مرفأ قراءة .. «روائع» محمد عناني وتنمية الذائقة الجمالية
السبت / 20 / جمادى الآخرة / 1444 هـ - 18:33 - السبت 14 يناير 2023 18:33
-1-
من بين أبرز الأدوار التثقيفية والجمالية التي صبَّت مباشرة في تنمية حاسة التذوق الفني والإبداعي والجمالي لروائع الإبداع الإنساني، قديمًا وحديثًا، ما قدمه المرحوم محمد عناني (1939-2023) إلى المكتبة العربية من عشرات الأعمال المختارة بعناية فائقة لغويًا وجماليًا وإبداعيًا وقيميًا، فيما عرف أو اشتهر بسلاسل روائع المختارات (الشعرية - التراثية - المسرحية - الإنسانية.. إلخ)
وهي التي استمرت في الصدور طيلة الفترة من عام 1994 حتى عام 2005 تقريبا ضمن مطبوعات ومنشورات مشروع (مكتبة الأسرة المصرية) التي لعبت دورًا تأسيسًا ومركزيًا في تكوين وثقافة أجيال من المثقفين المصريين والعرب والمشتغلين عمومًا بالعمل الفكري والثقافي والنقدي، وأنا منهم، وساهمت مساهمة كبيرة جدًا وفعالة في تأسيس ثقافي رصين، أتاح لقراء هذه الأعمال على مدار ما يقرب من العقود الثلاثة بالتمام والكمال (سنحتفل العام القادم 2024 بمرور ثلاثين سنة على صدور هذا المشروع الثقافي العظيم).
كان المرحوم الدكتور محمد عناني صديقا مقربا من الدكتور سمير سرحان رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب آنذاك، في عهدها الذهبي وتألقها الكبير في عملية النشر الحكومي، ومشروعات النشر الثقيلة في العموم، وهما فضلًا على الصداقة الإنسانية الراسخة، كانا زميلي دراسة وبعثة ورفقة عمر في دراسة الأدب الإنجليزي ونقده، وممارسة العمل الأكاديمي والعمل الثقافي العام.
كان الدكتور محمد عناني يمثل لسمير سرحان المستشار الثقافي الأمين؛ وأتصور أنه كان صاحب الفضل الكبير (وغير المعلن) في التخطيط للسلاسل التي صدرت عن مكتبة الأسرة والاضطلاع بإعداد القوائم والعناوين المقترحة للنشر فضلًا عن القيام بأعباء اختيار وتحرير النصوص التي سيقدمها عناني لجمهور القراء من محبي الأدب والنقد والتراث والمعرفة الإنسانية عمومًا لما يزيد على العشرين سنة.
-2-
أما أول ظهور لاسم الدكتور محمد عناني في إصدارات (مكتبة الأسرة) فكان على غلاف كتيّب صدر عام 1994 بعنوان (مختارات الشعر لوليام شكسبير) كان يقع في 84 صفحة فقط من «قطع الجيب»، وظهر ضمن سلسلة «تراث الإنسانية» العظيمة التي قدمت خلاصات تعريفية وافية ومركزة ومكثفة لأبرز الأعمال الفكرية، والأدبية، والتاريخية، والفلسفية، وفي العلوم، والإنسانيات عمومًا، وكل مناحي النشاط البشري التي تشكّل في النهاية ما نطلق عليه (تراث الإنسانية).
اشتمل هذا الكتيب الصغير على ثلاثة مشاهد مختارة من ثلاث مسرحيات شهيرة معروفة لشكسبير؛ وهذه المشاهد أصبحت علامات كلاسيكية في تاريخ المسرح والدراما عمومًا؛ وهي: مشهد الشرفة الشهير في مسرحية «روميو وجوليت»، ومشهد محاكمة التاجر اليهودي شيلوك في مسرحية «تاجر البندقية»، وأخيرًا مشهد رثاء قيصر المغدور في مسرحية يوليوس قيصر.
