الاقتصادية

الفرصة السكانية.. كيف تسعى سلطنة عمان لاستثمارها؟

قراءة في توجهات الخطة العاشرة

 
تضاعف عدد السكان ثلاث مرات منذ 1985مسجلا5 ملايين نسمة.. ويتوقع 8 ملايين بحلول 2040 -

فرص وتحديات :ارتفاع نسبة الشباب والأطفال.. هبة وأداة مهمة لتعزيز التنمية -

ضرورة زيادة فرص العمل -

تخطيط عمراني يواكب تطلعات العيش في مدن عصرية -

تركيز على التنمية البشرية -

تطوير التعليم -

دعم مهارات الشباب للتنافس بكفاءة في العمل والحياة -

منذ عام 1985 تضاعف عدد سكان سلطنة عمان ثلاث مرات، وسجل خلال الأيام الأخيرة 5 ملايين نسمة، ويبلغ عدد العمانيين أكثر من 2.8 مليون نسمة بنسبة تزيد عن 57 بالمائة من عدد السكان، ومن المتوقع استمرار نمو السكان خلال العقدين المقبلين، إذ حددت الاستراتيجية الوطنية للتنمية العمرانية و«رؤية عمان المستقبلية 2040» مستهدفات للنمو السكاني، ويتوقع السيناريو الأوسط ارتفاع العدد إلى 8 ملايين نسمة بحلول عام 2040. يحمل الهرم السكاني لنمو السكان العمانيين سمات متعددة من أهمها ارتفاع نسبة الشباب، وتمثل فئتا الشباب والأطفال في عمر من 15 سنة حتى أقل من 29 سنة نحو ربع السكان العمانيين، فيما تمثل فئة الأطفال والشباب (0-29) سنة نحو 63 بالمائة من السكان.

ويصاحب النمو السكاني عدد من التحديات والفرص التي تضعها خطط التنمية في الاعتبار، وتتعامل الخطة الخمسية العاشرة مع النمو السكاني كفرصة وهبة ينبغي استغلالها واستثمارها؛ للوصول إلى الرفاه الاجتماعي، وتحقيق متطلبات التنمية.

خلال السنوات الماضية، خطت سلطنة عمان خطوات واسعة في طريق التنمية المستدامة، وأصبحت تصنف ضمن الدول ذات التنمية البشرية المرتفعة، وتحسن ترتيبها في معظم مؤشرات دليل التنمية البشرية، حيث جاءت الثالثة بين دول مجلس التعاون في متوسط العمر المتوقع عند الميلاد، وتحتل ترتيبا متقدما عالميا وإقليميا في التصنيف الدولي للتنمية البشرية الصادر عن منظمة الأمم المتحدة، حيث ترتيبها الخامس خليجيا وعربيا و47 عالميا. واستكمالا لما تم إنجازه على صعيد أهداف التنمية المستدامة، تستهدف الخطط الخمسية تعزيز التنمية البشرية، والاهتمام بالقدرات الوطنية، وتطوير التعليم، فضلا عن مستهدفات ذات علاقة بهيكل الاقتصاد أهمها تشجيع الاستثمار، وتحفيز القطاع الخاص كمحرك للاقتصاد، ومولد لفرص العمل.

ويعطي محور الإنسان والمجتمع في الرؤية المستقبلية «عمان 2040» أولوية للتعليم والتعلم، والبحث العلمي، والقدرات الوطنية، كما يعطي تطوير المنظومة التعليمية اهتماما كبيرا لتزويد الكوادر الوطنية بالمهارات التي تواكب التطور التقني والمتغيرات المتوقعة في المستقبل بما يعزز التوجه نحو التنمية المستدامة، وبناء اقتصاد تنافسي مبني على المعرفة والابتكار. وفي الطريق نحو تحقيق هذه المستهدفات، هناك عدد من التحديات منها ما يرتبط بتوفير المزيد من فرص العمل، ومواكبة التخطيط العمراني ليس فقط لنمو عدد السكان، لكن لتطلعاتهم للعيش في أماكن ومدن عصرية، كما تشمل التحديات ضرورة تركيز الاهتمام على التنمية البشرية، وتطوير التعليم، ودعم مهارات الكوادر الوطنية خاصة الشباب بما يمكنهم من التنافس بكفاءة في سوق العمل والحياة بشكل عام.

