«السير العمانية».. ندوة نظمها النادي الثقافي تكشف أهمية الجوابات العمانية
امتدت من القرن الأول إلى القرن العاشر الهجري
الأربعاء / 19 / شوال / 1444 هـ - 21:25 - الأربعاء 10 مايو 2023 21:25
نظم النادي الثقافي بمقره في القرم ندوة السير العمانية استضاف فيها كل من سعادة أحمد بن سعود السيابي، والدكتور إبراهيم البوسعيدي، والدكتور ناصر الندابي، ويونس اليعربي، وأدارت الندوة تهاني الحوسنية، بحضور عدد من المهتمين بالتاريخ العماني والشأن الثقافي.
واستهلت الندوة بورقة سعادة أحمد بن سعود السيابي الذي تناول ظهور «السير العمانية»، وكيف تحولت من رسائل متبادلة إلى مفهوم توسع أكثر، وأوضح بأن السيرة العمانية تمثل جزءا مهما من الذاكرة العمانية، وهي تضم مجموعة من الرسائل الصغيرة أو المختصرة بمثابة الكتيبات في هذا الزمان، وسميت سير لأنها تشتمل على أحداث عقدية وفكرية في سياق تاريخي، والسير جمع سيرة، ولها معانٍ متعددة، وهناك سيرة ذاتية يكتبها الإنسان عن نفسه، أو سيرة ذاتية مختصرة للتقديم للعمل مثلا، وهي فن حديث، والسيرة الغيرية يكتب فيها شخص عن غيره، أما عن لماذا سمي هذا النوع من الكتابة بالسير؟ فيوضح: لأن السيرة تحمل سياقا تاريخيا، مسقط عليه الأحكام التي قد تكون عقدية أو فقهية كما حدث في السير العمانية، وهذا هو الأصل في السيرة، مبينا أنها سميت بالسيرة لأنهم تأثروا من مصطلح «السيرة النبوية» التي ارتبطت بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما تسرد أحداثا أخرى في عمان، وعند العلماء العمانيين الذين كتبوا هذه الرسائل الصغيرة. مشيرا إلى أن الإباضية المغاربة لديهم سير ولكن كل سيرة منفصلة وهي شبيهة بالسير العمانية عبارة عن مساقات تاريخية مرتبطة بأحداث، وفي عمان بدأ بها شخص في وقت ما، ولا يعرف من الذي قام بجمع هذه السير، ففي كل فترة يأتي شخص يجمع ما توفر له من معلومات، وفي رأيي بدأت كتابة السير من سيرة سالم بن ذكوان الهلالي الذي قام بكتابة رسالته أو سيرته في المائة الأولى الهجرية، وآخر سيرة في المجموع هي سيرة أحمد بن مداد في القرن العاشر الهجري الذي ينكر فيها أحداثا وقعت بين الإمامين محمد بن إسماعيل القضاعي وابنه الإمام بركات بن إسماعيل.
ويتابع السيابي: وتمت تسميتها أولا «مجموع سير المسلمين»، كما سميت «السير والأخبار والأحاديث»، وتجمعت عدة نسخ من هذه السير، وأوسعها من عدد الرسائل نسخة مكتبة الشيخ نور الدين السالمي في ولاية بدية وتحتوي على ستين سيرة، والبقية تكون بحسب الأحداث. ويضيف: تتوفر لدي نسخة من سيرة كتبها عالم الدين الشيخ سالم بن خميس بن سالم بن نجاد من أحفاد الشاعر الكيذاوي، وتم نسخها في عهد الإمام قيد الأرض سيف بن سلطان، 1122هـ، ولدي صورة من نسخة زنجبار وكتبت للسلطان برغش بن سعيد وتتميز بالخط الجميل، نسخها حمد بن علي بن مسلم الخميسي في السويق نسخت له في عمان وأرسلت إلى زنجبار، بمساعدة من تلاميذ الشيخ محمد بن سليم الغاربي الذي كان أحد العلماء البارزين وكان من ولاية السويق، في شهر محرم 1299. وجاءت إلى وزارة التراث والثقافة في عهد السيد فيصل بن علي عندما كان وزيرا للتراث والثقافة.
