العلاقات العُمانية المصرية.. لحظة الانتقال بالتفاهم الاستراتيجي لشراكة مصالح دائمة
السبت / 29 / شوال / 1444 هـ - 20:04 - السبت 20 مايو 2023 20:04
لماذا يستطيع التحليل السياسي الموضوعي أن يشير إلى أن الزيارة التي يبدأها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق لجمهورية مصر العربية اليوم الأحد مرشحة لإحداث نقلة فارقة في تاريخ العلاقات العُمانية/ المصرية.
هناك أسباب تتعلق بطبيعة وتاريخ العلاقة وأسباب تتعلق بفرصها في المستقبل.
تاريخ من التفاهم والتنسيق الاستراتيجي
١- إذا اقتصرنا فقط على الماضي الحديث الذي بدأ مع النهضة العُمانية في ٢٣ يوليو ١٩٧٠ فإن عُمان ومصر نجحتا في تطوير علاقة ذات طابع «استراتيجي» بامتياز مثل حالة غير مسبوقة في العلاقات العربية - العربية:
*-من بين بلدان قليلة ونادرة في المنطقة العربية - تميزت علاقة مسقط والقاهرة بنمط مستقر استعصى على التوتر إذ لم تحدث أبدا بين البلدين مشكلة من أي نوع سياسية أو غير سياسية وبالتالي لم يحدث بينهما لا على مستوى القيادة أو الشعوب ما يعقد علاقات البلدين . وفي منطقة عانت ولا تزال العلاقات بين دولها من التأرجح بين الود الشديد أو العداء الشديد، وقد فر هذا وضعا استثنائيا لعلاقات مصرية - عُمانية ذات طبيعة عقلانية وغير صاخبة.
- سجلت عُمان ومصر ما يمكن وصفه بأعلى مستويات الالتزام بالمواقف المشتركة سواء تجاه التحديات التي قابلها كل بلد أو على مستوى التحديات الكبرى التي عصفت بالمنطقة عصفا حربيا وإيلاما في الخمسين سنة الأخيرة مثل دعم سلطنة عُمان لمصر في الحرب «نصر أكتوبر 1973ودعمها في السلم»، حيث رفضت عُمان المقاطعة العربية لمصر بعد اتفاقيات كامب ديفيد 1978 ولعبت دورا بالغ الأهمية لاحقا في جهود إعادة مصر إلى جامعة الدول العربية والجامعة إلى مكانها الطبيعي في القاهرة.
من ناحيتها انحازت مصر لأمن الخليج.
وكانت مواقف البلدين من الحرب العراقية الإيرانية ومنذ غزو وتحرير الكويت متوافقة بشكل يكاد يكون تاما. ويسجل نمط التصويت المتشابه للبلدين في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وموقفهما الحاسم من رفض خطر الإرهاب والمنظمات الإرهابية فكرا وسلوكا واحترامهما لوحدة الدولة الوطنية ومقاومة محاولات تفكيكها في ما بعد الربيع العربي.. يسجل أمثلة شديدة الوضوح وعلاقة ذات أبعاد استراتيجية شديدة الوضوح سواء في مبادئ أو في ممارسة السياسة الخارجية سواء لدعم الاستقرار والأمن في الدائرة العربية أو على الصعيد الإقليمي ودول الجوار.
لكن ظل السؤال هو كيف يستثمر البلدان هذه القاعدة الذهبية من التفاهم السياسي والإدراك المتبادل لقيمة كل منهما في الإقليم والتقاليد والتنسيق والتشاور في بناء قاعدة مصالح مشتركة وتعاون وتكامل وظيفي تكفل للعلاقات الاستراتيجية الدوام والاستمرارية؟ كيف يتم تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية المحدودة نسبيا بين مسقط والقاهرة بالقدر نفسه الذي تطورت به العلاقات السياسية والتنسيق الاستراتيجي؟
نحو نسخة عصرية للعلاقات في المستقبل
تأتي زيارة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- لمصر بعد أقل من عام من زيارة قام بها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لعُمان ويكشف هذا النمط المكثف من الاتصالات من قبل أعلى مستوى سياسي بين البلدين بالإضافة لتسارع وتيرة اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة والاجتماعات الوزارية بين البلدين عن وجود إرادة سياسية حازمة لتطوير العلاقات في اتجاه أفق جديد يركز من ناحية على تعميق الطابع الاستراتيجي للبلدين كقوتين تعملان على ضمان استقرار وأمن المنطقة وتدعمان الحلول السياسية وجهود نزع فتيل الأزمات الإقليمية.. ويركز من ناحية أخرى على الانتقال بهذه الشراكة السياسية إلى شراكة مصالح دائمة اقتصادية وتجارية تصب في صالح عملية التنمية في كل منهما ويشعر الشعبان المصري والعماني بفوائد مباشرة من هذا التعاون.
