ماذا تعلمنا الفردية؟
الأربعاء / 24 / ذو القعدة / 1444 هـ - 22:54 - الأربعاء 14 يونيو 2023 22:54
أن تكون فردا حديثا، أي كائنا موضوعيا لا يقبل القسمة على أحد، ذلك هو الدرس الذي تعلمناه «قيمة الفردية»، وهي قيمة تحققت بصورتها الحديثة من خلال صعود الحداثة وأفكار حقوق الإنسان التي ارتبطت بها.
لا يمكننا فهم الفردية إلا في سياق مقارنة أثر الهويات القديمة للبشر على استقرار المجتمعات، أي تلك الهويات الكليانية الجماعية الضاغطة، إذ تعيد تعريف الفرد- حصريا- عبر قبيلته أو طائفته الدينية والعرقية، وكان ذلك التعريف الحصري القديم يسحق أي إمكانية لاستقلال الفرد أو التعبير عن مواقفه بحرية في الحياة خارج التعريف الذي تمنحه له وحدته الخام الأولى.
وغني عن القول، أن بقاء ذلك التعريف، الذي يحصر الفرد ويعيد تعريفه بوصفه جزءا لا يتجزأ من كل قبائلي أو طائفي /ديني/ عرقي يهيمن عليه وعلى تصرفاته هو من أخطر الآفات التي تواجه الاجتماع البشري والانتظام المدني لحياة مجتمعاتنا المعاصرة.
السياق التاريخي الذي صعدت فيه قيمة الفردية في العصور الحديثة سياق معقد مر بصيرورات مختلفة وعكس معاناة طويلة في مجتمعات الغرب للوصول إلى التحقق بتلك القيمة التي أصبحت اليوم من أهم الهويات الفردية للمواطن أي بكونها الهوية التي تنظم التعريف القانوني للفرد بوصفه إنسانا مواطنا فذلك التعريف وحده هو الذي يتصل بالتقييم الحقوقي للفرد بعيدا عن أي انتماء آخر قبائليا كان أو طائفيا أو دينيا.
وقيمة هذا التعريف الحقوقي للفردية متى ما كان حقيقيا وليس شكلانيا - كما هو حال كثير من بلدان المنطقة العربية للأسف - أنه يوفر على المجتمع الحديث الكثير من الإشكالات التي تنشأ من أثر التعريفات ما قبل الحداثية كالقبيلة والطائفة والتي من شأن علاقاتها (التي لا تزال حتى اليوم راسخة في مجتمعاتنا التقليدية) أن تشوش تشويشا كبيرا على حقوق الإنسان، ومن ثم تربك طبيعة الانتظام المدني الذي لا يمكن أن يصبح انتظاما سويا في ظل أي خلل أو عبث يترتب على ممارسات الإخلال بالترتيبات القانونية المفترضة لكل فرد فيما يتعلق بحقه قانونيا؛ سواء أكان ذلك الحق له أم عليه للأسف لا تزال نظم إدراكنا اليوم، كمجتمعات تقليدية، لا تكف عن إعادة تعريفنا من خلال سياق قبلي أو طائفي/ ديني / عرقي، وبالتالي متى ما كانت نظم الإدراك تلك مهيمنة على تصوراتنا فإن التشويش الذي ينشأ عن ذلك في تقييم الأفراد عبر ذلك المنظور سيكون بالغ الضرر، لاسيما وأن تلك الانطباعات التي تخلفها نظم الإدراك تلك في أذهان الأفراد تنحو دائما إلى أحكام القيمة، هي أحكام خطرها كبير لأنها تعيد تعريف الفرد انطباعيا ودون أي مبررات مستندة على الوعي الموضوعي بقيمة الفرد.