والسيرة الأخرى وتوجد منها نسخة بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي في السيب، نسخت في عام 1174هـ، ولم يذكر الناسخ، ولدي بعض النسخ منها. وتوجد نسخة كبيرة في مكتبة «لوفوف» بأوكرانيا، وذهب أحد العلماء الجزائريين لتفقد المخطوطات في عام 1988 وحصل على كشف عن مخطوطات الإباضية، وهناك العديد من المخطوطات الإباضية في شرق أوروبا والاتحاد السوفييتي (سابقا) سجلها أحد المستشرقين في الجغرافيا عن المخطوطات الإباضية التي توجد في المكتبة، وحاولنا التواصل للحصول على المخطوطات الإباضية الموجودة في مكتبة جامعة أوكرانيا، في أيام الاتحاد السوفييتي، وتم التوصل إلى أحد المخطوطات.
وهناك مجموعة من هذه السير في مخطوط اسمه «السير والجوابات» مع كتاب الاهتداء وكتاب الجوهر المختصر، وكلا هذين الكتابين لصاحب المصنف الشيخ أبوبكر أحمد بن عبدالله بن موسى الكندي، الذي قام بجمع هذه الرسائل بنفسه، لأن آخر سيرة في ذلك المجموع هي سيرة الشيخ أبي بكر أحمد بن عمر بن أبي جابر المنحي وتوفي سنة 502هـ، وتسمية السير العمانية لأن جميعها عمانية، وبعض المجاميع ابتدأت بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى العلاء بن الحضرمي، ولم تذكر هذه السير خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمان، وإنما ذكرها العوتبي في كتاب الأنساب وهو من علماء في القرن الخامس الهجري، وبعض النسخ تضم خطاب الإمام عبدالله بن إباض التميمي إلى عبدالملك بن مروان.
البعد التاريخي
وأوضح يونس من مطر اليعربي في ورقته التي بدأها بالحديث عن مفهوم الاستشراق باعتباره دراسة للشرق وعلومه، والاستشراق في بدايته والاستشراق الكلاسيكي مبينا أنهم كانوا يعتمدون على دراسة الشرق وعلومه في مجال الجغرافيا والتاريخ والأدب ويعترفون بالمصادر الإسلامية، تمهيدا للاستعمار، أو بدافع العلم، وفي نهاية الاستشراق في مؤتمر 1973 في باريس للمستشرقين، تم إلغاء هذا المفهوم، حيث اتفق المؤتمرون على إنهاء مفهوم الاستشراق واستبداله بالدراسات المتعلقة بالشرق الأوسط، وفي عام 1976 كتب مستشرق كتابا توجه فيه للتشكيك بالمصادر الإسلامية وعدم موثوقيتها، ورد عليهم جون وانسبرو ونقدهم نقدا علميا صرفا، وتناول الدراسات القرآنية.
والتحول الأبرز في مفهوم الاستشراق الجديد مع كتاب جديد هو الهاجريين، واعتمد كوك وكراون في تأليفهم وبناء نظريتهم حوله، حيث انطلقوا من مبادئ أن المصادر كتبت بعد فترة طويلة لا يمكن الوثوق بها، وهي وجهة نظر لا يمكن التسليم بها.
ثم تطرق يونس اليعربي إلى مفهوم السير العمانية، وأهمية سيرة سالم بن ذكوان الهلالي بالنسبة لمدرسة المراجعين الجدد الاستشراقية، والأسباب التي حملتهم على الاهتمام بهذه السيرة على نحو خاص إلى الحد الذي حملهم على تحقيقها ونشرها، وكذا الوقوف على المضامين العامة لهذه السيرة وأهم الحمولات التاريخية التي تتضمنها والتي ترتبط بتاريخ صدر الإسلام.
