أفكار وآراء

اليمن يستحق حياة أفضل

 
مضت أكثر من ثماني سنوات منذ أن بدأت الحرب في اليمن من أجل استعادة شرعية الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي، الهدف الذي أعلنته الحرب في أيامها الأولى قبل أن تأخذ مسارات عدة وتحولات كثيرة طوال السنوات الثماني الماضية. ورغم الدمار الكبير الذي تسببت به الحرب على اليمن سواء على مستوى ما أزهق من أرواح بريئة أو على مستوى الدمار المادي والاجتماعي حيث ضرب النسيج الاجتماعي في اليمن وعادت المناطقية والانفصالية للظهور بعد أن تم تغذيتها من الخارج بشكل غير مسبوق في تاريخ اليمن، إلا أن جميع الأطراف احتاجت إلى كل هذه السنوات حتى تصل إلى قناعة أن الوقت قد حان لوضع نقطة النهاية في حرب المنتصر فيها خاسر بالضرورة.

لكن لا بدّ من الإشادة بالخطوة وإن تأخرت، ولعل التأخير، رغم كل كوارثه وخسائره، يرسخ وعيا أن كل حرب لا بد أن تنتهي في لحظة من اللحظات وستذهب جميع الأطراف المجاورة للحرب والمشجعة لكن نار خسائرها ستبقى في وجدان من اكتوى بنارها وفقد فيها وطنا أو حبيبا أو صديقا، أو بترت له يد أو ساق تذكره إلى آخر لحظة في عمره بمرارة الحرب.

كل المصادر تقول الآن إن الحرب في طريقها إلى نقطة النهاية وهي نتيجة متوقعة بعد التغيرات السياسية التي حدثت في المنطقة خلال الأسابيع الماضية. ولحظة النهاية في أي حرب مهما امتلكت من ذكريات صعبة تعتبر مهمة لأنها تؤسس للأجيال القادمة وتفسح لهم الطريق نحو البناء وإعادة الإعمار واليمن يمتلك الكثير من المقومات التي يمكن أن تحوله إلى دولة ناجحة واستثمارية لا تقل بأي حال من الأحوال عن بقية دول الخليج العربي.

لكن وضع نقطة النهاية وحدها لا تكفي، ولكن لا بد من الحديث عن أمرين مهمين: الأول يتعلق بالحرب نفسها ووضع مبادئ تضمن عدم وقوع مثل هذه الحرب في المستقبل وتضمن سيادة اليمن وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. أما الأمر الثاني فيتعلق بإعادة الإعمار حيث شهد اليمن انهيارا تماما في كل مؤسساته وبنيته الأساسية وعاد إلى الوراء عقودا عدة ولا بد أن يكون هناك توجه لإعادة الإعمار يوازي التوجه لوقف الحرب وهذا أمر ضروري جدا حتى لا يعاد إنتاج التجربة العراقية في مرحلة ما بعد الغزو الأمريكي والتي أنتجت «داعش» وفروعا أخرى كثيرة من القاعدة.

ورغم أن سلطنة عمان كانت طرفا محايدا طوال هذه الحرب إلا أنها تعتبر اليوم هي المنتصر الأكبر لأنها أثبتت أن المفاوضات الخيار الأقوى لإنهاء النزاعات العسكرية، حيث لعبت سلطنة عمان دورا حيويا في التوسط بمفاوضات السلام بين الأطراف، وكان نهجها الصادق والنزيه مفيدًا في جلب الأطراف المتصارعة إلى طاولة المفاوضات.

وعلى دول مجلس التعاون الخليجي وكذلك المجتمع الدولي دعم جهود سلطنة عمان لإرساء السلام في المنطقة، وكذلك دعم توجه المملكة العربية السعودية نحو ضرورة الوصول إلى هدنة دائمة في اليمن تفضي إلى إنهاء كامل للحرب وبدء مرحلة إعادة الإعمار.. واليمن الشقيق يستحق أن يعيش الحياة بأفضل حالاتها والشعب اليمني يستحق أن يستمتع بجمال بلده وتاريخه العريق بعيدا عن الحروب ومآلاتها ومآسيها.