هل تراجعت القراءة بسبب الوسائط الحديثة؟
الأربعاء / 8 / شعبان / 1444 هـ - 19:19 - الأربعاء 1 مارس 2023 19:19
منذ أكثر من عقدين تقريبا، ومع تطور وانتشار الوسائط الإعلامية الحديثة بتقنياتها المتصاعدة، منذ أواخر القرن العشرين، وبداية القرن الحادي والعشرين، بدأ الحديث يتزايد ويأخذ مقتضبات التحذير والتنبيه من الباحثين والمحللين والمتابعين للتغيرات التي طرأت على مفاهيم الناس وإدراكاتهم الفكرية الجديدة، بعد انتشار هذه الوسائط بين الأجيال الشبابية خاصة، ووسائل التواصل الاجتماعي المتعددة النماذج التي ترسل في هذا الفضاء المفتوح، منبهة أن هذه الوسائط تؤثر على النشء من خلال ما تبثه من أفكار ومؤثرات عديدة، منها الانجذاب اللامحدود لهذه التقنيات والوسائط، ومنها البعد عن القراءة الجادة، خاصة القراءة في الكتاب المطبوع، بل الابتعاد عن قراءة الصحافة الورقية، وتراجع القراء بها بشكل لافت وملحوظ خلال العقود القليلة الماضية، عند الأجيال الشابة الجديدة، عما كان عليه قبل ظهور هذه الوسائط الحديثة، خاصة الجيل الجديد من الشباب. وكنت عندما أقابل بعض الشباب ـ ومنهم أيضا أكبر من ذلك أيضا، ويسألونني: هل ما زلت تكتب في الصحافة؟ وهذا يؤكد أن القراءة بالصحافة في العموم، تأثرت من هذه الوسائط وشكلت انجذابا للبعض أو انقلابا في حياتهم اليومية، إلى حد الإدمان عند البعض، تجاه تعلقه بهذه الوسائط وتأثيرها عليهم !
ويعزو البعض من المهتمين بهذه الظاهرة، أن التقنيات الجديدة أسهمت في الجذب الشديد لها، وجعلتهم أكثر اقترابا من هذه الوسائط، وأكثر ابتعادا عن القراءة التي تحتاج إلى وعي خاص بأهمية القراءة، وخاصة الكتاب المطبوع، والبعض يعتقد أنه إلى جانب ما اعتبر سبب ذلك، أن الإعلام التقليدي القديم ـ في بعض أطروحاته ـ بقي جامدا وهامدا عن التحولات الضخمة التي تجري في عالم الإعلام ووسائطه الجديدة، وفتحت الأبواب في هذه السماوات المفتوحة، والتي لا يمكن حجبها أو التقليل من تأثيرها، لكني أرى أن الكثير من المؤسسات الإعلامية ـ ومنها إعلامنا العماني ـ سرعان ما تفاعل مع هذه الوسائط، وتعامل معها باعتبارها أنها تساهم في رفد القدرة على التوصيل والتيسير لكل جديد والبث من خلاله بيسر، والتي أصبحت مجالا مفتوحا بإيجابياته وسلبياته، وتنوعت مجالات وسهولة التعاطي معه، وفق المرئيات التي يمكن التعاطي معها، باعتبار أنها تشكل دافعا للرقي في طرائق المتلقين للجديد التقني، لكن آثارها السلبية تجاه القراءة الحرة، ظاهرة لافتة، كما يرى البعض ـ وتحتاج إلى إدراك سلبياتها، وهو عزوف بعض الشباب عن القراءة، خاصة مع بدايات الانفتاح على هذه التقنية الحديثة على وجه الخصوص، ولكني أرى أن هذه النظرة تجاه الكتاب في السنوات القليلة الماضية، تراجعت قليلا، عما كانت عليه قبل أكثر من عقد ونصف العقد، عندما برزت هذه التقنيات، وكانت متاحة للعموم بتدرج سريع ومتدفق.. صحيح أن الثقافة الذاتية عند البعض تأثرت بما عُرف بـ(الاختراق الثقافي) من هذا القادم، وهي بلا شك أسهمت في جاذبيتها عند بعض الشباب، بما تظهره هذه الوسائط الجديدة من جاذبية ومؤثرات بما يطرح من أفكار ونظم للمعلومات قادرة على التوصيل بسرعة فائقة، ورؤية الآخر لها لا يطاق في بعض ما يبث، والتي قد لا نتوافق مع بعضها في بعض مسارات هذه الأفكار ومنطلقاتها، خاصة من الدول المتقدمة، بإمكانيات التأثير الضخمة التي أحدثتها في العالم كله، وهذه لها حديث آخر في قضية الثقافة ومؤثراتها.
