في فهم الطبيعة المتغيرة للمشاركة المجتمعية
السبت / 5 / رجب / 1444 هـ - 19:39 - السبت 28 يناير 2023 19:39
'المشاركة المجتمعية' بوصفها أداة ممكنة من أدوات التخطيط التشاركي تحظى بتطورات وتحديث في نهجها وفهمها وطرائق تطبيقها، هذه التطورات هي في حقيقتها انعكاس لتغير طبيعة المجتمعات من ناحية (تطلعاتها/ احتياجاتها/ تركيبتها/ القوى المؤثرة فيها/ قادة الرأي العام فيها)، ومن ناحية أخرى هي انعكاس لضرورة تصميم أدوات تتوافق مع ما يُعرف بالتحيزات الإدراكية (المعرفية) التي توفرها لنا علوم السلوك والمجالات البحثية المنبثقة، عنها لا سيما الاقتصاد السلوكي. تركز المؤسسات العاملة في مجالات تتلامس مع الجمهور (العملاء) وخصوصًا الشرائح الواسعة على إيجاد أقسام/ وحدات متخصصة في تصميم 'المشاركة المجتمعية'، لا يقتصر دورها فقط على وضع الاستطلاعات العامة أو الاستبانات الراصدة لمدى رضا المستفيد حول جودة الخدمات، وإنما يتجاوز ذلك لبناء الفهم العام حول الطبيعة المتغيرة للمجتمع، ورصد الاتجاهات الناشئة فيه. وفي بعض المؤسسات ذات البعد التجاري بدأ يظهر مصطلح 'مجتمع العملاء'، في دلالة على قدرة هذه المؤسسات على تشخيص كل الأبعاد الثقافية والاجتماعية والتجارية المرتبطة بعملائها وطبيعتهم وسلوكهم وتغيرات اتجاهاتهم.
وبالتركيز على إدماج مبادئ 'المشاركة المجتمعية' في نموذج عمل الحكومات، سنجد أن عنصر التشاركية هو السمة الرئيسية التي تتفق عليها كل الأدبيات المرتبطة بـ 'حكومات المستقبل'. في دراسة تشخيصية أجرتها Grenoble Partners المختصة في المعرفة وحكومات المستقبل والأسواق، أكدت الدراسة أن قدرة الحكومات على الوفاء بمواكبة المستقبل متصل بقدرتها على 'تقديم خدمات فعالة وشخصية لمواطنيها، وانفتاحها على زيادة الثقة وزيادة مشاركة وإتاحة البيانات، ونهجها التشاركي في وضع السياسات لزيادة ملكية المواطنين'. وتتجسد أهمية 'المشاركة المجتمعية' في إدراك الأفراد 'عينة المشاركة' بطبيعة الإمكانات/ القدرات/ الموارد المتاحة للعملية التنموية، وفهمهم للمقاصد التنموية الأساسية وموجهات بناء تلك المقاصد، وفي إيجاد رؤية مستقلة لتقييم الوضع التنموي من وجهة نظر الأفراد المشاركين، وفي ملامسة الحاجات القصوى لكافة الفئات/ الشرائح المجتمعية على حد سواء (المشاركة غير النخبوية)، بالإضافة إلى أهميتها في تخصيص الموارد على النحو الأمثل الذي يسهم في التغيير المجتمعي المنشود. ونحن نعتقد أن التحول الراهن في إطار النموذج التنموي لسلطنة عُمان نحو مزيد من تمكين المحافظات وضمان اللامركزية الإدارية والاقتصادية لها من الممكن أن يؤسس لمساحة (أكثر ابتكارًا) في سياق أدوات المشاركة المجتمعية. هذا الأمر يحكم نجاحه عاملين مهمين في تقديرنا: التجديد في أدوات المشاركة والانفتاح على أدوات جديدة، والأمر الآخر هو تمكين الرصد/ البحث/ الفهم المجتمعي للطبيعة المتغيرة لمجتمع المحافظة والاتجاهات العامة السائدة والصاعدة فيها.
بقراءة نظام المحافظات 36/2022 سنجد أن هناك ستة مجالات يمكن أن تكون (مجالات مرحلية) لتمكين 'المشاركة المجتمعية' في المحافظات خلال المرحلة الراهنة وهي:
- المشاركة المجتمعية في اقتراح آليات استثمار موارد المحافظة.
