ماذا يجب أن يفعل المستثمرون المتوترون في الصين؟
الاثنين / 26 / ربيع الثاني / 1444 هـ - 21:18 - الاثنين 21 نوفمبر 2022 21:18
كانت الخصومة الصينية الأمريكية المتصاعدة والمخاوف الأوسع بشأن اقتصاد الصين من الأسباب التي دفعت الشركات الغربية إلى إعادة تقييم عملياتها هناك ـ وهي مُـحِـقّـة في ذلك؛ نظرا لحالة عدم اليقين المحيطة بسياسات الرئيس شي جين بينج الاقتصادية ونواياه الجيوسياسية، ربما حان الوقت لكي ينظر المستثمرون وقادة الشركات في تقليص تعرضهم للأصول والأسواق الصينية.
الواقع أن أحداث العام الماضي، وخاصة رفض شي الصارم تخفيف سياسته الصارمة المتمثلة في خفض الإصابات بمرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19) إلى الـصِـفر، وتأكيده كأول رئيس للصين لثلاث فترات، أفزعت المستثمرين العالميين. على نحو مماثل، ينظر المراقبون إلى أجندة شي بعنوان «الرخاء المشترك»، التي تهدف إلى إعادة توزيع الثروة من الأثرياء إلى الفقراء، وكبح جماح النخبة التجارية الجديدة في البلاد على أنها مناهِضة للأعمال ومضرة بالنشاط الاقتصادي.
كجزء من حملته بعنوان «الرخاء المشترك»، تعهد شي أن تعمل السلطات على «تنظيم الدخول المرتفعة بإفراط بشكل معقول، وتشجيع أصحاب الدخول المرتفعة والشركات على إعادة المزيد إلى المجتمع». بهذا النوع من الخطاب، ليس من المستغرب أن تهبط سوق البورصة في الصين بنحو 20% في العام الماضي، كما أدت سياسات الصين إلى تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج بكميات هائلة وتسارع عمليات بيع الأسهم الصينية. وفقا لمعهد التمويل الدولي، سحب المستثمرون 7.6 مليار دولار من الأسهم الصينية الشهر الماضي، إلى جانب 1.2 مليار دولار من سوق السندات. بطبيعة الحال، تعتمد ردود أفعال المستثمرين إزاء الاتجاهات الاقتصادية والتطورات السياسية على محافظهم الاستثمارية، واحتياجات التنويع، وشهيتهم للمخاطرة، وآفاق الاستثمار، لكن المستثمرين وقادة الأعمال الحذرين يغتنمون هذه الفرصة لتقييم مخاطر محافظهم الاستثمارية، والتفكير في ما يجب عليهم فعله بشأن مواقفهم في الصين.
من الواضح أن الهوة المتزايدة الاتساع بين الولايات المتحدة والصين، والتحول الأوسع نحو التراجع عن العولمة سيقلبان الكيفية التي تدير بها الشركات المتعددة الجنسيات أعمالها رأسا على عقب على وجه الخصوص، ويتعين على الشركات أن تعيد النظر في كيفية حصولها على التمويل، وتشغيل العمالة عبر الحدود، وتخصيص رأس المال، وينبغي لها أن تفكر في إضفاء الطابع المركزي على المشتريات، وبناء سلاسل التوريد المرنة، لكن أي المسارات يستطيع المستثمرون الذين يعيدون تقييم تعرضهم للصين؛ سلوكها؟ يتلخص أحد الخيارات في التخارج من كل أصولهم الصينية، وتقليل تعرضهم لسياسة الصِـفر كورونا. لكن تقليل التعرض للصين من المرجح أن يكون عملية مطولة، سواء انطوت على تقليص محافظ الأسهم الصينية المطروحة للتداول العام أو التخلص من الاستثمار في الأسهم الخاصة. وسوف تكون عملية تغيير المواقع معقدة في الأرجح، ويتعين على البائعين أن يجدوا المشترين في سوق تقييم تواجه تحديات قوية بالفعل.