نموذج السيرة العمانية
وتطرق الدكتور إبراهيم بن يحيى البوسعيدي إلى الجوانب الإدارية في التصدي للأطماع البرتغالية في البحر، وأشار إلى أن دولة اليعاربة عرفت تنظيما إداريا تطلب وجود ولايات كبيرة تتبعها ولايات صغيرة، تضم القرى وتتم إدارتها من قبل والي يقيم في الحصن وقد وكل مساعدا أو نائبا عنه، بالنسبة للوالي الأكبر يعين في المدن الكبرى وفي الأمصار، وتم استحداثه في عصر اليعاربة وهو اتجاه يعكس التطور الإداري لتلك المرحلة وما يمثلها من حراك سياسي وعسكري سواء في مرحلة الوحدة أو في مرحلة الصراع مع البرتغاليين. وتتحد مهام الوالي طبقا عن الصلاحيات الممنوحة له من الإمام أو الوالي الأكبر، وهنالك والٍ على التعيين ويقتصر دوره على الولاية فقط، وهنالك والٍ على التفويض وله صلاحيات أوسع حيث يشمل التصرف في بيت المال والقضاء والحكم بين الناس وجمع الزكاة والصدقات وغيرها، ومن وظائف الوالي اتخاذ القرارات العسكرية وتسيير الجيوش، وتعيين الولاة كتعيين الوالي الأكبر عبدالله بن محمد الكندي، للشيخ محمد بن علي الحراصي على لوى بعد فتحها، وتعيين الوالي عامر بن محمد المعمري لكل من صالح بن محمد بن عزيز النخلي واليا على جعلان، وراشد بن عمر الفارسي على صور، والإشراف على بيت المال ومراقبة الولاة التابعين له وتوجيههم، وللوالي وظائف معينة كالتصرف في استثمار بيت المال والإنفاق من بيت المال على ضيوف الوالي، وصرف رواتب العاملين، والإنفاق على المحتاجين من بيت المال ومراقبة الطرق والأسواق وتعيين بعض الوظائف كالكاتب والعامل والشراة والمحتسب وقابض الزكاة. وسيرة الشيخ عامر بن محمد بن مسعود المعمري السعالي النزوي بين القرنين السابع عشر والثامن عشر، تتلمذ على يد الشيخ صالح بن سعيد الزاملي والشيخ سعيد بن أحمد الكندي ومحمد بن عبدالله بن عبيدان، ونقل عنه بعض أقواله وفتاويه كل من تلامذته عبدالله بن محمد بن عامر الخراسيني ويعد أحد أركان دولة اليعاربة وشغل مناصب رفيعة في هذه الدولة وتمتع بصلاحيات إدارية ومالية وعسكرية، وعينه الإمام ناصر بن مرشد واليا على صور، ثم عينه سلطان بن سيف واليا أكبر على الشرقية، عرف بحسن السيرة والنزاهة والعدالة والاهتمام البالغ بجوانب متعددة، وترك جوابات فقهية متناثرة.
السيرة العبادية
أما الدكتور ناصر الندابي فبيّن أن السيرة العبادية برزت فيها بعض الشخصيات في النسخ المخطوطة، وأولى الشخصيات هي شخصية الشيخ علي بن مسعود بن علي العبادي في الفترة التي عاش فيها العبادي في نهاية القرن الثاني، حيث عاش إشكاليات وقعت في نهاية الدولة اليعربية، والشخصية الثانية هي شخصية الرئيس وهي شخصية أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي. وابنه الشيخ ناصر بن جاعد الخروصي وأخذت أهميتها من أبيها ومن بروزها في داخل عمان وشرق أفريقيا.
وعن النسخ الموجودة فيوضح أنه أطلق عليها سير العبادي نسبة إلى أول سيرة كتبها الشيخ العبادي، ولها ردود، وهي ثلاث سير، وليست كلها مكتملة. ونسخة العبادي متوفرة، وتم تأليف السيرة وأخذت أهميتها لفتنة حدثت في نزوى، مجموعة من الناس ذهبوا لهذه الفئة لظنهم أنها فئة سيئة، وهجموا عليهم وقتلوا منهم أربعة، وقتل من المهاجمين رجل وجرح آخرون، فقام الشيخ العبادي بكتابة السيرة بعد أن توسعت الفتنة وأصبحت فتنة، مما جعل أهل نزوى للاستعانة بالشيخ جاعد الخروصي لحل هذه الإشكالية، وجاء الشيخ ليحلها ولكن الأوضاع تطورت، ويظهر لي بأن هناك مصالح سياسية تكونت خلال هذه الفتنة، وتقول الرواية التاريخية بأن الشيخ جاعد تواصل مع السيد سلطان لإعلان الثورة، وتم إرسال جيش واعترضه بنو رواحة ولم يتمكن من السيطرة عليها. ونلاحظ في هذه السير الثلاث: سيرة شديدة وسيرة متوسطة وسيرة خشنة، وسيرة الشيخ العبادي كان فيها هجوم، يقابلها اتزان في الرد من سيرة الشيخ جاعد، ثم هجوم كبير في سيرة الشيخ ناصر بن جاعد. واستغل جاعد بن خميس هذه الفتنة وهجم على الحصن واستولى عليه، والرواية التاريخية تقول بأن السيد سعيد بن أحمد جاء إلى الشرقية واستنجد بالهناوية وهزموا في نزوى وفشلت هذه السيرة.
