تجربتي في قسم الإخراج الصحفي
السبت / 24 / ربيع الثاني / 1444 هـ - 23:24 - السبت 19 نوفمبر 2022 23:24
أحمد بن سالم الفلاحي صحفي سابق بجريدة عمان، عمل في قسم الإخراج وتدرج في عدة أقسام تحريرية أخرى
ذات يوم، وفي النصف الأول من عام 1987م، كنت في مكتب الأستاذ حمد بن محمد الراشدي، المدير العام ورئيس التحرير، بجريدة عمان (أصبح وزيرا للإعلام فيما بعد) مقدما له رسالة (طلب وظيفة) فبادرني بالسؤال عن أي قسم أود أن أكون فيه؟ ولعدم معرفتي بأقسام الجريدة، حينها، لم أجبه باختيار قسم بعينه، فقال: عندي قسم الإخراج الذي لا يوجد فيه أي شاب عماني، وأقسام التحرير كلها بها شباب عمانيون، فأريدك ومن يأتي بعدك أن تكونوا في هذا القسم، فوافقت على الفور -ولعلني أسجل بهذه الموافقة اسمي كأول مخرج صحفي عماني في هذه الجريدة، وبعد ذلك توالى الزملاء من العمانيين في قسم الإخراج، وهو القسم الذي يصفه الزملاء من الإخوة المصريين الذين وجدناهم في هذا القسم بأنه الـ«مطبخ» للمواد الصحفية لتقديمها إلى القارئ مستساغة مقبولة؛ حيث تتحول المادة الصحفية الخام إلى رسالة للقارئ؛ ينتظرها بفارغ الصبر؛ كل صباح، تحمل في طياتها الكثير من العناوين؛ في مجالات الإخبار، والتوجيه، والإرشاد، والترفيه، والآراء، والتحليل، واتخاذ المواقف.
بعد أشهر لم تطل كثيرا كان في القسم ثلة من الزملاء العمانيين المميزين؛ أذكر منهم بكثير من الود والتقدير الإخوة/ محمد بن سيف الرحبي، وسليم بن سالم العلوي، وخالد بن محمد الوهيبي، بالإضافة إلى من تبقى من الإخوة الأشقاء من جمهورية مصر العربية، وهم عبدالقادر محمد علي، رضا السيد -رحمه الله- ومحي عبدالغفار، والذين غادروا القسم تباعا بعد انتهاء إعارتهم؛ عائدين إلى بلدهم الكريم، حيث توليت بصحبة الزملاء الكرام مسؤولية قسم الإخراج الصحفي بالجريدة، حتى عام (1996م) فكانت المحصلة العملية في قسم الإخراج في الفترة من (1987، تخللتها رئاسة القسم من عام 1990 حتى 1999م) بعدها انتقلت إلى أقسام التحرير المختلفة بدءا من قسم المنوعات، فالقسم الثقافي، وانتهاء بقسم التحقيقات الصحفية؛ حتى عام (2009م) كآخر محطة عملية في جريدة عمان.
شكّل قسم الإخراج الصحفي محطة انتظار لجميع الأقسام في إدارة التحرير؛ من محررين ومصورين، حيث يتوافد المحررون إلى القسم بعد الساعة الـ(12) لنبدأ معهم رسم الصفحات وهي العملية الإخراجية التي لا تخلو من بعض التعقيدات أحيانا، فالمخرج أمام صفحة بيضاء، وعلى طاولته مجموعة من المواد التحريرية أعدها محرر المادة، وعليه أن يكيّف هذه المواد وفق المساحة المتاحة في الصفحة التي قد تتخللها الإعلانات، مما قد يضطر المحرر إلى اختصار مادته، وهذه لوحدها إشكالية موضوعية؛ ففي تقدير المحرر أن كل المواد التي أحضرها مهمة، وقد يصعب اختصار البعض منها، هذا بخلاف تأجيلها؛ حيث ستفقد قيمتها الموضوعية، خاصة إذا كانت المادة خبرية، وحتى مواد التحقيقات التي قد ترتبط بمناسبات معينة، مع استحضار أن الصحف الأخرى سوف تنشر عن ذات المناسبة، والحيرة تتعقد أكثر عندما تكون هناك تصريحات للمسؤولين، أو لقاءات صحفية، يصعب اختصارها، إذا لم يكن مستحيلا في بعضها، لذلك فعلى المخرج أن يبذل قصارى جهده، ليس فقط في تكييف المادة وفق المساحة المتاحة في الصفحة الواحدة، بل عليه أيضا أن يكون على اتصال دائم بقسم الإعلانات لتوزيعها توزيعا لا يخل بالمساحات الموجودة في الصفحات، بحيث لا تتركز مساحات الإعلانات في صفحات بعينها؛ والاستثناء الوحيد في بقاء الإعلانات في الصفحات التي أسعارها مختلفة؛ مثل (الصفحة الأولى، والصفحة الثالثة، والصفحة الأخيرة)، مع أن الصفحة الأولى أيضا، لا يمكن أن تزيد فيها المساحة الإعلانية عن نصف الصفحة؛ كأقصى تقدير، وإلا سيتخذ قرار بتوجيه من رئيس التحرير لفتح صفحة أولى «أولى» وصفحة أولى «ثانية» وذلك بهدف استيعاب المادة الإعلانية.
