بكين - الرياض - طهران.. حَدَثَ في الشرق الأوسط!
الأربعاء / 22 / شعبان / 1444 هـ - 20:26 - الأربعاء 15 مارس 2023 20:26
على الرغم من استدعاء تأويلات كثيرة حيال الحدث الجيوسياسي الكبير بمنطقة الشرق الأوسط (الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية) إلا أن ثمة حيثيات مهمة هذه المرة، قد لا تعكس طبيعة ردود الفعل المتوقعة في تاريخ الاتفاقات العربية مع إيران حول ملفات المنطقة.
فهذه المرة، لا تعكس نوايا طهران تجاه الصين إطارًا لرؤية أيديولوجية من الشاكلة التي تؤطرها حيال أي اتفاق مع الغرب الذي ظل بدوره، يترسم مفاهيم معيارية للحداثة السياسية حيال مواقفه من طهران، فهذه المرة تأتي الصين من الشرق البعيد لتفتتح مسارًا لبوابة سياسية لا أمنية، في الشرق الأوسط بين أهم نظامين يمثلان رمزية دينية في العالم الإسلامي، لكنها - أي الصين - تملك أوراقًا قد تبدو أكثر جدوى في مستقبل علاقاتها ومصالحها الوازنة مع كل من إيران والسعودية بمعايير تعكس المصلحة فيها أساسًا راسخًا للعلاقات.
إن حاجة الصين اليوم لكل من طهران والرياض أكبر من حاجة روسيا وأمريكا إليهما، وفي الوقت ذاته تملك الصين وزنًا استراتيجيًا دوليًا يجعلها قادرة على تمرير ما تريد بمنطق المصالح الاقتصادية المحسوبة في الوقت ذاته، مع كل من روسيا والولايات المتحدة.
وهكذا في لحظة جيوسياسية مهمة يمر بها عالم ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية، تسجل الصين اختراقًا غير مسبوق في منطقة لطالما ظلت بعيدة عن نفوذها، بعد أن مهدت لهذا الاتفاق مفاوضات مهمة لعبت فيها «مسقط» دورًا بارزًا بين الطرفين.
لقد كانت هذه اللحظة التاريخية لحظة مناسبة لافتتاح الصين فصلًا جديدًا ومختلفًا حيال آثاره المتعددة الوجهة والمكان في الشرق الأوسط.
وإذا لا يزال الوقت مبكرًا للحكم على مفاعيل هذه الاتفاق، فإن استصحاب ملاحظات لوقائع صينية في المنطقة قد تمنحنا تفسيرًا مهمًا لجدوى هذا الاتفاق كرافعة مهمة يمكن أن يستند إليها التغيير القادم.
تدرك الصين مصالحها جيدًا، والأكثر من ذلك تعمل الصين بصمت على رعاية مصالحها فيما تمارس دبلوماسيتها دون ضجيج.
فقبل سنتين من يومنا هذا وقعت الصين مع طهران في مارس 2021 اتفاقية شراكة استراتيجية مدتها ربع قرن (25 عاما) في العديد من الملفات والمجالات الصناعية؛ ستضخ فيها الصين مئات المليارات من الدولارات مما يسمح لإيران بمتنفس دولي ويجعلها مستندةً إلى قوى عظمى ضامنة.
وفي الوقت ذاته تعتبر الصين شريكًا استراتيجيًا للمملكة العربية السعودية، والجميع يتذكر القمة العربية الصينية التي عقدتها الرياض قبل ثلاثة أشهر (ديسمبر 2022) الأمر الذي يجعل من الصين قوة دولية ضامنة لامتياز المصالح الاستراتيجية في هذا الاتفاق بين البلدين وهو معيار دقيق وحساباته لا تعرف إلا منطق الربح المستدام.
لكل ذلك التقطت الصين لحظتها التاريخية الفارقة للاضطلاع ببداية الدخول إلى تفكيك معضلة من أعقد معضلات الشرق الأوسط.
ويبدو أن رهان الصين المعزز بقراءتها الدقيقة لهذه اللحظة هو ما يؤهلها لتسجيل اختراق غير مسبوق في هذا الملف، خصوصًا وأن بروبغاندا التخويف من إيران، التي ظلت تلمح لها الولايات المتحدة لحيازة امتياز الحماية في الخليج، أصبحت مدرجةً ضمن قائمة حزمة أولويات أخرى لبعض دول الخليج في ظل الأوضاع الجديدة لعالم ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
قيمة هذا الاتفاق السعودي الإيراني برعاية الصين، إنه يكسب قبولًا متعددًا من أطراف سياسية عالمية، كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكذلك لا تجد الولايات المتحدة بُدًا سوى الترحيب بالاتفاق، وحتى إسرائيل سيتعين عليها قبوله على مضض، كما أن الاتفاق سيمثل لإيران مخرجًا مشرفًا، فيما ستعتبر فترة الشهرين القادمين وقتًا كافيًا لإعادة العلاقات إلى طبيعتها بين إيران والسعودية، وستتضمن إجراءات الخطوات الملموسة لتفكيك ملفات أمنية وسياسية في المنطقة، وأول هذه الملفات التي سيطالها الانفراج هو الوضع في اليمن ثم تأتي الملفات تباعًا.
لقد كان واضحًا أن عالم ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية سيشكل فرصًا جديدة واستراتيجيات جديدة في العالم، وأن ثمة تحورات مهمة ستطول العلاقات القديمة لتحالفات العالم الذي سبق تلك الحرب!
