرا بمن يشاركونه في التوجه؟
قلتُ: هذا لا اعتراض عليه، وإنما الحديث عن المبدأ، وهو أنه في ظل تتبع مسار الإجهاض؛ فهو ليس شأنا فرديا في نشأته، وإنما انعكاس لتطور النظريات الفلسفية العاملة في المجتمع بالأساس، وبعد أن تحولت إلى أيديولوجيا. وكذلك؛ فإن حركة الإجهاض تأتي في سياق الحركات الاجتماعية الكبرى، فالإجهاض.. بكونه حركة اجتماعية يعود إلى ستينات القرن العشرين الميلادي، وهذا عقد شهد حركات الانسلاخ من الأنظمة القديمة، والتي كانت أسبق من أي تنظير فلسفي، وأكبر من أية موعظة دينية، لكن لم تجد لها سندا قانونيا كبيرا، وها هي تعود للثوران من جديد خلال هذه السنوات، وهي كذلك -كما في الستينات- تشهد حركة اجتماعية، مصحوبة بانتهاك لمسلمات أخلاقية كالدعوة إلى تشريع المثلية. والحركات الاجتماعية وإن أدت إلى إصدار قوانين إلا أنه لا يعني جمود هذه القوانين، فالظواهر الاجتماعية عموما؛ لاسيما التي تمس الكينونة البشرية، قد تنحسر بعد أن يتجرع الناس مرارتها، فالمحكمة العليا بأمريكا أبطلت قانون الإجهاض بعد أن كان مشروعا، فالمعركة لم تُحسم، والتجربة البشرية تراكمية، بما يفسح لها المجال أن تخرج بوعي أنضج مع مرور الزمن.
أدرك بأن هناك حالات من الإجهاض قد يُلجأ إليها اضطرارا، كالمرض العضال الذي يستدعي إسقاط الجنين إذا خشي على أمه الهلاك، لكن الأطباء المختصين الموثوقين هم من يقرر ذلك. وما أعنيه هو الإجهاض بكونه حقا للمرأة.. ما مصدره؟
أنصار الإجهاض.. يرون أن هذا الحق مصدره امتلاك الإنسان جسده، وهذا يستتبعه سؤال آخر: مَن أعطى الإنسان حق امتلاك جسده؟ الجواب.. النظرية الليبرالية. لكن علينا أولا أن نعرف بأن هذه النظرية لم تعد إنسانية كما أراد لها منظّروها، وإنما تحولت إلى أداة سياسية، فلا يمكن أن نغض الطرف عن استغلالها سياسيا. إلا أن هذا الاستغلال لا يصادر الجانب الطبيعي من النظرية الليبرالية التي تقرر الملكية الفردية، وجسد الإنسان هو أول ما ينبغي أن يمتلكه، لأنه إن لم يكن ملكه فإنه ملك غيره، وسواء هذا الغير هو الجماعة أم الخالق. وبعيدا عن الجدل حول هذين المالكَين؛ اللذين ثارت عليهما الليبرالية، فإن القول بملكية الجسد ذاتها، ليست بالضرورة صحيحة، فالأقرب.. نحن مَن يملكنا الجسدُ، ولسنا من نملكه، فلا وجود للإنسان من دون الجسد، فكان الجسد فكنا، ولأن حياتنا قائمة بالجسد فعلينا واجب المحافظة عليه، وأي تشريع يحافظ على الجسد -فوجوديا وأخلاقيا- علينا الأخذ به، فعلاج الجسد من المرض واجب إنساني، وتجنب الانتحار واجب إنساني، ولا يجوز أن يعتدى على الجسد لأي سبب أو تحت أي تبرير.
إن المرأة من حقها أن تتجنب الحمل، لكن ليس لها أن تقتل جنينها؛ منذ لحظة تخصيب الحُيَيْنِ البييضةَ وشروعها في الانقسام الخلوي، وليس كما يرى المتدينون بعد نفخ الروح، فالروح.. نفخة إلهية لا يعلم سرها إلا الله، والمرجع في تكوّن الجنين هو الحياة وحدها.
يبقى تعرّض المرأة للاغتصاب، علينا أن نعترف بمعاناتها من ذلك؛ نفسيا وجسديا، وأنه عمل إجرامي مؤثَّم، لكن أخلاقيا هذا لا يجيز الإجهاض، فهو من باب معالجة الجريمة بجريمة في كائن آخر لا يد له فيها، وإنما يجب أن يقطع دابر المغتصِب بإيقاع الجزاء عليه وفقا للقانون، وأن يجرّم كل من يسيء للمغتصَبة بأي نوع من الإساءة، وأن توجد ثقافة احترام الإنسان لذاته، مهما كانت الملابسات التي أحاطت بوجوده في الحياة.