وعلى صغر حجم الكتيب وقلة عدد صفحاته؛ إلا أن قراءته كاملًا وفي جلسة واحدة كانت متعة ما بعدها متعة؛ متعة قراءة نصوص عالمية وإنسانية في عربية فخيمة سلسة موسيقية دالة وموحية بالجمال والمتعة، وفي الأخير لا بد أن تقود قراءة هذه المشاهد المختارة إلى البحث عن النصوص الكاملة (المسرحيات الثلاث المشار إليها؛ وقد ترجمها محمد عناني إلى اللغة العربية وقدم لها وكتب حواشيها وشروحها وصدرت في طبعات رائعة الهيئة المصرية العامة للكتاب في العام ذاته أو قبلها بعام أو بعدها بعام إذا لم تخني الذاكرة).
-3-
وأظن أنه بصدور هذا الكتاب قد تبلورت فكرة الاختيارات (أو المختارات) من روائع الأعمال العربية أو المترجمة عبر العصور، في ذهن محمد عناني وأخذ يعد لذلك باهتمام ورؤية واضحة ومنهج سديد ومحكم،
وفي العام التالي مباشرة (1995) ظهرت سلسلة كاملة بعنوان (أروع ما كتب) في الشعر، والكتاب الواحد منها كان عبارة عن مختارات شعرية دالة من شعر واحد من أعلام الشعر العربي في العصر الحديث؛ على أن تكون هذه المختارات مصدرة بمقدمة كاشفة ومضيئة عن الشاعر وتعريف به وبعصره ثم عرض المختارات التي تمثل خصوصية هذا الشاعر أو ذاك، وتراعي أن يكون من بين مختاراته ما استقر الرأي النقدي والتذوق الجمالي على تقديره والإشادة به والتمثل بصوره المجازية أو موسيقاه الإيقاعية أو قيمه الإنسانية.
وأذكر جيدًا أنه في هذا العام تكونت لدي مكتبة صغيرة أنيقة جدا تضم ما يقرب من الأعمال العشرة في قطع واحد وعدد صفحات متقارب (في الغالب لا يزيد عن مائة صفحة، باستثناءات طفيفة للغاية قد تزيد قليلًا أو تقل قليلًا حسب طبيعة ونوعية واكتمال القصائد المختارة لكل شاعر)؛ وهكذا قرأت العناوين التالية: «أجمل ما كتب أمير الشعراء أحمد شوقي»، «أجمل ما كتب شاعر النيل حافظ إبراهيم»، «أجمل ما كتب شاعر الجندول علي محمود طه»، «أجمل ما كتب شاعر المهجر إيليا أبو ماضي»، و«المختار من أشعار النساء في العرب والجاهلية»... إلخ.
وكان محمد عناني في اختياراته تلك يراعي السلامة اللغوية، ويتحرى الدقة الشديدة في الاختيار والعرض، ويصل به الأمر إلى ضبط الأبيات والأسطر الشعرية كاملة، وأن تصمَّم الصفحة الواحدة بشكلٍ يريح العين لدى القراءة، ويمنحها القدرة على التقاط كامل الحروف والكلمات والجمل في ترتيبها المكون للبيت أو السطر الشعري، مع توظيف علامات الترقيم وعدم الإسراف في استخدامها بشكلٍ يمنح القراءة أقصى انضباط دلالي وإيقاعي ممكن، فضلًا عن الفائدة اللغوية والفنية والدلالية التي يمتح منها قارئ هذه «المختارات»، وكان عناني يحرص أيضًا -فضلًا على الضبط الكامل- على شرح المفردات الصعبة، بإيجاز ووضوح، في الهوامش أسفل الصفحات.
-4-
وعبر ما يقرب من العشرين سنة، استمرت تلك السلسلة النوعية في الصدور ضمن مشروع (مكتبة الأسرة)، وكان المرحوم عناني منفردًا هو الذي يشرف عليها، اختيارًا ومراجعة وتدقيقا، وإعدادًا للنشر واقتراحًا للعناوين... إلخ.
وأظن أنه خلال تلك الفترة تراكم ما يزيد على مائتي كتاب من المختارات الشعرية (أجمل ما كتب - أروع ما كتب - المختار من التراث - المختار من أشعار... إلخ) ولا أشك لحظة في أن هذه المكتبة الممتازة الفريدة من روائع الأعمال الإبداعية، والمختارات الشعرية والتراثية، كانت النافذة الأولى للتعرف على أسماء بقيمة أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، ومصطفى لطفي المنفلوطي من جيل آباء الشعر (والنثر) العربي في العصر الحديث من شعراء وكتّاب الإحياء، ومن بعدهم شعراء الرومانسية الكبار: علي محمود طه، وإبراهيم ناجي، ومحمود حسن إسماعيل، وإيليا أبو ماضي، وأحمد زكي أبو شادي، وخليل مطران، وجبران خليل جبران.. إلخ.