علاوة على ذلك، يتعين على المستثمرين الذين يسعون إلى التخلص من ممتلكاتهم الصينية أن يفكروا في التأثير الذي قد يخلفه ذلك على ضرائبهم، وحقوق الملكية الفكرية، وأسعار التحويل، فضلا عن العديد من التكاليف الأخرى المتفرقة. وسوف يحتاج مستثمرو الشركات الذين كانوا متفائلين لفترة طويلة بشأن الصين أن يتصالحوا مع احتمال مفاده أنهم قد لا يكون لهم أي تعرض لاقتصاد الصين عندما يبدأ النمو في الانتعاش.
بدلا من ذلك، من الممكن أن يتقبل المستثمرون التكاليف الهالكة، وأن يخفضوا قيمة استثماراتهم، ويظل بوسعهم أن يحتفظوا ببعض التعرض للصين. في جوهر الأمر، قد يعني هذا الاعتراف أن الاستثمارات السابقة لا يمكن استردادها وفي الوقت ذاته تأجيل أي استثمارات جديدة. في سياق محفظة الأسهم، قد يُـسـفِـر نهج التكاليف الهالكة عن خسائر مسجلة محسوبة بالقيمة السوقية، وهذا يترك للمستثمرين خيار الاحتفاظ بمراكزهم في حال حدوث انتعاش في السوق. على نحو مماثل، قد تلجأ شركة تمتلك مصنعا في الصين إلى خفض قيمة أصوله، ولكن بدلا من إغلاقه وشطبه بالكامل، يمكنها إدارته على أنه مؤسسة مستمرة دون توسيع الناتج أو إبرام التزامات رأسمالية جديدة، وبالتالي الاحتفاظ بموطئ قدم في الصين عندما يتعافى الاقتصاد أخيرا.
يتمثل خيار آخر في مضاعفة الجهود في الاتجاه ذاته، فبوسع المستثمرين أن يحافظوا على تعرضهم الحالي للصين، على أن يغتنموا أيضا فرصة التقييمات المنخفضة وضَـعـف السوق لتوسيع بصمتهم الصينية. ولكن حتى في هذا السيناريو، من الحكمة أن يعيد المستثمرون العالميون معايرة استراتيجياتهم الاستثمارية بإضافة شريك محلي لتقليل مخاطر نزع الملكية، مع ذلك، قد تُـجـبَـر الشركات التي تقرر البقاء وزيادة وجودها في الصين على العمل كمؤسسة تجارية معزولة ماليا. من المرجح أن يؤدي هذا إلى تعقيد التقارير المالية وزيادة أعبائها التنظيمية، وخاصة في مواجهة تصاعد سياسات الحماية التجارية والتفتت الإقليمي، ولكن في النهاية، يجب أن يكون المستثمرون الملتزمون بالاستثمار في الصين مبدعين في كيفية إدارتهم لأعمالهم في الصين ـ ومع الصين.
وسوف يكون لزاما عليهم إعادة تقييم هياكل الحوكمة والرقابة على مجالس إدارة الكيانات المحلية الجديدة التي قد تتداول فقط في أسواق الأسهم الصينية يتعين عليهم أن يعتمدوا على مقاييس غير تقليدية، خاصة أن المقاييس التقليدية مثل الإحصائيات الكلية، ومضاعفات السعر/الربح، ومعدل العائد الداخلي، ونِـسَـب شارب، ومقاييس التقلب المشابهة لمؤشر VIX، أقل جدارة بالثقة في مثل هذه البيئة الجيوسياسية والاقتصادية والمالية السريعة التغير والحركة.
أيا كان الاختيار الذي يستقرون عليه، يواجه المستثمرون الغربيون في الصين تضاريس اقتصادية مختلفة تماما عن تلك التي عملوا فيها لأكثر من عقد من الزمن.
يعكس هذا التحول تطورات سياسية محلية مثل قبضة شي الحديدية على السلطة، لكنه يشهد على نظام جيوسياسي جديد، حيث تتنافس الصين والولايات المتحدة على التفوق الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري في عالم تنحسر عنه العولمة بسرعة، ويتعين على المستثمرين أن يدرسوا تحركاتهم التالية بعناية.
