الأمير الحسن بن طلال: سلطنة عمان والأردن توأم في الاتزان والوسطية
دعا إلى عودة المشرق لعهد النهضة
الجمعة / 24 / شعبان / 1444 هـ - 21:46 - الجمعة 17 مارس 2023 21:46
الخليج العربي لم يعد «خزانات نفط للعالم» بل موطنا لكبرى الشركات وصناديق الاستثمار -
خطط التنمية بدول الخليج غيرت موقعها على خريطة العالم السياسي والاقتصادي -
فرصة تاريخية للتعاون الخليجي الأوروبي ليكون الشرق الأوسط بوابة التواصل مع الغرب -
يجب وقف «حروب الإنابة» في الشرق الأوسط -
هناك من يحرص على إبقاء الشرق الأوسط مشتعلا وهذا يعيق مشروعاتنا الكبرى -
نشاهد اليوم فجر عصر ما بعد العلمانية -
خطر داهم للمهجرين عنوة من جنوب المتوسط إلى أوروبا والعالم -
يجب الاهتمام بشمال إفريقيا وشرق المتوسط باعتبارها قلب العالم ومن يحكمها يحكم العالم -
أكد سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي بالمملكة الأردنية الهاشمية على عمق ومتانة العلاقات العُمانية الأردنية ودور البلدين المتزن والوسطي في التعاطي مع مختلف القضايا ليُبقيا الأمّة العربية مترابطة ومتراصّة البنيان، مشيدا بالنهضة المتجددة في سلطنة عمان بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- ورؤية القيادة الحكيمة المستقبلية وخطط سلطنة عمان الاقتصادية منوها بمشروع تطوير ميناء الدقم بالتعاون مع الصين.
ودعا سمو الأمير الحسن بن طلال إلى النهضة المتجددة في المنطقة وعودة المشرق إلى عهد النهضة، وقال : من شأن النهضة أن تعيد الحيوية إلى الجزيرة العربية وقلب العالم الإسلامي، لافتا إلى التغييرات التي أحدثتها خطط التنمية التي اتبعتها دول الخليج العربي وغيرت موقع جزيرة العرب وبلاد الشام على خريطة العالم السياسي والاقتصادي.
وأكد سمو الأمير الحسن بن طلال في محاضرة نظمها النادي الثقافي مساء أمس الخميس بقاعة المؤتمرات بجامعة السلطان قابوس برعاية معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام أن مستقبلا سياسيا واقتصاديا واعدا ينتظر منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي على وجه الخصوص. وقال إن الخليج العربي الذي يغذي اقتصاد العالم بالطاقة لم يعد «خزانات نفط للعالم» بل موطنا لكبرى الشركات والصناديق الاستثمارية، مؤكدا أن هناك فرصة تاريخية للتعاون الخليجي الأوروبي ليكون الشرق الأوسط بوابة للتواصل بين الشرق والغرب. وقال سموه إن الحال يبشّر بعودة قلب العالم الإسلامي لدوره العالمي، محذرا في الوقت نفسه من سياسات المستفيدين من عدم استقرار الأوضاع في المنطقة ورغبتهم في استمرار بقائها بؤرة للصراعات والحروب، داعيا إلى وقف «حروب الإنابة» التي تسعى إلى تمزيق الشرق الأوسط.
وقال إن التطورات الجيواستراتيجية والجيوثقافية في القرن العشرين جعلت دول الخليج العربي جزءا جوهريا من قلب العالم فالخليج يغذي اقتصاد العالم بالطاقة، ومن معابره تمر التجارة العالمية وينبض فيه قلب العالم الإسلامي.
وقال سمو الأمير الحسن إن شمال إفريقيا وشرق المتوسط هي المنطقة التي ينبغي أن نهتم بها، لأن من يحكم هذه المنطقة المحورية التي تمثل قلب العالم يحكم العالم. مشيرا إلى أن المزاج السياسي في إقليم المتوسط اليوم يريد استقرار شرق المتوسط، ويرى كل من الخليج وأوروبا في المشرق جسرا بينهما ويعتقد أن في سلامة المتوسط وشرقه خصوصا سلامتهما وفي النمو زيادة في الخير.