ومع التقدير لمختلف الأقسام التحريرية في الجريدة، إلا أن قسم الإخراج الصحفي ظل القسم الديناميكي الأكثر علاقة بكل أقسام التحرير، وبالأقسام الفنية الأخرى بلا استثناء، وذلك لأن كل مواد أقسام التحرير لا بد أن تمر بقسم الإخراج الصحفي، قبل أن تتحوّل هذه المواد إلى صفحات فنية مخرجة بطريقة تلفت نظر القارئ بعد طباعتها، فقسم الإخراج هو الذي يجسر العلاقة بين أقسام التحرير والأقسام الفنية الأخرى بدءا من قسم طباعة المواد، وفرز الصور، مرورا بقسم المونتاج «التنفيذ» والذي كان يدويا في ذلك الزمن؛ وقسم تصوير الصفحات بعد منتجتها «الأوفست» وصولا إلى ماكينة الطباعة «المطبعة» حيث يتم بعدها توزيع الجريدة إلى نقاط التوزيع المختلفة، وهذه العملية الفنية برمتها تستهلك فترة زمنية تقدر بـ(24) ساعة عمل متواصلة، ففي الوقت الذي تنتشر فيه سيارات التوزيع مستقصية المساحات الجغرافية عبر ولايات سلطنة عمان المختلفة، لتوزيع العدد اليومي للجريدة، والتي قد تصل ما بين الساعة السادسة صباحا إلى الثامنة صباحا لبعض الولايات؛ لبُعدها عن مقر الجريدة في محافظة مسقط، ففي الجانب الآخر يستعد المحررون لإعداد المواد التحريرية لمختلف المناسبات، والتي غالبا ما تبدأ عند الساعة العاشرة صباحا لليوم نفسه، ومعنى هذا أن عمل المخرج قد يبدأ أحيانا في الساعة العاشرة صباحا، لحضور اجتماع التحرير الذي يترأسه رئيس التحرير، أو مَن ينوب عنه، ويتواصل عمل قسم الإخراج من حينها إلى حيث تسليم الجريدة لقسم التوزيع في صباح اليوم التالي، وذلك لما بعد الثالثة صباحا في كثير من الأحيان، عبر مناوبات متتالية بين زملاء القسم، فالمخرج الصحفي هو من يوقع على صورة العدد في مرحلته النهائية بعد طباعته وقبل توزيعه، أو تسليمه إلى قسم التوزيع؛ حيث يتشارك في هذا التوقيع مع المناوب للصفحة الأولى من قسم «سكرتارية التحرير» المركزية، وهذا التوقيع بقدر ما هو جزء من تحمّل مسؤولية أي خطأ؛ سواء في المادة المنشورة، أو خطأ فني في الإخراج والألوان، وتراتبية الصور، إلا أنه في تقديري الشخصي تفويض كريم من رئيس التحرير الذي يضع ثقته في مَن ينوب عنه في هذه الفترة الحرجة من عمر طباعة الجريدة، لذلك كثيرا ما كنت أوقّع على العدد، وقد خرجت من مبنى الجريدة، فإذا القائم على الطباعة يتصل بي لوجود خطأ ما؛ وقد أكون على مسافة بعيدة في الخوير أو في العذيبة في الاتجاه إلى السيب، فأضطر للعودة مرة ثانية إلى مبنى الجريدة في روي لمعالجة ذلك الخطأ قبل أن يصل إلى القارئ العزيز.
يجدر هنا أيضا ذكر بعض المواقف التي تعرّضت لها خلال فترة وجودي في قسم الإخراج الصحفي، وقد يتعرّض لها أي مخرج صحفي؛ وهي إشكاليات معرفية، وفنية -هذا قبل حلول الحاسب الآلي- لتضاف إلى ذلك الإشكاليات الفنية الأخرى، ومما تعرّضت له في مثل هذه المواقف؛ يمكن ذكر التالي:
الأولى: عند بدء حرب الخليج الثانية في فبراير 1991م؛ حيث كنت مناوبا في قسم الإخراج للصفحة الأولى، وكنت بصحبة الزميل العزيز إبراهيم بن عبدالله المعمري؛ المناوب في إعداد الصفحة الأولى من قسم سكرتارية التحرير المركزية، وكانت كل صفحات الأخبار الدولية مطبوعة بالإضافة إلى الصفحات الأخرى -بليتات، ومركبة في المطبعة- ولم يبق إلا الصفحة الأولى فقط؛ حيث كنا نتابع سويا الأخبار المتوالية من وكالات الأنباء الدولية، وكانت الأخبار تتوالى منذ نهار ذلك اليوم، هل ستبدأ قوات التحالف بضرب القوات العراقية التي؛ كانت قد بدأت الانسحاب من الكويت؛ وعندما بدأت الأخبار تتوالى بضرب قوات التحالف للقوات العراقية، كانت الساعة تشير إلى ما بعد الواحدة صباحا، حيث تغير مسار الأخبار من الألف إلى الياء، وطبعا الزملاء في قسم الأخبار الدولية قد غادروا مكاتبهم منذ ساعات طويلة، واستدعاؤهم في ذلك الوقت المتأخر من الليل لن يكون عمليا، فتم التوصل إلى قرار أن تُعاد الصفحات الدولية إلى قسم المونتاج، ويكتب على أعلاها العبارة (أُعدت قبل بدء الحرب) وبذلك تم تجاوز إشكالية إلغاء صفحات الأخبار الدولية والتي كانت كلها تتحدث عن استعداد قوات التحالف لضرب القوات العراقية، وموقف الأعضاء في مجلس الأمن، ومنح مجلس الأمن المواقفة لقوات التحالف على ضرب قوات العراق.