دامبيسا مويو خبيرة اقتصادية ومؤلفة من كتبها حافة الفوضى: لماذا تفشل الديمقراطية في تحقيق النمو الاقتصادي - وكيفية إصلاحه.
خدمة بروجيكت سنديكيت
الواقع أن أحداث العام الماضي، وخاصة رفض شي الصارم تخفيف سياسته الصارمة المتمثلة في خفض الإصابات بمرض فيروس كورونا 2019 (كوفيد-19) إلى الـصِـفر، وتأكيده كأول رئيس للصين لثلاث فترات، أفزعت المستثمرين العالميين. على نحو مماثل، ينظر المراقبون إلى أجندة شي بعنوان «الرخاء المشترك»، التي تهدف إلى إعادة توزيع الثروة من الأثرياء إلى الفقراء، وكبح جماح النخبة التجارية الجديدة في البلاد على أنها مناهِضة للأعمال ومضرة بالنشاط الاقتصادي.
كجزء من حملته بعنوان «الرخاء المشترك»، تعهد شي أن تعمل السلطات على «تنظيم الدخول المرتفعة بإفراط بشكل معقول، وتشجيع أصحاب الدخول المرتفعة والشركات على إعادة المزيد إلى المجتمع». بهذا النوع من الخطاب، ليس من المستغرب أن تهبط سوق البورصة في الصين بنحو 20% في العام الماضي، كما أدت سياسات الصين إلى تدفق رؤوس الأموال إلى الخارج بكميات هائلة وتسارع عمليات بيع الأسهم الصينية. وفقا لمعهد التمويل الدولي، سحب المستثمرون 7.6 مليار دولار من الأسهم الصينية الشهر الماضي، إلى جانب 1.2 مليار دولار من سوق السندات. بطبيعة الحال، تعتمد ردود أفعال المستثمرين إزاء الاتجاهات الاقتصادية والتطورات السياسية على محافظهم الاستثمارية، واحتياجات التنويع، وشهيتهم للمخاطرة، وآفاق الاستثمار، لكن المستثمرين وقادة الأعمال الحذرين يغتنمون هذه الفرصة لتقييم مخاطر محافظهم الاستثمارية، والتفكير في ما يجب عليهم فعله بشأن مواقفهم في الصين.
من الواضح أن الهوة المتزايدة الاتساع بين الولايات المتحدة والصين، والتحول الأوسع نحو التراجع عن العولمة سيقلبان الكيفية التي تدير بها الشركات المتعددة الجنسيات أعمالها رأسا على عقب على وجه الخصوص، ويتعين على الشركات أن تعيد النظر في كيفية حصولها على التمويل، وتشغيل العمالة عبر الحدود، وتخصيص رأس المال، وينبغي لها أن تفكر في إضفاء الطابع المركزي على المشتريات، وبناء سلاسل التوريد المرنة، لكن أي المسارات يستطيع المستثمرون الذين يعيدون تقييم تعرضهم للصين؛ سلوكها؟ يتلخص أحد الخيارات في التخارج من كل أصولهم الصينية، وتقليل تعرضهم لسياسة الصِـفر كورونا. لكن تقليل التعرض للصين من المرجح أن يكون عملية مطولة، سواء انطوت على تقليص محافظ الأسهم الصينية المطروحة للتداول العام أو التخلص من الاستثمار في الأسهم الخاصة. وسوف تكون عملية تغيير المواقع معقدة في الأرجح، ويتعين على البائعين أن يجدوا المشترين في سوق تقييم تواجه تحديات قوية بالفعل.
علاوة على ذلك، يتعين على المستثمرين الذين يسعون إلى التخلص من ممتلكاتهم الصينية أن يفكروا في التأثير الذي قد يخلفه ذلك على ضرائبهم، وحقوق الملكية الفكرية، وأسعار التحويل، فضلا عن العديد من التكاليف الأخرى المتفرقة. وسوف يحتاج مستثمرو الشركات الذين كانوا متفائلين لفترة طويلة بشأن الصين أن يتصالحوا مع احتمال مفاده أنهم قد لا يكون لهم أي تعرض لاقتصاد الصين عندما يبدأ النمو في الانتعاش.
