سيولة فيسبوك!
الأربعاء / 26 / جمادى الأولى / 1444 هـ - 21:24 - الأربعاء 21 ديسمبر 2022 21:24
لعل واحدة من أهم إشكالات فيسبوك تكمن في إمكانية تغييب هوية الفرد المستخدم للحساب عن المتصفحين عبر الاسم المستعار، وهي إمكانية تطلق العنان لسيولة أخيلة كثيرين من البشر في تدبير وتفعيل الكثير من هواياتهم السرية عبر رغبتهم في الاختفاء، ليمارسوا خلالها ما قد يكون سببا في الكثير من المشكلات التي متى ما برزت على سطح فيسبوك عبر إمكانيات فضاء البث الافتراضي، أصبح لتلك المشكلات مصيرا آخر -خصوصا في المجتمعات المتخلفة.
ما يستغرب له كثيرون، ربما، هو السؤال الذي طالما نفترض أنه طاف ببال كل متأمل: كيف واجه القائمون على فيسبوك -أخلاقيا- عواقب إمكانيات استخدام الهويات الخفية عبر حسابات فيسبوك، أي كيف أمكنهم تعليل تلك المشكلات؟
ربما يقول قائل: إن الاعتبار الأساسي في الخلفية الثقافية التي صدر عنها مصممو موقع فيسبوك وعلى رأسهم مارك زوكربيرج، إنما هي خلفية أمريكية ليبرالية بالدرجة الأولى، وإن الاحترازات التي تطوف بالتوخي من ردود فعل ما يمكن أن تثيره الحسابات المزيفة من مشكلات هي أكثر علاقة بقوانين المجال العام، والصحافة والقانون في الغرب، كاعتبار أساس (أقله عند التفكير في تصميم برنامج فيسبوك لأول عهده) لكن، إلى أي مدى يمكن اعتبار ذلك الإسناد إلى منظومة الحياة الليبرالية في الغرب رأيا قابلا للخطأ والصواب متى ما عرف القائمون على فيسبوك ومع انتشاره العالمي بلغات عديدة، أن المشكلات التي تثيرها الحسابات المزيفة بالفعل هي مشكلات حقيقية في بعض المجتمعات؟
سيبدو لكثيرين عند رصد مقارنة بين استخدامات فيسبوك في بلدان مختلفة حضاريا أن الأمر هنا هو أقرب للمقارنة بين الخيال والواقع، فرغم الشبه الشديد بين الخيال والواقع فإنهما مجالان متوازيان ويتداخلان دون أن يتماسا؛ فلا يمكن لأحد، مثلا، إذا قرأ روايةً قوية الحبكة أن يفرق بين الخيال والواقع في الرواية، إلا إذا صرح له كاتب الرواية عن حدود الخيال والواقع في روايته.
ما يحدث من شبه بين ردود فعل الناس على الحسابات المزيفة، وما يثيره أصحابها عبر نوايا مغرضة لاختلاق المشكلات بين بعض رواد منصة فيسبوك مثلا هو في تقديرنا بمثابة تلك المسافة المضللة بين الخيال والحقيقة.
وكما أن كاتب الرواية هو وحده الذي يدرك تماما حدود الخيال والواقع في الرواية التي يكتبها، سنجد أن القائمين على فيسبوك وحدهم هم الذين عندهم القدرة على معرفة الحسابات المزيفة من غيرها، ولكن لسبب غير معروف يبقون على تلك الحسابات كما هي ودون اكتراث تقريبا لما يمكن أن يثيره!
صحيح ثمة رقابة في فيسبوك حيال كلمات ومفاهيم بعينها تقتضي كتابتها في فيسبوك تحذيرا منه أو حرمانا على كاتبها لأيام مثلا من الدخول إلى صفحته أو حتى لأكثر من شهر ونحو ذلك.
لكننا سنجد أن هذه الرقابة تتصل باللغات التي اعتمدها فيسبوك؛ لأن تكون متداولة في منصته حيث تتم إضافة لغات بشرية جديدة بين فترة وفترة، إلى التداول في منصة فيسبوك -وهي في الغالب لغات لمجموعات سكانية كبيرة- لكن ماذا إذا كان البعض يستخدم الترويج لخطاب كراهية أو إثارة المشكلات بحروف لغة كتبت بها لغة أخرى؟
إن هذه الثغرات التي طالما حذر منها كثيرون في العالم القائمينَ على فيسبوك للانتباه إليها إلا أنه لا يبدو أن فيسبوك والقائمين عليه يكترثون لمثل ذلك!
تحكم عالمنا المادي اليوم فلسفة الربح القائمة على القدرة على الاستثمار في كل ما يدر ربحا، وإذا كان من الواضح أن القائمين على فسيبوك مدركون لتلك المشكلة، فيما يتأولون اشتراكهم في المسؤولية مع جهات أخرى كأجهزة قانون المعلوماتية في كل دولة على حدة لتعقب أصحاب الحسابات المستعارة عبر أرقام هواتفهم، هنا سنجد أنفسنا أمام شكل من أشكال التنصل من المسؤولية الأخلاقية التي يمكن لفيسبوك أن يضطلع بها طالما هو منصة عامة يشترك فيها حوالي مليارين من البشر حول العالم!