وكانت الصفحة الأولى أيضا مكتملة، فتمت إعادة تحرير الأخبار فيها من جديد، وبهذا بقيت مع الأخ إبراهيم المعمري طوال الليل لإجراء هذه التعديلات، حتى تم تسليم كامل الصفحات للمطبعة وطباعتها، وقد خرجنا سويا في حدود الساعة الثامنة صباحا، حيث صبّحنا بالموظفين الإداريين الذي أتوا لبدء عملهم في اليوم التالي.
الثانية: ضمن العمل اليومي لإخراج الصفحات، تسلمت مادة من القسم السياسي «التحقيقات السياسية» وهو قسم معني بالتحليلات والأحداث السياسية، وبها موضوع عن الانتفاضة الفلسطينية (مقال) للزميل حسين عبدالغني، ويحدث أحيانا أنه على المخرج أن يطلب صورا من الأرشيف بناء على ما يطلبه المحرر لتعزيز الموضوع، وإضفاء اللمسات الفنية عليه، بدلا من إخراجه مجردا من أي صورة، مع أن المفترض أن يُحْضِر المحرر مادته كاملة من الصور والتعليقات عليها، وكتابة أسماء الشخصيات كتابة واضحة وسليمة، ولكن أحيانا نتعاون مع زملائنا المحررين ونطلب الصور من الأرشيف، فطلبت صورة من الأخ المناوب في قسم أرشيف الصور عن الانتفاضة الفلسطينية، وتم إخراج الصفحة وتسليمها للمونتاج، حسب مسار الصفحات المعتاد، ونشرت الصفحة وبها الصورة، وفي اليوم التالي، أو الذي بعده، جاءت رسالة احتجاج من السفارة المصرية، بأن الصورة المنشورة مع المقال الذي يتحدث عن الانتفاضة الفلسطينية هي للقوات المصرية الملتحمة مع إحدى المظاهرات في القاهرة، وليست للانتفاضة الفلسطينية، ولأنني كنت في الواجهة، وأنني مَن طلب الصورة من الأرشيف، فقد تم لفت نظري برسالة صادرة من المكلف بتسيير أعمال رئيس التحرير (...) وذلك أول رسالة لفت نظر منذ بدء العمل، ما حز في نفسي أن معد المادة لم يلفت نظره، ولا المناوب في قسم الأرشيف، ولا الموقّع على الصفحة في صورتها النهائية من قسم السكرتارية المركزية، وكان حينها رئيس التحرير الشيخ حمود بن سالم السيابي يغطي الجولة السامية للسلطان قابوس -طيب الله ثراه- في إحدى ولايات السلطنة.
الثالثة: وهي من المواقف الصعبة التي لن أنساها أبدا؛ يوم أن داومت لأكثر من (24) ساعة دون توقف، حيث أُسند إليّ إخراج العدد الخاص لمجلة العيد الوطني التي يعدها الزملاء كل عام بمناسبة حلول العيد الوطني المجيد -وكان للعيد الوطني السابع والعشرين لعام 1997م، وكان العدد مخصصا عن محافظة ظفار؛ حيث تقام المناسبة- وعندما أنهينا مواد العدد التحريرية، والفنية، وأُرسل إلى المطبعة (مطبعة خاصة) فإذا بي في اليوم التالي أتلقى اتصالا من مكتب رئيس مجلس الإدارة -مقره بالقرب من وزارة الإعلام- في الساعة العاشرة صباحا؛ وطلب مني أن أذهب إلى المطبعة؛ وكانت في الرسيل الصناعية، وأحضر المجلة، وقد طبعت «البروفة» وأحضرتها، فتم حذف ثلاثة أرباع المادة، وكان اليوم الخامس عشر من نوفمبر، والمجلة مطلوب توزيعها في ميدان الاحتفالات في صلالة قبل بدء المهرجان، أي في ليلة الثامن عشر من نوفمبر، فلم أعد إلى المنزل، وذهبت مباشرة إلى مقر الجريدة وبدأنا في تنفيذ المادة الجديدة، بصحبة عدد من الزملاء في قسم المونتاج، وقسم طباعة المواد، وفرز الصور، والمادة البديلة كانت عبارة عن تقارير تنموية، مختلفة تماما عن سابقتها، ما عدا اللقاء الذي أجري مع محافظ ظفار، وعلى امتداد نهار ذلك اليوم، وصولا إلى الفترة الليلية والإخوة في التنفيذ وفي الجمع العربي يواصلون العمل في المواد البديلة، وقد أنهينا التنفيذ في حدود الساعة الثامنة صباحا من اليوم التالي (السادس عشر من نوفمبر) فعدت في المنزل في الحيل منهكا أكاد لا أرى مسار الطريق، وبعد ساعة تقريبا تم استدعائي مرة أخرى لوجود أخطاء في ترقيم الصفحات، فعدت إلى مبنى الجريدة في روي، ومنها واصلت العمل إلى مساء ذلك اليوم.