ويشير تشكيل الوفدين العماني والمصري في مباحثات الزيارة الحالية بين جلالة السلطان هيثم والرئيس السيسي إلى هذين المحورين، فأركان مؤسسات الدولتين في الدفاع والأمن القومي والخارجية موجودة لتثبيت وتطوير الطابع الاستراتيجي والتنسيق الإقليمي والدولي بما في ذلك تشجيع أدوار البلدين بشأن العلاقات العربية - الإيرانية وزيادة فرص إنهاء الحرب في اليمن وبالقدر نفسه أيضا تتمثل مؤسسات الدولتين في مجالات التنمية والتبادل التجاري والصناعي والاستثمار والمالية وسنركز هنا على فرص العلاقة في الجانب الاقتصادي، خاصة أنه يدفع بالجزء الذي تأخر كثيرا في بنية العلاقات إلى الأمام بقوة ألا وهو بناء شبكة مصالح اقتصادية واستثمارية وتجارية بين البلدين تتضمن روابط مستمرة بين الشعبين والحكومتين. فالتبادل التجاري ومستوى الاستثمارات الثنائية بين عُمان ومصر لم يرتقيا أبدا إلى مستوى العلاقات الشعبية والسياسية والموقف الاستراتيجي المشترك من قضايا المنطقة والعالم.
والتحدي الذي يواجههما ليس عدم وجود الإمكانيات أو المصلحة المؤكدة لكليهما منه ولكن هو فقط استثمار هذه الإمكانيات والتخلص من قدر من التباطؤ في هذا الملف.
- من هذه الإمكانيات أن كلا من مصر وعُمان باتت لديهما طبقة لا يستهان بها من كبار رجال الأعمال المصريين والعُمانيين وآن الأوان لأن يقدما باهتمام أكبر على الفرص الاستثمارية في البلدين بمشروعات شراكة أو مشروعات منفردة وفي قطاعات الصناعة والزراعة والموانئ وليس فقط السياحة والعقار.
- ويضاف إلى ذلك إعادة تنظيم البلدين في السنوات الأخيرة للصندوق السيادي الوطني الحكومي للاستثمار في كل منهما ولديهما فرص للعمل معا لدراسة أفضل فرص الاستثمار لدى كل منهما ودفعه لآفاق أكبر دون تردد.
- من هذه الإمكانيات أيضا التطور الكبير في البنية الأساسية بموانئ ومناطق صناعية في البلدين «صحار والدقم» كأمثلة في عُمان والمنطقة الصناعية في شرق بورسعيد ومنطقة قناة السويس وموانئ السخنة ودمياط، كأمثلة في مصر، هذا التطور أوجد فرصا استثمارية هائلة تجعل البلدين من أكثر البلدان جاذبية للاستثمار خاصة مع تمتع كل منهما بالأمن والاستقرار السياسي.
هناك أسباب تتعلق بطبيعة وتاريخ العلاقة وأسباب تتعلق بفرصها في المستقبل.
تاريخ من التفاهم والتنسيق الاستراتيجي
١- إذا اقتصرنا فقط على الماضي الحديث الذي بدأ مع النهضة العُمانية في ٢٣ يوليو ١٩٧٠ فإن عُمان ومصر نجحتا في تطوير علاقة ذات طابع «استراتيجي» بامتياز مثل حالة غير مسبوقة في العلاقات العربية - العربية:
*-من بين بلدان قليلة ونادرة في المنطقة العربية - تميزت علاقة مسقط والقاهرة بنمط مستقر استعصى على التوتر إذ لم تحدث أبدا بين البلدين مشكلة من أي نوع سياسية أو غير سياسية وبالتالي لم يحدث بينهما لا على مستوى القيادة أو الشعوب ما يعقد علاقات البلدين . وفي منطقة عانت ولا تزال العلاقات بين دولها من التأرجح بين الود الشديد أو العداء الشديد، وقد فر هذا وضعا استثنائيا لعلاقات مصرية - عُمانية ذات طبيعة عقلانية وغير صاخبة.
- سجلت عُمان ومصر ما يمكن وصفه بأعلى مستويات الالتزام بالمواقف المشتركة سواء تجاه التحديات التي قابلها كل بلد أو على مستوى التحديات الكبرى التي عصفت بالمنطقة عصفا حربيا وإيلاما في الخمسين سنة الأخيرة مثل دعم سلطنة عُمان لمصر في الحرب «نصر أكتوبر 1973ودعمها في السلم»، حيث رفضت عُمان المقاطعة العربية لمصر بعد اتفاقيات كامب ديفيد 1978 ولعبت دورا بالغ الأهمية لاحقا في جهود إعادة مصر إلى جامعة الدول العربية والجامعة إلى مكانها الطبيعي في القاهرة.
من ناحيتها انحازت مصر لأمن الخليج.