ومن شعراء الحداثة وشعر التفعيلة: بدر شاكر السياب، ونازك الملائكة، وأحمد عبدالمعطي حجازي، وصلاح عبدالصبور وأمل دنقل، ومحمود درويش ومن كبار شعراء العامية المصرية بيرم التونسي، وفؤاد حداد، وصلاح جاهين، وعبدالرحمن الأبنودي، وسيد حجاب وأحمد فؤاد نجم.
-5-
أما (مختارات التراث)، أو روائع (المختارات التراثية) فلم تترك تقريبا كتابا مشهورا من كتب التراث العربي في الأدب واللغة، والشعر والغناء، والتاريخ الإسلامي العام، وكتب الحوليات، والتراجم، والطبقات.. إلخ، لم تمثِّل له بنصوص مختارة مدققة مضبوطة بالشكل الكامل ومشروحة، وأصبحت هذه السلسلة بدورها النافذة الميسرة والمحرِّضة على قراءة أصول هذه الكتب التراثية، والبحث عنها واقتناء ما تيسر منها؛ وأنا شخصيا مدين بالفضل لبعض هذه النصوص التي نُشرت كاملة (لصغر حجمها)، ومثَّلت عينات كاملة من نصوص التراث العربي والنثر العربي، بكل أشكاله وألوانه ومدارسه الفنية والجمالية والأسلوبية.
ستظل أجيال وأجيال من الشباب العربي (ومنهم الآن من تجاوز الأربعين وأصبح كهلًا، ومنهم من تجاوز الخمسين والستين حينما كان يقرأ هذه المختارات وهو في العشرينيات والثلاثينيات من عمره) ستظل مدينة بكل هذا الجمال وكل هذه المتعة وكل هذه المعرفة إلى المرحوم محمد عناني...
من بين أبرز الأدوار التثقيفية والجمالية التي صبَّت مباشرة في تنمية حاسة التذوق الفني والإبداعي والجمالي لروائع الإبداع الإنساني، قديمًا وحديثًا، ما قدمه المرحوم محمد عناني (1939-2023) إلى المكتبة العربية من عشرات الأعمال المختارة بعناية فائقة لغويًا وجماليًا وإبداعيًا وقيميًا، فيما عرف أو اشتهر بسلاسل روائع المختارات (الشعرية - التراثية - المسرحية - الإنسانية.. إلخ)
وهي التي استمرت في الصدور طيلة الفترة من عام 1994 حتى عام 2005 تقريبا ضمن مطبوعات ومنشورات مشروع (مكتبة الأسرة المصرية) التي لعبت دورًا تأسيسًا ومركزيًا في تكوين وثقافة أجيال من المثقفين المصريين والعرب والمشتغلين عمومًا بالعمل الفكري والثقافي والنقدي، وأنا منهم، وساهمت مساهمة كبيرة جدًا وفعالة في تأسيس ثقافي رصين، أتاح لقراء هذه الأعمال على مدار ما يقرب من العقود الثلاثة بالتمام والكمال (سنحتفل العام القادم 2024 بمرور ثلاثين سنة على صدور هذا المشروع الثقافي العظيم).
كان المرحوم الدكتور محمد عناني صديقا مقربا من الدكتور سمير سرحان رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب آنذاك، في عهدها الذهبي وتألقها الكبير في عملية النشر الحكومي، ومشروعات النشر الثقيلة في العموم، وهما فضلًا على الصداقة الإنسانية الراسخة، كانا زميلي دراسة وبعثة ورفقة عمر في دراسة الأدب الإنجليزي ونقده، وممارسة العمل الأكاديمي والعمل الثقافي العام.