ومن أهم السياقات التي تعزز لدينا إدراكا موضوعيا لمفهوم الفردية؛ سياق التعليم الحديث، حيث يكتسب مفهوم الفردية قيمته المدنية والمواطنية كلما كنا أكثر وعيا وإدراكا للمبادئ التي ينشأ عنها تقييمنا لمفهوم الفردية؛ كحقوق الإنسان وما تتضمنه تلك الحقوق من معاني إنسانية كالكرامة البشرية والمساواة والحرية.
ومتى ما بدا لنا مفهوم الفردية بلا معنى متحقق - كامل التحقق - في المجتمعات المتخلفة؛ فإن ذلك سيعني بالضرورة غيابا لنفاذ القوانين المتصلة بحقوق الإنسان والمواطنة، إلى جانب ضعف التعليم الحديث.
فالفردية، من ناحية، تعيد الاحترام للإنسان بوصفه فردا كريما وكائنا موضوعيا بعيدا عن أي تقييم تفرضه نظم إدراك سالبة، ستعني بالضرورة أن يعترف الجميع بهوية الفرد وبتقييمه كفرد ومواطن بعيدا عن انتماءاته القبلية والطائفية والدينية. إن مفهوم الفردية اليوم هو الذي يحفظ مجتمعات العالم الحديث في الغرب من الفوضى والفساد والتخلف التي تفرضها منظومات الوعي القديم وبالتالي فمتى ما ظلت مجتمعاتنا ترزح تحت نظم إدراكها القبلية والطائفية والدينية في تقييم الفرد وإعادة تعريفه، فإن ذلك سيكون عائقا حقيقيا أمام أي تقدم ملموس أو تجاوز حقيقي لكافة الأسباب الخطيرة والكامنة في نظم الإدراك تلك وآثارها.
ذلك أن الضغوط والإكراهات التي تثقل ذهنيات البعض وترهق أعصابهم وهم يعتقدون ويفترضون ما غلب من ظن في نفوسهم من تقييمات للبشر قائمة نظم إدراك وعي قديم كالقبيلة والطائفية الدينية أو العرقية، فضلا عن كونها ضغوطا مشوشة للوعي وغير عادلة في فهم وتقييم الأفراد فهما حقيقيا، فإنها كذلك ستصبح خزان بارود خطير لضخ الكراهية والأحقاد متى ما تم توظيفها بشراسة في ظل الأوضاع التي يهتز فيها استقرار المجتمعات كالحروب.
لا يمكننا فهم الفردية إلا في سياق مقارنة أثر الهويات القديمة للبشر على استقرار المجتمعات، أي تلك الهويات الكليانية الجماعية الضاغطة، إذ تعيد تعريف الفرد- حصريا- عبر قبيلته أو طائفته الدينية والعرقية، وكان ذلك التعريف الحصري القديم يسحق أي إمكانية لاستقلال الفرد أو التعبير عن مواقفه بحرية في الحياة خارج التعريف الذي تمنحه له وحدته الخام الأولى.
وغني عن القول، أن بقاء ذلك التعريف، الذي يحصر الفرد ويعيد تعريفه بوصفه جزءا لا يتجزأ من كل قبائلي أو طائفي /ديني/ عرقي يهيمن عليه وعلى تصرفاته هو من أخطر الآفات التي تواجه الاجتماع البشري والانتظام المدني لحياة مجتمعاتنا المعاصرة.
السياق التاريخي الذي صعدت فيه قيمة الفردية في العصور الحديثة سياق معقد مر بصيرورات مختلفة وعكس معاناة طويلة في مجتمعات الغرب للوصول إلى التحقق بتلك القيمة التي أصبحت اليوم من أهم الهويات الفردية للمواطن أي بكونها الهوية التي تنظم التعريف القانوني للفرد بوصفه إنسانا مواطنا فذلك التعريف وحده هو الذي يتصل بالتقييم الحقوقي للفرد بعيدا عن أي انتماء آخر قبائليا كان أو طائفيا أو دينيا.