والإشكال الذي يثار من بعض المهتمين أن القراءة عند بعض من الأجيال الجديدة، أنه ابتعد في أغلبه عن القراءة في الكتاب الورقي، والاقتصار على بعض القراءات البسيطة والهامشية عبر الوسائط، ومنها المقالات والتعليقات والنقاشات العامة السريعة، كل حسب اهتمامه، لا تقاس كمقارنة بأهمية ومكانة وتأثير الكتاب المطبوع على القارئ، لكن هذا القول في عمومه كما يراه البعض لا يمكن أن نعتبره مسألة محسومة تجاه هذه الوسائط عند الغالبية من الشباب لا انفكاك عنها ـ كما أشرت آنفا ـ لكني أرى من خلال ما تابعته منذ عامين تقريبا، أن بعضا من جيل الشباب، بدأ يغير نظرته تجاه الكتاب وأهميته ودوره الفكري والثقافي، وهناك مؤشرات جديدة تجاه هذه النظرة للكتاب عند النخب الواعية المدركة لقيمة الكتب الجادة والمعرفة المكتوبة عامة، وأن بعضهم بدأ بالانجذاب للقراءة في الروايات، وبدأت ظاهرة الإقبال على الكتاب الورقي من جديد في البروز عند الكثير من النخب الشبابية، والاهتمام بالفكر والثقافة وحتى الفلسفة عند بعضهم، ومنها الكتاب المسموع، والذي يستعمل في سماعه بالمركبات، وبدأ هذا القبول يتطور ويتزايد في فئة، لا بأس من الجيل الجديد في مقتبل العمر، وهذه ظاهرة تستحق الاهتمام، حتى في الكثير من المجتمعات العربية، ومنها مجتمعنا العماني، وكذلك نراه متواجدا في المشاركة بمعارض الكتاب الدولية، وهذه ظاهرة أراها إيجابية خاصة، مع تواجد الشباب في المعارض، والذي بدأ يهتم بالكتاب المطبوع ويتابع الجديد مما تصدره المطابع في المعارض المختلفة، ويسافر إلى بعض الدول العربية سنويا، ومنها دول مجلس التعاون لشراء الجديد من الكتب، ومنها محاولة البعض شراء الكتب وبيعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يسهم في دعم القراءة، وتشجيعها عبر هذه الوسائط الجديدة بين الأجيال الجديدة التي تتابع في هذه الوسائط ومنها مواقع لبيعها.
لكن البعض الآخر من الباحثين العرب له رؤية أخرى تجاه موضوع هذه الوسائط في بعض تأثيرها، سواء الإيجابي منها أو السلبي، ويعتقد أن هذا الجديد الوافد الذي أصبح واقعا ـ شئنا أم أبينا ـ سيصب حتما في صالح الشعوب التي لا تملك الكثير من المقومات الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو التكنولوجية، إلى جانب أن هذه الوسائط الجديدة ستساهم كما يقول الكاتب سويم العزي في: «إزالة مشاعر الاختلاف بين الثقافات وبعضها، ويقوي قواعد التضامن الإنساني، إلا أن إيجابية هذا التطور تثير الخشية من موت ثقافات المجتمعات التي تبدو مقارنة بالثقافة الكونية، متخلفة وغير قادرة على إشباع الحاجات الأساسية للإنسان». لكن هذا الرأي طُرح في بدايات ظهور هذه الوسائط الجديدة، إنما الذي نراه أن كل الخيارات موجودة الآن، والاستفادة مما يأتي من هذه الوسائط لا شك في ذلك بإيجابياته، ومنها بعض السلبيات التي لا يمكن نفيها أو التقليل منها، التي ليست في هذه الوسائط التي هي مجرد آلة، إنما السلبيات هي تأثيرها ببعض ما يتم استقباله من هذه الوسائط وهذه حديثها يطول ولن يتم حسمه أو الاتفاق عليه، والذي يهمنا في هذا المضمار الذي نناقشه، مسألة تأثير الإعلام الجديد ووسائطه المختلفة على القراءة.
