أعمدة

نوافذ :بشائر التوازن المالي

 
hotmail.com@ 680 Salim

تسديد الحكومة لمبلغ 511 مليون ريال عماني (1.3 مليار دولار) خلال شهر يناير الماضي و580 مليون ريال (1.5 مليار دولار) بمجموع 1.1 مليار ريال (2.8 مليار دولار) خلال الربع الأول من هذا العام وقبل موعد السداد المقرر، يمثل أهمية كبيرة وبالغة في خطة التوازن المالي ونقطة مفصلية نحو التخلص من الدَّين، حيث انخفض أولا مبلغ الدَّين العام من 17.7 إلى 16.6 مليار ريال عماني، وثانيا انخفضت الفائدة لبعض القروض وثالثا خفض كلفة الدَّين العام وكذا الفوائد المترتبة على ذلك بنحو 386 مليون ريال، مما يشجّع على تكرار دفعات أخرى خلال الأشهر القادمة في التسديد، ويُعيد الثقة لدى المؤشرات العالمية في اقتصاد سلطنة عمان ومكانتها، ورابعا يوفر وفورات مالية يمكن توجيهها إلى مشاريع تنموية تعزز من المكاسب الاقتصادية، وتسهم في حياة كريمة للمواطن وإيجاد المزيد من الحلول.

وكالة ستاندرد آند بورز التي عدَّلت مؤخرا من نظرتها المستقبلية لسلطنة عمان إلى إيجابية وتثبيت التصنيف عند بي بي (BB)، بعد أن كانت في نوفمبر الماضي بي بي BB مع نظرة مستقبلية مستقرة، كل هذا التقدم يترجم الجهود المبذولة في خطة التوازن المالي التي انطلقت قبل عامين في محاولة لتصويب المسار المالي بعد ارتفاع الدَّين العام إلى 20.8 مليار ريال خلال عام 2021 والذي أربك التوجهات لدى الحكومة مما استدعى معالجة عاجلة أُعيد فيها النظر في الرسوم المالية التي طالت حياة المواطن.

بعد عامين، الوضع يسير بشكل أفضل مع تحسُّن أسعار النفط في العام الماضي خاصة، والذي لامس 100 دولار وما زال يحوم حول ذلك خلال الفترة الماضية، وبالأمس قفز 6 دولارات بعد إعلان تخفيض آخر لدول أوبك بلس والدول المنتجة المتعاونة معها بما فيها سلطنة عمان.

ضبط الأوضاع المالية الذي عملت الحكومة عليه أدى لاستمرار تحسُّن الأداء المالي وتراجع حجم الدَّين العام ونمو الناتج المحلي الجاري، وتتوقع وكالة التصنيف نفسها نمو الناتج الإجمالي الثابت إلى 2.5% ونمو القطاع غير النفطي إلى 3.5% وكذلك استمرار توقعات أسعار النفط خلال هذا العام عند 90 دولارا، و80 دولارا عام 2024، و55 دولارا عام 2025.

هذه الوكالة نفسها تشير إلى أن حكومة سلطنة عمان جادة في مواصلة الإصلاحات المالية بغية تحسين مركزها المالي والاقتصادي إذ ستكون أكثر قدرة على مواجهة تقلبات أسعار النفط، وتراجع الدَّين العام خلال هذا العام والعام القادم سيحقق فوائض مالية تؤدي إلى زيادة الحيّز المالي، وأن هذه النتائج الجيدة تأتي للإجراءات التي تقوم بها الحكومة نتيجة جهود ضبط الإنفاق العام في عام 2022. كل ذلك ستكون له انعكاسات مهمة في الشهور القادمة؛ حيث ستتوفر المزيد من الأموال وسيقلل من كلفة الدَّين العام وعدم اللجوء إلى الاقتراض لإعادة التمويل، إضافة إلى التمكن من التسديد المبكر.

وهذه الوكالة نفسها كانت قد توقعت أن ينخفض الدَّين العام إلى 16.5 مليار بنهاية عام 2023 ليصل إلى 37% من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي فإننا نتقدم على المراحل الزمنية المقررة بقرابة 8 أشهر وهذا يعطي مساحة زمنية أفضل في توفير الدفعات المستحقة.

نحتاج إلى استخلاص الكثير من التجارب في السنوات القادمة مما حدث حول مسألة الدَّين العام وذلك بالتفكير في البدائل التي تعزز مسيرة الاقتصاد وترفده بالإيرادات، والمضي في مسألة التقليل من الاعتماد الكلي على النفط ودعم نمو القطاعات الأخرى التي تقلل من المخاوف والإرباكات حول مصير أسعاره.