- المشاركة المجتمعية إيجاد أفكار لطريقة استثمار مقومات المحافظة.
- المشاركة المجتمعية في تقييم وتجويد الخدمات العامة.
- المشاركة المجتمعية في تحديد أولويات واحتياجات التنمية المحلية في المحافظة.
- المشاركة المجتمعية في صياغة استراتيجية المحافظة.
- المشاركة المجتمعية في مبادرات حماية التوازن البيئي الطبيعي.
يتم الحديث اليوم عن أدوات مبتكرة لـ 'المشاركة المجتمعية'، مثل المختبرات المكثفة، أو تطبيقات / مواقع متخصصة يمكن من خلالها للأفراد التصويت على أولويات المشروعات التنموية، كما أوجدت بعض الدول في المدن المحلية تطبيقات تمكن الأفراد من الإبلاغ/ الاشعار عن المشكلات/ الاضرار / التعديات التي تلحق بالمرافق العامة، وتتيح للأفراد متابعة مسار البلاغات والتحقق من الإجراء المتخذ بشأن البلاغ. يمكن الحديث أيضًا عن مشاركة مجتمعات الخبراء داخل المحليات بتقديم دراسات حالة حول موضوعات محددة في السياق التنموي للمحافظة، إضافة الأدوات التي تحفز الفعل التنافسي مثل مسابقات تصميم مشروعات معينة أو اقتراح تصاميم لمبادرات تخدم المشهد التنموي في المحافظات.
ومن المهم الأخذ في الاعتبار طرائق تصميم استراتيجات 'المشاركة المجتمعية' وأدواتها، حيث تفيد العلوم السلوكية أن محتوى المشاركة المجتمعية الأكثر وصولًا إلى المجتمع ينبغي أن يراعي اعتبارات منها:
- الحمل المعرفي: بحيث لا يكون محتوى 'المشاركة المجتمعية' دسمًا أو يحتوي معلومات معقدة، أو يذهب لتفاصيل تخصصية (تقنية)، وإنما يتسق مع الطبيعة العامة للفئة التي يُقصد مشاركتها.
- الحوافز والتطبيقات الملموسة الأثر: يميل الأفراد دومًا إلى الثقة في 'المشاركة المجتمعية' حين تضمن أن يكون لمشاركتهم جهدًا ملموسًا، على سبيل المثال أن تتحول أفكارهم بشأن خدمة/ مرفق/ مبادرة/ قطاع معين إلى أمر باستطاعهم أن يرونه واقعًا بعد انتهاء عملية المشاركة.
- الترابط المجتمعي والأعراف: يجب أن تؤطر أدوات 'المشاركة المجتمعية' في سياق الترابط المجتمعي، يشعر الفرد على سبيل المثال بالحافز كلما ارتبط الجهد/ الأفكار/ المناقشات/ المبادرات التي يقدمها بالتأثير على مجموعته الاجتماعية. يمكن على سبيل المثال توجيه رسائل تنبيهية مفادها: 'إن مشاركتك في جلسة النقاش هذه من شأنها أن تقدم مبادرات لأكثر من 1000 شخص من حولك يعانون من المشكلة المحددة'.
- تبسيط عمليات 'المشاركة المجتمعية': لا يميل الأفراد عادة إلى الجلسات الرسمية وإلى الأطر التي تقتضي منهم عمليات تفكير معقدة ومركبة. كلما كانت طبيعة المخرجات المتوقعة من عمليات المشاركة (محددة – مقاسة – مباشرة) كلما كان الأفراد أكثر أريحية واتساعًا في أفكارهم ونقاشاتهم عبر أدوات 'المشاركة المجتمعية' المتاحة.