هكذا تخوض المملكة العربية السعودية اليوم تجربة استراتيجية أكثر استعدادًا للتنويع المنفتح على عقد تحالفات مع قوى دولية كبرى تتصل بترتيب مصالحها الأمنية بحسب أولويات وممكنات رؤيتها الاستراتيجية وقدراتها التي جعلت منها اليوم لاعبًا كبيرًا في المنطقة، لاعب ما عاد مكتفيًا اليوم فقط بنمط العلاقات والحسابات القديمة ذاتها، في عالم متغير!
فهذه المرة، لا تعكس نوايا طهران تجاه الصين إطارًا لرؤية أيديولوجية من الشاكلة التي تؤطرها حيال أي اتفاق مع الغرب الذي ظل بدوره، يترسم مفاهيم معيارية للحداثة السياسية حيال مواقفه من طهران، فهذه المرة تأتي الصين من الشرق البعيد لتفتتح مسارًا لبوابة سياسية لا أمنية، في الشرق الأوسط بين أهم نظامين يمثلان رمزية دينية في العالم الإسلامي، لكنها - أي الصين - تملك أوراقًا قد تبدو أكثر جدوى في مستقبل علاقاتها ومصالحها الوازنة مع كل من إيران والسعودية بمعايير تعكس المصلحة فيها أساسًا راسخًا للعلاقات.
إن حاجة الصين اليوم لكل من طهران والرياض أكبر من حاجة روسيا وأمريكا إليهما، وفي الوقت ذاته تملك الصين وزنًا استراتيجيًا دوليًا يجعلها قادرة على تمرير ما تريد بمنطق المصالح الاقتصادية المحسوبة في الوقت ذاته، مع كل من روسيا والولايات المتحدة.
وهكذا في لحظة جيوسياسية مهمة يمر بها عالم ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية، تسجل الصين اختراقًا غير مسبوق في منطقة لطالما ظلت بعيدة عن نفوذها، بعد أن مهدت لهذا الاتفاق مفاوضات مهمة لعبت فيها «مسقط» دورًا بارزًا بين الطرفين.
لقد كانت هذه اللحظة التاريخية لحظة مناسبة لافتتاح الصين فصلًا جديدًا ومختلفًا حيال آثاره المتعددة الوجهة والمكان في الشرق الأوسط.
وإذا لا يزال الوقت مبكرًا للحكم على مفاعيل هذه الاتفاق، فإن استصحاب ملاحظات لوقائع صينية في المنطقة قد تمنحنا تفسيرًا مهمًا لجدوى هذا الاتفاق كرافعة مهمة يمكن أن يستند إليها التغيير القادم.
تدرك الصين مصالحها جيدًا، والأكثر من ذلك تعمل الصين بصمت على رعاية مصالحها فيما تمارس دبلوماسيتها دون ضجيج.
فقبل سنتين من يومنا هذا وقعت الصين مع طهران في مارس 2021 اتفاقية شراكة استراتيجية مدتها ربع قرن (25 عاما) في العديد من الملفات والمجالات الصناعية؛ ستضخ فيها الصين مئات المليارات من الدولارات مما يسمح لإيران بمتنفس دولي ويجعلها مستندةً إلى قوى عظمى ضامنة.
وفي الوقت ذاته تعتبر الصين شريكًا استراتيجيًا للمملكة العربية السعودية، والجميع يتذكر القمة العربية الصينية التي عقدتها الرياض قبل ثلاثة أشهر (ديسمبر 2022) الأمر الذي يجعل من الصين قوة دولية ضامنة لامتياز المصالح الاستراتيجية في هذا الاتفاق بين البلدين وهو معيار دقيق وحساباته لا تعرف إلا منطق الربح المستدام.
لكل ذلك التقطت الصين لحظتها التاريخية الفارقة للاضطلاع ببداية الدخول إلى تفكيك معضلة من أعقد معضلات الشرق الأوسط.
ويبدو أن رهان الصين المعزز بقراءتها الدقيقة لهذه اللحظة هو ما يؤهلها لتسجيل اختراق غير مسبوق في هذا الملف، خصوصًا وأن بروبغاندا التخويف من إيران، التي ظلت تلمح لها الولايات المتحدة لحيازة امتياز الحماية في الخليج، أصبحت مدرجةً ضمن قائمة حزمة أولويات أخرى لبعض دول الخليج في ظل الأوضاع الجديدة لعالم ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
قيمة هذا الاتفاق السعودي الإيراني برعاية الصين، إنه يكسب قبولًا متعددًا من أطراف سياسية عالمية، كالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وكذلك لا تجد الولايات المتحدة بُدًا سوى الترحيب بالاتفاق، وحتى إسرائيل سيتعين عليها قبوله على مضض، كما أن الاتفاق سيمثل لإيران مخرجًا مشرفًا، فيما ستعتبر فترة الشهرين القادمين وقتًا كافيًا لإعادة العلاقات إلى طبيعتها بين إيران والسعودية، وستتضمن إجراءات الخطوات الملموسة لتفكيك ملفات أمنية وسياسية في المنطقة، وأول هذه الملفات التي سيطالها الانفراج هو الوضع في اليمن ثم تأتي الملفات تباعًا.
لقد كان واضحًا أن عالم ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية سيشكل فرصًا جديدة واستراتيجيات جديدة في العالم، وأن ثمة تحورات مهمة ستطول العلاقات القديمة لتحالفات العالم الذي سبق تلك الحرب!
هكذا تخوض المملكة العربية السعودية اليوم تجربة استراتيجية أكثر استعدادًا للتنويع المنفتح على عقد تحالفات مع قوى دولية كبرى تتصل بترتيب مصالحها الأمنية بحسب أولويات وممكنات رؤيتها الاستراتيجية وقدراتها التي جعلت منها اليوم لاعبًا كبيرًا في المنطقة، لاعب ما عاد مكتفيًا اليوم فقط بنمط العلاقات والحسابات القديمة ذاتها، في عالم متغير!