وقدّم سمو الأمير الحسن بن طلال في محاضرته حول «الواقع العربي.. في ظل التطورات والتجاذبات الدولية وانعكاساتها على المنطقة «رؤية مستقبلية» عرضا استشرافيا للواقع العربي في ظلّ ما تشهده المنطقة العربية من تطوّرات وتغيّرات. وتطرق إلى عددٍ من الموضوعات المحورية لتحقيق التضامن العربي الإسلامي وفتح نوافذ للتواصل الحضاري مع الغرب منها تعزيز الهوية والحوار مع الآخر والهجرة والطاقة والاقتصاد فضلا عن واقع الشباب وتمكينهم ودعمهم مع ضرورة تبصيرهم بقضايا العصر، داعيًا الشباب في الوطن العربي إلى التمسك بالأمل والتحليق إلى أقصى آفاق الإبداع والبحث والابتكار.
وأعرب الأمير الحسن بن طلال في مستهل محاضرته عن سعادته بزيارة سلطنة عمان بدعوة كريمة من صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب وبتواجده في جامعة السلطان قابوس، مستذكرا حضور جلالة السلطان الراحل طيب الله ثراه في قاعة المؤتمرات نفسها وحديثه التاريخي عام 2000 أيضا عن استشراف المستقبل، وأشاد سموه بالذوق الرفيع والنسق العمراني في سلطنة عمان والتأسيس للمؤسسات الإنسانية في عمان بدرجات كبيرة من النجاح.
وقال سموه من عمّان الأردن إلى مسقط عمان تشكلت بدايات العروة الوثقى التي نفتقد إليها فكرا وانسجاما مع أنفسنا ومع الخالق لنبحث دائما وأبدا عن كلمة الصدق التي تنجينا من مآزقنا، مضيفا إن الأردن وعمان توأمان في اعتدالهما واتزانهما ووسطيتهما بالمعنى القرآني العميق «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا».
وقال نحن شهداء على هذه المرحلة المتسارعة من عمر أمتننا المديد فللأردن وعمان دور وسطي ودور وساطة، الأول ليبعد الأمة عن الشطط والغلو في الدين والعقيدة والثاني وساطة بين الفرقاء يبقي الأمة مترابطة يتراص بنيانها.
ثم تطرق سمو الأمير الحسن إلى مشروعه أسفار وهو الرؤية لرصد المشاريع الكبرى ووضع ما يهمنا ويهم هويتنا، وتحدث عن علاقة الشرق الأوسط بأوروبا، وقال إن أوروبا تحتاج اليوم إلى روح حيوية لرؤاها المادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الخطر الداهم للمهجرين
ونبه سموه إلى الخطر الداهم للمهجرين عنوة من جنوب المتوسط إلى أوروبا والعالم وتداعياته متحدثا عن مفاهيم مختلفة من الفقر كفقر المياه وفقر الطاقة والعوز وفقر الغذاء، وقال إنها جميعا عناصر تشكل الحرمان المتعدد ولكن رصد هذا الحرمان المتعدد ليس موجودا لأننا نفتقر إلى صندوق معرفة مستقلة مطلقة نستعيد من خلالها العلاقة المبنية على الثقة المطلقة مع الجيل.
وقال: نشاهد اليوم ونلاحظ فجر عصر ما بعد العلمانية، مشيرا إلى أن العولمة لا تدعو إلى الثقافة، فقد تحولت القومية المسيحية عبر المحيط الأطلسي والتحالف الأرثوذكسي الروسي على الحدود الجنوبية والجنوبية الشرقية إلى حقائق جغرافية وسياسية واضحة للغاية خاصة منذ عام 2014 منذ صدور الأجندة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي لعام 2016.
المزاج السياسي في الإقليم المتوسطي
وقال سموه إن المزاج السياسي في الإقليم المتوسطي اليوم يريد استقرار شرق المتوسط ويرى الخليج وأوروبا في المشرق جسرا بينهما وفي سلامة المتوسط وشرقه خصوصا سلامتهما وفي النمو زيادة في الخير لمن يستحق ضمن هذه المعادلة.
