مركز الندوة الثقافي.. صرح للمستقبل
الاثنين / 28 / رجب / 1444 هـ - 19:40 - الاثنين 20 فبراير 2023 19:40
خميس بن راشد العدوي
عُمان.. بلد عريق في الثقافة، غائر الجذور في الحضارة، جاء الإسلام فأذكى جذوته، وأشعل فيه روح التحولات السياسية والدينية والاجتماعية، فرصدها أعلامه بالتفاعل معها وتدوين أحداثها. كما نشطت فيه حركة التأليف والنسخ، وانتعشت المكتبات وامتلأت خزانات الكتب. لقد أحصيتُ ببَهلا في كتابي «الوقف العلمي في بَهلا»؛ العديد من المكتبات الأهلية، والوصايا لخدمتها، ولشراء الكتب ونسخها وصيانتها، وشراء أدوات الكتابة. ولما نشأنا في بَهلا وجدناها -وهي البلاد الذاخرة؛ علما وأعلاما- محتاجة إلى مكتبة عصرية، تلمّ شتات معارفها، وتحيي ما اندثر من تالد علومها وآدابها، وتمهد طريق المعرفة للأجيال الآتية، فقرر شبابها إنشاء مكتبة، تكون داراً للعلوم والكتب، وملتقى لأهل الفكر والأدب، فكانت مكتبة الندوة العامة.
مكتبة الندوة.. افتتحت عام 1996م بمناسبة العيد الوطني السادس والعشرين المجيد، وقطعت مسيرة مجيدة في عطائها الثقافي، حصدت خلالها المركز الأول في جائزة «السلطان قابوس للعمل التطوعي» على مستوى المؤسسات، في دورتها الثانية عام 2012م. وتوّجت مسيرتها بشرف زيارة مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق أعزه الله عام 2014م، ورعاية أحد أنشطتها، فمدها بروح منه للاستمرار في العطاء ومواصلة النماء.
عام 2021م.. أكملت المكتبة يوبيلها الفضي، وقد نشرتُ بهذه المناسبة في جريدة «عمان» مقالاً بعنوان «مكتبة الندوة العامة.. في يوبيلها الفضي» بتاريخ: 15/ 3/ 2021م، جاء فيه: (10 مارس.. من كل عام؛ خصصته المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم «الألسكو» يوماً للمكتبات العربية، وقد قررنا في مكتبة الندوة العامة ببَهلا أن نحتفي به هذا العام بالإعلان عن احتفالنا بيوبيلها الفضي، وفي نيتنا أن يكون حفلاً بهيجاً نجتمع فيه بمحبي الثقافة وداعمي المكتبة وروادها من الولاية وخارجها، ليفرحوا معنا بالمنجز المعرفي الذي تحقق خلال ربع قرن، لكن اجتياح كورونا كوفيد- 19 العالم قد يفوّت علينا هذا اليوم المشهود، ولله أقداره).
لقد منَّ الله على خلقه بارتفاع الجائحة، والقلب لا يزال متطلعاً لهذا الاحتفال، لكن حدثاً نوعياً أحدث تحولاً في مؤسستنا العريقة، وهو إعلانها رسميا باسم «مركز الندوة الثقافي الأهلي»، فقررنا في مجلس المؤسسين أن نشهره عمليا عبر إحدى أهم منصات الثقافة في سلطنة عمان، بالمشاركة بركن له في «معرض مسقط الدولي للكتاب» في دورته الحالية.
إن أي عمل ثقافي لا ينجح إلا إذا أصبح لُحْمَة اجتماعية، سداها عناصر المجتمع بمختلف توجهاته الفكرية، ولذا؛ نحرص في المركز بأن يكون ممثِلاً للمجتمع، ومتكاملاً مع مؤسسات الدولة، وحلقة وصل بين تليد الماضي وآفاق المستقبل، فيكون بحق نسيجاً قشيباً بالعطاء الثقافي، الذي لا يفرّط في المكتسبات، ولا يتوانى عن تحقيق المنجزات، وأن يتحقق ذلك بيد أبناء المجتمع؛ كل واحد يخدم الثقافة من موقعه، وبالإمكانات التي يستطيعها.
