عمان الثقافي

في معنى المكان بين السكن والترحال: مقاربة فلسفية

 
ليس المكان قطعة من الجغرافيا الخرساء في بعض «أين» يعاني من وحشة الحجر، بل هو قيمومة وكيان. المكان والكيان حقل تتشابك فيهما دروب الكينونة وينفتح المدى وبينهما ينغرس المعنى من أجل ضمان العبور إلى الوجود في العالم. لكنّ وجود الإنسان ليس فقط وجودًا مكانيًا بل هو عناية واشتغال واستبصار لا ننفكّ عنه حتى يتميّز وجودنا عن الحيوان والشجر والحجر. إذ «ليس للنبات أو للحيوان أيّ عالم» كما يعلّمنا الفيلسوف الألماني هيدغر. وبناء على أنّ العناية بأنفسنا هي معنى وجودنا في العالم، فإنّ العلاقة بيننا وبين العالم بوصفه مكاننا الوحيد الذي يحتضن وجودنا هي علاقة معنى ومعاناة وعناية، من أجل ألاّ نصير حجرًا أو شجرًا.. لكن كيف تتمّ هكذا عناية؟ أيّ معنى لكيانوية المكان وبعده الأنطولوجي؟ فيم تتجلى تجارب المعنى التي يشتغل بها الإنسان من أجل تأثيث المكان وتحويله إلى عالم صالح للسكن؟

في كتاب «نقد العقل المحض» (1781) أعلن الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط عن دخول مفهوم المكان حيّز الذات الإنسانية. فهو بمثابة خاصية قبلية وحدس باطني محض يمثّل إلى جانب الزمان شرطًا أوّليًا من شروط العلاقة بالعالم. فبعد أن كان المكان والزمان مقولتين مطلقتين خارج العقل البشري منذ أرسطو إلى نيوتن، تحوّلًا إلى عنصرين مقوّمين لخريطة العقل البشري نفسه. إنّ المكان قد صار بذلك شأنا بشريّا خالصا. وإنّ الإنسان قد تحوّل من كائن يدّعي امتلاك المطلق ومعرفة اللامتناهي إلى ذات متناهية لا توجد إلاّ داخل حدود الزمان والمكان الذي من شأنها. لكن كيف يمكن للإنسان أن يؤثث تناهيه في العالم؟ يتعلّق الأمر بتأسيس علاقتنا بالعالم على ثنائية الذات والموضوع، فنحن ذات تعرف العالم بتحويله إلى موضوعات يتمّ السيطرة عليها بواسطة العلم الحديث. وهذا التصوّر للعالم قد أدّى إلى تفقير لكيان الوجود بتشيئته وموضعته وسلعنته. كيف استعادة المكان أي العالم بوصفه كيانا، أي بما هو معنى يتقوّم به وجودنا؟

في كتابه «نقد العقل التأويلي» يتوقّف فتحي المسكيني عند فحص مفهوم المكان انطلاقًا من الكينونة والزمان لهيدغر مشدّدًا على أنّ «المكان ليس ظرفا طبيعيا وإنّما هو مقام كيانوي» وذلك في معنى خاصّ جدّا يذهب إلى أنّ «المكانية التي من شأن الموجود داخل العالم.. مستمدّة من عالميّة العالم وليس من أنّ العالم موجود في المكان».. وبيان ذلك يقتضي التمييز في مفهوم المكان فلسفيا بين المكان كمعطى طبيعي والمكانية كواقعة وجودانية تدخل في كيان الإنسان رأسا، بوصفه يوجد في العالم من جهة ما هو مطالب بإبداع المعنى أي القرب من العالم حتى لا يضمحلّ هذا العالم في لغة الحساب والموضعة العلمية، حيث يتعلق الأمر بتحرير مفهوم المكان من وضعية مقولية أي بوصف الوجود في- العالم مجرّد ظرف مكان، إلى مقام كيانوي أي بوصف المكان ينبع من لدن وجود الإنسان في العالم. وتبعًا لهذه التأويل الجديد للمكان، تمّ تجاوز ثنائية الذات والموضوع، ولم يعد الإنسان ذاتا والعالم موضوعا، بل صار «دزاين» أي كائنا متيّما بالمكان ومتزمّنًا بالزمان، منغرسًا في وجوده بوصفه هو معنى العناية الأصلية بنفسه. من هنا يمكن للمعنى أن يجد مقامه في كينونتنا وذلك حينما يصير المكان وجودا أي قيمومة. ذلك لأنّ وجودنا في العالم ليس يعني وجودا تابعا له، أو موسوما بهوية مكان ما. وهو ما يتأوّله المسكيني قائلا: «إنّ الدزاين إنّما هو بالتحديد ‹متيّم بالعالم› وذلك يعني أنّ العالم ليس عنده مجرّد ظرفية أو وعاء له، بل حالا يتلبّس به ومقامًا كأشدّ ما يكون قريبًا.. إنّ العالم لدى هيدغر هو دوما وسلفا عالم معنى..». تلك هي النقلة الحاسمة التي أنجزها هيدغر من براديغم الوعي إلى براديغم اللغة التي وفقها صار المكان مقاما وكيانا ننسجه من تجارب المعنى التي بها نأتي إلى أنفسنا من موتنا الخاص في كلّ مرّة.

