غياهب السكن الخارجي
السبت / 9 / رمضان / 1444 هـ - 19:52 - السبت 1 أبريل 2023 19:52
مميز من تسمح له الظروف بعيش تجربة «السكن الداخلي» في أي مرحلة من مراحل حياته التعليمية لأنها تجربة لا تتكرر كثيرًا فمن خلالها يكتسب الطالب بعض أهم خبراته الحياتية.
بين أسوار السكن الداخلي يعيش الطالب حياة اجتماعية تفاعلية مُحفزة.. حياة إيجابية وصحية لا يعاني فيها ما يعانيه الطلبة الذين يُضطرون لاستئجار سكن خارجي يقضون فيه خمس سنوات أو أكثر بعيدين عن أُسرهم مُمزقين بين دراسة تتطلب جهدًا وتركيزًا عاليين وإشكالات تتعلق ببيئة السكن وربما محدودية الإمكانات المادية وعدم الاستقرار النفسي.
عادة لا تسير الأمور مع هؤلاء الطلبة على ما يرام بغض النظر عن اسم الكلية التي ينتمون إليها أو صعوبة التخصص الذي اختاروه فكل التخصصات والمساقات الدراسية في كل المؤسسات التعليمية سواء الجامعية أو غيرها بحاجة إلى بذل مختلف الجهود لاجتيازها وتحقيق المعدل المطلوب فيها.
في الغالب يستأجر الطالب أو الطالبة سريرا في بيت أو شقة مزدحمة قد يتجاوز عدد ساكنيها الستة أو السبعة من متبايني الخلفيات الثقافية والطباع والتوجهات الفكرية ليعيش بذلك توترًا مستمرًا وسنوات تفتقر للهدوء والأجواء المشجعة على الاستيعاب والتركيز.. تغيب عن البيت أو الشقة كذلك مظاهر مهمة كالتنظيم والنظافة والإدارة.
يُبتز طلبة السكنات الخارجية من الجميع وبصورة ممنهجة وبلا رحمة أو شفقة فيُستغلون استغلالًا بشعًا من قِبل مؤجِر السكن ومن سائق التاكسي ومن صاحب المطعم.
في هذه السكنات يسود غالبًا جو من عدم التفاهم إذ لا تتفق المجموعة على مسؤول من بينها يملك صلاحية التوجيه وحسم الخلافات، كما أن أبواب السكنات مُشرعة أمام الضيوف ممن لا يفقهون معنى خصوصية الإنسان وأهمية الوقت والهدوء للطالب.
في بيئة مضطربة كهذه يكون بعض الطلبة صيدًا سهلًا للاختلالات النفسية بسبب الافتقار للأسرة والمجتمع التعليمي/ الجامعي وضغط الدراسة، كما يكونون عُرضة للوعكات الصحية المتكررة نتيجة رداءة التغذية حيث الاعتماد في الوجبات الرئيسية على المطاعم منخفضة التكلفة والجودة خاصة الطلبة محدودي الدخل كون المعونة المُخصصة لهم تعجز عن تغطية مصاريفهم الأساسية كالسكن والنقل والتغذية.
ربما يستفيد بعض الطلبة من وجودهم بعيدين عن أُسرهم كون هذا البُعد يعلمهم الاعتماد على النفس والصبر على مختلف الظروف، غير أن البعض الآخر يستغل بُعد الأسرة وغياب القواعد التي تنظم حريته بصورة خاطئة فيسقط في شِراك ممارسات خاطئة وخطِرة قد يكون لها دور كبير في تعثره الدراسي وبالتالي ضياع مستقبله.
الطلبة الذين يسكنون خارج الحرم الدراسي محرومون من المرافق المُساعدة كالمكتبات المتخصصة والعامة والمرافق التي تستهدف صقل مهارات الطالب الفردية والجماعية في الرياضات المختلفة كالملاعب التي تستهدف اكتشاف ورعاية المواهب في مجالات حيوية كالتمثيل والموسيقى والأنشطة الاجتماعية.
محرومون لأن هذه المرافق مهمتها توجيه طاقات الطلبة التوجيه الأمثل البنّاء وتهيأت الظروف لإقامة علاقات إنسانية مستدامة حيث السكن الداخلي مجتمع مصغر يؤثر فيه الفرد ويتأثر ويكتسب من خلال وجوده فيه شخصيته المتزنة فلا مجال ولا وقت للانسياق وراء أفكار سلبية يخلّفها الفراغ أو الوحدة أو شُح الأنشطة التي ترتقي بالاهتمامات.
آخر نقطة..
سنوات الحياة بين جنبات السكن الداخلي فترة لا يمكن أن تعبث بها يد النسيان فهي مرحلة التكوين الأولى فيها يتعرف الطالب على نفسه وعلى من حوله.. خلالها يكتسب أصدقاءه الحقيقيين ومعارفه ويُشّخص اتجاهاته ويكّون ثقافته ويرسم ملامح شخصيته.. مرحلة يجبُ أن تُعاش بكل ما لها وما عليها.