وقال :هذه فرصة تاريخية للتعاون الخليجي الأوروبي يثبت دول المشرق كبوابة للتشابك الثقافي والمعرفي والاقتصادي وهذا هو مشروع أسفار، وهو الرؤية لرصد المشاريع الكبرى ووضع ما يهمنا هنا ويهم هويتنا.
وأوضح أن المكانية والهوية والهجرة هي رؤية لخطوة أولى في طريق قصير نسبيا في استقرار ونماء طويلي الأمد فيشكل مشرقنا بوابة التلاقي بين الشمال الإفريقي وأوراسيا (أوروبا وآسيا).
وشدد سموه على أن شمال إفريقيا وشرق المتوسط هي المنطقة التي يجب أن نهتم بها اهتماما كبيرا باعتبارها قلب العالم الذي يضم القارات الثلاث ( آسيا وإفريقيا وأوروبا)، مضيفا إن من يحكمها يتحكم في مصير العالم.
وعرج سموه تاريخيا إلى قلب هذه الجزيرة العالمية وهو المشرق: سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وصدرها الهلال الخصيب والعراق، وقال إن التطورات الجيواستراتيجية والجيوثقافية في القرن العشرين جعلت دول الخليج العربي جزءا جوهريا من صدر جزيرة العالم، وهذه حقيقة، فالخليج يغذي اقتصاد العالم بالطاقة ومن معابره تمر التجارة العالمية وينبض فيه قلب العالم الإسلامي.
وقال إن إطلاق الصين مبادرة الحزام وطريق الحرير لإحياء طريق الحرير البري والبحري الذي كان لحضارتنا العربية الإسلامية دور كبير في صنع أمجاده التاريخية تمد من خلاله شبكة من العلاقات الثقافية والتجارية والعسكرية من بحر الصين الجنوبي عبر المحيط الهندي مرورا ببلادنا ووصولا إلى الشواطئ الإفريقية.
الخليج موئل للصناديق الاستثمارية العالمية
وتحدث سمو الأمير الحسن عن النقلة في خطط التنمية بدول الخليج العربي وقال إنها غيرت موقع جزيرة العرب وبلاد الشام على خريطة العالم السياسي فلم يعد الخليج خزانات وقود للعالم بل أضحى موئلا لكبرى الصناديق الاستثمارية في العالم، أما المناطق الاقتصادية الحرة والمتحدة مع مثيلاتها في آسيا فقد تطورت لتصبح منظومة اقتصادية وجيوسياسية مستقلة تطفو حرة في الفضاء السياسي المعاصر.
وأضاف: إننا نجد في هذه المناطق أكبر موانئ الأرض، أما مرافئها الصناعية فهي في نمو، ولدول الخليج دور ريادي في هذه التطورات التي ستترك أثرا عميقا في أحوال العالم، فالعالم يدور من حولنا ولا ندور بالضرورة إن شئنا بالكامل في فلك العالم ودورانه.
وأكد سموه أن الحال يبشر بعودة متسارعة لقلب العالم الإسلامي ونحن قلبه في دوائر القرار السياسي العالمي مشيرا إلى أن بين 40% إلى 60% من تمويل منظمة اللاجئين العالمية هو من أموال الزكاة وهذا مثال يعكس حجم ومستوى الحضور الإسلامي.
وقال إذا كانت الكرامة الإنسانية محور وهدف تنميتنا فمشروع «أسفار» يعبر عن التشابك الثقافي والاقتصادي والسياسي الذي نعيش أوجه اليوم إذ لم تعد لفظة ما يسمى بحوار الثقافات كافية فنحن اليوم في حالة «تشابك ولا أقول اشتباك»..« أقول محاورة وليست دعوة لتغيير ما نؤمن به».
