نافذة من التاريخ العماني: معركة جلفار
الاحد / 10 / رمضان / 1444 هـ - 20:17 - الاحد 2 أبريل 2023 20:17
جامع السلطان قابوس الأكبر
يعد الجلندى بن مسعود بن جيفر بن الجلندى بن المستكبر مؤسس الإمامة في عمان، فهو أول الأئمة العمانيين، وهو سليل الملك فقد كان جده جيفر وأخ جده عبد، هما ملكا عمان اللذان أقر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ملكهما على عمان عندما دخلوا الإسلام طواعية، بعد أن أرسل لهما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رسالة حملها لهم الصحابي عمرو بن العاص، وقد أجابا دعوة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ودخلت عمان كافة في دين الله من غير قتال، وكان قد دخل الصحابي الجليل مازن بن غضوبة قبلهما الذي طلب من الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يدعو لأهل عمان فدعا لهم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بدعوات نجد أثرها إلى يومنا هذا.
لقد كان الإمام الرضي الجلندى بن مسعود أحد تلامذة الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة الذي كان بدوره أحد تلامذة التابعي الجليل جابر بن زيد الذي أدرك 70 بدريا من صحابة رسول الله فحوى ما عندهم من العلم إلا البحر، يقصد عبدالله بن عباس، وقد كان معه مجموعة من حملة العلم إلى عمان، بالإضافة إلى حملة العلم الذين وجههم أبو عبيدة في أصقاع الأرض وأقام بعضهم إمامات استمرت مئات السنين، ومن طلبة العلم الذين زاملوه في ذلك الوقت الإمام الربيع بن حبيب الفراهيدي صاحب المسند، ومن زملائه من اليمن طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي الذي كان معه الجلندى بن مسعود أثناء مبايعته بالخلافة في حضرموت بعد خروجه عن حكم بني أمية، وقام بالسيطرة على صنعاء ومكة من خلال قائده الشهير أبو حمزة الشاري، فبعد أن اطمأن الجلندى بن مسعود على حال الإمامة في اليمن، رجع إلى عمان، وكان ذلك بعد سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية بقيادة أبي العباس السفاح الذي أعطى أخاه أبا جعفر المنصور ولاية العراق فاستعمل على عمان جناح بن عبادة الهناوي ثم عزله، واستعمل ولده محمد بن جناح، الذي كان لين الجانب مع العمانيين، فاجتمع أهل الحل والعقد من علماء ذلك الزمان، ومن ضمنهم حملة العلم إلى عمان الذين درسوا على يد أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، ومنهم الربيع بن حبيب الفراهيدي فأعلنوا تنصيب الجلندى بن مسعود إماما على عمان، فسار فيهم سيرة حسنة على منهاج النبوة في العدل، والإنصاف، وحفظ الرعية. وقد استمرت إمامته سنتين وشهرا، قبل أن يستشهد.
وكان شيبان بن عبدالعزيز اليشكري قائد فرقة الصفرية إحدى فرق الخوارج، يحاول السيطرة على العراق بعد سقوط الدولة الأموية، ولكن أبو جعفر المنصور استطاع هزيمته وطرده من العراق فهرب إلى البحرين، فأرسل المنصور خلفه قائده خازم بن خزيمة التميمي، فهرب شيبان من البحرين إلى عمان، فعندما علم الإمام الجلندى بن مسعود قدوم شيبان إلى عمان أرسل له هلال بن عطية الخراساني ويحيى بن نجيح وجماعة من المسلمين للتصدي له في جلفار التي تقع في رأس الخيمة الآن.
فطلب يحيى بن نجيح من شيبان أن يفارق هذه البلاد أو أنه يتخلى عما كان عليه من أفكار لا تمثل الإسلام تتمثل في استحلال دم المخالف المسلم وأمواله، وأن ينظم إلى الإمامة العمانية، ولكن شيبان كان طامعا في أن يكون ملكا على عمان فرفض هذا الأمر، وكان لا بد من القتال، فحدثت معركة جلفار الأولى.