خلاصة الأمر هنا أن المخرج ليس عليه فقط إخراج المادة على الصفحة، والاعتناء بالشكل الفني الذي يأمل أن يختطف بصر القارئ ليقبِل على هذه الجريدة أو تلك، وإنما عليه أن يكون عينا ثالثة داعمة لمحرر المادة، وتثمين جهده الذي بذله في الميدان، لأن الجانب الإخراجي يؤدي دورا محوريا في اختطاف عين القارئ، وإعطاء المادة حقها من الإبراز والتميز، بما في ذلك مراعاة جلسة الضيف في الحوارات الصحفية، ونظرته، لأن أي لقطة يحس فيها الضيف أن بها انتقاصا من شخصه، أو تقليلا من شأنه، قد يقلل من قيمة الجريدة، وحتى لا يضع المحرر في موقف حرج أمام ضيفه بعد النشر، وكثيرا ما يحدث أن تجرى اتصالات في يوم النشر من قبل من أُجريت معهم حوارات، أو تم الاتصال بهم كون مواضيعهم لم تبرز، أو أنه تم حذف جزء منها لأن المساحات غير كافية، وهنا يتحمّل المخرج جزء كبير من المسؤولية تجاهها، فوق أن المخرج الصحفي يتعامل مع كل الأقسام في التحرير، وبالتالي فعليه أن يستوعب متطلبات كل قسم من الجوانب الفنية؛ فإخراج الصفحة الرياضية، على سبيل المثال يختلف عن إخراج صفحات الأخبار المحلية، أو الأخبار الدولية، وكذلك الصفحات الفنية تحتاج إلى رؤية إخراجية مختلفة، والشخصيات الرسمية تحتاج إلى تعامل مختلف عن الشخصيات الفنية والثقافية، حيث تراعى حركات اليدين، وتعبيرات الوجه، واتجاهات الرؤية، كما يختلف الأمر مع الأحداث الكبيرة كالفيضانات، والحرائق، والحملات الصحفية، فهذه كلها تتطلب مواصفات خاصة من المخرجين، وليس كل المخرجين على نسق واحد في الجوانب الإخراجية، فهناك على قدر كبير من الحرفنة والتميز والذكاء، والرؤية الفنية الرائعة، لذلك هم مستقصدون أكثر من غيرهم، وخاصة في إخراج الصفحات الرياضية والفنية.
ختاما؛ يمكن القول إننا بدأنا عملنا في الإخراج الصحفي بأدوات بسيطة، لا تزيد عن قلم «البنسل» ومسطرة، والصفحات المخصصة للإخراج، والتي يُطلق عليها الـ«موكيت» ولكن بقدر بساطة هذه الأدوات فالعملية الإخراجية تتطلب الكثير من المهارات الفنية، ومن حب خالص للمهنة ككل، فالمهنية الصحفية لن ينجح فيها إلا من يحبها، بل ويعشقها، وبالتالي فمن يتخذها وظيفة لأجل راتب لن ينجح فيها إطلاقا، وستظل تشكل له هما ثقيلا، لا يصدق متى يتخلص من مادته التحريرية لينفذ سريعا إلى خارج مبنى الجريدة.
