أعمدة

بشفافية :الثوابت العمانية.. خط أحمر

 
قد تختلف وجهات النظر في أوساط المجتمع العماني حول جوانب ومفاهيم عديدة، وهذه ظاهرة صحية، ولكن المجتمع ذاته يلتقي في محبة عمان والإخلاص لها والفداء عنها، لذلك كانت عمان وما يمسها خطا أحمر عند كل عماني، فنجد وقفة المجتمع الجادة والصادقة، تجاه أي أحد يحاول تجاوز الخطوط الحمراء، أو المساس بالثوابت العمانية العريقة المستمدة من العروبة وتعاليم الدين الحنيف، وتاريخ عريق ممتد آلاف السنين، مر فيها المجتمع العماني بالعديد من التجارب بين بطولات ومحن وحروب وأوبئة ومحافل تاريخية سجلت له شهادات من الكفاح والانتصار، ولم تغيره المحن ونوائب الدهر، بل زادته لحمة وثباتا وإخلاصا تجاه وطنه وقيادته وترابه الطاهر.

وعندما يأتي الحديث عن سمعة عمان هنا يأتي المعنى بمفهومه الذي يحمل أبعادا ومساقات كثيرة، تتمثل في كل ما يرمز لعمان، بداية من الإنسان والأرض ووصولا إلى الإرث والعراقة والتاريخ والعادات والتقاليد والسمت العماني الأصيل، وكل من يروج ما يمس هذه المنظومة المجتمعية العمانية المتكاملة ذات الأبعاد التاريخية والإنسانية يكون قد حاول المساس بما لا يمكن التفريط فيه أو التغاضي عنه، والذي يدفع بنا كمجتمع إلى التصدي له ووقفه عن التمادي.

وعلى الرغم من المحاولات الفاشلة التي ظهرت في الفترة الماضية وأثارت حفيظة المجتمع ومخاوفه من تزايد وقوع جرائم القتل في أوساط المجتمع العماني، والترويج على أن جرائم القتل أصبحت (ظاهرة) وسط المجتمع، وجاءت المؤشرات من مصادرها الرسمية لتثبت أن جرائم القتل لم تتجاوز معدلها خلال عامي 2021 و 2022م؛ لتظل عند 13 حالة، وعلى الرغم من أن الإنسان يتمنى أن لا تقع قضية قتل واحدة، إلا أن هذا المعدل يؤكد أن الجرائم لم تصل إلى المستوى الذي وصفت به وروجت له بعض الحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي.

لذلك ولغيرها من الأسباب، على المجتمع أن يعي خطورة ما تبثه هذه الوسائل من مغالطات بعيدة عن الحقائق، كما أنها تثبت من جديد على أن ثمة مساعي لدى بعض الحسابات والمواقع الإلكترونية هدفها الأول الإساءة للمجتمع، وإثارة الذعر في أوساطه، والوصول به إلى تغيير ثقته وشعوره بالاستقرار والأمان الذي يعيش فيه، وقد يسعى البعض من المغرضين إلى أبعد من ذلك عبر إيصال صورة غير حقيقية لواقع الحياة الآمنة والمستقرة في وطننا العزيز، الذي ظل الأمن والأمان ولا يزال واحدا من بين أهم منجزاته التي يشهد عليها العالم.

وفي المؤتمر السنوي للادعاء العام جاءت المؤشرات إيجابية في ما يخص إنجاز القضايا ومعدل الجرائم، ما يؤكد على أن المجتمع العماني وكل من يعيش على هذا الوطن العزيز ينعم بعدالة ناجزة، تحت مظلة عدلية ومنظومة قضاء مستقلة تحكم بالعدل بين الناس، وتضمن أهم حقوق الإنسان وهو ميزان العدالة.

إن الوضع السائد بمواقع التواصل الاجتماعي، يصدر في أولوياته الجوانب السلبية وهذا المفهوم من الضرورة الانتباه إليه، حيث أصبح من يريد الشهرة يحوم بين أمرين، أولهما الظهور بمظهر غير محتشم بالسب والقذف والتشكيك في المنجزات والجهود الوطنية، أو كيل من التهم لمؤسسات رسمية أو شخوص فيها، فتتصدر هذه المحتويات وسائل التواصل الرقمية، ويتم تداولها على نطاق واسع، لتظهر الجانب السلبي وتغطي على الجوانب الإيجابية، حتى يصل المتلقي إلى نوع من القناعة بأن كل ما يحيط به سلبيا، وهذا الأمر بحد ذاته يزرع في النفوس الإحباط والسوداوية تجاه الحياة وما يحيط به، من هنا تكمن خطورة المحتويات السامة التي يبثها أصحابها بقصد الإساءة أو بقصد الشهرة، ولكنها في النهاية تصب في دائرة زرع النمط السوداوي المحبط والهادم للطموح والبناء.

لذلك على المجتمع أن يقف سدا منيعا لكل المحاولات التي تقلل من شأنه أو تمس بجهود المؤسسات وعملها من أجل الوطن، والنظر بإيجابيه وتفاؤل تجاه مستقبل عمان، والتشمير عن سواعد الجد من أجل البناء بإخلاص وبنظرة أكثر تفاؤلا بالمستقبل.