رأي عُمان

هل نستطيع رصد موعد حدوث الزلازل؟

 
منذ سنوات كان علماء الجيولوجيا يتحدثون عن زلزال مدمر سيقع في تركيا، يطلق عليه العلماء «زلزال إسطنبول الكبير»، وزاد الحديث عن هذا الزلزال المتوقع بعد الزلزال الكبير الذي تعرضت له تركيا في 12 نوفمبر من عام 1999 وجعلها تعيش لحظات رعب لا تنسى.

وأمس استيقظت تركيا على رعب آخر أشد من رعب نوفمبر 1999 حين وقع الزلزال الكبير في قضاء بازارجيق بولاية قهرمان مرعش جنوبي تركيا، وشمال سوريا الذي خلّف آلاف الضحايا في البلدين وعشرات الآلاف من المصابين ودمّر آلاف المباني والشوارع والمنازل، ولا أحد يعلم حتى الآن يقينًا هل هو «الزلزال الكبير» المنتظر أو هو زلزال آخر؟ وتركيا تقع ضمن أخطر أحزمة الزلازل في العالم فوق «صدع شرق الأناضول» المعروف. وسواء كان الزلزال الذي حدث أمس هو الذي كان العلماء يتحدثون عنه أم لا، فإن حديثهم لم يكن من باب «الرجم بالغيب» ولكنه مبني على بحوث ودراسات علمية متخصصة في حركة صفائح الأرض وحركة الصدوع البركانية، وهذه الدراسات هي التي تستحق أن يستثمر فيها العالم أجمع ولا بأس أن تصرف عليها مليارات الدولارات بالنظر إلى حجم الخسائر البشرية والخسائر المادية التي تسببها الزلازل كل عام في مناطق واسعة من العالم.

وحتى قبل عقد من الزمن أو أقل لم يكن لدى العلماء يقين تام بأن إمكانية التنبؤ بالزلازل ممكنة، لكنهم يتوقعون حدوث زلازل في مناطق محددة دون القدرة على تحديد الزمن حتى لو وصل التحديد إلى عدد من السنوات، وعمليًا ما زال هذا اليقين مستمرًا إلا أن بعض الدراسات، رغم الحذر، تبشّر بأن هذا الأمر بات ممكنًا ولو كان تحديد المساحة الزمنية ليس بالدقة الكبيرة.

وقبل فترة أعلن باحثون من جامعة كامبريدج البريطانية ومن المختبر الأمريكي في لوس ألاموس، عن تقنية حديثة يمكن أن تسهم في إحداث ثورة كبرى في عالم التنبؤ بحدوث الزلازل تعتمد على فرع من فروع تقنية «الذكاء الاصطناعي» وهو فرع تقنية «تعلم الآلة».

وتعمل هذه التقنية عبر تصميم خوارزميات تمكن أجهزة الحاسوب من تحليل الموجات الصوتية الناتجة عن حركة الصفائح الأرضية وتمكينها لاحقًا من التنبؤ بحدوث الزلازل عبر إجراء محاكاة في المختبرات.

وتستطيع التقنية كما يقول العلماء تحديد الوقت المتبقي للحظة حدوث الزلزال مع هامش خطأ لا يتجاوز 10% يتقلص لاحقًا مع قرب حدوث اللحظة الحاسمة إلى 2.5%.

وهذا الإنجاز يمكن أن ينقذ حياة عشرات الآلاف من الناس الذين يذهبون سنويًا جراء حدوث الزلازل، وما كان في حكم المستحيل قبل عقود بسيطة يمكن أن يتحقق بفضل الذكاء الاصطناعي في القريب العاجل.