بينما اليوم تطورت العملية الإخراجية بفضل برامج الحاسب الآلي، الذي به برامج كثيرة تتيح الفرصة للتلاعب بالصور، وبالمادة المكتوبة، وباستحضار أشكال فنية، قد توجد من مادة ليست بتلك الأهمية إلى مادة تدهش القارئ أو مَن يفتح صفحات الجريدة، ولذلك ظل التنافس قائما -قديما وحاضرا- على قدرة الصحيفة على تقديم صفحات مميزة «إخراجيا» قبل كل شيء، للاستحواذ على اقتناء القارئ لها، ومن هنا تأتي المفاضلة بين القراء في اقتناء جريدة ما دون أخرى، لوجود الميزة الإخراجية أكثر من ميزة المواد وأهميتها، وخاصة عند صغار السن، فوق أن يتاح الآن للمخرج أن يخرج صفحة كاملة بنصف مادة ما كان تتطلبه الصفحة قديما بالإخراج التقليدي، مع المعرفة بأنه تم اليوم دمج الإخراج والمونتاج، بل والتحرير في برنامج واحد، فباستطاعة المحرر اليوم أن يُخرج صفحته ويعدها فنيا، ويرسلها إلى المطبعة مباشرة؛ ربما فقط يحتاج إلى قسم التصحيح؛ للتأكد من سلامة اللغة، والصياغة، كما هو الحال بأن أفراد المجتمع أصبحوا كلهم صحفيين «شاملين» عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
أحمد بن سالم الفلاحي صحفي سابق بجريدة عمان، عمل في قسم الإخراج وتدرج في عدة أقسام تحريرية أخرى.
بعد أشهر لم تطل كثيرا كان في القسم ثلة من الزملاء العمانيين المميزين؛ أذكر منهم بكثير من الود والتقدير الإخوة/ محمد بن سيف الرحبي، وسليم بن سالم العلوي، وخالد بن محمد الوهيبي، بالإضافة إلى من تبقى من الإخوة الأشقاء من جمهورية مصر العربية، وهم عبدالقادر محمد علي، رضا السيد -رحمه الله- ومحي عبدالغفار، والذين غادروا القسم تباعا بعد انتهاء إعارتهم؛ عائدين إلى بلدهم الكريم، حيث توليت بصحبة الزملاء الكرام مسؤولية قسم الإخراج الصحفي بالجريدة، حتى عام (1996م) فكانت المحصلة العملية في قسم الإخراج في الفترة من (1987، تخللتها رئاسة القسم من عام 1990 حتى 1999م) بعدها انتقلت إلى أقسام التحرير المختلفة بدءا من قسم المنوعات، فالقسم الثقافي، وانتهاء بقسم التحقيقات الصحفية؛ حتى عام (2009م) كآخر محطة عملية في جريدة عمان.
شكّل قسم الإخراج الصحفي محطة انتظار لجميع الأقسام في إدارة التحرير؛ من محررين ومصورين، حيث يتوافد المحررون إلى القسم بعد الساعة الـ(12) لنبدأ معهم رسم الصفحات وهي العملية الإخراجية التي لا تخلو من بعض التعقيدات أحيانا، فالمخرج أمام صفحة بيضاء، وعلى طاولته مجموعة من المواد التحريرية أعدها محرر المادة، وعليه أن يكيّف هذه المواد وفق المساحة المتاحة في الصفحة التي قد تتخللها الإعلانات، مما قد يضطر المحرر إلى اختصار مادته، وهذه لوحدها إشكالية موضوعية؛ ففي تقدير المحرر أن كل المواد التي أحضرها مهمة، وقد يصعب اختصار البعض منها، هذا بخلاف تأجيلها؛ حيث ستفقد قيمتها الموضوعية، خاصة إذا كانت المادة خبرية، وحتى مواد التحقيقات التي قد ترتبط بمناسبات معينة، مع استحضار أن الصحف الأخرى سوف تنشر عن ذات المناسبة، والحيرة تتعقد أكثر عندما تكون هناك تصريحات للمسؤولين، أو لقاءات صحفية، يصعب اختصارها، إذا لم يكن مستحيلا في بعضها، لذلك فعلى المخرج أن يبذل قصارى جهده، ليس فقط في تكييف المادة وفق المساحة المتاحة في الصفحة الواحدة، بل عليه أيضا أن يكون على اتصال دائم بقسم الإعلانات لتوزيعها توزيعا لا يخل بالمساحات الموجودة في الصفحات، بحيث لا تتركز مساحات الإعلانات في صفحات بعينها؛ والاستثناء الوحيد في بقاء الإعلانات في الصفحات التي أسعارها مختلفة؛ مثل (الصفحة الأولى، والصفحة الثالثة، والصفحة الأخيرة)، مع أن الصفحة الأولى أيضا، لا يمكن أن تزيد فيها المساحة الإعلانية عن نصف الصفحة؛ كأقصى تقدير، وإلا سيتخذ قرار بتوجيه من رئيس التحرير لفتح صفحة أولى «أولى» وصفحة أولى «ثانية» وذلك بهدف استيعاب المادة الإعلانية.