بدلا من ذلك، من الممكن أن يتقبل المستثمرون التكاليف الهالكة، وأن يخفضوا قيمة استثماراتهم، ويظل بوسعهم أن يحتفظوا ببعض التعرض للصين. في جوهر الأمر، قد يعني هذا الاعتراف أن الاستثمارات السابقة لا يمكن استردادها وفي الوقت ذاته تأجيل أي استثمارات جديدة. في سياق محفظة الأسهم، قد يُـسـفِـر نهج التكاليف الهالكة عن خسائر مسجلة محسوبة بالقيمة السوقية، وهذا يترك للمستثمرين خيار الاحتفاظ بمراكزهم في حال حدوث انتعاش في السوق. على نحو مماثل، قد تلجأ شركة تمتلك مصنعا في الصين إلى خفض قيمة أصوله، ولكن بدلا من إغلاقه وشطبه بالكامل، يمكنها إدارته على أنه مؤسسة مستمرة دون توسيع الناتج أو إبرام التزامات رأسمالية جديدة، وبالتالي الاحتفاظ بموطئ قدم في الصين عندما يتعافى الاقتصاد أخيرا.
يتمثل خيار آخر في مضاعفة الجهود في الاتجاه ذاته، فبوسع المستثمرين أن يحافظوا على تعرضهم الحالي للصين، على أن يغتنموا أيضا فرصة التقييمات المنخفضة وضَـعـف السوق لتوسيع بصمتهم الصينية. ولكن حتى في هذا السيناريو، من الحكمة أن يعيد المستثمرون العالميون معايرة استراتيجياتهم الاستثمارية بإضافة شريك محلي لتقليل مخاطر نزع الملكية، مع ذلك، قد تُـجـبَـر الشركات التي تقرر البقاء وزيادة وجودها في الصين على العمل كمؤسسة تجارية معزولة ماليا. من المرجح أن يؤدي هذا إلى تعقيد التقارير المالية وزيادة أعبائها التنظيمية، وخاصة في مواجهة تصاعد سياسات الحماية التجارية والتفتت الإقليمي، ولكن في النهاية، يجب أن يكون المستثمرون الملتزمون بالاستثمار في الصين مبدعين في كيفية إدارتهم لأعمالهم في الصين ـ ومع الصين.
وسوف يكون لزاما عليهم إعادة تقييم هياكل الحوكمة والرقابة على مجالس إدارة الكيانات المحلية الجديدة التي قد تتداول فقط في أسواق الأسهم الصينية يتعين عليهم أن يعتمدوا على مقاييس غير تقليدية، خاصة أن المقاييس التقليدية مثل الإحصائيات الكلية، ومضاعفات السعر/الربح، ومعدل العائد الداخلي، ونِـسَـب شارب، ومقاييس التقلب المشابهة لمؤشر VIX، أقل جدارة بالثقة في مثل هذه البيئة الجيوسياسية والاقتصادية والمالية السريعة التغير والحركة.
أيا كان الاختيار الذي يستقرون عليه، يواجه المستثمرون الغربيون في الصين تضاريس اقتصادية مختلفة تماما عن تلك التي عملوا فيها لأكثر من عقد من الزمن.
يعكس هذا التحول تطورات سياسية محلية مثل قبضة شي الحديدية على السلطة، لكنه يشهد على نظام جيوسياسي جديد، حيث تتنافس الصين والولايات المتحدة على التفوق الاقتصادي والتكنولوجي والعسكري في عالم تنحسر عنه العولمة بسرعة، ويتعين على المستثمرين أن يدرسوا تحركاتهم التالية بعناية.
دامبيسا مويو خبيرة اقتصادية ومؤلفة من كتبها حافة الفوضى: لماذا تفشل الديمقراطية في تحقيق النمو الاقتصادي - وكيفية إصلاحه.
خدمة بروجيكت سنديكيت