ولا شك أن القراءة أصبحت من أهم وسائل تكوين الوعي الاجتماعي والفكري والثقافي، بين الناس خصوصا فيما يتعلق بالجديد في عالم التكنولوجيا والتفاعل مع العصر ومستجداته، حيث أصبحت تستخدم كأداة مكملة للجهود الرامية إلى التعليم المستمر ورفع المستويات الفكرية والحضارية، وفي زيادة المعرفة والمهارات المنهجية المختلفة المرتبطة بالقراءة الجادة، والتي تدفع الناس دفعا نحو حياة أكثر نشاطا وابتكارا ووعيا بالواقع وتحدياته، في كافة مناحي الفكر ومتطلبات الرؤى الثاقبة التي تفتح آفاق المعرفة بكل جوانبها، ومنها ترشيد وتنظيم القراءة على مستوى الأمة والتي تهدف أساسا إلى الاستخدام الأمثل والأكمل للقراءة في الكتب باعتبارها من أقوى وسائل التأثير في عقول الناس. ومن الباحثين البارزين، الذين اهتموا بالقراءة وتأثيرها على الكتابة، كما عاشوها د.محمد حامد الأحمري في كتابه «مذكرات قارئ» إذ يقول: «قضيت معظم ما مرّ من سنوات وعيي قارئا، فلأكتب عما أشغلني طوال هذه السنين، بدأتُ فوجدت النصوص التي أذكر مواقعها، والأفكار التي مررت بها، والنتائج التي توصلت لها ماثلة للعيان، تنادي كل منها من زاوية قريبة أو بعيدة، كلها تطلب الحضور إلى عالم الوجود، وهنا يحس أن صحة الجسد والروح، ومتعة العقل والفهم تحتاج إلى توازن ورعاية، وأن هذا الوجود ـ ناسا وكونا ـ يستحق أن تترك لهم بعدك خيرا هو خير ما عرفت، أو تترك لهم خبرا عما كان منك، فتدعه هناك لهم». فالقراءة تشعل العقل والفكر والدعوة للكتابة عند الكثيرين ممن تمسك بالقراءة، وهي بلا شك إحدى ثمار هذه النهضة والحضارة الإنسانية، وأهم وأقوى وسيلة للمعرفة الصحيحة، إلى جانب الارتقاء بالإنسان في عقله ووعيه ورؤيته ومنهجه في الحياة، واعتقد أن الكتاب سيظل حيا، وسيبقى الهاجس الفكري والمعين القوي في التثقيف الذاتي للإنسان، مهما تسارعت وتطورت الوسائل الحديثة ووسائطها.
عبدالله العليان كاتب وباحث في القضايا السياسية والفكرية مؤلف كتاب «حوار الحضارات في القرن الحادي والعشرين»
ويعزو البعض من المهتمين بهذه الظاهرة، أن التقنيات الجديدة أسهمت في الجذب الشديد لها، وجعلتهم أكثر اقترابا من هذه الوسائط، وأكثر ابتعادا عن القراءة التي تحتاج إلى وعي خاص بأهمية القراءة، وخاصة الكتاب المطبوع، والبعض يعتقد أنه إلى جانب ما اعتبر سبب ذلك، أن الإعلام التقليدي القديم ـ في بعض أطروحاته ـ بقي جامدا وهامدا عن التحولات الضخمة التي تجري في عالم الإعلام ووسائطه الجديدة، وفتحت الأبواب في هذه السماوات المفتوحة، والتي لا يمكن حجبها أو التقليل من تأثيرها، لكني أرى أن الكثير من المؤسسات الإعلامية ـ ومنها إعلامنا العماني ـ سرعان ما تفاعل مع هذه الوسائط، وتعامل معها باعتبارها أنها تساهم في رفد القدرة على التوصيل والتيسير لكل جديد والبث من خلاله بيسر، والتي أصبحت مجالا مفتوحا بإيجابياته وسلبياته، وتنوعت مجالات وسهولة التعاطي معه، وفق المرئيات التي يمكن التعاطي معها، باعتبار أنها تشكل