لكن كيف نسكن المكان نحتا لكيان؟ قد يتمّ ذلك برسم نسائله أو لحن ننشده أونثر نبذّره على حدائق الكينونة أو شعرا نقتفي به أثر المقدّس في ليل بؤس العالم، فنحن إنّما «نسكن العالم شعرا».. ذاك هو المعنى الأصلي لوجودنا الذي به ندفع الغربة عن عالمنا، ذاك العالم الذي استحوذت عليه التقنية وحوّلته إلى ركام من السلع. ولأنّ اللغة هي مسكن الكينونة، بحسب هيدغر فإنّنا نحتاج إلى الشعر كموطن لإبداع معنى وجودنا. فالشعر هو المقام الوحيد الذي يمكن للغة فيه أن تنصت إلى صوت الكينونة، وذلك لأنّ الشعر هو القادر على استدعاء الأشياء من مكان كانت فيه مهملة ملقية في بعض تضاريس موحشة، من أجل تنصيبها في باحة العالم. حيثما ثمّة القصيدة أو الموسيقى أو الرسم يعلم العالم كسمفونيّة باسقة وكهرمونيا للوجود في بهائه الأقصى. في كتابه «أصل الأثر الفنّي» يكتب هيدغر ما يلي: «ليس العالم مجرّد تجميع للأشياء القائمة، ما يمكن أن يُحصى منها وما لا يمكن.. إنّ العالم يعلُم حيث نعتقد أنّنا عند أنفسنا». لكن متى نكون عند أنفسنا؟

ثمّة إجابتان عن هذا السؤال أي عن العلاقة الفلسفية بين المعنى والمكان: الأولى تقتضي السكن في العالم والثانية تقتضي الترحال في المدينة. وإذا كانت الإجابة الأولى تجد تعبيرتها لدى هيدغر أي ضمن أنطولوجيا المكان واستيطان المعنى حيثما يعتقد الإنسان أنّه عند نفسه أي ضمن نداء للأصل يتقن الشعراء الإنصات إليه، بوصفه نداء الأرض، فإنّ الإجابة الثانية تقترح علينا تصوّرا مضادّا لمعنى المكان: إنّه الترحال على عين المكان في المدينة. وهنا نجد أنفسننا إزاء أطروحة فلسفية معاصرة ينجزها كتاب «ألف مسطّح» للفيلسوف جيل دولوز والمحلّل النفسي فيلكس غاتاري. أيّ معنى إذن للترحال في المدينة؟ ونحو أيّ أفق يتوجّه المعنى هذه المرّة؟

يقوم هذا التصوّر الفلسفي للمكان على أطروحة أساسية يحيل عليها كتاب «ألف مسطّح» هي أطروحة ابن خلدون عالم الاجتماع والمفكّر التونسي العربي، حيث يتمّ التمييز في المقدّمة بين الحضر أي سكّان المدن والبدو أي الرحّل في فيافي الأرياف الذين يتّخذون من الترحال نمط وجود خاصّ بهم. ووفق هذا التمييز يعلن جيل دولوز في المسطّح رقم 14 من الكتاب عن «الصقيل والمخطّط» كنظرية جديدة في فهم «الفضاء». بحيث لم يعد الأمر يتعلّق بالمكان كبعد ثلاثي الأبعاد ولا بكيانية الوجود في العالم، بل صرنا نجوب فضاءات متعدّدة تطوّقنا من جهة ونخترقها من جهة ثانية كي نبعثر منطقها ونخترعها على نحو مغاير. من أجل ذلك يقترح دولوز وغاتاري أن نعيد كتابة تاريخ المكان والزمان والفضاءات التي تحاصرنا من وجهة نظر مغايرة. وهو ما نعثر عليه ضمن الكتاب المذكور: «إنّنا نكتب التاريخ، لكنّنا نكتبه دومًا من وجهة نظر أهل الحضر... ما ينقصنا هو أدب رحلات بدلا عن التاريخ».