كان الدكتور محمد عناني يمثل لسمير سرحان المستشار الثقافي الأمين؛ وأتصور أنه كان صاحب الفضل الكبير (وغير المعلن) في التخطيط للسلاسل التي صدرت عن مكتبة الأسرة والاضطلاع بإعداد القوائم والعناوين المقترحة للنشر فضلًا عن القيام بأعباء اختيار وتحرير النصوص التي سيقدمها عناني لجمهور القراء من محبي الأدب والنقد والتراث والمعرفة الإنسانية عمومًا لما يزيد على العشرين سنة.
-2-
أما أول ظهور لاسم الدكتور محمد عناني في إصدارات (مكتبة الأسرة) فكان على غلاف كتيّب صدر عام 1994 بعنوان (مختارات الشعر لوليام شكسبير) كان يقع في 84 صفحة فقط من «قطع الجيب»، وظهر ضمن سلسلة «تراث الإنسانية» العظيمة التي قدمت خلاصات تعريفية وافية ومركزة ومكثفة لأبرز الأعمال الفكرية، والأدبية، والتاريخية، والفلسفية، وفي العلوم، والإنسانيات عمومًا، وكل مناحي النشاط البشري التي تشكّل في النهاية ما نطلق عليه (تراث الإنسانية).
اشتمل هذا الكتيب الصغير على ثلاثة مشاهد مختارة من ثلاث مسرحيات شهيرة معروفة لشكسبير؛ وهذه المشاهد أصبحت علامات كلاسيكية في تاريخ المسرح والدراما عمومًا؛ وهي: مشهد الشرفة الشهير في مسرحية «روميو وجوليت»، ومشهد محاكمة التاجر اليهودي شيلوك في مسرحية «تاجر البندقية»، وأخيرًا مشهد رثاء قيصر المغدور في مسرحية يوليوس قيصر.
وعلى صغر حجم الكتيب وقلة عدد صفحاته؛ إلا أن قراءته كاملًا وفي جلسة واحدة كانت متعة ما بعدها متعة؛ متعة قراءة نصوص عالمية وإنسانية في عربية فخيمة سلسة موسيقية دالة وموحية بالجمال والمتعة، وفي الأخير لا بد أن تقود قراءة هذه المشاهد المختارة إلى البحث عن النصوص الكاملة (المسرحيات الثلاث المشار إليها؛ وقد ترجمها محمد عناني إلى اللغة العربية وقدم لها وكتب حواشيها وشروحها وصدرت في طبعات رائعة الهيئة المصرية العامة للكتاب في العام ذاته أو قبلها بعام أو بعدها بعام إذا لم تخني الذاكرة).
-3-
وأظن أنه بصدور هذا الكتاب قد تبلورت فكرة الاختيارات (أو المختارات) من روائع الأعمال العربية أو المترجمة عبر العصور، في ذهن محمد عناني وأخذ يعد لذلك باهتمام ورؤية واضحة ومنهج سديد ومحكم،
وفي العام التالي مباشرة (1995) ظهرت سلسلة كاملة بعنوان (أروع ما كتب) في الشعر، والكتاب الواحد منها كان عبارة عن مختارات شعرية دالة من شعر واحد من أعلام الشعر العربي في العصر الحديث؛ على أن تكون هذه المختارات مصدرة بمقدمة كاشفة ومضيئة عن الشاعر وتعريف به وبعصره ثم عرض المختارات التي تمثل خصوصية هذا الشاعر أو ذاك، وتراعي أن يكون من بين مختاراته ما استقر الرأي النقدي والتذوق الجمالي على تقديره والإشادة به والتمثل بصوره المجازية أو موسيقاه الإيقاعية أو قيمه الإنسانية.
وأذكر جيدًا أنه في هذا العام تكونت لدي مكتبة صغيرة أنيقة جدا تضم ما يقرب من الأعمال العشرة في قطع واحد وعدد صفحات متقارب (في الغالب لا يزيد عن مائة صفحة، باستثناءات طفيفة للغاية قد تزيد قليلًا أو تقل قليلًا حسب طبيعة ونوعية واكتمال القصائد المختارة لكل شاعر)؛ وهكذا قرأت العناوين التالية: «أجمل ما كتب أمير الشعراء أحمد شوقي»، «أجمل ما كتب شاعر النيل حافظ إبراهيم»، «أجمل ما كتب شاعر الجندول علي محمود طه»، «أجمل ما كتب شاعر المهجر إيليا أبو ماضي»، و«المختار من أشعار النساء في العرب والجاهلية»... إلخ.
