أعمدة

نوافذ: الأمن الغذائي.. وأهميته

 
ترتبط أهمية الأمن الغذائي لأي دولة في العالم بأمنها الاستراتيجي القومي كونه يمثل تهديدا لقوت مواطنيها الذين قد يجدون أنفسهم في أي لحظة في حالة مجاعة يمكنهما أن تُفني أي شعب كما حدث في دول قريبة خلال العقود الأخيرة الماضية.

لذلك فإن الحراك الذي يتنامى في القطاع الزراعي في سلطنة عُمان خلال الفترة الماضية تنفيذا لمسار «رؤية عمان 2040» الهادفة مع نهايتها تحقيق مراحل متقدمة من الأمن الغذائي من خلال قطاع الزراعة في إيجاد حالات اكتفاء ذاتي، وبعدها تصدير العديد منها إلى الخارج لأكبر عدد من الأصناف الغذائية، ولعل هذا الحراك يعكس القناعة لدى متخذي القرار بأنه يمكن لأي بلدٍ مهما اختلف طقسه ومناخه إنتاج أصناف غذائية بما يتناسب مع ذلك الطقس، ناهيك عن أن تنوع المناخ والطقس في سلطنة عُمان يجعلها سلة غذاء أكبر من دول المنطقة، وهذا التنوع نعمة من الله على هذا البلد. وحول توفير الماء لهذه الزراعات ما زالت الحلول مطروحة حول العديد من الخيارات في كيفية الاستفادة من مصادر المياه، سواء كان عن طريق الأمطار أو الآبار الارتوازية أو عن طريق التحلية.

ما يهم هنا أمران مشجعان: الأول ما تم توقيعه من اتفاقيات لتعزيز الأمن الغذائي بـ32 مليون ريال حسب ما أعلن مؤخرا، والثاني: تقدم سلطنة عُمان في المؤشرات الدولية للأمن الغذائي، الاتفاقيات الست الأخيرة الهادفة في رفع نسبة الاكتفاء الذاتي في مشروعات الأمن الغذائي وما قبلها، وما سيأتي منها تمثل الاستثمارات فيها ملياراً وثلاثمائة مليون ريال، وهي استثمارات متنوعة في الإنتاج الزراعي من المحاصيل والتسويق والصناعات والاستفادة من التقنية في تعزيز جودة التربة وتقليل الإنفاق، وقد وقعت قبل أيام 6 اتفاقيات بالشراكة بين وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ووزارة الإسكان والتخطيط العمراني في مشروعات مجالات متحف نخيل العسل ببركاء، وزراعة 50 ألف نخلة من الفرض والمجدول، والخلاص بالسنينة والمشروع المعزز للتربة ببركاء وزراعة، وإنتاج التين بصحار، والزراعة العضوية لإنتاج الرمان بالجبل الأخضر، وإنتاج وتسويق محصول الموز بالتسويق.

كل هذه المشروعات ستعزز السلة الغذائية، التي يمكن مع المرحلة المقبلة أن تغطي احتياجات السوق ماعدا إنتاج التمور التي تغطي تلك الاحتياجات منذ فترة طويلة، هذا الأمر سيحقق جزءا من التطلعات في مسيرة الاكتفاء الغذائي من العناصر الأساسية من الحبوب والخضار والفاكهة. وخطوة التعاون بين الوزارتين سيحقق تلك التطلعات، خاصة إذا ما توفرت إرادة المستثمرين من المواطنين المزارعين، والحصول على أراضي الانتفاع الزراعية والتمويل والإدارة وتسهيل الإجراءات أمام هدف أسمى وهو التكاملية في الغذاء، وتحقيق الأمن الذي يمثل تحديا بالغ الأهمية.

وحول تقدم سلطنة عُمان في قائمة مؤشر الأمن الغذائي بحوالي 13.8 درجة، التي صنفت أكثر الدول التي حققت هذه القفزة على المستوى الدولي منذ عام 2012م، حتى عام 2022م، تقدمت 5 مراتب لتصل إلى الترتيب 35، محققة 71.2 نقطة من مجموع 100نقطة.

وضمن المؤشرات الرئيسية، فقد جاءت سلطنة عُمان في الترتيب 21 في مؤشر القدرة على الحصول على الغذاء و34 في الوفرة الغذائية و42 في جودة وسلامة الغذاء و60 في الاستدامة والتكيف.

وضمن مشروعات تعزيز الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي في عدد من قطاعات الثروة السمكية والتقدم في الاكتفاء الذاتي في قطاع الدواجن واللحوم والزراعة من خلال تنفيذ 102 مشروع متنوع منها، 66 مشروعا زراعيا و28 مشروعا سمكيا و8 مشروعات في قطاعات في موارد المياه و28 مشروعا ممكنة للاستثمارات التي تعنى بدراسة التحديات في الأمن الغذائي.

هذه الرؤية الخاصة بتطوير وتمكين هذه القطاعات لا بد أن تواكبها خطوات إجرائية تعظم من فرص نجاحها.

سالم الجهوري كاتب وصحفي عماني