أفكار وآراء

خوف من الانتخابات في إسرائيل

ترجمة قاسم مكي -

لدى زعيم حزب اليمين الإسرائيلي المتطرف والصاعد خطة لما أسماه «الإصلاحَ القضائي». إنها، بوصف أدَقّ، خطةٌ للقضاء على الإشراف القضائي وحكم القانون وحماية حقوق الإنسان.

يحدث هذا في سياق الانتخابات الإسرائيلية الوشيكة. فيوم الثلاثاء سيذهب الإسرائيليون مرة أخرى إلى صناديق الاقتراع. إنها المرة الخامسة منذ ربيع عام 2019، لذلك ربما تعتقد أن هذا التكرار الانتخابي لوحده قد يخفف من القلق والإحساس بأن كل شيء «ليس فقط من سيُنتخَب بل أيضا مستقبل الحكم الديمقراطي نفسه» يعتمد على العد النهائي لأصوات الناخبين.

لكن بدلا عن ذلك «وأنا أتحدث عن نفسي وربما عن حوالي النصف» الإحساس بالخوف من الانتخابات أعظم من أي وقت مضى. ذلك لأن المسألة لا تتعلق بعودة أو عدم عودة بنيامين نتنياهو المثقَل بالفضائح إلى سدّة الحكم.

فهذه المرة ترجح استطلاعات الرأي العام باستمرار أن يصبح «حزبُ الصهيونية الدينية» اليميني المتطرف ثالثَ أكبر حزب في البرلمان «الكنيست» بحصوله على أكثر من 10% من الأصوات. هذا قد يجعله الشريك الأعظم نفوذا في تكتل الليكود بقيادة نتنياهو، إذا تولى تشكيل الحكومة القادمة.

حزب الصهيونية الدينية نفسه «وهذا الاسم افتراء على الدين والصهيونية كليهما» تحالفٌ لجماعات صغيرة من اليمين المتشدد.

اتجه اهتمام معظم وسائل الإعلام حتى الآن إلى ايتمار بن غفير الرجل الثاني في الحزب وزعيم جماعة عوتسما يهوديت «عظمة يهودية». بدا بن غفير حياته السياسية معاونا لليميني الأصولي مائير كاهانا الذي كان عضوا لفترة برلمانية واحدة في الكنيست قبل حظره من الترشح مرة أخرى بموجب قانون محاربة العنصرية. اغتيل كاهانا في نيويورك عام 1990 ويقال إن صورته لا تزال معلقة في غرفة معيشة بن غفير.

الصورة الفوتوغرافية للإرهابي باروخ جولدشتاين تلميذ كاهانا والذي قتل 29 فلسطينيا في الخليل في عام 1994 كانت أيضا معلقة في وقت ما في تلك الغرفة. يرمز سحبُ صورة جولدشتاين إلى محاولة بن غفير التلطيف من الفكرة المتخيلة عن تشدده «لكن بقدر طفيف جدا» وذلك على نحو ما فعل ساسة اليمين المتطرف من الجماعات الأخرى.

وهو يقول إنه لم يعد ينادي بطرد العرب من إسرائيل والضفة الغربية، لكنه يؤيد ترحيل العرب اليساريين والساسة اليهود الذين يزعم أنهم «يؤيدون الإرهاب» كما يدعو إلى تفكيك السلطة الفلسطينية واستخدام الشرطة الإسرائيلية في القدس الشرقية الرصاصَ الحي بدلا عن إجراءات السيطرة على أعمال الشغب ضد احتجاجات الفلسطينيين.

لكن في الأسبوع قبل الماضي استعاد بتسلئيل سموتريتش زعيم حزب الصهيونية الدينية الأضواء بطرح مقترحاته «للإصلاح». وكان عنوان الخبر الذي تضمنها كالتالي: حذف جريمة النصب وخيانة الأمانة بواسطة موظف عام من القانون الجنائي.

يغطي هذا التجريم القانوني سوء استعمال الأموال العامة واستخدام سلطة الدولة لأغراض شخصية وتضارب المصالح وأشكال أخرى لسوء سلوك الموظف العام.

يواجه نتنياهو التهمة نفسها في ثلاث قضايا يخضع بموجبها للمحاكمة. وفي قضية واحدة فقط رئيس الوزراء السابق متهم أيضا بالرشوة.