وصفوة القول.. إن تحريم القتل كان من منطلق ديني، فسارت البشرية عليه ردحا من الزمن، وقد جرّمته الفلسفة بإيحاء من الدين، ولذلك؛ لم يكن بينهما في هذا خلاف كبير. فكلاهما انطلق من كون الإنسان فيه روح إلهي، لا يجوز إزهاق نفسه. وحتى الفلسفات المادية التي ترى أن في أوصال الإنسان روحا؛ تركن إلى أنه متميز عن غيره بهذا الروح الذي لا يجوز الاعتداء عليه.
المقال.. لا ينطلق من معتقدات دينية أو رؤى فلسفية، وإنما ينظر إلى الإجهاض بنزعة إنسانية؛ وأقصد وعي النفس بكرامتها وحق وجودها الذاتي، وهذا لا يعني عدم الاتفاق مع بعض المعتقدات الدينية والرؤى الفلسفية، فلدى البشر قدر من الاتفاق، مهما اختلفت توجهاتهم في الحياة.
الإنسان.. وهو يتحرر من أنظمته القديمة، التي صهرته في أتون الاجتماع، فلم تترك له سانحة يتفيأ فيها ظلال فردانيته، عانى كثيرا حتى وصل إليها. لقد وصل الإنسان في النظر إلى جسده من كونه مِلكا لله إلى أنه هو بنفسه مالكا له؛ أي من التحريم الديني إلى الإباحة الفردية. بيد أنه لم يحصل ذلك بوعيه خارجا عن الجماعة، وهذا من المفارقات العجيبة، فالإنسان الساعي للفردانية؛ يجد مرة أخرى نفسه في بوتقة الجماعة الضاغطة، وهذه الجماعية التي خرج منها من خلال مضيق النافذة عاد ليدخل إليها من بابين واسعين؛ هما: التحزب والانتصار بالجماعة، ولذا؛ نرى أتباع الليبرالية يتجمهرون لمواجهة معارضيهم و«مانعي حقوقهم». والتنظير الفلسفي؛ الذي يجعلك بمنطقه التبريري متآزرا مع الجماعة، فأنت لا تخرج إلى قارعة الطريق فردا لتعبّر عمّا يجول في نفسك، وإنما بالاصطفاف المؤدي ضرورة إلى الأدلجة.
هذه المقدمة ضرورية لفهم قضية الإجهاض، فلنأتِ إليها. الإجهاض.. بكونه توجها معلنا ومطلوبا تقنينه؛ لم يولد من رحم المعاناة كما يظنه الكثيرون، وإنما حبلت به الليبرالية، أي حصل بعد أن وعى الإنسان حريته الشخصية، وهذا لا ينفي أن الإجهاض ذاته يحصل نتيجة معاناة المرأة، ومعظمها معاناة نفسية، خشيةَ العار؛ عندما تُغتصَب، أو تعاشر رجلا خارج وثاق الزوجية، لكن هذا النوع من الإجهاض لم يمارس بكونه حقا مشروعا، وإنما عُدّ جريمة، أو خطيئة اضطرت إليها المرأة، هروبا من نير العار الاجتماعي، وربما اتقاء للقتل باسم الشرف.
الإجهاض.. بكونه حقا للمرأة أن تمارسه؛ بعيدٌ عن قضية المعاناة، وإنما هو وليد اعتناق مبدأ الليبرالية، والليبرالية.. كغيرها من المعتقدات؛ ليست كلها رجسا، ففيها ما هو مكسب واقعي للإنسان، نتيجة وعيه بحقيقته الوجودية، كاعتناقه المعتقد الذي يريده، وحرية التعبير التي لا تعتدي على الآخرين، والمساواة بين البشر، بغض النظر عن دينهم وعرقهم وجنسهم. لكن أيضا في الليبرالية ما يهدد الكينونة البشرية، وقد تحدثت عن ذلك في مقال «أفول الليبرالية.. والبديل المنتظر» المنشور في جريدة «عمان»، بتاريخ: 1/ 11/ 2022م. وفي ظل الليبرالية تحول الإجهاض إلى حركة، لا يحكمها مسار الليبرالية العام وحده، بل تتحكم بها كذلك الحركة النسوية، فمهما بدا الأمر بأنه نزوع فردي لامتلاك الإنسان لجسده -وهو أمر يجب مناقشته فلسفيا- فما هو إلا اعتصاب جماعي، بما لا يمكن قبول تبريره.