ومع التقدير لمختلف الأقسام التحريرية في الجريدة، إلا أن قسم الإخراج الصحفي ظل القسم الديناميكي الأكثر علاقة بكل أقسام التحرير، وبالأقسام الفنية الأخرى بلا استثناء، وذلك لأن كل مواد أقسام التحرير لا بد أن تمر بقسم الإخراج الصحفي، قبل أن تتحوّل هذه المواد إلى صفحات فنية مخرجة بطريقة تلفت نظر القارئ بعد طباعتها، فقسم الإخراج هو الذي يجسر العلاقة بين أقسام التحرير والأقسام الفنية الأخرى بدءا من قسم طباعة المواد، وفرز الصور، مرورا بقسم المونتاج «التنفيذ» والذي كان يدويا في ذلك الزمن؛ وقسم تصوير الصفحات بعد منتجتها «الأوفست» وصولا إلى ماكينة الطباعة «المطبعة» حيث يتم بعدها توزيع الجريدة إلى نقاط التوزيع المختلفة، وهذه العملية الفنية برمتها تستهلك فترة زمنية تقدر بـ(24) ساعة عمل متواصلة، ففي الوقت الذي تنتشر فيه سيارات التوزيع مستقصية المساحات الجغرافية عبر ولايات سلطنة عمان المختلفة، لتوزيع العدد اليومي للجريدة، والتي قد تصل ما بين الساعة السادسة صباحا إلى الثامنة صباحا لبعض الولايات؛ لبُعدها عن مقر الجريدة في محافظة مسقط، ففي الجانب الآخر يستعد المحررون لإعداد المواد التحريرية لمختلف المناسبات، والتي غالبا ما تبدأ عند الساعة العاشرة صباحا لليوم نفسه، ومعنى هذا أن عمل المخرج قد يبدأ أحيانا في الساعة العاشرة صباحا، لحضور اجتماع التحرير الذي يترأسه رئيس التحرير، أو مَن ينوب عنه، ويتواصل عمل قسم الإخراج من حينها إلى حيث تسليم الجريدة لقسم التوزيع في صباح اليوم التالي، وذلك لما بعد الثالثة صباحا في كثير من الأحيان، عبر مناوبات متتالية بين زملاء القسم، فالمخرج الصحفي هو من يوقع على صورة العدد في مرحلته النهائية بعد طباعته وقبل توزيعه، أو تسليمه إلى قسم التوزيع؛ حيث يتشارك في هذا التوقيع مع المناوب للصفحة الأولى من قسم «سكرتارية التحرير» المركزية، وهذا التوقيع بقدر ما هو جزء من تحمّل مسؤولية أي خطأ؛ سواء في المادة المنشورة، أو خطأ فني في الإخراج والألوان، وتراتبية الصور، إلا أنه في تقديري الشخصي تفويض كريم من رئيس التحرير الذي يضع ثقته في مَن ينوب عنه في هذه الفترة الحرجة من عمر طباعة الجريدة، لذلك كثيرا ما كنت أوقّع على العدد، وقد خرجت من مبنى الجريدة، فإذا القائم على الطباعة يتصل بي لوجود خطأ ما؛ وقد أكون على مسافة بعيدة في الخوير أو في العذيبة في الاتجاه إلى السيب، فأضطر للعودة مرة ثانية إلى مبنى الجريدة في روي لمعالجة ذلك الخطأ قبل أن يصل إلى القارئ العزيز.
يجدر هنا أيضا ذكر بعض المواقف التي تعرّضت لها خلال فترة وجودي في قسم الإخراج الصحفي، وقد يتعرّض لها أي مخرج صحفي؛ وهي إشكاليات معرفية، وفنية -هذا قبل حلول الحاسب الآلي- لتضاف إلى ذلك الإشكاليات الفنية الأخرى، ومما تعرّضت له في مثل هذه المواقف؛ يمكن ذكر التالي:
الأولى: عند بدء حرب الخليج الثانية في فبراير 1991م؛ حيث كنت مناوبا في قسم الإخراج للصفحة الأولى، وكنت بصحبة الزميل العزيز إبراهيم بن عبدالله المعمري؛ المناوب في إعداد الصفحة الأولى من قسم سكرتارية التحرير المركزية، وكانت كل صفحات الأخبار الدولية مطبوعة بالإضافة إلى الصفحات الأخرى -بليتات، ومركبة في المطبعة- ولم يبق إلا الصفحة الأولى فقط؛ حيث كنا نتابع سويا الأخبار المتوالية من وكالات الأنباء الدولية، وكانت الأخبار تتوالى منذ نهار ذلك اليوم، هل ستبدأ قوات التحالف بضرب القوات العراقية التي؛ كانت قد بدأت الانسحاب من الكويت؛ وعندما بدأت الأخبار تتوالى بضرب قوات التحالف للقوات العراقية، كانت الساعة تشير إلى ما بعد الواحدة صباحا، حيث تغير مسار الأخبار من الألف إلى الياء، وطبعا الزملاء في قسم الأخبار الدولية قد غادروا مكاتبهم منذ ساعات طويلة، واستدعاؤهم في ذلك الوقت المتأخر من الليل لن يكون عمليا، فتم التوصل إلى قرار أن تُعاد الصفحات الدولية إلى قسم المونتاج، ويكتب على أعلاها العبارة (أُعدت قبل بدء الحرب) وبذلك تم تجاوز إشكالية إلغاء صفحات الأخبار الدولية والتي كانت كلها تتحدث عن استعداد قوات التحالف لضرب القوات العراقية، وموقف الأعضاء في مجلس الأمن، ومنح مجلس الأمن المواقفة لقوات التحالف على ضرب قوات العراق.