مبينا أن الآراء السياسية متوزعة لثلاثة آراء تطبيقية: وهي انتقاد لما حدث، وتبصير بما هو الأفضل، والرؤية المستقبلية. وهناك رواية تشير بأن العديد من القبائل انضمت إلى الشيخ جاعد، وهناك تعليقات من الإمام نور الدين السالمي، ومن حيث الآراء كتب الشيخ علي بن مسعود العبادي تتحدث عن الإشكالية بشكل مفصل.
واستهلت الندوة بورقة سعادة أحمد بن سعود السيابي الذي تناول ظهور «السير العمانية»، وكيف تحولت من رسائل متبادلة إلى مفهوم توسع أكثر، وأوضح بأن السيرة العمانية تمثل جزءا مهما من الذاكرة العمانية، وهي تضم مجموعة من الرسائل الصغيرة أو المختصرة بمثابة الكتيبات في هذا الزمان، وسميت سير لأنها تشتمل على أحداث عقدية وفكرية في سياق تاريخي، والسير جمع سيرة، ولها معانٍ متعددة، وهناك سيرة ذاتية يكتبها الإنسان عن نفسه، أو سيرة ذاتية مختصرة للتقديم للعمل مثلا، وهي فن حديث، والسيرة الغيرية يكتب فيها شخص عن غيره، أما عن لماذا سمي هذا النوع من الكتابة بالسير؟ فيوضح: لأن السيرة تحمل سياقا تاريخيا، مسقط عليه الأحكام التي قد تكون عقدية أو فقهية كما حدث في السير العمانية، وهذا هو الأصل في السيرة، مبينا أنها سميت بالسيرة لأنهم تأثروا من مصطلح «السيرة النبوية» التي ارتبطت بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما تسرد أحداثا أخرى في عمان، وعند العلماء العمانيين الذين كتبوا هذه الرسائل الصغيرة. مشيرا إلى أن الإباضية المغاربة لديهم سير ولكن كل سيرة منفصلة وهي شبيهة بالسير العمانية عبارة عن مساقات تاريخية مرتبطة بأحداث، وفي عمان بدأ بها شخص في وقت ما، ولا يعرف من الذي قام بجمع هذه السير، ففي كل فترة يأتي شخص يجمع ما توفر له من معلومات، وفي رأيي بدأت كتابة السير من سيرة سالم بن ذكوان الهلالي الذي قام بكتابة رسالته أو سيرته في المائة الأولى الهجرية، وآخر سيرة في المجموع هي سيرة أحمد بن مداد في القرن العاشر الهجري الذي ينكر فيها أحداثا وقعت بين الإمامين محمد بن إسماعيل القضاعي وابنه الإمام بركات بن إسماعيل.
ويتابع السيابي: وتمت تسميتها أولا «مجموع سير المسلمين»، كما سميت «السير والأخبار والأحاديث»، وتجمعت عدة نسخ من هذه السير، وأوسعها من عدد الرسائل نسخة مكتبة الشيخ نور الدين السالمي في ولاية بدية وتحتوي على ستين سيرة، والبقية تكون بحسب الأحداث. ويضيف: تتوفر لدي نسخة من سيرة كتبها عالم الدين الشيخ سالم بن خميس بن سالم بن نجاد من أحفاد الشاعر الكيذاوي، وتم نسخها في عهد الإمام قيد الأرض سيف بن سلطان، 1122هـ، ولدي صورة من نسخة زنجبار وكتبت للسلطان برغش بن سعيد وتتميز بالخط الجميل، نسخها حمد بن علي بن مسلم الخميسي في السويق نسخت له في عمان وأرسلت إلى زنجبار، بمساعدة من تلاميذ الشيخ محمد بن سليم الغاربي الذي كان أحد العلماء البارزين وكان من ولاية السويق، في شهر محرم 1299. وجاءت إلى وزارة التراث والثقافة في عهد السيد فيصل بن علي عندما كان وزيرا للتراث والثقافة.
والسيرة الأخرى وتوجد منها نسخة بمكتبة السيد محمد بن أحمد البوسعيدي في السيب، نسخت في عام 1174هـ، ولم يذكر الناسخ، ولدي بعض النسخ منها. وتوجد نسخة كبيرة في مكتبة «لوفوف» بأوكرانيا، وذهب أحد العلماء الجزائريين لتفقد المخطوطات في عام 1988 وحصل على كشف عن مخطوطات الإباضية، وهناك العديد من المخطوطات الإباضية في شرق أوروبا والاتحاد السوفييتي (سابقا) سجلها أحد المستشرقين في الجغرافيا عن المخطوطات الإباضية التي توجد في المكتبة، وحاولنا التواصل للحصول على المخطوطات الإباضية الموجودة في مكتبة جامعة أوكرانيا، في أيام الاتحاد السوفييتي، وتم التوصل إلى أحد المخطوطات.