وانطلاقًا من هذا المبدأ يتمّ الإعلان عن «الفضاء العيني» بوصفه هو مجال إنتاج المعنى عبر الفنّ بوصفه اختراعا لفضاءات مضادّة «للفضاء البصري» الذي تسطو عليه مكنة الدولة تخطيطا وتخديدا وتنظيما ومراقبة معا. «ليس الفضاء الصقيل والفضاء المخدّد، -فضاء الرحّل وفضاء الحضر، الفضاء الذي تترعرع فيه آلة الحرب، والفضاء الذي تصنعه مؤسسة الدولة، - من طبيعة واحدة». إنّ الأمر يتعلّق بفضاء عينيّ تلمسه العين لا بفضاء بصري نبصر به من بعيد. والفرق هنا هو بين العين اللمسية التي تلمس الأشياء دون إرادة استيطان فيها والعين المراقبة التي تسطو على المكان عبر جهاز السلطة. إنّ الفضاء الصقيل يتّحد فيه المعنى بالمكان عبر «الرؤية القريبة» و»العين الثالثة»، في حين أنّ الفضاء المخدّد هو فضاء إمبراطوري يعتقل العالم في أقفاص هووية أو عرقية ويعزل الأمكنة ويمزّق تضاريس الجغرافيا إلى حدّ يمكن فيه للعالم أن يتلاشى إلى كارثة.

ومن أجل دفع الكارثة وإنقاذ العالم من الانهيار، يحلم الفنّانون دومًا باختراع عوالم مغايرة، لكنّها توجد فعلا هذه المرّة وداخل المدن التي يتمّ السطو عليها بأجهزة الدول. لن تكون اليوتوبيا حلما بمدينة أخرى وفي زمن خارج زمننا. ولن نترحّل إلى أيّ مكان غير مدننا. الجديد لدى دولوز بالنسبة إلى أطروحة ابن خلدون هو أنّ البدو لن يترحّلوا في أريافهم البعيدة عن عيون الدولة. فلقد اخترعت المدن الحديثة بداوتها الخاصة. إنّ الفنّانين هم بدو المدينة وهم حلمها ويوتوبياته الملموسة والحاضرة فيها على الدوام. وذلك يتمّ عبر فنّ القرب والعين اللمسية والخطوط المجرّدة وخطوط الإفلات. وهذه هي معاني الترحال في الفضاءات الصقيلة التي تتقاطع وتتمازج وتتداخل وتتصادم أيضًا مع الفضاءات المخدّدة بسياسات التحكّم بالأجساد والعقول وأحلام البشر.

أمّا عن معنى القرب الذي يقترحه دولوز بوصفه أوّل معاني اختراع المكان، فهو كما ينصّ عليه آخر فصل في الكتاب المذكور يتمّ عبر فنّ الرسم بوصفه نموذجا لتجربة القرب وملامسة الأشياء نفسها: «إنّما قانون اللوحة أن تُرسم من قريب.. إنّنا لا نعتبر رسّامًا ماهرًا ذاك الذي يتّخذ مسافة ما بينه وبين اللوحة التي هو بصدد إنجازها..». هذا هو معنى القرب بوصفه التجربة الممكنة لإبداع الفضاء الصقيل أي فضاء اللوحة بما هو فضاء المعنى الذي يمكن به تحرير الأمكنة من القلق الذي يسكنها بفعل سلطة تخديدها والتنكيل بها تحت راية النظام أو الأمن العام أو السلطة الميكروفيزيائية التي بها يتمّ السيطرة على الشعوب. ما يقصده الفيلسوف هنا هو أيضا تحرير الأمكنة من الذاكرة حينما نسيء تدبير شؤونها بتحويلها في بعض الثقافات إلى عبء ثقيل على حاضر فقير روحيًّا ورمزيًّا وإبداعيًا معًا. لذلك نحتاج من أجل إبداع المكان هنا والآن دون سياسات بائسة لآمال يائسة، إلى ذاكرة قصيرة الأمد: «إنّ اللوحة تُرسم من قريب حتى ولو كانت تُبصر من بعيد. وبالمثل نقول إنّ الملحّن لا يسمع.. ويكتب الكاتب نفسه بذاكرة قصيرة الأمد..». إنّ الفضاء الصقيل لا يحتاج إلى ذاكرة لأنّه يحتاج إلى التجريد.. لقد غيّرت أحلام الفنّانين من عناوينها: انتهى عصر يوتوبيات تغيير العالم بثورات جذرية أدّت في أكثر الأحيان إلى الفوضى والخراب، وحان الوقت لتجريب أنماط أخرى من إبداع العالم على نحو مغاير. هذا هو معنى الخطوط المجرّدة التي تشتغل وفقها تجارب المعنى في ترحالها المتواصل من أجل فضاءات متحرّرة من قبضة النظام العالمي الجديد، نظام حوّل البشر إلى سوق كبيرة مثيرة للدوار..إنّ الخطّ المجرّد هو خطّ الصيرورة ضدّ الكينونة، وخطّ بلا ذاكرة ضدّ خطوط الأصالة والأصول، وخطّ حيوي طافر بلا بداية ولا نهاية موضعي محلّي ضدّ كلّي وكوني وجمليّ. هو خطّ الفرديّات الحرّة ضدّ خطوط الأفراد الليبيراليين الاستهلاكيّين المنغلقين على هشاشتهم واكتئابهم المعولم. إنّ خطّ الرحّل هو خطّ مجرّد أمّا خطّ الحضر فهو خطّ إمبراطوري. فنحن نخدّد الفضاء في المدينة من أجل «طرد القلق والسيطرة على المكان» في حين أنّ الفنّ يحرّر الفضاء من كلّ ما يعتقله؛ لأنّه «تحرير للحياة حيثما يتمّ اعتقالها». إنّ الفضاء العيني الذي نطلب الترحال فيه على الدوام ضمن نموذج «استطيقا الرحّل» بحسب تسمية كتاب «ألف مسطّح» لها، هو فضاء نترحّل فيه عبر خطوط إفلات لا تبدأ ولا تنتهي. فالخطّ الصقيل الذي نجده في فنّ البربر أو الفنّ القوطي أو المعمار العربي، كما يحيل على ذلك الكتاب نفسه، إنّما هو:»خطّ لا يحدّ شيئا. ولا يرسم البتّة أيّ حدّ، فهو لا يمرّ أبدًا من نقطة إلى أخرى، وأنّما يعبر بين النقاط.. خطّ طافر بلا داخل ولا خارج، بلا شكل ولا عمق بلا بداية ولا نهاية، خطّ حيوي...».