هناك العديد من الاعتبارت الأخرى التي تمدنا بها العلوم السلوكية في تصميم خيارات وأدوات 'المشاركة المجتمعية' ومن بينها قاعدة 'أن المجتمع يعلم الأفضل' وقاعدة 'تغيير السلوك والوضع الراهن أمر معقد' وقاعدة 'بناء الثقة عنصر أساسي'. وهذه الثلاث قواعد أكد عليها دليل المشاركة المجتمعية لاتحاد جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. وفي الحالة المحلية يمكن في إطار الجهود الراهنة لتمكين المحافظات اقتراح إطار وطني لـ 'لمشاركة المجتمعية المحلية'، بحيث يعنى هذا الدليل بتحويل مجالات 'المشاركة المجتمعية' التي أتاحها نظام المحافظات في شكل إجراءات وأدوات وخطط عمل تنفيذية تسترشد وتنطلق منها المحافظات في تصميم نهجها التشاركي مع المجتمع وتسترشد من خلالها بمحددات بناء الثقة مع الجمهور العام وآليات استدامة نهج المشاركة وخاصة فيما يتصل بوضع الخطط الاستراتيجية للمحافظات أو تجويد نوعية الخدمات العامة المقدمة من خلال المؤسسات العاملة فيها.
وبالتركيز على إدماج مبادئ 'المشاركة المجتمعية' في نموذج عمل الحكومات، سنجد أن عنصر التشاركية هو السمة الرئيسية التي تتفق عليها كل الأدبيات المرتبطة بـ 'حكومات المستقبل'. في دراسة تشخيصية أجرتها Grenoble Partners المختصة في المعرفة وحكومات المستقبل والأسواق، أكدت الدراسة أن قدرة الحكومات على الوفاء بمواكبة المستقبل متصل بقدرتها على 'تقديم خدمات فعالة وشخصية لمواطنيها، وانفتاحها على زيادة الثقة وزيادة مشاركة وإتاحة البيانات، ونهجها التشاركي في وضع السياسات لزيادة ملكية المواطنين'. وتتجسد أهمية 'المشاركة المجتمعية' في إدراك الأفراد 'عينة المشاركة' بطبيعة الإمكانات/ القدرات/ الموارد المتاحة للعملية التنموية، وفهمهم للمقاصد التنموية الأساسية وموجهات بناء تلك المقاصد، وفي إيجاد رؤية مستقلة لتقييم الوضع التنموي من وجهة نظر الأفراد المشاركين، وفي ملامسة الحاجات القصوى لكافة الفئات/ الشرائح المجتمعية على حد سواء (المشاركة غير النخبوية)، بالإضافة إلى أهميتها في تخصيص الموارد على النحو الأمثل الذي يسهم في التغيير المجتمعي المنشود. ونحن نعتقد أن التحول الراهن في إطار النموذج التنموي لسلطنة عُمان نحو مزيد من تمكين المحافظات وضمان اللامركزية الإدارية والاقتصادية لها من الممكن أن يؤسس لمساحة (أكثر ابتكارًا) في سياق أدوات المشاركة المجتمعية. هذا الأمر يحكم نجاحه عاملين مهمين في تقديرنا: التجديد في أدوات المشاركة والانفتاح على أدوات جديدة، والأمر الآخر هو تمكين الرصد/ البحث/ الفهم المجتمعي للطبيعة المتغيرة لمجتمع المحافظة والاتجاهات العامة السائدة والصاعدة فيها.
بقراءة نظام المحافظات 36/2022 سنجد أن هناك ستة مجالات يمكن أن تكون (مجالات مرحلية) لتمكين 'المشاركة المجتمعية' في المحافظات خلال المرحلة الراهنة وهي:
- المشاركة المجتمعية في اقتراح آليات استثمار موارد المحافظة.
- المشاركة المجتمعية إيجاد أفكار لطريقة استثمار مقومات المحافظة.
- المشاركة المجتمعية في تقييم وتجويد الخدمات العامة.
- المشاركة المجتمعية في تحديد أولويات واحتياجات التنمية المحلية في المحافظة.
- المشاركة المجتمعية في صياغة استراتيجية المحافظة.
- المشاركة المجتمعية في مبادرات حماية التوازن البيئي الطبيعي.
