أفكار وآراء

قيادة حكيمة ورؤى سديدة

تابعنا خلال الأيام الماضية الأصداء الإيجابية إثر نشر تفاصيل ملخص تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة لعام 2021م للمجتمع في وسائل الإعلام والتواصل المختلفة الذي يعد أول تقرير للجهاز ضمن رؤية عُمان التي ترتكز على ثلاثة محاور أساسية وهي: الإنسان والمجتمع، والاقتصاد والتنمية، والحوكمة والأداء المؤسسي؛ إذ حظيت التفاصيل الواردة في التقرير بتفاعل واسع من مختلف شرائح المجتمع في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيق المراسلة الفورية «واتسآب» تمثّل في تداول بعض المخالفات المرصودة في بعض الجهات والشركات الحكومية إضافة إلى ‏تحصيل واسترداد نحو 44 مليون ريال وتحقيق وفورات مالية بنحو 33 مليون ريال نتيجة لتعديل بعض العقود والاتفاقيات، فبالرغم من استغراب البعض من نوعية المخالفات المرصودة وطرق الوقوع فيها إلا أن الجمهور استبشر خيرا أن جهاز الرقابة المالية والإدارية بالتعاون مع الجهات المعنية كانوا بالمرصاد للسلوكيات غير المسؤولة التي أدت إلى ارتكاب مثل هذا النوع من المخالفات، ونحن على ثقة تامة أن الجهاز وبتكاتف جهود المسؤولين الحكوميين لن يسمح بتكرارها وسيضرب بيد من حديد لكل من يتجرأ على المال العام أو يحيد عن الحفاظ على الأمانة التي لطالما كانت سببا في صلاح المجتمع وأفراده، ويأتي نشر تفاصيل التقرير ضمن الجهود الكبيرة والمقدّرة التي تبذلها الحكومة لتحقيق مبادئ النزاهة وحماية المال العام وتجنب تضارب المصالح التي يؤكد عليها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- دائما في خطاباته السامية منذ توليه مقاليد الحكم في البلاد؛ إذ نستذكر خطاب جلالته -أعزه الله- السامي بتاريخ 23 فبراير 2023م «لتحقيق أهدافنا المستقبلية فإننا عازمون على اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين وآليات وبرامج العمل وإعلاء قيمه ومبادئه وتبني أحدث أساليبه، وتبسيط الإجراءات وحوكمة الأداء والنزاهة والمساءلة والمحاسبة؛ لضمان المواءمة الكاملة والانسجام التام مع متطلبات رؤيتنا وأهدافها»، فالعمل الجاد ونهج الشفافية والوضوح مع المجتمع يمثّل نقلة نوعية في مواجهة القصور المالي والإداري والقضاء عليه ويجسّد مبادئ النزاهة والمساءلة والمحاسبة التي كانت مطلبا مجتمعيا لردع كل من يحيد عن تنفيذ مسؤولياته الوظيفية بأمانة وإخلاص.

إن ما ورد في تفاصيل ملخص جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة للمجتمع خاصة فيما يتعلق بالمخالفات المرصودة يشير إلى عزم الحكومة للقضاء على كافة أنواع القصور في الأداء الحكومي ولن يتحقق ذلك إلا بتكاتف مختلف الجهود لتضييق الثغرات على كل موظف ومسؤول حكومي تسول له نفسه الإضرار بسمعة الحكومة والدولة عموما، خاصة أن أداء الحكومة يشهد نقلة نوعية في مستوى التطوّر والتحسن منذ سنوات بفضل القيادة الحكيمة والسديدة لجلالة السلطان المعظم -حفظه الله- وبجهود المخلصين من أبناء عُمان الأوفياء، فما يميز التقرير أنه لم يكتف برصد الملاحظات والخلل بل أوضح الحلول لتساعد على تصحيح الأوضاع وعدم تكرارها؛ إذ تعامل الجهاز مع 101 قضية إدانة ما بين تزوير ورشوة وتبديد للمال العام واستغلال للمنصب والإخلال في أداء الواجب الوظيفي وإساءة استعمال الوظيفة مما يعزز مبدأ النزاهة والشفافية في تلك القضايا إضافة إلى التعامل مع الشكاوى والبلاغات التي بلغت 505 خلال عام 2021م الواردة إليه، أما عدد المهام التي قام بها الجهاز خلال عام 2020 في رقابة الأداء والمطابقة والالتزام فقد بلغ 192 مهمة في عام 2021 مقارنة مع 156 في 2020 إضافة إلى تعامل الجهاز مع القضايا التي رصدت بمعدل 31 قضية تمت إحالتها للادعاء العام، و17 قضية قيد الإجراءات و53 قضية للأعوام السابقة مما يؤكد جدية جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة أنه سيقف سدا منيعا لكل من تسول له نفسه العبث بممتلكات الدولة ومقدراتها، أو من يحاول الاستفادة من منصبه لتحقيق مآرب شخصية على حساب الوطن والمواطن؛ فالوطن أمانة وينبغي علينا جميعا أن نعلي شأن الوطن سواء كنا أفرادا أو موظفين عبر الإبلاغ عن أي تجاوزات مالية أو قصور في الأداء الحكومي لتوفير الأمن والاستقرار وتحقيق الرفاهية للمواطنين، فاليوم ولله الحمد ننعم بفضل الله سبحانه وتعالى بقيادة حكيمة ورؤى سديدة من لدن جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- التي ترسّخ مبادئ العدل والنزاهة والشفافية، فلا أحد فوق القانون والكل مطالب بالارتقاء بمصلحة الوطن وإعلاء شأنه.

مولاي جلالة السلطان المعظم -حفظكم الله ورعاكم- شكرا لكم على توجيهاتكم الحكيمة ورؤاكم السديدة في الكشف عن المخالفات المرصودة وأسبابها ودوافعها في وسائل الإعلام المختلفة، فتوجيهاتكم تثبت عزمكم المتواصل للقضاء على كافة أنواع القصور المالي والإداري منذ تسلمكم مقاليد الحكم في البلاد؛ الأمر الذي يبعث الطمأنينة في نفوس المواطنين وأنه لا مجال للمقصرين والعابثين بالمال العام ولا مكان لهم بيننا فصفات الصدق والأمانة من الصفات التي يجب أن يتحلى بها المسلم قبل أن يكون موظفا حكوميا، ونحن المواطنين جميعا نعاهدكم على المساعدة في القضاء على كافة أنواع القصور في مختلف الأماكن والمواقع عبر الإبلاغ عن التجاوزات المالية والإدارية التي لن يألو جهدا جهازكم الأمين في أن يقف سدا منيعا في وجه كل عابث ومقصّر، ويحق لنا أن نفخر جميعا بما يقوم به جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة من جهود كبيرة للتعامل مع ما من شأنه الحياد عن مبادئ الرقابة والمحاسبة والنزاهة وردع كل من تسوّل له نفسه الإضرار بالمال العام أو سمعة جهة عمله عبر استغلال منصبه لمنفعة شخصية.