دافعا للرقي في طرائق المتلقين للجديد التقني، لكن آثارها السلبية تجاه القراءة الحرة، ظاهرة لافتة، كما يرى البعض ـ وتحتاج إلى إدراك سلبياتها، وهو عزوف بعض الشباب عن القراءة، خاصة مع بدايات الانفتاح على هذه التقنية الحديثة على وجه الخصوص، ولكني أرى أن هذه النظرة تجاه الكتاب في السنوات القليلة الماضية، تراجعت قليلا، عما كانت عليه قبل أكثر من عقد ونصف العقد، عندما برزت هذه التقنيات، وكانت متاحة للعموم بتدرج سريع ومتدفق.. صحيح أن الثقافة الذاتية عند البعض تأثرت بما عُرف بـ(الاختراق الثقافي) من هذا القادم، وهي بلا شك أسهمت في جاذبيتها عند بعض الشباب، بما تظهره هذه الوسائط الجديدة من جاذبية ومؤثرات بما يطرح من أفكار ونظم للمعلومات قادرة على التوصيل بسرعة فائقة، ورؤية الآخر لها لا يطاق في بعض ما يبث، والتي قد لا نتوافق مع بعضها في بعض مسارات هذه الأفكار ومنطلقاتها، خاصة من الدول المتقدمة، بإمكانيات التأثير الضخمة التي أحدثتها في العالم كله، وهذه لها حديث آخر في قضية الثقافة ومؤثراتها.
والإشكال الذي يثار من بعض المهتمين أن القراءة عند بعض من الأجيال الجديدة، أنه ابتعد في أغلبه عن القراءة في الكتاب الورقي، والاقتصار على بعض القراءات البسيطة والهامشية عبر الوسائط، ومنها المقالات والتعليقات والنقاشات العامة السريعة، كل حسب اهتمامه، لا تقاس كمقارنة بأهمية ومكانة وتأثير الكتاب المطبوع على القارئ، لكن هذا القول في عمومه كما يراه البعض لا يمكن أن نعتبره مسألة محسومة تجاه هذه الوسائط عند الغالبية من الشباب لا انفكاك عنها ـ كما أشرت آنفا ـ لكني أرى من خلال ما تابعته منذ عامين تقريبا، أن بعضا من جيل الشباب، بدأ يغير نظرته تجاه الكتاب وأهميته ودوره الفكري والثقافي، وهناك مؤشرات جديدة تجاه هذه النظرة للكتاب عند النخب الواعية المدركة لقيمة الكتب الجادة والمعرفة المكتوبة عامة، وأن بعضهم بدأ بالانجذاب للقراءة في الروايات، وبدأت ظاهرة الإقبال على الكتاب الورقي من جديد في البروز عند الكثير من النخب الشبابية، والاهتمام بالفكر والثقافة وحتى الفلسفة عند بعضهم، ومنها الكتاب المسموع، والذي يستعمل في سماعه بالمركبات، وبدأ هذا القبول يتطور ويتزايد في فئة، لا بأس من الجيل الجديد في مقتبل العمر، وهذه ظاهرة تستحق الاهتمام، حتى في الكثير من المجتمعات العربية، ومنها مجتمعنا العماني، وكذلك نراه متواجدا في المشاركة بمعارض الكتاب الدولية، وهذه ظاهرة أراها إيجابية خاصة، مع تواجد الشباب في المعارض، والذي بدأ يهتم بالكتاب المطبوع ويتابع الجديد مما تصدره المطابع في المعارض المختلفة، ويسافر إلى بعض الدول العربية سنويا، ومنها دول مجلس التعاون لشراء الجديد من الكتب، ومنها محاولة البعض شراء الكتب وبيعها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وهذا يسهم في دعم القراءة، وتشجيعها عبر هذه الوسائط الجديدة بين الأجيال الجديدة التي تتابع في هذه الوسائط ومنها مواقع لبيعها.