يتم الحديث اليوم عن أدوات مبتكرة لـ 'المشاركة المجتمعية'، مثل المختبرات المكثفة، أو تطبيقات / مواقع متخصصة يمكن من خلالها للأفراد التصويت على أولويات المشروعات التنموية، كما أوجدت بعض الدول في المدن المحلية تطبيقات تمكن الأفراد من الإبلاغ/ الاشعار عن المشكلات/ الاضرار / التعديات التي تلحق بالمرافق العامة، وتتيح للأفراد متابعة مسار البلاغات والتحقق من الإجراء المتخذ بشأن البلاغ. يمكن الحديث أيضًا عن مشاركة مجتمعات الخبراء داخل المحليات بتقديم دراسات حالة حول موضوعات محددة في السياق التنموي للمحافظة، إضافة الأدوات التي تحفز الفعل التنافسي مثل مسابقات تصميم مشروعات معينة أو اقتراح تصاميم لمبادرات تخدم المشهد التنموي في المحافظات.
ومن المهم الأخذ في الاعتبار طرائق تصميم استراتيجات 'المشاركة المجتمعية' وأدواتها، حيث تفيد العلوم السلوكية أن محتوى المشاركة المجتمعية الأكثر وصولًا إلى المجتمع ينبغي أن يراعي اعتبارات منها:
- الحمل المعرفي: بحيث لا يكون محتوى 'المشاركة المجتمعية' دسمًا أو يحتوي معلومات معقدة، أو يذهب لتفاصيل تخصصية (تقنية)، وإنما يتسق مع الطبيعة العامة للفئة التي يُقصد مشاركتها.
- الحوافز والتطبيقات الملموسة الأثر: يميل الأفراد دومًا إلى الثقة في 'المشاركة المجتمعية' حين تضمن أن يكون لمشاركتهم جهدًا ملموسًا، على سبيل المثال أن تتحول أفكارهم بشأن خدمة/ مرفق/ مبادرة/ قطاع معين إلى أمر باستطاعهم أن يرونه واقعًا بعد انتهاء عملية المشاركة.
- الترابط المجتمعي والأعراف: يجب أن تؤطر أدوات 'المشاركة المجتمعية' في سياق الترابط المجتمعي، يشعر الفرد على سبيل المثال بالحافز كلما ارتبط الجهد/ الأفكار/ المناقشات/ المبادرات التي يقدمها بالتأثير على مجموعته الاجتماعية. يمكن على سبيل المثال توجيه رسائل تنبيهية مفادها: 'إن مشاركتك في جلسة النقاش هذه من شأنها أن تقدم مبادرات لأكثر من 1000 شخص من حولك يعانون من المشكلة المحددة'.
- تبسيط عمليات 'المشاركة المجتمعية': لا يميل الأفراد عادة إلى الجلسات الرسمية وإلى الأطر التي تقتضي منهم عمليات تفكير معقدة ومركبة. كلما كانت طبيعة المخرجات المتوقعة من عمليات المشاركة (محددة – مقاسة – مباشرة) كلما كان الأفراد أكثر أريحية واتساعًا في أفكارهم ونقاشاتهم عبر أدوات 'المشاركة المجتمعية' المتاحة.
هناك العديد من الاعتبارت الأخرى التي تمدنا بها العلوم السلوكية في تصميم خيارات وأدوات 'المشاركة المجتمعية' ومن بينها قاعدة 'أن المجتمع يعلم الأفضل' وقاعدة 'تغيير السلوك والوضع الراهن أمر معقد' وقاعدة 'بناء الثقة عنصر أساسي'. وهذه الثلاث قواعد أكد عليها دليل المشاركة المجتمعية لاتحاد جمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر. وفي الحالة المحلية يمكن في إطار الجهود الراهنة لتمكين المحافظات اقتراح إطار وطني لـ 'لمشاركة المجتمعية المحلية'، بحيث يعنى هذا الدليل بتحويل مجالات 'المشاركة المجتمعية' التي أتاحها نظام المحافظات في شكل إجراءات وأدوات وخطط عمل تنفيذية تسترشد وتنطلق منها المحافظات في تصميم نهجها التشاركي مع المجتمع وتسترشد من خلالها بمحددات بناء الثقة مع الجمهور العام وآليات استدامة نهج المشاركة وخاصة فيما يتصل بوضع الخطط الاستراتيجية للمحافظات أو تجويد نوعية الخدمات العامة المقدمة من خلال المؤسسات العاملة فيها.