لكن هل يمكن لهذه الفضاءات الصقيلة التي يخترعها الفنّ لتحرير المكان من سطوة المدن، أن تنقذنا؟ هل بوسع الترحال أن يقاوم إرادة السكن المنبثقة من ضرب من الذاكرة التي تعتقلنا في مستودعات الأصول المعرقلة للمستقبل في ديارنا؟ يبدو أنّ الفن نفسه بما هو مجال اختراع المعنى -الذي به نخترع بداوة جديدة وبراءة أخرى- لم يعد خلاصًا لأحد. وهنا يتمّ تحرير مساحة المعنى من كلّ المشاريع الطوباويّة التقليدية. فنحن لا ينبغي أن نحلم بأمكنة مستحيلة، بل نحن مطالبون بالنضال من أجل اختراع فضاءات حرّة صلب المدينة كاعتقال كبير للحياة نفسها. ليس ثمّة مستقبل في انتظارنا، بل فقط صيرورات نضالية وحاضر مليء بإمكانيات الإبداع. لكنّ إبداع المعنى عبر الفنّ ليس ترفًا لأحد. إنّما هو حاجة حيوية كي يخترع الإنسان نفسه ككائن في طفولة دائمة وليس بوصفه مجرّد أمل في غد أفضل. يكتب دولوز في إحدى الصفحات الأخيرة من كتابه «ألف مسطّح» موقّعا نهاية إيديولوجيات الخلاص ما يلي : «لا ينبغي أبدا أن نعتقد أنّ فضاء صقيلا بوسعه أن ينقذنا..بوسعك فقط أن تسكن المدينة مترحّلا أو كهّافا».

وأخيرا، أين نحن والأوطان العربية التي تجعل من لغة الضاد مسكنا رمزيا وسقفا ميتافيزيقيا لها من سكن العالم أو من أدب الترحال صلبه؟ لنقل أنّ ما يحدث منذ تسعينات القرن الماضي من تدمير للمدن والأمكنة، من سطو على الذاكرة وتحويلها إلى آلة خراب بيننا ومن تهجير وتشريد للشعوب، ومن فتنة بين أبناء الشعب الواحد، حتى لكأنّك تخال أن لعنة قد أصابتنا، يبقى هو مدار السؤال ومدار قلق المكان والزمان وتوتّر المعاني واكتئابها بيننا. إميل سيوران المفكّر الروماني كتب ذات مرّة ما يلي: «كم من الأمم الكبرى تتسوّل قدرا من المستقبل على حافة الدول..».. كم ستظلّ أوطاننا إذن كشكل جوهري من معنى وجودنا في العالم، تتسوّل شروط الحياة الكريمة والحرّة من دول الاستعمار العالمي التي حوّلتنا إلى جيوب للفقر ومستودعات للبؤس الرمزي المعمّم؟ أيّ القصائد ستعيد إلينا العالم الذي فقدناه، عالمنا كما علّمته لنا لغتنا؟ ألسنا نكتري من دول العولمة الزمان والمكان والنظريات المعرفية أيضا؟ متى سنكلّم أنفسنا عن أمكنتنا المستباحة وعن معانينا المكتومة في بعض انهياراتنا الرمزية؟ تلك هي أوجاع المكان وجراح المعاني التي آن الأوان أن نمنحها الكلمة.

د.أمّ الزين بن شيخة أستاذة الفلسفة في الجامعة التونسية