قبل تسجيل المركز.. وعينا احتياجات المستقبل من العمل الثقافي والبناء المعرفي، واستوفينا رؤيته، ووضعنا هيكلة المركز واختصاصاته، بحيث لا تنسى المنجزات الكبيرة للمكتبة، ولا تجمد عندها، فكانت الفكرة أن تبقى الأقسام ونسعى في تطويرها؛ رؤيةً وعملاً. ومن أهم القرارات التي اتخذها المؤسسون؛ شمول الرؤية في الإدارة، وتوسعة العمل في الأقسام.
31 أكتوبر 2022م.. تاريخ تسجيل «مركز الندوة الثقافي الأهلي» بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، تاريخٌ.. لا يعني البدء من الصفر، وإنما هو بناء طموح على بناء باذخ، إنه لحظة غامرة بفرح الإنجاز، بعد جهود كبيرة في المرحلة الماضية، تخللها كثير من النجاح والتحدي، وهو كذلك؛ استئناف للعمل بهمة أعلى وجهد أكبر، ولذا؛ ستخضع أعمال المركز وأقسامه لاستراتيجية تتواكب مع «رؤية عمان 2040»، بالتجديد فيها، وقد يستلزم إنشاء أقسام جديدة.
فـ«غرفة بَهلا».. كانت تقصر بحوثها على الولاية، فأصبحت تهتم بكل التأريخ العماني؛ حضارةً وثقافةً، باسم «سبلة بَهلا». و«ركن السلطان قابوس».. المخصص لدراسة شخصية السلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه، وما يتعلق بسياسته للدولة العمانية، توسعت اختصاصاته لتشمل الدراسات والبحوث المتعلقة بعموم الدولة الحديثة في السلطنة. وأما «المكتبة الإباضية».. المعنية بتوفير المواد العلمية المتعلقة بـ«المدرسة الإباضية»؛ وهذا اسمها الجديد، فستوفر المواد العلمية عن الفكر الإسلامي في عمان بمختلف توجهاته. تتوسع «غرفة الطفل» لتكون بيئة حاضنة معرفياً ونفسياً للطفل والأسرة، وتركز على التنشئة الإبداعية، مع مختبر تطبيقي لتأهيل الأطفال على العلوم المستقبلية. أعمال «مركز الندوة للترجمة».. ستدمج في هيكلة المركز الثقافي، ليحقق رؤية واحدة متكاملة مع سائر الأقسام، وأول خطوة في ذلك؛ تغيير اسمه إلى «بيت اللغة والترجمة». سيوحّد البيت منافذه الرقمية ونوافذ تواصله الاجتماعية مع البنية العامة للمركز، مع وضع خطة سنوية طموحة لبرامجه؛ تشمل التواصل والتعاون مع مؤسسات الترجمة النظيرة، داخل السلطنة وخارجها؛ وفقاً للأنظمة المعمول بها في البلاد.
إن توسيع العمل المعرفي والثقافي للمركز، يقتضي إعادة بناء مقره، فسعى مجلس المؤسسين لوضع خارطة له، تستوعب طموحه حتى عام 2040م على الأقل، يشمل المبنى الجديد قاعتين كبريين لمكتبته، ومدرجاً للندوات والأنشطة المختلفة، يستوعب مع ملحقاته حوالي ألف شخص، وقاعة لاستقبال الضيوف، وأخرى للخدمة، ومصلى للرجال وآخر للنساء. ويحتوي المبنى كذلك على قاعة لتصنيف الكتب، واستوديو لإعداد البرامج السمعية والمرئية التي تخدم العملية الثقافية، ومكاتب لأقسام المركز، ويأمل المركز أن يقيم معارض للمواد الثقافية والمعرفية مصاحبة للمناشط التي ينفذها، كما أنه يفكر بإنشاء معرض دائم عن الحضارة العمانية، كل ذلك؛ وضعت الخارطة حسابها لإقامته، وقد أسند المؤسسون تصميمها إلى مكتب استشاري متميز في تصميم الخرائط، بحيث تراعي الخارطة المهام المنوطة بالمركز، وجماليات المعمار الحديث.