وقال سموه إن الخليج يرى استقراره في استقرار الشرق الأوسط والمشرق خصوصا كما يرى الأوروبيون أيضا شرطا لأمانهم ونمو اتحادهم واستقرار مجتمعاتهم لكن في الشرق الأوسط هناك عامل لابد من ذكره وهي الحروب التي يراد لها أن تستمر والتي تقف عائقا في استكمال مشروعاتنا الكبرى. وفي ختام محاضرته أكد سمو الأمير الحسن بن طلال على أهمية عودة المشرق إلى ما كان عليه أيام النهضة ودعا إلى تجديد النهضة وقال إنها ستعيد الشباب إلى القارة العجوز والرونق إلى الجزيرة العربية والقلب الإسلامي. كما حث الشباب العربي على التمسك بالأمل والعمل ودعا إلى تمكينهم ودعمهم مع ضرورة تبصيرهم وتوعيتهم بقضايا العصر وقضايا المنطقة. وتبادل سمو الأمير الحوار المفتوح مع الحضور وأجاب على عدد من التساؤلات الفكرية والسياسية والاقتصادية التي تحيط بالواقع العربي في ظلّ ما تشهده المنطقة العربية من تطوّرات وتغيّرات. وكان الدكتور محمود بن مبارك السليمي رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي رحب في كلمته بصاحبِ السُّموّ الملكي الأمير الحسن بن طلال مشيرا إلى أن استضافته تأتي مـتزامـنة مـع احتفال النادي بـمرور أربـعین عـامـًا عـلى إنشائه. ويعدّ سموّ الأمير الحسن بن طلال سليل الأسرة الهاشمية المولود عام 1947، من الشخصيات الثقافية والفكرية البارزة في العالم العربي، وله أعمال فكرية من بينها: «.. دراسة تاريخية»، و«حق الفلسطينيين في تقرير المصير»، و«السعي نحو السلام»، و«المسيحية في الوطن العربي»، و«الاستمرارية والإبداع والتغيير»، و«المسألة العراقية.. في ذكرى رحيل فيصل الأول»، و«سين وجيم.. قضايا معاصرة»، كما حصل على عدد كبير من الأوسمة والشهادات الفخرية والجوائز وتقلد العديد من المناصب من أبرزها: تعيينه سفيرا للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو). كما مُنح جائزة «نيوانو للسلام» وجائزة «أبراهام غايغر للسلام» و«جائزة كالاغاري للسلام » وغيرها.
خطط التنمية بدول الخليج غيرت موقعها على خريطة العالم السياسي والاقتصادي -
فرصة تاريخية للتعاون الخليجي الأوروبي ليكون الشرق الأوسط بوابة التواصل مع الغرب -
يجب وقف «حروب الإنابة» في الشرق الأوسط -
هناك من يحرص على إبقاء الشرق الأوسط مشتعلا وهذا يعيق مشروعاتنا الكبرى -
نشاهد اليوم فجر عصر ما بعد العلمانية -
خطر داهم للمهجرين عنوة من جنوب المتوسط إلى أوروبا والعالم -
يجب الاهتمام بشمال إفريقيا وشرق المتوسط باعتبارها قلب العالم ومن يحكمها يحكم العالم -
أكد سمو الأمير الحسن بن طلال رئيس منتدى الفكر العربي بالمملكة الأردنية الهاشمية على عمق ومتانة العلاقات العُمانية الأردنية ودور البلدين المتزن والوسطي في التعاطي مع مختلف القضايا ليُبقيا الأمّة العربية مترابطة ومتراصّة البنيان، مشيدا بالنهضة المتجددة في سلطنة عمان بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق آل سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- ورؤية القيادة الحكيمة المستقبلية وخطط سلطنة عمان الاقتصادية منوها بمشروع تطوير ميناء الدقم بالتعاون مع الصين.
ودعا سمو الأمير الحسن بن طلال إلى النهضة المتجددة في المنطقة وعودة المشرق إلى عهد النهضة، وقال : من شأن النهضة أن تعيد الحيوية إلى الجزيرة العربية وقلب العالم الإسلامي، لافتا إلى التغييرات التي أحدثتها خطط التنمية التي اتبعتها دول الخليج العربي وغيرت موقع جزيرة العرب وبلاد الشام على خريطة العالم السياسي والاقتصادي.