وكما يذكر صاحب كتاب كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة لسرحان بن سعيد الأزكوي: «كان يحيى بن نجيح فضله مشهورا بين المسلمين فدعا بدعوة أنصف فيها الفريقين فقال: «اللهم إن كنت تعلم أننا على الدين الذي ترضاه، والحق الذي تحب أن تؤتى به، فاجعلني أول قتيل من أصحابي ثم اجعل شيبان أول قتيل من أصحابه واجعل الدائرة على أصحابه، وإن كنت تعلم أن شيبان وأصحابه على الدين الذي ترضاه والحق الذي تحب أن تؤتى به فاجعل شيبان أول قتيل من أصحابه».
ثم زحف القوم بعضهم إلى بعض فكان أول قتيل يحيى بن نجيح، وأول قتيل من أصحاب شيبان هو شيبان.
وتذكر بعض المصادر أن خازم بن خزيمة التميمي عندما وصل إلى جلفار ووجد أن الحرب قد بدأت بين جيش الإمام الجلندى وبين جيش شيبان اليشكري، انتظر حتى تضع الحرب أوزارها وتبين المنتصر، فإذا كان المنتصر جيش الجلندى وأصحابه وقتل شيبان، فقد كفوه الأمر الذي جاء من أجله وهو قتل شيبان، وإن كان المنتصر شيبان، فسيخرج من هذه المعركة ضعيفا، ويستطيع قتله والقضاء على جماعته، فعندما انتصر جيش الإمام الجلندى، وقتل شيبان، جاء خازم بن خزيمة إلى الإمام الجلندى كما يذكر صاحب كتاب كشف الغمة أن خازم قال: «إنا كنا نطلب هؤلاء القوم -يعني شيبان وأصحابه-، وقد كفانا الله قتالهم على أيديكم ولكني أريد أن أخرج من عندك إلى الخليفة وأخبره أنك له سامع مطيع»، وطلب من الإمام الجلندى أن يسلمه سيف شيبان وخاتمه حتى يكون دليلا على قتله عند رجوعه إلى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، فشاور الإمام الجلندى أصحابه من العلماء فرفضوا أن يكونوا تبعا للدولة العباسية، وطلبوا منه أن يسلم شيبان، أما خاتمه فهو حق لورثته، فلا يمكن أن يسلموه لخازم، فبدأهم بالقتال، فوقعت معركة جلفار الثانية سنة 134هـ بين جيش الإمام الجلندى والجيش العباسي.
فرجحت الكفة لجيش الإمام الجلندى في الحرب، ولكن عمد خازم بن خزيمة إلى خطة خبيثة، فقد أرسل جزءا من جيشه ليلتفوا من خلف جيش الإمام الجلندى، وأخذ يشعل النار في البيوت والخيام التي بداخلها النساء والأطفال العمانيين، فتفاجأ جيش الإمام بهذا الأمر وتزعزع جيشه، فقد حاولوا أن يدركوا تلك البيوت ويطفئوا النيران، فهجم عليهم جيش خازم وأبادهم، وكان آخر من استشهد من الجيش العماني هما الإمام الجلندى وقاضيه هلال بن عطية الخراساني فقال للإمام: «أنت إمامي، فكن أمامي، ولك عليّ أن لا أبقى بعدك»، فكانوا آخر من استشهد من الجند، وقد ذكرت بعض المصادر أن عدد العمانيين الذين قتلوا في تلك المعركة 10 آلاف مقاتل.
ومن القصص التي أوردها الإمام السالمي في كتابه «تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان» ما ذكره من أحوال خازم بن خزيمة وجنوده فقال: «وقيل إن الذي تولى قتل الجلندى خازم بن خزيمة فبلغني أنه لما حضرته الوفاة قيل له أبشر فقد فتح الله عمان على يديك، فقال غررتمونا في الحياة وتغروننا عند الوفاة هيهات هيهات فكيف لي بقتل الشيخ العماني».