وقيمة هذا التعريف الحقوقي للفردية متى ما كان حقيقيا وليس شكلانيا - كما هو حال كثير من بلدان المنطقة العربية للأسف - أنه يوفر على المجتمع الحديث الكثير من الإشكالات التي تنشأ من أثر التعريفات ما قبل الحداثية كالقبيلة والطائفة والتي من شأن علاقاتها (التي لا تزال حتى اليوم راسخة في مجتمعاتنا التقليدية) أن تشوش تشويشا كبيرا على حقوق الإنسان، ومن ثم تربك طبيعة الانتظام المدني الذي لا يمكن أن يصبح انتظاما سويا في ظل أي خلل أو عبث يترتب على ممارسات الإخلال بالترتيبات القانونية المفترضة لكل فرد فيما يتعلق بحقه قانونيا؛ سواء أكان ذلك الحق له أم عليه للأسف لا تزال نظم إدراكنا اليوم، كمجتمعات تقليدية، لا تكف عن إعادة تعريفنا من خلال سياق قبلي أو طائفي/ ديني / عرقي، وبالتالي متى ما كانت نظم الإدراك تلك مهيمنة على تصوراتنا فإن التشويش الذي ينشأ عن ذلك في تقييم الأفراد عبر ذلك المنظور سيكون بالغ الضرر، لاسيما وأن تلك الانطباعات التي تخلفها نظم الإدراك تلك في أذهان الأفراد تنحو دائما إلى أحكام القيمة، هي أحكام خطرها كبير لأنها تعيد تعريف الفرد انطباعيا ودون أي مبررات مستندة على الوعي الموضوعي بقيمة الفرد.
ومن أهم السياقات التي تعزز لدينا إدراكا موضوعيا لمفهوم الفردية؛ سياق التعليم الحديث، حيث يكتسب مفهوم الفردية قيمته المدنية والمواطنية كلما كنا أكثر وعيا وإدراكا للمبادئ التي ينشأ عنها تقييمنا لمفهوم الفردية؛ كحقوق الإنسان وما تتضمنه تلك الحقوق من معاني إنسانية كالكرامة البشرية والمساواة والحرية.
ومتى ما بدا لنا مفهوم الفردية بلا معنى متحقق - كامل التحقق - في المجتمعات المتخلفة؛ فإن ذلك سيعني بالضرورة غيابا لنفاذ القوانين المتصلة بحقوق الإنسان والمواطنة، إلى جانب ضعف التعليم الحديث.
فالفردية، من ناحية، تعيد الاحترام للإنسان بوصفه فردا كريما وكائنا موضوعيا بعيدا عن أي تقييم تفرضه نظم إدراك سالبة، ستعني بالضرورة أن يعترف الجميع بهوية الفرد وبتقييمه كفرد ومواطن بعيدا عن انتماءاته القبلية والطائفية والدينية. إن مفهوم الفردية اليوم هو الذي يحفظ مجتمعات العالم الحديث في الغرب من الفوضى والفساد والتخلف التي تفرضها منظومات الوعي القديم وبالتالي فمتى ما ظلت مجتمعاتنا ترزح تحت نظم إدراكها القبلية والطائفية والدينية في تقييم الفرد وإعادة تعريفه، فإن ذلك سيكون عائقا حقيقيا أمام أي تقدم ملموس أو تجاوز حقيقي لكافة الأسباب الخطيرة والكامنة في نظم الإدراك تلك وآثارها.
ذلك أن الضغوط والإكراهات التي تثقل ذهنيات البعض وترهق أعصابهم وهم يعتقدون ويفترضون ما غلب من ظن في نفوسهم من تقييمات للبشر قائمة نظم إدراك وعي قديم كالقبيلة والطائفية الدينية أو العرقية، فضلا عن كونها ضغوطا مشوشة للوعي وغير عادلة في فهم وتقييم الأفراد فهما حقيقيا، فإنها كذلك ستصبح خزان بارود خطير لضخ الكراهية والأحقاد متى ما تم توظيفها بشراسة في ظل الأوضاع التي يهتز فيها استقرار المجتمعات كالحروب.