لكن البعض الآخر من الباحثين العرب له رؤية أخرى تجاه موضوع هذه الوسائط في بعض تأثيرها، سواء الإيجابي منها أو السلبي، ويعتقد أن هذا الجديد الوافد الذي أصبح واقعا ـ شئنا أم أبينا ـ سيصب حتما في صالح الشعوب التي لا تملك الكثير من المقومات الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو التكنولوجية، إلى جانب أن هذه الوسائط الجديدة ستساهم كما يقول الكاتب سويم العزي في: «إزالة مشاعر الاختلاف بين الثقافات وبعضها، ويقوي قواعد التضامن الإنساني، إلا أن إيجابية هذا التطور تثير الخشية من موت ثقافات المجتمعات التي تبدو مقارنة بالثقافة الكونية، متخلفة وغير قادرة على إشباع الحاجات الأساسية للإنسان». لكن هذا الرأي طُرح في بدايات ظهور هذه الوسائط الجديدة، إنما الذي نراه أن كل الخيارات موجودة الآن، والاستفادة مما يأتي من هذه الوسائط لا شك في ذلك بإيجابياته، ومنها بعض السلبيات التي لا يمكن نفيها أو التقليل منها، التي ليست في هذه الوسائط التي هي مجرد آلة، إنما السلبيات هي تأثيرها ببعض ما يتم استقباله من هذه الوسائط وهذه حديثها يطول ولن يتم حسمه أو الاتفاق عليه، والذي يهمنا في هذا المضمار الذي نناقشه، مسألة تأثير الإعلام الجديد ووسائطه المختلفة على القراءة.
ولا شك أن القراءة أصبحت من أهم وسائل تكوين الوعي الاجتماعي والفكري والثقافي، بين الناس خصوصا فيما يتعلق بالجديد في عالم التكنولوجيا والتفاعل مع العصر ومستجداته، حيث أصبحت تستخدم كأداة مكملة للجهود الرامية إلى التعليم المستمر ورفع المستويات الفكرية والحضارية، وفي زيادة المعرفة والمهارات المنهجية المختلفة المرتبطة بالقراءة الجادة، والتي تدفع الناس دفعا نحو حياة أكثر نشاطا وابتكارا ووعيا بالواقع وتحدياته، في كافة مناحي الفكر ومتطلبات الرؤى الثاقبة التي تفتح آفاق المعرفة بكل جوانبها، ومنها ترشيد وتنظيم القراءة على مستوى الأمة والتي تهدف أساسا إلى الاستخدام الأمثل والأكمل للقراءة في الكتب باعتبارها من أقوى وسائل التأثير في عقول الناس. ومن الباحثين البارزين، الذين اهتموا بالقراءة وتأثيرها على الكتابة، كما عاشوها د.محمد حامد الأحمري في كتابه «مذكرات قارئ» إذ يقول: «قضيت معظم ما مرّ من سنوات وعيي قارئا، فلأكتب عما أشغلني طوال هذه السنين، بدأتُ فوجدت النصوص التي أذكر مواقعها، والأفكار التي مررت بها، والنتائج التي توصلت لها ماثلة للعيان، تنادي كل منها من زاوية قريبة أو بعيدة، كلها تطلب الحضور إلى عالم الوجود، وهنا يحس أن صحة الجسد والروح، ومتعة العقل والفهم تحتاج إلى توازن ورعاية، وأن هذا الوجود ـ ناسا وكونا ـ يستحق أن تترك لهم بعدك خيرا هو خير ما عرفت، أو تترك لهم خبرا عما كان منك، فتدعه هناك لهم». فالقراءة تشعل العقل والفكر والدعوة للكتابة عند الكثيرين ممن تمسك بالقراءة، وهي بلا شك إحدى ثمار هذه النهضة والحضارة الإنسانية، وأهم وأقوى وسيلة للمعرفة الصحيحة، إلى جانب الارتقاء بالإنسان في عقله ووعيه ورؤيته ومنهجه في الحياة، واعتقد أن الكتاب سيظل حيا، وسيبقى الهاجس الفكري والمعين القوي في التثقيف الذاتي للإنسان، مهما تسارعت وتطورت الوسائل الحديثة ووسائطها.
عبدالله العليان كاتب وباحث في القضايا السياسية والفكرية مؤلف كتاب «حوار الحضارات في القرن الحادي والعشرين»