ووجدت أن رجلا من أهل عمان خرج إلى الحج وكان في صحبته رجل من أهل البصرة لا يهدأ الليل ولا ينام، فسأله العماني عن حاله فقال وهو لا يعرف أن صاحبه من أهل عمان: إني خرجت مع خازم بن خزيمة إلى عمان فقاتلنا بها قوما لم أر مثلهم قط فأنا من ذلك اليوم على هذه الحالة لا يأخذني النوم، فقال الرجل العماني في نفسه: أنت حقيق بذلك إن كنت ممن قاتلهم».
لقد كان الإمام الرضي الجلندى بن مسعود أحد تلامذة الإمام أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة الذي كان بدوره أحد تلامذة التابعي الجليل جابر بن زيد الذي أدرك 70 بدريا من صحابة رسول الله فحوى ما عندهم من العلم إلا البحر، يقصد عبدالله بن عباس، وقد كان معه مجموعة من حملة العلم إلى عمان، بالإضافة إلى حملة العلم الذين وجههم أبو عبيدة في أصقاع الأرض وأقام بعضهم إمامات استمرت مئات السنين، ومن طلبة العلم الذين زاملوه في ذلك الوقت الإمام الربيع بن حبيب الفراهيدي صاحب المسند، ومن زملائه من اليمن طالب الحق عبدالله بن يحيى الكندي الذي كان معه الجلندى بن مسعود أثناء مبايعته بالخلافة في حضرموت بعد خروجه عن حكم بني أمية، وقام بالسيطرة على صنعاء ومكة من خلال قائده الشهير أبو حمزة الشاري، فبعد أن اطمأن الجلندى بن مسعود على حال الإمامة في اليمن، رجع إلى عمان، وكان ذلك بعد سقوط الدولة الأموية وقيام الدولة العباسية بقيادة أبي العباس السفاح الذي أعطى أخاه أبا جعفر المنصور ولاية العراق فاستعمل على عمان جناح بن عبادة الهناوي ثم عزله، واستعمل ولده محمد بن جناح، الذي كان لين الجانب مع العمانيين، فاجتمع أهل الحل والعقد من علماء ذلك الزمان، ومن ضمنهم حملة العلم إلى عمان الذين درسوا على يد أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة، ومنهم الربيع بن حبيب الفراهيدي فأعلنوا تنصيب الجلندى بن مسعود إماما على عمان، فسار فيهم سيرة حسنة على منهاج النبوة في العدل، والإنصاف، وحفظ الرعية. وقد استمرت إمامته سنتين وشهرا، قبل أن يستشهد.
وكان شيبان بن عبدالعزيز اليشكري قائد فرقة الصفرية إحدى فرق الخوارج، يحاول السيطرة على العراق بعد سقوط الدولة الأموية، ولكن أبو جعفر المنصور استطاع هزيمته وطرده من العراق فهرب إلى البحرين، فأرسل المنصور خلفه قائده خازم بن خزيمة التميمي، فهرب شيبان من البحرين إلى عمان، فعندما علم الإمام الجلندى بن مسعود قدوم شيبان إلى عمان أرسل له هلال بن عطية الخراساني ويحيى بن نجيح وجماعة من المسلمين للتصدي له في جلفار التي تقع في رأس الخيمة الآن.
فطلب يحيى بن نجيح من شيبان أن يفارق هذه البلاد أو أنه يتخلى عما كان عليه من أفكار لا تمثل الإسلام تتمثل في استحلال دم المخالف المسلم وأمواله، وأن ينظم إلى الإمامة العمانية، ولكن شيبان كان طامعا في أن يكون ملكا على عمان فرفض هذا الأمر، وكان لا بد من القتال، فحدثت معركة جلفار الأولى.
وكما يذكر صاحب كتاب كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة لسرحان بن سعيد الأزكوي: «كان يحيى بن نجيح فضله مشهورا بين المسلمين فدعا بدعوة أنصف فيها الفريقين فقال: «اللهم إن كنت تعلم أننا على الدين الذي ترضاه، والحق الذي تحب أن تؤتى به، فاجعلني أول قتيل من أصحابي ثم اجعل شيبان أول قتيل من أصحابه واجعل الدائرة على أصحابه، وإن كنت تعلم أن شيبان وأصحابه على الدين الذي ترضاه والحق الذي تحب أن تؤتى به فاجعل شيبان أول قتيل من أصحابه».