أدرك مؤسسو المركز أهمية لسان العصر الذي يوصل رسالته، فأنشأوا قسما لتطوير المحتوى الإعلامي المعاصر، وأسندوا تكوين ملفه الرقمي إلى مختص في المكتبات وإعداد بنيتها الرقمية، لكي يقوم ببناء الملف وتفعليه عمليا؛ ليتمكن المركز من عرض مناشطه وأعماله أولا بأول، عبر النوافذ الاجتماعية، وسوف يدرب مجموعة من الشباب لإدارة هذا الملف، فيتولون القسم الإعلامي باسم «البرزة»، وهو اسم مقتبس من البرزة العمانية؛ أي مجلس الحاكم، فهو يجمع بين عبق التاريخ وفاعلية الحاضر وأمل المستقبل.
نعلم أن مسيرة البناء الحضاري ليست سهلة، وإنما تقتضي وضوح الرؤية وإدراك التحولات، وإن من أهم الأمور في ذلك، وأصعبها كذلك، استشراف المستقبل واحتياجاته، فنحن مؤسسي المكتبة قبل ربع قرن أدركنا بأننا نعمل لزماننا، ونحمد الله على ما أنجزناه، وندرك الآن بأن المركز ينبغي أن يعمل للجيل القادم، ولذا؛ أعددنا جيلاً من أبناء المجتمع، ليحمل راية الثقافة في ولاية بَهلا، وقد أشركناهم في وضع الرؤية المستقبلية للمركز، بما في ذلك أخذ رأيهم في تصميم الخارطة، ولم تغب المرأة عن بالنا فأشركناها في مسيرة المكتبة، وهي حاضرة في مسيرة المركز، وعضوة نشطة في إدارة كل قسم منه.
وإذ إن المجتمع هو الحاضن للثقافة، وبسواعد أبنائه قامت المكتبة، وبهممهم يواصل المركز القيام بدوره، فلا يسعني إلا أن أشكرهم، وأزجي الشكر عاطرا لكل مَن مد بيدي السخاء والعون لهذه المسيرة الثقافية العظيمة. وأرفع آيات الشكر والولاء لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق أدام الله مجده على رعايته الكريمة للعمل الثقافي بالسلطنة، وعلى وقوفه المباشر على مسيرة المركز منذ أن كان مكتبة، سائلاً الله أن يعينه على كل خير، وأن ترفرف راية عمان بقيادته الحكيمة خفاقة باليمن والازدهار.
ختاماً.. يسرني أن أدعو القارئ الكريم إلى زيارة المركز في ولاية بَهلا، وأن يزور هذه الأيام ركنه في معرض الكتاب، ليرى ما أنجزه الشباب، ويتبادل معهم الشأن الثقافي المشترك.
مكتبة الندوة.. افتتحت عام 1996م بمناسبة العيد الوطني السادس والعشرين المجيد، وقطعت مسيرة مجيدة في عطائها الثقافي، حصدت خلالها المركز الأول في جائزة «السلطان قابوس للعمل التطوعي» على مستوى المؤسسات، في دورتها الثانية عام 2012م. وتوّجت مسيرتها بشرف زيارة مولانا جلالة السلطان هيثم بن طارق أعزه الله عام 2014م، ورعاية أحد أنشطتها، فمدها بروح منه للاستمرار في العطاء ومواصلة النماء.
عام 2021م.. أكملت المكتبة يوبيلها الفضي، وقد نشرتُ بهذه المناسبة في جريدة «عمان» مقالاً بعنوان «مكتبة الندوة العامة.. في يوبيلها الفضي» بتاريخ: 15/ 3/ 2021م، جاء فيه: (10 مارس.. من كل عام؛ خصصته المنظمة العربية للثقافة والتربية والعلوم «الألسكو» يوماً للمكتبات العربية، وقد قررنا في مكتبة الندوة العامة ببَهلا أن نحتفي به هذا العام بالإعلان عن احتفالنا بيوبيلها الفضي، وفي نيتنا أن يكون حفلاً بهيجاً نجتمع فيه بمحبي الثقافة وداعمي المكتبة وروادها من الولاية وخارجها، ليفرحوا معنا بالمنجز المعرفي الذي تحقق خلال ربع قرن، لكن اجتياح كورونا كوفيد- 19 العالم قد يفوّت علينا هذا اليوم المشهود، ولله أقداره).
