900 مليون مساهمة قطاع الصناعة في الناتج المحلي خلال النصف الأول
26.2 % نمو الأنشطة الصناعية لترتفع مساهمتها لـ4 مليارات
السبت / 18 / ربيع الأول / 1444 هـ - 15:42 - السبت 15 أكتوبر 2022 15:42
يعد قطاع الصناعة ثاني أهم رافد غير نفطي للاقتصاد الوطني بعد قطاع الخدمات
- توجه متزايد نحو التكامل بين الصناعات .. وتحويل الموارد إلى منتجات بقيمة مضافة عالية
- عبر عقود من النهضة أثبت قطاع الصناعة العماني إقدامه ووجد دعما حكوميا كبيرا
- يعد القطاع ثاني أكبر رافد للنمو غير النفطي بعد قطاع الخدمات
التفاصيل الصغيرة تشكل الصورة الكبيرة، وهي مقولة لا تتعلق بحياتنا اليومية فقط بل تنطبق أيضا على مسار الواقع الاقتصادي والنمو والتنمية، فهذه جميعا ليست مجرد مفاهيم أو مصطلحات نظرية بل هي جملة المبادرات والسياسات والمشروعات الفعلية التي تدخل حيز التنفيذ وتحول الخطط والطموحات إلى واقع يقدم قيمة مضافة حقيقية لتعزيز النمو وإنجاح الخطط والرؤى الاستراتيجية.
وتسعى سلطنة عمان إلى إحراز تقدم كبير في خطط التنويع وتضع قطاع الصناعة كواحد من أهم ركائز النمو والتنويع الاقتصادي، مع توجه متسارع نحو توطين صناعات جديدة ومتقدمة وتحقيق أكبر تكامل ممكن بين الصناعة والموارد الطبيعية. في هذا السياق، يأتي مشروع المسبوكات المعدنية في صحار والذي ينتج العجلات المعدنية المخصصة للمركبات كواحد من الإضافات المتميزة التي تبرز الجهود والتقدم على عدة أصعدة لدعم قطاع الصناعة، إذ يمثل المشروع مكونا ضمن جهود متسارعة لتوطين المشروعات والصناعات الجديدة بشكل عام وصناعة السيارات بشكل خاص وهو مشروع نوعي يعتمد على الاستفادة من التقنيات المتقدمة في الإنتاج ويعزز الصادرات وتواجد المنتج العماني في الأسواق الخارجية، ويتكامل هذا المشروع مع إضافة مهمة أخرى في صناعة السيارات تمت من خلال بدء الإنتاج في مصنع كروة للحافلات كأول مصنع للسيارات في سلطنة عمان.
- مساهمة الأنشطة الصناعية
وخلال العام الماضي، رصدت إحصائيات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات أن إجمالي مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي بلغت 24 مليار ريال عماني، مع ناتج محلي بلغ أكثر من 33 مليار ريال عماني، وضمن الأنشطة غير النفطية وصلت مساهمة الأنشطة الصناعية إلى 6.6 مليار ريال عماني. وتشمل الأنشطة الصناعية التعدين واستغلال المحاجر، والصناعات التحويلية وهي صناعة المنتجات النفطية المكررة وصناعة المواد الكيميائية الأساسية والصناعات التحويلية الأخرى، وإمدادات الكهرباء والمياه وأنشطة الصرف الصحي وصناعة الإنشاءات.
ومع حساب الناتج المحلي الإجمالي مقوما بالأسعار الثابتة، سجل الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 20 مليار ريال عماني خلال النصف الأول من هذا العام، وسجلت الأنشطة الصناعية نموا بنسبة 26.2 بالمائة وارتفعت مساهمتها إلى ما يقرب من 4 مليارات ريال عماني بنهاية النصف الأول من هذا العام مقارنة مع 3.1 مليار ريال بنهاية الفترة نفسها من العام الماضي، وهو ما يرفع القيمة المضافة التي حققها قطاع الصناعة للناتج المحلي إلى ما يقرب من 900 مليون ريال عماني هذا العام، ويعد قطاع الصناعات التحويلية المساهم الأكبر في نمو الأنشطة الصناعية بمساهمة تصل الى 2.3 مليار ريال حتى نهاية النصف الأول من 2022 مقارنة مع 1.4 مليار ريال عماني في الفترة نفسها من العام الماضي، ويضع ذلك قطاع الصناعة كثاني أهم رافد غير نفطي للاقتصاد الوطني بعد قطاع الخدمات.