ويأتي الاهتمام بالشباب ووضعهم كأولوية ضمن الرؤية المستقبلية كضرورة ملحة لاستثمار الفرصة السكانية من خلال تعزيز التواصل، وتزويدهم بالمهارات، وإيجاد بيئة محفزة للابتكار وريادة الأعمال، وقد أكد جلالة السلطان -حفظه الله ورعاه- أن «الشباب هم ثروة الأمم وموردها الذي لا ينضب وسواعدها التي تبني، هم حاضر الأمة ومستقبلها، مع العمل على الحرص للاستماع لهم، وتلمس احتياجاتهم واهتماماتهم وتطلعاتهم، وسيجدون العناية التي يستحقونها». كما أكد جلالته -حفظه الله- على أهمية إيجاد آليات وقنوات اتصال معهم؛ لإيضاح كافة الجهود المبذولة لتلبية متطلبات مسيرة التنميـة فـي مختلـف القطاعـات، والاستماع إلـى تطلعـاتهم واحتياجـاتهم بما يساعدهم على أداء دورهم المنشود في الإسهام بمسيرة البناء والتنمية الشاملة لهذا الوطن العزيز. وحسب الإسقاطات السكانية لعام 2040 من المتوقع أن يشكل الشباب نحو 34 بالمائة من قوة العمل العمانية، وتعد النسبة الغالبة من الباحثين عن عمل هم من الشباب وغالبية الباحثين من الإناث، ويمثل حملة الشهادات الجامعية أكثر من نصف الباحثين عن عمل، ويليهم حملة الدبلوم العام ما يتطلب تطوير مسارات التعليم، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل، وتسعى توجهات سوق العمل ضمن الخطة العاشرة إلى تبني سياسات تعمل على تغيير تركيبة سوق العمل من قاعدة عريضة من القوى العاملة غير الماهرة إلى هيكل جديد يعتمد على قاعدة واسعة من القوى العاملة المؤهلة، واستقطاب القوى العاملة الماهرة عبر منحها حوافز، وتشجيع الاستثمارات القائمة على المعرفة مع تطوير نظام التعليم، ورفع مشاركة المرأة في سوق العمل، مع السعي إلى توسيع نطاق التكامل بين سياسات سوق العمل وسياسات الاقتصاد الكلي. وتعد الخطة العاشرة أن توليد فرص العمل إحدى الأولويات الملحة، حيث إشكالية التشغيل من أهم التحديات التي تواجه خطط التنمية، وتسعى عمان إلى استراتيجيات بديلة لسوق العمل تعتمد على تنشيط القطاعات الأكثر توليدا لفرص العمل، وإكساب المواطنين المهارات اللازمة للتنافس والاهتمام بتعمين الفئات الوسطى من الوظائف التي تتطلب مهارات مع فرصة كبيرة لإحلال المواطنين محل الوافدين.

وضمن التوجه نحو تطوير التعليم ومواكبته لكافة التطلعات والمتغيرات، وفي إطار حرص ومتابعة جلالته - حفظه الله ورعاه - المستمرة لمنظومة التعليم وتجويدها وتطويرها، وتحقيق أهداف رؤية «عُمان 2040» وتطلعاتها لإعداد أجيال تمتلك المهارات والقدرات في المجالات المختلفة، وجه مجلس الوزراء خلال العام الجاري بالمضي قدما في تطبيق نظام التعليم المهني والتقني، كما أقر مجلس الوزراء الخطة الدراسية المقدمة من قبل وزارة التربية والتعليم التي تضمنت مسارات تعليمية ومناهج دراسية جديدة أعدت لمواكبة متطلبات التنمية المستدامة ومهارات المستقبل، بالإضافة إلى إعادة هيكلة السلم الدراسي للنظام التعليمي، ومن المقرر البدء في نظام التعليم المهني والتقني وتطبيق الخطة الدراسية تدريجيًّا بداية من العام الدراسي القادم (2023 / 2024 م).
  1. من جانب آخر، يعد التطور الحضري والعمراني والتوسع في المدن الجديدة والقائمة وزيادة عدد الوحدات السكنية من المتطلبات الرئيسية لمواكبة النمو السكاني، وتستهدف الاستراتيجية العمرانية تلبية تطلعات المجتمع والمستثمرين عبر التنمية العمرانية، وتنفيذ مخططات هيكلية متطورة ابتداء من مسقط الكبرى، وصلالة الكبرى، ونزوى الكبرى، وبقية المدن الرئيسية في مختلف المحافظات، وتتوقع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني خلال العشرين سنة المقبلة تنفيذ ما يتراوح بين 600 ألف وحدة سكنية و900 ألف وحدة سكنية جديدة، وما بين 5 ـ 6 مدن حديثة بعضها جديد وبعضها امتداد لمدن قائمة.