وكانت الصفحة الأولى أيضا مكتملة، فتمت إعادة تحرير الأخبار فيها من جديد، وبهذا بقيت مع الأخ إبراهيم المعمري طوال الليل لإجراء هذه التعديلات، حتى تم تسليم كامل الصفحات للمطبعة وطباعتها، وقد خرجنا سويا في حدود الساعة الثامنة صباحا، حيث صبّحنا بالموظفين الإداريين الذي أتوا لبدء عملهم في اليوم التالي.
الثانية: ضمن العمل اليومي لإخراج الصفحات، تسلمت مادة من القسم السياسي «التحقيقات السياسية» وهو قسم معني بالتحليلات والأحداث السياسية، وبها موضوع عن الانتفاضة الفلسطينية (مقال) للزميل حسين عبدالغني، ويحدث أحيانا أنه على المخرج أن يطلب صورا من الأرشيف بناء على ما يطلبه المحرر لتعزيز الموضوع، وإضفاء اللمسات الفنية عليه، بدلا من إخراجه مجردا من أي صورة، مع أن المفترض أن يُحْضِر المحرر مادته كاملة من الصور والتعليقات عليها، وكتابة أسماء الشخصيات كتابة واضحة وسليمة، ولكن أحيانا نتعاون مع زملائنا المحررين ونطلب الصور من الأرشيف، فطلبت صورة من الأخ المناوب في قسم أرشيف الصور عن الانتفاضة الفلسطينية، وتم إخراج الصفحة وتسليمها للمونتاج، حسب مسار الصفحات المعتاد، ونشرت الصفحة وبها الصورة، وفي اليوم التالي، أو الذي بعده، جاءت رسالة احتجاج من السفارة المصرية، بأن الصورة المنشورة مع المقال الذي يتحدث عن الانتفاضة الفلسطينية هي للقوات المصرية الملتحمة مع إحدى المظاهرات في القاهرة، وليست للانتفاضة الفلسطينية، ولأنني كنت في الواجهة، وأنني مَن طلب الصورة من الأرشيف، فقد تم لفت نظري برسالة صادرة من المكلف بتسيير أعمال رئيس التحرير (...) وذلك أول رسالة لفت نظر منذ بدء العمل، ما حز في نفسي أن معد المادة لم يلفت نظره، ولا المناوب في قسم الأرشيف، ولا الموقّع على الصفحة في صورتها النهائية من قسم السكرتارية المركزية، وكان حينها رئيس التحرير الشيخ حمود بن سالم السيابي يغطي الجولة السامية للسلطان قابوس -طيب الله ثراه- في إحدى ولايات السلطنة.
الثالثة: وهي من المواقف الصعبة التي لن أنساها أبدا؛ يوم أن داومت لأكثر من (24) ساعة دون توقف، حيث أُسند إليّ إخراج العدد الخاص لمجلة العيد الوطني التي يعدها الزملاء كل عام بمناسبة حلول العيد الوطني المجيد -وكان للعيد الوطني السابع والعشرين لعام 1997م، وكان العدد مخصصا عن محافظة ظفار؛ حيث تقام المناسبة- وعندما أنهينا مواد العدد التحريرية، والفنية، وأُرسل إلى المطبعة (مطبعة خاصة) فإذا بي في اليوم التالي أتلقى اتصالا من مكتب رئيس مجلس الإدارة -مقره بالقرب من وزارة الإعلام- في الساعة العاشرة صباحا؛ وطلب مني أن أذهب إلى المطبعة؛ وكانت في الرسيل الصناعية، وأحضر المجلة، وقد طبعت «البروفة» وأحضرتها، فتم حذف ثلاثة أرباع المادة، وكان اليوم الخامس عشر من نوفمبر، والمجلة مطلوب توزيعها في ميدان الاحتفالات في صلالة قبل بدء المهرجان، أي في ليلة الثامن عشر من نوفمبر، فلم أعد إلى المنزل، وذهبت مباشرة إلى مقر الجريدة وبدأنا في تنفيذ المادة الجديدة، بصحبة عدد من الزملاء في قسم المونتاج، وقسم طباعة المواد، وفرز الصور، والمادة البديلة كانت عبارة عن تقارير تنموية، مختلفة تماما عن سابقتها، ما عدا اللقاء الذي أجري مع محافظ ظفار، وعلى امتداد نهار ذلك اليوم، وصولا إلى الفترة الليلية والإخوة في التنفيذ وفي الجمع العربي يواصلون العمل في المواد البديلة، وقد أنهينا التنفيذ في حدود الساعة الثامنة صباحا من اليوم التالي (السادس عشر من نوفمبر) فعدت في المنزل في الحيل منهكا أكاد لا أرى مسار الطريق، وبعد ساعة تقريبا تم استدعائي مرة أخرى لوجود أخطاء في ترقيم الصفحات، فعدت إلى مبنى الجريدة في روي، ومنها واصلت العمل إلى مساء ذلك اليوم.