- مشروع عجلات السيارات
وتبلغ كلفة مصنع إنتاج عجلات الألمنيوم المركبات 42 مليون ريال عماني، والطاقة الإنتاجية نحو مليون و200 ألف عجلة سنويا، ويعد أول مصنع لإنتاج عجلات الألمنيوم عالية الجودة للمركبات في سلطنة، وقد رصدت التقديرات الصادرة عن إدارة المشروع إنه من المتوقع أن يرتفع الطلب العالمي على عجلات الألمنيوم من 219 مليون عجلة في عام 2015 إلى 296 مليونا في عام 2023 ، وإلى 326 مليونا في عام 2028.
أيضا يقدم مشروع عجلات السيارات قيمة مضافة مهمة لصناعة الألومنيوم في سلطنة عمان وكان مصنع صحار ألومنيوم هو الأول من نوعه في هذه الصناعة ويبلغ إنتاجه حاليا 390 ألف طن سنويا ويتم توجيه جانب كبير من الإنتاج للتصدير، وتعزز مثل هذه الصناعات من أفق نمو قطاع التعدين الواعد في سلطنة عمان، وهي تبرز إلى حد كبير التوجه نحو التكاملية بين مختلف القطاعات وإقامة سلاسل إنتاجية مترابطة بين مختلف الصناعات من جانب وبين قطاع الصناعة وما تملكه البلاد من موارد طبيعية من جانب آخر، وكان مجمع لوى للصناعات البلاستيكية أحد النماذج البارزة ضمن هذا التوجه حيث من المخطط زيادة القيمة المضافة للمشروع عبر صناعات تكاملية في مجال البلاستيك تستفيد من إنتاج المجمع، ومجمع لوى هو نفسه نموذجا للتكاملية مع قطاع النفط من خلال تحويل هذا المورد الطبيعي إلى منتجات بتروكيماوية تشهد طلبا متزايدا في العالم، كما تشمل المشروعات التي تعمل على التكامل بين مختلف القطاعات الاقتصادية الشراكة التي دخلها جهاز الاستثمار العماني مع كروسو الأمريكية لتقنيات الطاقة للعمل على تحويل الغازات المنبعثة من شعلة حقول النفط والغاز إلى طاقة.
عند تناول تقدم جهود تعزيز التنويع الاقتصادي ودعم مبادرات القطاع الخاص، يأتي مشروع إنتاج عجلات الألومنيوم كنموذج للشراكة بين القطاعين العام والخاص مما يدعم جهود واستراتيجيات تحويل القطاع الخاص إلى محرك للنمو الاقتصادي، إذ قامت شركة تنمية معادن عُمان نهاية العام الماضي بالاستحواذ على نسبة 14.8 بالمائة من ملكية شركة عُمان للمسبوكات المترابطة التي تتولى إدارة وتشغيل مصنع إنتاج عجلات الألمنيوم للمركبات في منطقة صحار الصناعية، استكمالا لمسيرة تنمية معادن عُمان لتحقيق أهدافها الاستراتيجية الرامية نحو تعزيز نمو الصناعات التحويلية المحلية المرتبطة بقطاع التعدين.