وأكد سمو الأمير الحسن بن طلال في محاضرة نظمها النادي الثقافي مساء أمس الخميس بقاعة المؤتمرات بجامعة السلطان قابوس برعاية معالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام أن مستقبلا سياسيا واقتصاديا واعدا ينتظر منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي على وجه الخصوص. وقال إن الخليج العربي الذي يغذي اقتصاد العالم بالطاقة لم يعد «خزانات نفط للعالم» بل موطنا لكبرى الشركات والصناديق الاستثمارية، مؤكدا أن هناك فرصة تاريخية للتعاون الخليجي الأوروبي ليكون الشرق الأوسط بوابة للتواصل بين الشرق والغرب. وقال سموه إن الحال يبشّر بعودة قلب العالم الإسلامي لدوره العالمي، محذرا في الوقت نفسه من سياسات المستفيدين من عدم استقرار الأوضاع في المنطقة ورغبتهم في استمرار بقائها بؤرة للصراعات والحروب، داعيا إلى وقف «حروب الإنابة» التي تسعى إلى تمزيق الشرق الأوسط.
وقال إن التطورات الجيواستراتيجية والجيوثقافية في القرن العشرين جعلت دول الخليج العربي جزءا جوهريا من قلب العالم فالخليج يغذي اقتصاد العالم بالطاقة، ومن معابره تمر التجارة العالمية وينبض فيه قلب العالم الإسلامي.
وقال سمو الأمير الحسن إن شمال إفريقيا وشرق المتوسط هي المنطقة التي ينبغي أن نهتم بها، لأن من يحكم هذه المنطقة المحورية التي تمثل قلب العالم يحكم العالم. مشيرا إلى أن المزاج السياسي في إقليم المتوسط اليوم يريد استقرار شرق المتوسط، ويرى كل من الخليج وأوروبا في المشرق جسرا بينهما ويعتقد أن في سلامة المتوسط وشرقه خصوصا سلامتهما وفي النمو زيادة في الخير.
وقدّم سمو الأمير الحسن بن طلال في محاضرته حول «الواقع العربي.. في ظل التطورات والتجاذبات الدولية وانعكاساتها على المنطقة «رؤية مستقبلية» عرضا استشرافيا للواقع العربي في ظلّ ما تشهده المنطقة العربية من تطوّرات وتغيّرات. وتطرق إلى عددٍ من الموضوعات المحورية لتحقيق التضامن العربي الإسلامي وفتح نوافذ للتواصل الحضاري مع الغرب منها تعزيز الهوية والحوار مع الآخر والهجرة والطاقة والاقتصاد فضلا عن واقع الشباب وتمكينهم ودعمهم مع ضرورة تبصيرهم بقضايا العصر، داعيًا الشباب في الوطن العربي إلى التمسك بالأمل والتحليق إلى أقصى آفاق الإبداع والبحث والابتكار.
وأعرب الأمير الحسن بن طلال في مستهل محاضرته عن سعادته بزيارة سلطنة عمان بدعوة كريمة من صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب وبتواجده في جامعة السلطان قابوس، مستذكرا حضور جلالة السلطان الراحل طيب الله ثراه في قاعة المؤتمرات نفسها وحديثه التاريخي عام 2000 أيضا عن استشراف المستقبل، وأشاد سموه بالذوق الرفيع والنسق العمراني في سلطنة عمان والتأسيس للمؤسسات الإنسانية في عمان بدرجات كبيرة من النجاح.
وقال سموه من عمّان الأردن إلى مسقط عمان تشكلت بدايات العروة الوثقى التي نفتقد إليها فكرا وانسجاما مع أنفسنا ومع الخالق لنبحث دائما وأبدا عن كلمة الصدق التي تنجينا من مآزقنا، مضيفا إن الأردن وعمان توأمان في اعتدالهما واتزانهما ووسطيتهما بالمعنى القرآني العميق «وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا».
وقال نحن شهداء على هذه المرحلة المتسارعة من عمر أمتننا المديد فللأردن وعمان دور وسطي ودور وساطة، الأول ليبعد الأمة عن الشطط والغلو في الدين والعقيدة والثاني وساطة بين الفرقاء يبقي الأمة مترابطة يتراص بنيانها.
