رأي عُمان

مسقط واشنطن.. علاقات تاريخية وخطط وتصورات جديدة

 
بدأت اليوم في واشنطن العاصمة الأمريكية جلسة محادثات بين سلطنة عمان والولايات المتحدة الأمريكية في إطار العلاقات التي تربط البلدين الصديقين. واستعرضت المحادثات «النجاحات الأخيرة التي تحققت في تعاون البلدين إزاء القضايا العالمية والإقليمية والثنائية»، إضافة إلى «خطط جديدة في إطار الاتفاقيات القائمة بين البلدين، مثل اتفاقية التجارة الحرة لعام 2009 واتفاقية العلوم والتكنولوجيا لعام 2016م وإطار العمل لاتفاقية عام 2019».

لكن المحادثات أيضا أطلقت «حوارًا استراتيجيًّا جديدًا بين سلطنة عُمان والولايات المتحدة الأمريكية، تتمثل أهدافه في البناء على الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين، وتطوير مبادرات مشتركة جديدة ملموسة، مع التركيز بشكل خاص على تحقيق أهداف تخفيض وإزالة انبعاثات الكربون في كلا البلدين».

على الرغم من أن مثل هذه المحادثات بين البلدين ليست جديدة إلا أن توقيتها في هذه المرحلة الزمنية يكسبها أهمية كبيرة على المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية. يذكر أن آخر اتفاقية وقعت بين البلدين هي الاتفاقية الإطارية بين وزارة الدفاع بسلطنة عمان ووزارة الدفاع الأمريكية وذلك في مارس 2019.

إن العلاقة بين سلطنة عمان والولايات المتحدة الأمريكية ليست وليدة السنوات الماضية أو حتى العقود الماضية، لكنها علاقات تاريخية قديمة بدأت منذ السنوات الأولى لتأسيس الولايات المتحدة الأمريكية بعد أن حصلت على استقلالها في النصف الثاني من القرن الثامن عشر. وفي ظل التحولات الكبيرة التي حصلت في منطقة الشرق الأوسط وما زالت تحصل إلا أن العلاقات الثنائية بقيت بين عُمان وأمريكا ثابتة وقوية بعيدا عن المد والجزر السياسي، وبعيدا عن تذبذب علاقات أمريكا بمنطقة الشرق الأوسط.

وتعود جذور هذه العلاقة إلى عام 1790 عندما وصلت السفينة الأمريكية «بوسطن رامبلر» إلى مسقط ، في مرحلة كانت فيها مسقط مركزا تجاريا مهما تتنافس على إقامة علاقات معه القوى البحرية الكبرى في العالم.

لكن العلاقات الرسمية الفعلية بين البلدين بدأت فعليًا في عام 1833 عندما وقعت الدولتان معاهدة «الصداقة والتجارة» وهي أول اتفاقية بين الولايات المتحدة ودولة عربية بحسب المراجع السياسية في البلدين. وفي عام 1840 وصل أحمد بن النعمان مبعوث السيد سعيد بن سلطان إلى نيويورك ليكون أول سفير عربي يصل الولايات المتحدة.

واستمرت العلاقات بين البلدين في التطور تبعا للمصالح المشتركة والسياق التنافسي التجاري والاقتصادي في ذلك الوقت في المحيط الهندي، وفي عام 1885 أنشأت أمريكا أول قنصلية لها في مسقط من أجل تعزيز الروابط التجارية، وفي عام 1958 وقعت عمان وأمريكا معاهدة الصداقة والعلاقات الاقتصادية والحقوق القنصلية. وفي عام 1972 فتحت الولايات المتحدة سفارة لها في مسقط. وبعد ذلك توالت الاتفاقيات الموقعة بين البلدين.

وهذا الخط الزمني في تطور العلاقات يكشف عن تاريخية العلاقات وعن ثباتها واستمراريتها.. ومع كل محادثات جديدة تفتح سلطنة عمان نوافذ جديدة في علاقاتها الاستراتيجية مع أمريكا.