عمر العبري كاتب عماني
بين أسوار السكن الداخلي يعيش الطالب حياة اجتماعية تفاعلية مُحفزة.. حياة إيجابية وصحية لا يعاني فيها ما يعانيه الطلبة الذين يُضطرون لاستئجار سكن خارجي يقضون فيه خمس سنوات أو أكثر بعيدين عن أُسرهم مُمزقين بين دراسة تتطلب جهدًا وتركيزًا عاليين وإشكالات تتعلق ببيئة السكن وربما محدودية الإمكانات المادية وعدم الاستقرار النفسي.
عادة لا تسير الأمور مع هؤلاء الطلبة على ما يرام بغض النظر عن اسم الكلية التي ينتمون إليها أو صعوبة التخصص الذي اختاروه فكل التخصصات والمساقات الدراسية في كل المؤسسات التعليمية سواء الجامعية أو غيرها بحاجة إلى بذل مختلف الجهود لاجتيازها وتحقيق المعدل المطلوب فيها.
في الغالب يستأجر الطالب أو الطالبة سريرا في بيت أو شقة مزدحمة قد يتجاوز عدد ساكنيها الستة أو السبعة من متبايني الخلفيات الثقافية والطباع والتوجهات الفكرية ليعيش بذلك توترًا مستمرًا وسنوات تفتقر للهدوء والأجواء المشجعة على الاستيعاب والتركيز.. تغيب عن البيت أو الشقة كذلك مظاهر مهمة كالتنظيم والنظافة والإدارة.
يُبتز طلبة السكنات الخارجية من الجميع وبصورة ممنهجة وبلا رحمة أو شفقة فيُستغلون استغلالًا بشعًا من قِبل مؤجِر السكن ومن سائق التاكسي ومن صاحب المطعم.
في هذه السكنات يسود غالبًا جو من عدم التفاهم إذ لا تتفق المجموعة على مسؤول من بينها يملك صلاحية التوجيه وحسم الخلافات، كما أن أبواب السكنات مُشرعة أمام الضيوف ممن لا يفقهون معنى خصوصية الإنسان وأهمية الوقت والهدوء للطالب.
في بيئة مضطربة كهذه يكون بعض الطلبة صيدًا سهلًا للاختلالات النفسية بسبب الافتقار للأسرة والمجتمع التعليمي/ الجامعي وضغط الدراسة، كما يكونون عُرضة للوعكات الصحية المتكررة نتيجة رداءة التغذية حيث الاعتماد في الوجبات الرئيسية على المطاعم منخفضة التكلفة والجودة خاصة الطلبة محدودي الدخل كون المعونة المُخصصة لهم تعجز عن تغطية مصاريفهم الأساسية كالسكن والنقل والتغذية.
ربما يستفيد بعض الطلبة من وجودهم بعيدين عن أُسرهم كون هذا البُعد يعلمهم الاعتماد على النفس والصبر على مختلف الظروف، غير أن البعض الآخر يستغل بُعد الأسرة وغياب القواعد التي تنظم حريته بصورة خاطئة فيسقط في شِراك ممارسات خاطئة وخطِرة قد يكون لها دور كبير في تعثره الدراسي وبالتالي ضياع مستقبله.
الطلبة الذين يسكنون خارج الحرم الدراسي محرومون من المرافق المُساعدة كالمكتبات المتخصصة والعامة والمرافق التي تستهدف صقل مهارات الطالب الفردية والجماعية في الرياضات المختلفة كالملاعب التي تستهدف اكتشاف ورعاية المواهب في مجالات حيوية كالتمثيل والموسيقى والأنشطة الاجتماعية.
محرومون لأن هذه المرافق مهمتها توجيه طاقات الطلبة التوجيه الأمثل البنّاء وتهيأت الظروف لإقامة علاقات إنسانية مستدامة حيث السكن الداخلي مجتمع مصغر يؤثر فيه الفرد ويتأثر ويكتسب من خلال وجوده فيه شخصيته المتزنة فلا مجال ولا وقت للانسياق وراء أفكار سلبية يخلّفها الفراغ أو الوحدة أو شُح الأنشطة التي ترتقي بالاهتمامات.
آخر نقطة..
سنوات الحياة بين جنبات السكن الداخلي فترة لا يمكن أن تعبث بها يد النسيان فهي مرحلة التكوين الأولى فيها يتعرف الطالب على نفسه وعلى من حوله.. خلالها يكتسب أصدقاءه الحقيقيين ومعارفه ويُشّخص اتجاهاته ويكّون ثقافته ويرسم ملامح شخصيته.. مرحلة يجبُ أن تُعاش بكل ما لها وما عليها.
عمر العبري كاتب عماني