وكان محمد عناني في اختياراته تلك يراعي السلامة اللغوية، ويتحرى الدقة الشديدة في الاختيار والعرض، ويصل به الأمر إلى ضبط الأبيات والأسطر الشعرية كاملة، وأن تصمَّم الصفحة الواحدة بشكلٍ يريح العين لدى القراءة، ويمنحها القدرة على التقاط كامل الحروف والكلمات والجمل في ترتيبها المكون للبيت أو السطر الشعري، مع توظيف علامات الترقيم وعدم الإسراف في استخدامها بشكلٍ يمنح القراءة أقصى انضباط دلالي وإيقاعي ممكن، فضلًا عن الفائدة اللغوية والفنية والدلالية التي يمتح منها قارئ هذه «المختارات»، وكان عناني يحرص أيضًا -فضلًا على الضبط الكامل- على شرح المفردات الصعبة، بإيجاز ووضوح، في الهوامش أسفل الصفحات.
-4-
وعبر ما يقرب من العشرين سنة، استمرت تلك السلسلة النوعية في الصدور ضمن مشروع (مكتبة الأسرة)، وكان المرحوم عناني منفردًا هو الذي يشرف عليها، اختيارًا ومراجعة وتدقيقا، وإعدادًا للنشر واقتراحًا للعناوين... إلخ.
وأظن أنه خلال تلك الفترة تراكم ما يزيد على مائتي كتاب من المختارات الشعرية (أجمل ما كتب - أروع ما كتب - المختار من التراث - المختار من أشعار... إلخ) ولا أشك لحظة في أن هذه المكتبة الممتازة الفريدة من روائع الأعمال الإبداعية، والمختارات الشعرية والتراثية، كانت النافذة الأولى للتعرف على أسماء بقيمة أحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، ومصطفى لطفي المنفلوطي من جيل آباء الشعر (والنثر) العربي في العصر الحديث من شعراء وكتّاب الإحياء، ومن بعدهم شعراء الرومانسية الكبار: علي محمود طه، وإبراهيم ناجي، ومحمود حسن إسماعيل، وإيليا أبو ماضي، وأحمد زكي أبو شادي، وخليل مطران، وجبران خليل جبران.. إلخ.
ومن شعراء الحداثة وشعر التفعيلة: بدر شاكر السياب، ونازك الملائكة، وأحمد عبدالمعطي حجازي، وصلاح عبدالصبور وأمل دنقل، ومحمود درويش ومن كبار شعراء العامية المصرية بيرم التونسي، وفؤاد حداد، وصلاح جاهين، وعبدالرحمن الأبنودي، وسيد حجاب وأحمد فؤاد نجم.
-5-
أما (مختارات التراث)، أو روائع (المختارات التراثية) فلم تترك تقريبا كتابا مشهورا من كتب التراث العربي في الأدب واللغة، والشعر والغناء، والتاريخ الإسلامي العام، وكتب الحوليات، والتراجم، والطبقات.. إلخ، لم تمثِّل له بنصوص مختارة مدققة مضبوطة بالشكل الكامل ومشروحة، وأصبحت هذه السلسلة بدورها النافذة الميسرة والمحرِّضة على قراءة أصول هذه الكتب التراثية، والبحث عنها واقتناء ما تيسر منها؛ وأنا شخصيا مدين بالفضل لبعض هذه النصوص التي نُشرت كاملة (لصغر حجمها)، ومثَّلت عينات كاملة من نصوص التراث العربي والنثر العربي، بكل أشكاله وألوانه ومدارسه الفنية والجمالية والأسلوبية.
ستظل أجيال وأجيال من الشباب العربي (ومنهم الآن من تجاوز الأربعين وأصبح كهلًا، ومنهم من تجاوز الخمسين والستين حينما كان يقرأ هذه المختارات وهو في العشرينيات والثلاثينيات من عمره) ستظل مدينة بكل هذا الجمال وكل هذه المتعة وكل هذه المعرفة إلى المرحوم محمد عناني...