أعمدة

نوافذ :الخطاب الإعلامي المسؤول

 
hotmail.com@ 680 Salim

تقديم الخطاب الإعلامي للجميع يحتاج إلى بعض المراجعة من المؤسسات التي هي على تماس مع مصالح أفراده يوميا، وهذه المراجعة لا بد أن تقوم على استراتيجية تواكب المرحلة العصرية المتجددة التي تستطيع أن توصل رسالتها بحرفية عالية تحقق من خلالها هدفين، هما: مضامين الرسالة وقبول المتلقي لها.

لم يعد الخطاب الإعلامي اليوم كما هو في الخمسين عاما الماضية الذي كان يتطلب التفاعل معه في ذلك الوقت لأهداف بناء دولة ناشئة.

الخطاب اليوم يحتاج إلى بعض التصويب بعد التشابكات الأخيرة التي أظهرت جدلًا خلال الشهور الماضية، بين بعض مؤسسات الدولة وأفراد المجتمع في وسائل التواصل الاجتماعي.

هذا التشابك في الآراء مرده إلى أمرين، أولها ضعف الخطاب الإعلامي المقدم للجميع وعدم تطوير محتواه الذي يراد له أن يوصل رسائله بشكل يلبي مطالب الجهة الحكومية، والثاني ضعف المعلومات لدى بعض المتلقين الذين غالبا ما يذهبون مع الإجماع في رفض بعض الإجراءات التي تُتخذ، وهذا ما يوسع دائرة هذه الجدلية، وهذه إشكالية تحتاج لفك تشابكها حتى تكون قنوات التواصل بين الطرفين سالكة دون عثرات، وتقليل مسألة التصلب في المواقف والآراء؛ لأن الوصول إلى بناء تراكمات من هذه التقاطعات في اختلاف الآراء ليس مفيدا في حماية حرية الرأي التي ننشدها دون أن تكون عليها قيود أو أن تكون فرضا.

وقد تذهب بنا هذه التشابكات إلى مرامٍ بعيدة لا تخدم المجتمع، وتعمل على التقليل في الثقة بين الحكومة والمواطن وهذا ما لا يريدهُ أحد في مراحل بناء الدولة العصرية التي تحتاج إلى تطوير أدواتها الخطابية مع الأفراد وأن يصل هذا الخطاب بصيغة مقبولة يمكن التفاعل معه.

من هنا نحتاج إلى خطابٍ إعلامي مؤسسي شفاف يمثل إحدى أدوات الحكومة العصرية، ويقدم نفسه للجميع بما يتواكب ومتطلبات المرحلة، وتطوير ذاته في المراحل اللاحقة كلما استدعت الحاجة لذلك.

إحدى المؤسسات الحكومية الخدمية تتجه إلى أن تكون أول المؤسسات في تعيين متحدث رسمي لها يتواصل مع المجتمع ويتوقع أن يكون ذلك قريبا وهي بذلك ستسد فراغا مهمّا جدا في إيصال المعلومة الدقيقة إلى أفراد المجتمع وهذا مطلبٌ مجتمعيٌّ ليس آنيا بل منذ سنوات.. وسيسهم نجاح هذه التجربة في تعميمها على المؤسسات الحكومية الأخرى مستقبلا، الأمر الذي سيزيل الكثير من الغموض حول المعلومات التي تلامس مواضيع تهم المجتمع، والتي قد تصله مغلوطة ومشوشة من العامة ولا يجد هذا التشوش توضيحا سريعا من الجهة المعنية.

إن صناعة الخطاب الإعلامي المسؤول في المرحلة المقبلة تعد من أهم الأدوات التي يمكنها أن تعبر بالجهود الوطنية بشفافية ووضوح وتوصل المعلومة الدقيقة في التوقيت المناسب، وهذا الأمر سيحتاج إلى تطوير لغة هذا الخطاب من خلال محتواه المتوازن، والرسالة المطلوب إيصالها وكيفية اختيار الوقت المناسب والمبادرة في طرح أي إجراء قد يتوقع أن يُحدث ردة فعل ما.

إن مستوى وعي المجتمع اليوم من خلال وجود أفراد قادرين على تلقي المعلومة بالنقد والتحليل والمتابعة الدقيقة، والقدرة على اقتراح ما هو أفضل مما يُطرح يجعلنا نلتفت بأهمية كبيرة لوضع هذا الوعي المجتمعي ضمن مرتكزات بناء الخطاب الإعلامي المسؤول القادر على استيعاب مهارات المتلقي الواعي والمتابع لتفاصيل المرحلة ومتطلباتها المستقبلية في كل قطاع من القطاعات الوطنية.