خلاصة الأمر هنا أن المخرج ليس عليه فقط إخراج المادة على الصفحة، والاعتناء بالشكل الفني الذي يأمل أن يختطف بصر القارئ ليقبِل على هذه الجريدة أو تلك، وإنما عليه أن يكون عينا ثالثة داعمة لمحرر المادة، وتثمين جهده الذي بذله في الميدان، لأن الجانب الإخراجي يؤدي دورا محوريا في اختطاف عين القارئ، وإعطاء المادة حقها من الإبراز والتميز، بما في ذلك مراعاة جلسة الضيف في الحوارات الصحفية، ونظرته، لأن أي لقطة يحس فيها الضيف أن بها انتقاصا من شخصه، أو تقليلا من شأنه، قد يقلل من قيمة الجريدة، وحتى لا يضع المحرر في موقف حرج أمام ضيفه بعد النشر، وكثيرا ما يحدث أن تجرى اتصالات في يوم النشر من قبل من أُجريت معهم حوارات، أو تم الاتصال بهم كون مواضيعهم لم تبرز، أو أنه تم حذف جزء منها لأن المساحات غير كافية، وهنا يتحمّل المخرج جزء كبير من المسؤولية تجاهها، فوق أن المخرج الصحفي يتعامل مع كل الأقسام في التحرير، وبالتالي فعليه أن يستوعب متطلبات كل قسم من الجوانب الفنية؛ فإخراج الصفحة الرياضية، على سبيل المثال يختلف عن إخراج صفحات الأخبار المحلية، أو الأخبار الدولية، وكذلك الصفحات الفنية تحتاج إلى رؤية إخراجية مختلفة، والشخصيات الرسمية تحتاج إلى تعامل مختلف عن الشخصيات الفنية والثقافية، حيث تراعى حركات اليدين، وتعبيرات الوجه، واتجاهات الرؤية، كما يختلف الأمر مع الأحداث الكبيرة كالفيضانات، والحرائق، والحملات الصحفية، فهذه كلها تتطلب مواصفات خاصة من المخرجين، وليس كل المخرجين على نسق واحد في الجوانب الإخراجية، فهناك على قدر كبير من الحرفنة والتميز والذكاء، والرؤية الفنية الرائعة، لذلك هم مستقصدون أكثر من غيرهم، وخاصة في إخراج الصفحات الرياضية والفنية.
ختاما؛ يمكن القول إننا بدأنا عملنا في الإخراج الصحفي بأدوات بسيطة، لا تزيد عن قلم «البنسل» ومسطرة، والصفحات المخصصة للإخراج، والتي يُطلق عليها الـ«موكيت» ولكن بقدر بساطة هذه الأدوات فالعملية الإخراجية تتطلب الكثير من المهارات الفنية، ومن حب خالص للمهنة ككل، فالمهنية الصحفية لن ينجح فيها إلا من يحبها، بل ويعشقها، وبالتالي فمن يتخذها وظيفة لأجل راتب لن ينجح فيها إطلاقا، وستظل تشكل له هما ثقيلا، لا يصدق متى يتخلص من مادته التحريرية لينفذ سريعا إلى خارج مبنى الجريدة.
بينما اليوم تطورت العملية الإخراجية بفضل برامج الحاسب الآلي، الذي به برامج كثيرة تتيح الفرصة للتلاعب بالصور، وبالمادة المكتوبة، وباستحضار أشكال فنية، قد توجد من مادة ليست بتلك الأهمية إلى مادة تدهش القارئ أو مَن يفتح صفحات الجريدة، ولذلك ظل التنافس قائما -قديما وحاضرا- على قدرة الصحيفة على تقديم صفحات مميزة «إخراجيا» قبل كل شيء، للاستحواذ على اقتناء القارئ لها، ومن هنا تأتي المفاضلة بين القراء في اقتناء جريدة ما دون أخرى، لوجود الميزة الإخراجية أكثر من ميزة المواد وأهميتها، وخاصة عند صغار السن، فوق أن يتاح الآن للمخرج أن يخرج صفحة كاملة بنصف مادة ما كان تتطلبه الصفحة قديما بالإخراج التقليدي، مع المعرفة بأنه تم اليوم دمج الإخراج والمونتاج، بل والتحرير في برنامج واحد، فباستطاعة المحرر اليوم أن يُخرج صفحته ويعدها فنيا، ويرسلها إلى المطبعة مباشرة؛ ربما فقط يحتاج إلى قسم التصحيح؛ للتأكد من سلامة اللغة، والصياغة، كما هو الحال بأن أفراد المجتمع أصبحوا كلهم صحفيين «شاملين» عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
أحمد بن سالم الفلاحي صحفي سابق بجريدة عمان، عمل في قسم الإخراج وتدرج في عدة أقسام تحريرية أخرى.