فإن قيل: ألا يمكن أن يمارس الإنسان حقه الفردي متآزرا بمن يشاركونه في التوجه؟
قلتُ: هذا لا اعتراض عليه، وإنما الحديث عن المبدأ، وهو أنه في ظل تتبع مسار الإجهاض؛ فهو ليس شأنا فرديا في نشأته، وإنما انعكاس لتطور النظريات الفلسفية العاملة في المجتمع بالأساس، وبعد أن تحولت إلى أيديولوجيا. وكذلك؛ فإن حركة الإجهاض تأتي في سياق الحركات الاجتماعية الكبرى، فالإجهاض.. بكونه حركة اجتماعية يعود إلى ستينات القرن العشرين الميلادي، وهذا عقد شهد حركات الانسلاخ من الأنظمة القديمة، والتي كانت أسبق من أي تنظير فلسفي، وأكبر من أية موعظة دينية، لكن لم تجد لها سندا قانونيا كبيرا، وها هي تعود للثوران من جديد خلال هذه السنوات، وهي كذلك -كما في الستينات- تشهد حركة اجتماعية، مصحوبة بانتهاك لمسلمات أخلاقية كالدعوة إلى تشريع المثلية. والحركات الاجتماعية وإن أدت إلى إصدار قوانين إلا أنه لا يعني جمود هذه القوانين، فالظواهر الاجتماعية عموما؛ لاسيما التي تمس الكينونة البشرية، قد تنحسر بعد أن يتجرع الناس مرارتها، فالمحكمة العليا بأمريكا أبطلت قانون الإجهاض بعد أن كان مشروعا، فالمعركة لم تُحسم، والتجربة البشرية تراكمية، بما يفسح لها المجال أن تخرج بوعي أنضج مع مرور الزمن.
أدرك بأن هناك حالات من الإجهاض قد يُلجأ إليها اضطرارا، كالمرض العضال الذي يستدعي إسقاط الجنين إذا خشي على أمه الهلاك، لكن الأطباء المختصين الموثوقين هم من يقرر ذلك. وما أعنيه هو الإجهاض بكونه حقا للمرأة.. ما مصدره؟
أنصار الإجهاض.. يرون أن هذا الحق مصدره امتلاك الإنسان جسده، وهذا يستتبعه سؤال آخر: مَن أعطى الإنسان حق امتلاك جسده؟ الجواب.. النظرية الليبرالية. لكن علينا أولا أن نعرف بأن هذه النظرية لم تعد إنسانية كما أراد لها منظّروها، وإنما تحولت إلى أداة سياسية، فلا يمكن أن نغض الطرف عن استغلالها سياسيا. إلا أن هذا الاستغلال لا يصادر الجانب الطبيعي من النظرية الليبرالية التي تقرر الملكية الفردية، وجسد الإنسان هو أول ما ينبغي أن يمتلكه، لأنه إن لم يكن ملكه فإنه ملك غيره، وسواء هذا الغير هو الجماعة أم الخالق. وبعيدا عن الجدل حول هذين المالكَين؛ اللذين ثارت عليهما الليبرالية، فإن القول بملكية الجسد ذاتها، ليست بالضرورة صحيحة، فالأقرب.. نحن مَن يملكنا الجسدُ، ولسنا من نملكه، فلا وجود للإنسان من دون الجسد، فكان الجسد فكنا، ولأن حياتنا قائمة بالجسد فعلينا واجب المحافظة عليه، وأي تشريع يحافظ على الجسد -فوجوديا وأخلاقيا- علينا الأخذ به، فعلاج الجسد من المرض واجب إنساني، وتجنب الانتحار واجب إنساني، ولا يجوز أن يعتدى على الجسد لأي سبب أو تحت أي تبرير.
إن المرأة من حقها أن تتجنب الحمل، لكن ليس لها أن تقتل جنينها؛ منذ لحظة تخصيب الحُيَيْنِ البييضةَ وشروعها في الانقسام الخلوي، وليس كما يرى المتدينون بعد نفخ الروح، فالروح.. نفخة إلهية لا يعلم سرها إلا الله، والمرجع في تكوّن الجنين هو الحياة وحدها.
يبقى تعرّض المرأة للاغتصاب، علينا أن نعترف بمعاناتها من ذلك؛ نفسيا وجسديا، وأنه عمل إجرامي مؤثَّم، لكن أخلاقيا هذا لا يجيز الإجهاض، فهو من باب معالجة الجريمة بجريمة في كائن آخر لا يد له فيها، وإنما يجب أن يقطع دابر المغتصِب بإيقاع الجزاء عليه وفقا للقانون، وأن يجرّم كل من يسيء للمغتصَبة بأي نوع من الإساءة، وأن توجد ثقافة احترام الإنسان لذاته، مهما كانت الملابسات التي أحاطت بوجوده في الحياة.