لقد منَّ الله على خلقه بارتفاع الجائحة، والقلب لا يزال متطلعاً لهذا الاحتفال، لكن حدثاً نوعياً أحدث تحولاً في مؤسستنا العريقة، وهو إعلانها رسميا باسم «مركز الندوة الثقافي الأهلي»، فقررنا في مجلس المؤسسين أن نشهره عمليا عبر إحدى أهم منصات الثقافة في سلطنة عمان، بالمشاركة بركن له في «معرض مسقط الدولي للكتاب» في دورته الحالية.
إن أي عمل ثقافي لا ينجح إلا إذا أصبح لُحْمَة اجتماعية، سداها عناصر المجتمع بمختلف توجهاته الفكرية، ولذا؛ نحرص في المركز بأن يكون ممثِلاً للمجتمع، ومتكاملاً مع مؤسسات الدولة، وحلقة وصل بين تليد الماضي وآفاق المستقبل، فيكون بحق نسيجاً قشيباً بالعطاء الثقافي، الذي لا يفرّط في المكتسبات، ولا يتوانى عن تحقيق المنجزات، وأن يتحقق ذلك بيد أبناء المجتمع؛ كل واحد يخدم الثقافة من موقعه، وبالإمكانات التي يستطيعها.
قبل تسجيل المركز.. وعينا احتياجات المستقبل من العمل الثقافي والبناء المعرفي، واستوفينا رؤيته، ووضعنا هيكلة المركز واختصاصاته، بحيث لا تنسى المنجزات الكبيرة للمكتبة، ولا تجمد عندها، فكانت الفكرة أن تبقى الأقسام ونسعى في تطويرها؛ رؤيةً وعملاً. ومن أهم القرارات التي اتخذها المؤسسون؛ شمول الرؤية في الإدارة، وتوسعة العمل في الأقسام.
31 أكتوبر 2022م.. تاريخ تسجيل «مركز الندوة الثقافي الأهلي» بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، تاريخٌ.. لا يعني البدء من الصفر، وإنما هو بناء طموح على بناء باذخ، إنه لحظة غامرة بفرح الإنجاز، بعد جهود كبيرة في المرحلة الماضية، تخللها كثير من النجاح والتحدي، وهو كذلك؛ استئناف للعمل بهمة أعلى وجهد أكبر، ولذا؛ ستخضع أعمال المركز وأقسامه لاستراتيجية تتواكب مع «رؤية عمان 2040»، بالتجديد فيها، وقد يستلزم إنشاء أقسام جديدة.
فـ«غرفة بَهلا».. كانت تقصر بحوثها على الولاية، فأصبحت تهتم بكل التأريخ العماني؛ حضارةً وثقافةً، باسم «سبلة بَهلا». و«ركن السلطان قابوس».. المخصص لدراسة شخصية السلطان قابوس بن سعيد طيّب الله ثراه، وما يتعلق بسياسته للدولة العمانية، توسعت اختصاصاته لتشمل الدراسات والبحوث المتعلقة بعموم الدولة الحديثة في السلطنة. وأما «المكتبة الإباضية».. المعنية بتوفير المواد العلمية المتعلقة بـ«المدرسة الإباضية»؛ وهذا اسمها الجديد، فستوفر المواد العلمية عن الفكر الإسلامي في عمان بمختلف توجهاته. تتوسع «غرفة الطفل» لتكون بيئة حاضنة معرفياً ونفسياً للطفل والأسرة، وتركز على التنشئة الإبداعية، مع مختبر تطبيقي لتأهيل الأطفال على العلوم المستقبلية. أعمال «مركز الندوة للترجمة».. ستدمج في هيكلة المركز الثقافي، ليحقق رؤية واحدة متكاملة مع سائر الأقسام، وأول خطوة في ذلك؛ تغيير اسمه إلى «بيت اللغة والترجمة». سيوحّد البيت منافذه الرقمية ونوافذ تواصله الاجتماعية مع البنية العامة للمركز، مع وضع خطة سنوية طموحة لبرامجه؛ تشمل التواصل والتعاون مع مؤسسات الترجمة النظيرة، داخل السلطنة وخارجها؛ وفقاً للأنظمة المعمول بها في البلاد.