بدأت سلطنة عمان مشروع العجلات الألومنيوم في وقت يتحول فيه اهتمام صناعة السيارات العالمية نحو هذه النوعية كبديل للعجلات الفولاذية التقليدية، إذ تتميز عجلات الألومنيوم بخفتها وقوتها في الوقت ذاته بالإضافة إلى تصاميمها الجذابة وملاءمتها البيئية، ويتوجه جانب من إنتاج المشروع للسوق المحلي وجانب آخر للتصدير، وعبر عقود من نهضة سلطنة عمان ثبت قطاع الصناعة العماني إقدامه كرافد رئيسي للنمو وتعزيز التنويع الاقتصادي، من خلال صناعات متعددة لإنتاج الكابلات النحاسية الكهربائية والألومنيوم والصلب والدواء ومختلف الصناعات الغذائية، ووجد القطاع دعما كبيرا مستمرا من الحكومة العمانية، وتنضم صناعات جديدة للقطاع بشكل مستمر كما تتوسع بعض الصناعات القائمة خاصة الأدوية والغذاء مع تقدم خاص يشهده قطاع النفط والغاز نحو رفع القيمة المضافة للطاقة والتوسع في مرافق الإسالة والتكرير، وقد أعلنت 'مدائن' أنه تم توطين ٧١ مشروعا صناعيا منذ بداية العام وحتى نهاية أغسطس الماضي، بهدف تطوير وتحفيز القطاع الصناعي ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بما يتكامل مع أهداف واستراتيجيات رؤية عُمان نحو تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وإجراءات التحول للاعتماد على الطاقة المتجددة والابتكار في القطاع الصناعي وتنويع مصادر الدخل.
- التحديات التي تؤثر على النمو
ما يزال قطاع الصناعة يواجه عديد من التحديات التي تؤثر على النمو الحقيقي للقطاع ومن أهمها زيادة كلفة الطاقة وارتفاع أسعار مدخلات الإنتاج نظرا لموجات التضخم العالمية التي أثرت على أسعار الخامات المستوردة، لكن تجد هذه التحديات اهتماما كبيرا بإيجاد الحلول عبر استراتيجية قطاع الصناعة وجهود الجهات المعنية لدعم الصناعة، إذ يظل دعم نمو هذا القطاع جزءا أساسيا من التوجه والتركيز نحو تعزيز نمو كافة القطاعات المرتبطة بالتنويع والنمو المستدام، وقد أكدت وحدة متابعة تنفيذ رؤية عمان على أن توطين الصناعة ونقل الخبرة والمعرفة والتقنية، وتطوير القدرات المحلية في مجال الإبداع والابتكار يجعل من سلطنة عمان واجهة عالمية للصناعات الخفيفة والمتوسطة، تحقيقاً لأهداف برامج رؤية عُمان 2040.
ويذكر أن المرحلة الثانية من مختبر الصناعات التحويلية تناولت ثلاثة مرتكزات هي الطاقة وترتيب أولويات الصناعات الاستراتيجية، ومرتكزي الفرص الاستثمارية والابتكار، وتناول المختبر الفرص الاستثمارية والابتكار في القطاع الصناعي بشكل عام وقطاع الحديد والألومنيوم والتعدين بشكل خاص، بهدف إيجاد خطط عمل لتطوير الفرص الاستثمارية في القطاعات المستهدفة في الاستراتيجية الصناعية، علاوة على توحيد الجهود المختلفة لدى الجهات الأخرى المعنية بإيجاد الفرص الاستثمارية الصناعية في مختلف القطاعات، ومناقشة التحديات الخاصة بالمناطق الصناعية والاقتصادية والحرة، والتحديات العامة الخاصة بالقطاع وإيجاد الحلول اللازمة، وتعظيم الفائدة في منظومة الابتكار في القطاع الصناعي والمشروعات والبرامج المبتكرة.
واستهدف مختبر الصناعات التحويلية تشخيص ومناقشة التوافق مع الشركاء في القطاع لتحديد أولوية الصناعات التي سيتم تخصيص الموارد لتطويرها، إضافة إلى إدارة منظومة الابتكار في القطاع والمشروعات والبرامج المبتكرة، وتحليل سلاسل القيمة والإمداد لعدد من الصناعات الرئيسية للخروج بعدد من الفرص الاستثمارية، ومراجعة حزم الحوافز المقدمة للقطاع وقياس مدى تأثيرها في زيادة عدد المشروعات والاستثمارات، فيما تضمنت المرحلة الأولى من مختبر الصناعات التحويلية مرتكز الطاقة وترتيب أولويات الصناعات الاستراتيجية وتحديد الصناعات ذات الأولوية من خلال تحليلها وفقا لمعايير محددة ودراسة احتياجاتها من الغاز والكهرباء والطاقة البديلة.