وهناك مجموعة من هذه السير في مخطوط اسمه «السير والجوابات» مع كتاب الاهتداء وكتاب الجوهر المختصر، وكلا هذين الكتابين لصاحب المصنف الشيخ أبوبكر أحمد بن عبدالله بن موسى الكندي، الذي قام بجمع هذه الرسائل بنفسه، لأن آخر سيرة في ذلك المجموع هي سيرة الشيخ أبي بكر أحمد بن عمر بن أبي جابر المنحي وتوفي سنة 502هـ، وتسمية السير العمانية لأن جميعها عمانية، وبعض المجاميع ابتدأت بخطاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى العلاء بن الحضرمي، ولم تذكر هذه السير خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمان، وإنما ذكرها العوتبي في كتاب الأنساب وهو من علماء في القرن الخامس الهجري، وبعض النسخ تضم خطاب الإمام عبدالله بن إباض التميمي إلى عبدالملك بن مروان.
البعد التاريخي
وأوضح يونس من مطر اليعربي في ورقته التي بدأها بالحديث عن مفهوم الاستشراق باعتباره دراسة للشرق وعلومه، والاستشراق في بدايته والاستشراق الكلاسيكي مبينا أنهم كانوا يعتمدون على دراسة الشرق وعلومه في مجال الجغرافيا والتاريخ والأدب ويعترفون بالمصادر الإسلامية، تمهيدا للاستعمار، أو بدافع العلم، وفي نهاية الاستشراق في مؤتمر 1973 في باريس للمستشرقين، تم إلغاء هذا المفهوم، حيث اتفق المؤتمرون على إنهاء مفهوم الاستشراق واستبداله بالدراسات المتعلقة بالشرق الأوسط، وفي عام 1976 كتب مستشرق كتابا توجه فيه للتشكيك بالمصادر الإسلامية وعدم موثوقيتها، ورد عليهم جون وانسبرو ونقدهم نقدا علميا صرفا، وتناول الدراسات القرآنية.
والتحول الأبرز في مفهوم الاستشراق الجديد مع كتاب جديد هو الهاجريين، واعتمد كوك وكراون في تأليفهم وبناء نظريتهم حوله، حيث انطلقوا من مبادئ أن المصادر كتبت بعد فترة طويلة لا يمكن الوثوق بها، وهي وجهة نظر لا يمكن التسليم بها.
ثم تطرق يونس اليعربي إلى مفهوم السير العمانية، وأهمية سيرة سالم بن ذكوان الهلالي بالنسبة لمدرسة المراجعين الجدد الاستشراقية، والأسباب التي حملتهم على الاهتمام بهذه السيرة على نحو خاص إلى الحد الذي حملهم على تحقيقها ونشرها، وكذا الوقوف على المضامين العامة لهذه السيرة وأهم الحمولات التاريخية التي تتضمنها والتي ترتبط بتاريخ صدر الإسلام.
نموذج السيرة العمانية
وتطرق الدكتور إبراهيم بن يحيى البوسعيدي إلى الجوانب الإدارية في التصدي للأطماع البرتغالية في البحر، وأشار إلى أن دولة اليعاربة عرفت تنظيما إداريا تطلب وجود ولايات كبيرة تتبعها ولايات صغيرة، تضم القرى وتتم إدارتها من قبل والي يقيم في الحصن وقد وكل مساعدا أو نائبا عنه، بالنسبة للوالي الأكبر يعين في المدن الكبرى وفي الأمصار، وتم استحداثه في عصر اليعاربة وهو اتجاه يعكس التطور الإداري لتلك المرحلة وما يمثلها من حراك سياسي وعسكري سواء في مرحلة الوحدة أو في مرحلة الصراع مع البرتغاليين. وتتحد مهام الوالي طبقا عن الصلاحيات الممنوحة له من الإمام أو الوالي الأكبر، وهنالك والٍ على التعيين ويقتصر دوره على الولاية فقط، وهنالك والٍ على التفويض وله صلاحيات أوسع حيث يشمل التصرف في بيت المال والقضاء والحكم بين الناس وجمع الزكاة والصدقات وغيرها، ومن وظائف الوالي اتخاذ القرارات العسكرية وتسيير الجيوش، وتعيين الولاة كتعيين الوالي الأكبر عبدالله بن محمد الكندي، للشيخ محمد بن علي الحراصي على لوى