إن توسيع العمل المعرفي والثقافي للمركز، يقتضي إعادة بناء مقره، فسعى مجلس المؤسسين لوضع خارطة له، تستوعب طموحه حتى عام 2040م على الأقل، يشمل المبنى الجديد قاعتين كبريين لمكتبته، ومدرجاً للندوات والأنشطة المختلفة، يستوعب مع ملحقاته حوالي ألف شخص، وقاعة لاستقبال الضيوف، وأخرى للخدمة، ومصلى للرجال وآخر للنساء. ويحتوي المبنى كذلك على قاعة لتصنيف الكتب، واستوديو لإعداد البرامج السمعية والمرئية التي تخدم العملية الثقافية، ومكاتب لأقسام المركز، ويأمل المركز أن يقيم معارض للمواد الثقافية والمعرفية مصاحبة للمناشط التي ينفذها، كما أنه يفكر بإنشاء معرض دائم عن الحضارة العمانية، كل ذلك؛ وضعت الخارطة حسابها لإقامته، وقد أسند المؤسسون تصميمها إلى مكتب استشاري متميز في تصميم الخرائط، بحيث تراعي الخارطة المهام المنوطة بالمركز، وجماليات المعمار الحديث.
أدرك مؤسسو المركز أهمية لسان العصر الذي يوصل رسالته، فأنشأوا قسما لتطوير المحتوى الإعلامي المعاصر، وأسندوا تكوين ملفه الرقمي إلى مختص في المكتبات وإعداد بنيتها الرقمية، لكي يقوم ببناء الملف وتفعليه عمليا؛ ليتمكن المركز من عرض مناشطه وأعماله أولا بأول، عبر النوافذ الاجتماعية، وسوف يدرب مجموعة من الشباب لإدارة هذا الملف، فيتولون القسم الإعلامي باسم «البرزة»، وهو اسم مقتبس من البرزة العمانية؛ أي مجلس الحاكم، فهو يجمع بين عبق التاريخ وفاعلية الحاضر وأمل المستقبل.
نعلم أن مسيرة البناء الحضاري ليست سهلة، وإنما تقتضي وضوح الرؤية وإدراك التحولات، وإن من أهم الأمور في ذلك، وأصعبها كذلك، استشراف المستقبل واحتياجاته، فنحن مؤسسي المكتبة قبل ربع قرن أدركنا بأننا نعمل لزماننا، ونحمد الله على ما أنجزناه، وندرك الآن بأن المركز ينبغي أن يعمل للجيل القادم، ولذا؛ أعددنا جيلاً من أبناء المجتمع، ليحمل راية الثقافة في ولاية بَهلا، وقد أشركناهم في وضع الرؤية المستقبلية للمركز، بما في ذلك أخذ رأيهم في تصميم الخارطة، ولم تغب المرأة عن بالنا فأشركناها في مسيرة المكتبة، وهي حاضرة في مسيرة المركز، وعضوة نشطة في إدارة كل قسم منه.
وإذ إن المجتمع هو الحاضن للثقافة، وبسواعد أبنائه قامت المكتبة، وبهممهم يواصل المركز القيام بدوره، فلا يسعني إلا أن أشكرهم، وأزجي الشكر عاطرا لكل مَن مد بيدي السخاء والعون لهذه المسيرة الثقافية العظيمة. وأرفع آيات الشكر والولاء لمولانا حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق أدام الله مجده على رعايته الكريمة للعمل الثقافي بالسلطنة، وعلى وقوفه المباشر على مسيرة المركز منذ أن كان مكتبة، سائلاً الله أن يعينه على كل خير، وأن ترفرف راية عمان بقيادته الحكيمة خفاقة باليمن والازدهار.
ختاماً.. يسرني أن أدعو القارئ الكريم إلى زيارة المركز في ولاية بَهلا، وأن يزور هذه الأيام ركنه في معرض الكتاب، ليرى ما أنجزه الشباب، ويتبادل معهم الشأن الثقافي المشترك.