إن الافتراض الذي تفترضه تكنولوجيا الاتصالات ومنصاتها الرقمية كفيسبوك من حيث إن الأصل في البشر هو المسؤولية، بناءً على خلفيات ثقافة غربية ليبرالية معينة، قد لا يبدو مقنعا، لكن هذا الأمر أصبح اليوم كالحتمية التي لا يمكن التصدي لها بسبب الخدمات اللامتناهية التي يوفرها فيسبوك مجانا لمستخدميه أجمعين!
ما يستغرب له كثيرون، ربما، هو السؤال الذي طالما نفترض أنه طاف ببال كل متأمل: كيف واجه القائمون على فيسبوك -أخلاقيا- عواقب إمكانيات استخدام الهويات الخفية عبر حسابات فيسبوك، أي كيف أمكنهم تعليل تلك المشكلات؟
ربما يقول قائل: إن الاعتبار الأساسي في الخلفية الثقافية التي صدر عنها مصممو موقع فيسبوك وعلى رأسهم مارك زوكربيرج، إنما هي خلفية أمريكية ليبرالية بالدرجة الأولى، وإن الاحترازات التي تطوف بالتوخي من ردود فعل ما يمكن أن تثيره الحسابات المزيفة من مشكلات هي أكثر علاقة بقوانين المجال العام، والصحافة والقانون في الغرب، كاعتبار أساس (أقله عند التفكير في تصميم برنامج فيسبوك لأول عهده) لكن، إلى أي مدى يمكن اعتبار ذلك الإسناد إلى منظومة الحياة الليبرالية في الغرب رأيا قابلا للخطأ والصواب متى ما عرف القائمون على فيسبوك ومع انتشاره العالمي بلغات عديدة، أن المشكلات التي تثيرها الحسابات المزيفة بالفعل هي مشكلات حقيقية في بعض المجتمعات؟
سيبدو لكثيرين عند رصد مقارنة بين استخدامات فيسبوك في بلدان مختلفة حضاريا أن الأمر هنا هو أقرب للمقارنة بين الخيال والواقع، فرغم الشبه الشديد بين الخيال والواقع فإنهما مجالان متوازيان ويتداخلان دون أن يتماسا؛ فلا يمكن لأحد، مثلا، إذا قرأ روايةً قوية الحبكة أن يفرق بين الخيال والواقع في الرواية، إلا إذا صرح له كاتب الرواية عن حدود الخيال والواقع في روايته.
ما يحدث من شبه بين ردود فعل الناس على الحسابات المزيفة، وما يثيره أصحابها عبر نوايا مغرضة لاختلاق المشكلات بين بعض رواد منصة فيسبوك مثلا هو في تقديرنا بمثابة تلك المسافة المضللة بين الخيال والحقيقة.
وكما أن كاتب الرواية هو وحده الذي يدرك تماما حدود الخيال والواقع في الرواية التي يكتبها، سنجد أن القائمين على فيسبوك وحدهم هم الذين عندهم القدرة على معرفة الحسابات المزيفة من غيرها، ولكن لسبب غير معروف يبقون على تلك الحسابات كما هي ودون اكتراث تقريبا لما يمكن أن يثيره!
صحيح ثمة رقابة في فيسبوك حيال كلمات ومفاهيم بعينها تقتضي كتابتها في فيسبوك تحذيرا منه أو حرمانا على كاتبها لأيام مثلا من الدخول إلى صفحته أو حتى لأكثر من شهر ونحو ذلك.
لكننا سنجد أن هذه الرقابة تتصل باللغات التي اعتمدها فيسبوك؛ لأن تكون متداولة في منصته حيث تتم إضافة لغات بشرية جديدة بين فترة وفترة، إلى التداول في منصة فيسبوك -وهي في الغالب لغات لمجموعات سكانية كبيرة- لكن ماذا إذا كان البعض يستخدم الترويج لخطاب كراهية أو إثارة المشكلات بحروف لغة كتبت بها لغة أخرى؟
إن هذه الثغرات التي طالما حذر منها كثيرون في العالم القائمينَ على فيسبوك للانتباه إليها إلا أنه لا يبدو أن فيسبوك والقائمين عليه يكترثون لمثل ذلك!
تحكم عالمنا المادي اليوم فلسفة الربح القائمة على القدرة على الاستثمار في كل ما يدر ربحا، وإذا كان من الواضح أن القائمين على فسيبوك مدركون لتلك المشكلة، فيما يتأولون اشتراكهم في المسؤولية مع جهات أخرى كأجهزة قانون المعلوماتية في كل دولة على حدة لتعقب أصحاب الحسابات المستعارة عبر أرقام هواتفهم، هنا سنجد أنفسنا أمام شكل من أشكال التنصل من المسؤولية الأخلاقية التي يمكن لفيسبوك أن يضطلع بها طالما هو منصة عامة يشترك فيها حوالي مليارين من البشر حول العالم!
إن الافتراض الذي تفترضه تكنولوجيا الاتصالات ومنصاتها الرقمية كفيسبوك من حيث إن الأصل في البشر هو المسؤولية، بناءً على خلفيات ثقافة غربية ليبرالية معينة، قد لا يبدو مقنعا، لكن هذا الأمر أصبح اليوم كالحتمية التي لا يمكن التصدي لها بسبب الخدمات اللامتناهية التي يوفرها فيسبوك مجانا لمستخدميه أجمعين!