ثم تطرق سمو الأمير الحسن إلى مشروعه أسفار وهو الرؤية لرصد المشاريع الكبرى ووضع ما يهمنا ويهم هويتنا، وتحدث عن علاقة الشرق الأوسط بأوروبا، وقال إن أوروبا تحتاج اليوم إلى روح حيوية لرؤاها المادية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
الخطر الداهم للمهجرين
ونبه سموه إلى الخطر الداهم للمهجرين عنوة من جنوب المتوسط إلى أوروبا والعالم وتداعياته متحدثا عن مفاهيم مختلفة من الفقر كفقر المياه وفقر الطاقة والعوز وفقر الغذاء، وقال إنها جميعا عناصر تشكل الحرمان المتعدد ولكن رصد هذا الحرمان المتعدد ليس موجودا لأننا نفتقر إلى صندوق معرفة مستقلة مطلقة نستعيد من خلالها العلاقة المبنية على الثقة المطلقة مع الجيل.
وقال: نشاهد اليوم ونلاحظ فجر عصر ما بعد العلمانية، مشيرا إلى أن العولمة لا تدعو إلى الثقافة، فقد تحولت القومية المسيحية عبر المحيط الأطلسي والتحالف الأرثوذكسي الروسي على الحدود الجنوبية والجنوبية الشرقية إلى حقائق جغرافية وسياسية واضحة للغاية خاصة منذ عام 2014 منذ صدور الأجندة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي لعام 2016.
المزاج السياسي في الإقليم المتوسطي
وقال سموه إن المزاج السياسي في الإقليم المتوسطي اليوم يريد استقرار شرق المتوسط ويرى الخليج وأوروبا في المشرق جسرا بينهما وفي سلامة المتوسط وشرقه خصوصا سلامتهما وفي النمو زيادة في الخير لمن يستحق ضمن هذه المعادلة.
وقال :هذه فرصة تاريخية للتعاون الخليجي الأوروبي يثبت دول المشرق كبوابة للتشابك الثقافي والمعرفي والاقتصادي وهذا هو مشروع أسفار، وهو الرؤية لرصد المشاريع الكبرى ووضع ما يهمنا هنا ويهم هويتنا.
وأوضح أن المكانية والهوية والهجرة هي رؤية لخطوة أولى في طريق قصير نسبيا في استقرار ونماء طويلي الأمد فيشكل مشرقنا بوابة التلاقي بين الشمال الإفريقي وأوراسيا (أوروبا وآسيا).
وشدد سموه على أن شمال إفريقيا وشرق المتوسط هي المنطقة التي يجب أن نهتم بها اهتماما كبيرا باعتبارها قلب العالم الذي يضم القارات الثلاث ( آسيا وإفريقيا وأوروبا)، مضيفا إن من يحكمها يتحكم في مصير العالم.
وعرج سموه تاريخيا إلى قلب هذه الجزيرة العالمية وهو المشرق: سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وصدرها الهلال الخصيب والعراق، وقال إن التطورات الجيواستراتيجية والجيوثقافية في القرن العشرين جعلت دول الخليج العربي جزءا جوهريا من صدر جزيرة العالم، وهذه حقيقة، فالخليج يغذي اقتصاد العالم بالطاقة ومن معابره تمر التجارة العالمية وينبض فيه قلب العالم الإسلامي.
وقال إن إطلاق الصين مبادرة الحزام وطريق الحرير لإحياء طريق الحرير البري والبحري الذي كان لحضارتنا العربية الإسلامية دور كبير في صنع أمجاده التاريخية تمد من خلاله شبكة من العلاقات الثقافية والتجارية والعسكرية من بحر الصين الجنوبي عبر المحيط الهندي مرورا ببلادنا ووصولا إلى الشواطئ الإفريقية.