بعد فتحها، وتعيين الوالي عامر بن محمد المعمري لكل من صالح بن محمد بن عزيز النخلي واليا على جعلان، وراشد بن عمر الفارسي على صور، والإشراف على بيت المال ومراقبة الولاة التابعين له وتوجيههم، وللوالي وظائف معينة كالتصرف في استثمار بيت المال والإنفاق من بيت المال على ضيوف الوالي، وصرف رواتب العاملين، والإنفاق على المحتاجين من بيت المال ومراقبة الطرق والأسواق وتعيين بعض الوظائف كالكاتب والعامل والشراة والمحتسب وقابض الزكاة. وسيرة الشيخ عامر بن محمد بن مسعود المعمري السعالي النزوي بين القرنين السابع عشر والثامن عشر، تتلمذ على يد الشيخ صالح بن سعيد الزاملي والشيخ سعيد بن أحمد الكندي ومحمد بن عبدالله بن عبيدان، ونقل عنه بعض أقواله وفتاويه كل من تلامذته عبدالله بن محمد بن عامر الخراسيني ويعد أحد أركان دولة اليعاربة وشغل مناصب رفيعة في هذه الدولة وتمتع بصلاحيات إدارية ومالية وعسكرية، وعينه الإمام ناصر بن مرشد واليا على صور، ثم عينه سلطان بن سيف واليا أكبر على الشرقية، عرف بحسن السيرة والنزاهة والعدالة والاهتمام البالغ بجوانب متعددة، وترك جوابات فقهية متناثرة.
السيرة العبادية
أما الدكتور ناصر الندابي فبيّن أن السيرة العبادية برزت فيها بعض الشخصيات في النسخ المخطوطة، وأولى الشخصيات هي شخصية الشيخ علي بن مسعود بن علي العبادي في الفترة التي عاش فيها العبادي في نهاية القرن الثاني، حيث عاش إشكاليات وقعت في نهاية الدولة اليعربية، والشخصية الثانية هي شخصية الرئيس وهي شخصية أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي. وابنه الشيخ ناصر بن جاعد الخروصي وأخذت أهميتها من أبيها ومن بروزها في داخل عمان وشرق أفريقيا.
وعن النسخ الموجودة فيوضح أنه أطلق عليها سير العبادي نسبة إلى أول سيرة كتبها الشيخ العبادي، ولها ردود، وهي ثلاث سير، وليست كلها مكتملة. ونسخة العبادي متوفرة، وتم تأليف السيرة وأخذت أهميتها لفتنة حدثت في نزوى، مجموعة من الناس ذهبوا لهذه الفئة لظنهم أنها فئة سيئة، وهجموا عليهم وقتلوا منهم أربعة، وقتل من المهاجمين رجل وجرح آخرون، فقام الشيخ العبادي بكتابة السيرة بعد أن توسعت الفتنة وأصبحت فتنة، مما جعل أهل نزوى للاستعانة بالشيخ جاعد الخروصي لحل هذه الإشكالية، وجاء الشيخ ليحلها ولكن الأوضاع تطورت، ويظهر لي بأن هناك مصالح سياسية تكونت خلال هذه الفتنة، وتقول الرواية التاريخية بأن الشيخ جاعد تواصل مع السيد سلطان لإعلان الثورة، وتم إرسال جيش واعترضه بنو رواحة ولم يتمكن من السيطرة عليها. ونلاحظ في هذه السير الثلاث: سيرة شديدة وسيرة متوسطة وسيرة خشنة، وسيرة الشيخ العبادي كان فيها هجوم، يقابلها اتزان في الرد من سيرة الشيخ جاعد، ثم هجوم كبير في سيرة الشيخ ناصر بن جاعد. واستغل جاعد بن خميس هذه الفتنة وهجم على الحصن واستولى عليه، والرواية التاريخية تقول بأن السيد سعيد بن أحمد جاء إلى الشرقية واستنجد بالهناوية وهزموا في نزوى وفشلت هذه السيرة.
مبينا أن الآراء السياسية متوزعة لثلاثة آراء تطبيقية: وهي انتقاد لما حدث، وتبصير بما هو الأفضل، والرؤية المستقبلية. وهناك رواية تشير بأن العديد من القبائل انضمت إلى الشيخ جاعد، وهناك تعليقات من الإمام نور الدين السالمي، ومن حيث الآراء كتب الشيخ علي بن مسعود العبادي تتحدث عن الإشكالية بشكل مفصل.