لذلك تحذف خطة سموتريتش معظمَ التهم الواردة في لائحة الاتهام. والسؤال هو: هل يحاول سموتريتش بذلك أن يُظهِر لناخبي اليمين إلى أي حد هو منحاز لبنيامين نتنياهو أم يسعى إلى إرباكه من خلال تسليط الضوء على قضايا الفساد؟ الجواب: لا هذا ولا ذاك.

كان سموتريتش يتهم مسؤولي الادعاء بأنهم عصبة تتآمر سرا لتقويض أية حكومة يمينية بحشدِ قضايا مزيفة وفتح دعاوى جنائية». وفي اعتقاده، كما يبدو، توجيهُ اتهام بالفساد ضد أي سياسي يميني وليس فقط ضد نتنياهو دليلٌ في حد ذاته على تآمر يساري. لذلك يسعى من خلال توجيه ضربة استباقية إلى القضاء على الأداة الرئيسية المتاحة لمسؤولي الادعاء.

هذا ليس كل شيء. حاليا المدعية العامة الإسرائيلية «غالا بهراف-ميارا» موظفة عمومية، وهي بحكم وظيفتها المستشار القانوني للحكومة وآراؤها ملزمة لها ما لم يتم نقضها بواسطة محكمة. يقترح سموتريتش فصل دور المستشار القانوني «عن الادعاء» وتعيين شاغله سياسيا. أي أن يكون إمِّعَة «تابعا للحكومة» وليس رقيبا على السلطة التنفيذية.

سموتريتش أيضا يعد المحاكم معادية لسياسات وقوانين اليمين. ولكي يحلّ هذه المشكلة سيغير تركيبة اللجنة التي تعين القضاة. وستكون لممثلي التحالف الحاكم الأغلبية المطلقة. يمكن للمحكمة العليا إبطال القانون الذي ينتهك المبادئ الدستورية بما في ذلك حقوق الإنسان فقط بإجماع هيئتها «11 صوتا مقابل صفر». وحتى إذا فعلت ذلك يستطيع البرلمان بسهولة نقض قرار المحكمة وإعادة القانون الملغي.

ما هو واضح ولكن غير مصرح به في الإصلاح المشوه الذي يقترحه سموتريتش أنه يعد الديمقراطية «دكتاتورية أحدَث أغلبية». وعندما تُنتخب حكومته المفضلة ستكون حرة في اتخاذ إجراءات جائرة ضد طالبي اللجوء أو ترحيل الخصوم السياسيين دون تدخل من القضاء. الخطة القضائية لسموتريتش هي باختصار التمكين التشريعي لتنفيذ برنامج بن غفير.

على مدار أسابيع أظهرت استطلاعات الرأي العام حصول كتلة الأحزاب الموالية لنتنياهو بما فيها حزب الصهيونية الدينية على 60 مقعدا من جملة 120 مقعدا في البرلمان أو أقل بمقعد واحد من الأغلبية المطلوبة للحكم.

لكن استطلاعات الرأي ليست دقيقة في تنبؤاتها. فأرقامها تظهر فقط تقارب المتسابقين. وإذا وضعنا اعتبارا لهوامش الخطأ وخيارات الناخبين في الدقائق الأخيرة للاقتراع وأوضاع عدم اليقين بشأن عدد المشاركين في التصويت يمكن بسهولة أن يحسم السباق هذا الجانب أو ذاك ويفوز بأغلبية ضئيلة.

من هنا منشأ الفزع من الانتخابات وأيضا التشبث اليائس بالأمل. نظريا وكما في أية انتخابات تحتدم فيها المنافسة يمكن أن يرجِّح صوتٌ واحد كفةَ الميزان.

على أية حال عندما يكتمل عدد أصوات المقترعين قد نكتشف أن الديمقراطية في إسرائيل تمكنت من النجاة.

جيرشوم جورنبرج مؤرخ ومؤلف عدة كتب أحدثها تحت عنوان «حرب الظلال: مفككي الشفرات والجواسيس والصراع السري لطرد النازيين من الشرق الأوسط.

ترجمة خاصة لـ $ عن «واشنطن بوست»