ثم زحف القوم بعضهم إلى بعض فكان أول قتيل يحيى بن نجيح، وأول قتيل من أصحاب شيبان هو شيبان.
وتذكر بعض المصادر أن خازم بن خزيمة التميمي عندما وصل إلى جلفار ووجد أن الحرب قد بدأت بين جيش الإمام الجلندى وبين جيش شيبان اليشكري، انتظر حتى تضع الحرب أوزارها وتبين المنتصر، فإذا كان المنتصر جيش الجلندى وأصحابه وقتل شيبان، فقد كفوه الأمر الذي جاء من أجله وهو قتل شيبان، وإن كان المنتصر شيبان، فسيخرج من هذه المعركة ضعيفا، ويستطيع قتله والقضاء على جماعته، فعندما انتصر جيش الإمام الجلندى، وقتل شيبان، جاء خازم بن خزيمة إلى الإمام الجلندى كما يذكر صاحب كتاب كشف الغمة أن خازم قال: «إنا كنا نطلب هؤلاء القوم -يعني شيبان وأصحابه-، وقد كفانا الله قتالهم على أيديكم ولكني أريد أن أخرج من عندك إلى الخليفة وأخبره أنك له سامع مطيع»، وطلب من الإمام الجلندى أن يسلمه سيف شيبان وخاتمه حتى يكون دليلا على قتله عند رجوعه إلى الخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، فشاور الإمام الجلندى أصحابه من العلماء فرفضوا أن يكونوا تبعا للدولة العباسية، وطلبوا منه أن يسلم شيبان، أما خاتمه فهو حق لورثته، فلا يمكن أن يسلموه لخازم، فبدأهم بالقتال، فوقعت معركة جلفار الثانية سنة 134هـ بين جيش الإمام الجلندى والجيش العباسي.
فرجحت الكفة لجيش الإمام الجلندى في الحرب، ولكن عمد خازم بن خزيمة إلى خطة خبيثة، فقد أرسل جزءا من جيشه ليلتفوا من خلف جيش الإمام الجلندى، وأخذ يشعل النار في البيوت والخيام التي بداخلها النساء والأطفال العمانيين، فتفاجأ جيش الإمام بهذا الأمر وتزعزع جيشه، فقد حاولوا أن يدركوا تلك البيوت ويطفئوا النيران، فهجم عليهم جيش خازم وأبادهم، وكان آخر من استشهد من الجيش العماني هما الإمام الجلندى وقاضيه هلال بن عطية الخراساني فقال للإمام: «أنت إمامي، فكن أمامي، ولك عليّ أن لا أبقى بعدك»، فكانوا آخر من استشهد من الجند، وقد ذكرت بعض المصادر أن عدد العمانيين الذين قتلوا في تلك المعركة 10 آلاف مقاتل.
ومن القصص التي أوردها الإمام السالمي في كتابه «تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان» ما ذكره من أحوال خازم بن خزيمة وجنوده فقال: «وقيل إن الذي تولى قتل الجلندى خازم بن خزيمة فبلغني أنه لما حضرته الوفاة قيل له أبشر فقد فتح الله عمان على يديك، فقال غررتمونا في الحياة وتغروننا عند الوفاة هيهات هيهات فكيف لي بقتل الشيخ العماني».
ووجدت أن رجلا من أهل عمان خرج إلى الحج وكان في صحبته رجل من أهل البصرة لا يهدأ الليل ولا ينام، فسأله العماني عن حاله فقال وهو لا يعرف أن صاحبه من أهل عمان: إني خرجت مع خازم بن خزيمة إلى عمان فقاتلنا بها قوما لم أر مثلهم قط فأنا من ذلك اليوم على هذه الحالة لا يأخذني النوم، فقال الرجل العماني في نفسه: أنت حقيق بذلك إن كنت ممن قاتلهم».