وكانت مواقف البلدين من الحرب العراقية الإيرانية ومنذ غزو وتحرير الكويت متوافقة بشكل يكاد يكون تاما. ويسجل نمط التصويت المتشابه للبلدين في جامعة الدول العربية والأمم المتحدة وموقفهما الحاسم من رفض خطر الإرهاب والمنظمات الإرهابية فكرا وسلوكا واحترامهما لوحدة الدولة الوطنية ومقاومة محاولات تفكيكها في ما بعد الربيع العربي.. يسجل أمثلة شديدة الوضوح وعلاقة ذات أبعاد استراتيجية شديدة الوضوح سواء في مبادئ أو في ممارسة السياسة الخارجية سواء لدعم الاستقرار والأمن في الدائرة العربية أو على الصعيد الإقليمي ودول الجوار.
لكن ظل السؤال هو كيف يستثمر البلدان هذه القاعدة الذهبية من التفاهم السياسي والإدراك المتبادل لقيمة كل منهما في الإقليم والتقاليد والتنسيق والتشاور في بناء قاعدة مصالح مشتركة وتعاون وتكامل وظيفي تكفل للعلاقات الاستراتيجية الدوام والاستمرارية؟ كيف يتم تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية المحدودة نسبيا بين مسقط والقاهرة بالقدر نفسه الذي تطورت به العلاقات السياسية والتنسيق الاستراتيجي؟
نحو نسخة عصرية للعلاقات في المستقبل
تأتي زيارة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- لمصر بعد أقل من عام من زيارة قام بها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي لعُمان ويكشف هذا النمط المكثف من الاتصالات من قبل أعلى مستوى سياسي بين البلدين بالإضافة لتسارع وتيرة اجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة والاجتماعات الوزارية بين البلدين عن وجود إرادة سياسية حازمة لتطوير العلاقات في اتجاه أفق جديد يركز من ناحية على تعميق الطابع الاستراتيجي للبلدين كقوتين تعملان على ضمان استقرار وأمن المنطقة وتدعمان الحلول السياسية وجهود نزع فتيل الأزمات الإقليمية.. ويركز من ناحية أخرى على الانتقال بهذه الشراكة السياسية إلى شراكة مصالح دائمة اقتصادية وتجارية تصب في صالح عملية التنمية في كل منهما ويشعر الشعبان المصري والعماني بفوائد مباشرة من هذا التعاون.
ويشير تشكيل الوفدين العماني والمصري في مباحثات الزيارة الحالية بين جلالة السلطان هيثم والرئيس السيسي إلى هذين المحورين، فأركان مؤسسات الدولتين في الدفاع والأمن القومي والخارجية موجودة لتثبيت وتطوير الطابع الاستراتيجي والتنسيق الإقليمي والدولي بما في ذلك تشجيع أدوار البلدين بشأن العلاقات العربية - الإيرانية وزيادة فرص إنهاء الحرب في اليمن وبالقدر نفسه أيضا تتمثل مؤسسات الدولتين في مجالات التنمية والتبادل التجاري والصناعي والاستثمار والمالية وسنركز هنا على فرص العلاقة في الجانب الاقتصادي، خاصة أنه يدفع بالجزء الذي تأخر كثيرا في بنية العلاقات إلى الأمام بقوة ألا وهو بناء شبكة مصالح اقتصادية واستثمارية وتجارية بين البلدين تتضمن روابط مستمرة بين الشعبين والحكومتين. فالتبادل التجاري ومستوى الاستثمارات الثنائية بين عُمان ومصر لم يرتقيا أبدا إلى مستوى العلاقات الشعبية والسياسية والموقف الاستراتيجي المشترك من قضايا المنطقة والعالم.
والتحدي الذي يواجههما ليس عدم وجود الإمكانيات أو المصلحة المؤكدة لكليهما منه ولكن هو فقط استثمار هذه الإمكانيات والتخلص من قدر من التباطؤ في هذا الملف.
- من هذه الإمكانيات أن كلا من مصر وعُمان باتت لديهما طبقة لا يستهان بها من كبار رجال الأعمال المصريين والعُمانيين وآن الأوان لأن يقدما باهتمام أكبر على الفرص الاستثمارية في البلدين بمشروعات شراكة أو مشروعات منفردة وفي قطاعات الصناعة والزراعة والموانئ وليس فقط السياحة والعقار.
- ويضاف إلى ذلك إعادة تنظيم البلدين في السنوات الأخيرة للصندوق السيادي الوطني الحكومي للاستثمار في كل منهما ولديهما فرص للعمل معا لدراسة أفضل فرص الاستثمار لدى كل منهما ودفعه لآفاق أكبر دون تردد.
- من هذه الإمكانيات أيضا التطور الكبير في البنية الأساسية بموانئ ومناطق صناعية في البلدين «صحار والدقم» كأمثلة في عُمان والمنطقة الصناعية في شرق بورسعيد ومنطقة قناة السويس وموانئ السخنة ودمياط، كأمثلة في مصر، هذا التطور أوجد فرصا استثمارية هائلة تجعل البلدين من أكثر البلدان جاذبية للاستثمار خاصة مع تمتع كل منهما بالأمن والاستقرار السياسي.