الخليج موئل للصناديق الاستثمارية العالمية
وتحدث سمو الأمير الحسن عن النقلة في خطط التنمية بدول الخليج العربي وقال إنها غيرت موقع جزيرة العرب وبلاد الشام على خريطة العالم السياسي فلم يعد الخليج خزانات وقود للعالم بل أضحى موئلا لكبرى الصناديق الاستثمارية في العالم، أما المناطق الاقتصادية الحرة والمتحدة مع مثيلاتها في آسيا فقد تطورت لتصبح منظومة اقتصادية وجيوسياسية مستقلة تطفو حرة في الفضاء السياسي المعاصر.
وأضاف: إننا نجد في هذه المناطق أكبر موانئ الأرض، أما مرافئها الصناعية فهي في نمو، ولدول الخليج دور ريادي في هذه التطورات التي ستترك أثرا عميقا في أحوال العالم، فالعالم يدور من حولنا ولا ندور بالضرورة إن شئنا بالكامل في فلك العالم ودورانه.
وأكد سموه أن الحال يبشر بعودة متسارعة لقلب العالم الإسلامي ونحن قلبه في دوائر القرار السياسي العالمي مشيرا إلى أن بين 40% إلى 60% من تمويل منظمة اللاجئين العالمية هو من أموال الزكاة وهذا مثال يعكس حجم ومستوى الحضور الإسلامي.
وقال إذا كانت الكرامة الإنسانية محور وهدف تنميتنا فمشروع «أسفار» يعبر عن التشابك الثقافي والاقتصادي والسياسي الذي نعيش أوجه اليوم إذ لم تعد لفظة ما يسمى بحوار الثقافات كافية فنحن اليوم في حالة «تشابك ولا أقول اشتباك»..« أقول محاورة وليست دعوة لتغيير ما نؤمن به».
وقال سموه إن الخليج يرى استقراره في استقرار الشرق الأوسط والمشرق خصوصا كما يرى الأوروبيون أيضا شرطا لأمانهم ونمو اتحادهم واستقرار مجتمعاتهم لكن في الشرق الأوسط هناك عامل لابد من ذكره وهي الحروب التي يراد لها أن تستمر والتي تقف عائقا في استكمال مشروعاتنا الكبرى. وفي ختام محاضرته أكد سمو الأمير الحسن بن طلال على أهمية عودة المشرق إلى ما كان عليه أيام النهضة ودعا إلى تجديد النهضة وقال إنها ستعيد الشباب إلى القارة العجوز والرونق إلى الجزيرة العربية والقلب الإسلامي. كما حث الشباب العربي على التمسك بالأمل والعمل ودعا إلى تمكينهم ودعمهم مع ضرورة تبصيرهم وتوعيتهم بقضايا العصر وقضايا المنطقة. وتبادل سمو الأمير الحوار المفتوح مع الحضور وأجاب على عدد من التساؤلات الفكرية والسياسية والاقتصادية التي تحيط بالواقع العربي في ظلّ ما تشهده المنطقة العربية من تطوّرات وتغيّرات. وكان الدكتور محمود بن مبارك السليمي رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي رحب في كلمته بصاحبِ السُّموّ الملكي الأمير الحسن بن طلال مشيرا إلى أن استضافته تأتي مـتزامـنة مـع احتفال النادي بـمرور أربـعین عـامـًا عـلى إنشائه. ويعدّ سموّ الأمير الحسن بن طلال سليل الأسرة الهاشمية المولود عام 1947، من الشخصيات الثقافية والفكرية البارزة في العالم العربي، وله أعمال فكرية من بينها: «.. دراسة تاريخية»، و«حق الفلسطينيين في تقرير المصير»، و«السعي نحو السلام»، و«المسيحية في الوطن العربي»، و«الاستمرارية والإبداع والتغيير»، و«المسألة العراقية.. في ذكرى رحيل فيصل الأول»، و«سين وجيم.. قضايا معاصرة»، كما حصل على عدد كبير من الأوسمة والشهادات الفخرية والجوائز وتقلد العديد من المناصب من أبرزها: تعيينه سفيرا للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو). كما مُنح جائزة «نيوانو للسلام» وجائزة «أبراهام غايغر للسلام» و«جائزة كالاغاري للسلام » وغيرها.