الآسيوي الإسلامي.. شعر زهد وبيان ومواعظ
الأربعاء / 15 / ربيع الأول / 1444 هـ - 16:40 - الأربعاء 12 أكتوبر 2022 16:40
في غمرة احتفالنا بمولد سيد الكائنات، بحثت في المكتبة عن شعر يغذّي بوجداني الجانب الروحي، فوقع نظري على كتاب حمل عنوان 'الشعر الآسيوي الإسلامي' الذي ترجمه كاظم سعد الدين، وحين تصفحته وجدت به نصوصا صوفية لشعراء فرس، ومغول، وعثمانيين، وأذربيجانيين، وأكراد، وبنغال، عكست جانبا روحانيا من الثقافة الإسلامية التي هي 'إحدى أعظم الثقافات في تاريخ البشرية وفي العالم اليوم، ولم يكن لها نظير إلّا القليل من حيث اتّساعها وعراقتها وتماسكها' كما جاء على الغلاف الأخير للكتاب الصادر عن دار المأمون للترجمة والنشر ببغداد.
يضمّ الكتاب نصوصا من الشعر الآسيوي، دون سواه، وذلك لأنّ 'الثقافة الآسيوية الثرية في تنوّعها مثل جميع الثقافات العالمية، قدّمت دليلا على نمط من التجانس المذهل حقا' كما يرى المستشرق الأمريكي جيمز كريتزك، في مقدّمة الكتاب مضيفا: 'ومع أن الدين الإسلامي قد أسهم بلا ريب في العنصر الأساس في إحداث ذلك التجانس، فإنه لم يكن الوحيد في ذلك الإسهام' فهو يعتبر 'انتشار اللغة العربية، ومثلها الفارسية في مناطق واسعة، وحقب طويلة جدا، قد ساعد أيضا في إحداث ذلك التجانس'، فالأدب الإسلامي أكبر من حصره في أطر ضيّقة، فهو برأيه أدب أضداد، وزهد ولذّة، ويتوقف عند الزهد، قائلا: 'مارس المسلمون الزهد وكذلك التصوف منذ عهد مبكر حتى أنه يمكن القول إنه صار بعد مراحله الأولى أعظم مصادر الإلهام الأدبي في الإسلام'.
وخلال تصفّحه توقّفت أمام نص للشاعر الكردي أحمدي خاني (جبل الطور) وظّف به العديد من المفردات، والرموز الواردة في القرآن الكريم، بدءا من العنوان (جبل الطور) الجبل الذي تسلم فيه النبي موسى (عليه السلام) الوصايا العشر، ويقع في سيناء بمصر، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم: 'وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين'، وتحديدا قوله تعالى: 'الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم' فيقول:
العشق نار والجسد جبل الطور
والقلب هو الشجرة التي تشتعل نارا ونورا
القفص مشكاة والقبس سراج
والروح زيت والجسد فتيلها
القلب زجاجة فيها السراج
والسر جزء منتشر في الكل
ويرفع الشاعر بابا طاهر الهمداني يديه بالدعاء الصادر من القلب في رباعية من رباعياته:
إلهي، أغث نداء قلبي
فأنت معين من لا أحد له، وأنا لا أحد لي
الجميع يقولون: طاهر ليس له أحد
إنما الله هو معيني، فلا حاجة لأحد
ويستلهم الشاعر الكردي أحمد الجزيري (1407-1481م) حكاية قيس وليلى ولكنه يشحنها بطاقة شعرية صوفية، ويعيد تفكيك السرديّة بما يخدم رؤاه:
لم يكن قيس مجنونا
يهيم في الصحارى عبثا
لكنه اضطر فاتخذ الصحراء ملجأ
لأن حبه لليلى جعله لا يدرك الصواب من الخطأ
جبروت هذا الحب
دفعه إلى الجنون
إن هذا الاهتمام بالأدب الإسلامي، يأتي ليعرّف الغرب بهذا الأدب الذي يجهله، مثلما يجهل الكثير عن ديننا الحنيف، إلى سنوات قريبة، وضمن هذا السياق يذكر المستشرق الأمريكي جيمز كريتزك أنه في الأسبوع الأول من وجوده في مدرسة الأرامكو في لونك آيلند وجّهت له ولزملائه أسئلة للتأكّد من معلوماتهم عن العالم العربي، وقد كشفت الإجابات عن جهل كبير، كان أقرب الأجوبة إلى (الصواب) قول أحد الرجال أن لـ(محمد) علاقة بجبل، أما أنه ذهب إليه أو أن الجبل أتى إليه، ويعلق على تلك الأجوبة أنّها 'تكشف جهلا فاضحا لدى الأمريكيين من ذوي المستوى الثقافي فوق المتوسط، ومن ذلك فإن الآداب الإسلامية لم تحظ بدراسات وافية في الغرب إلّا في وقت متأخر نسبيا'.
ويندرج الكتاب ضمن جهود تثبت للغرب أن الثقافة الإسلامية أنتجت أدبا لا يقلّ قيمة، وأهمية عن الآداب العالمية.
يضمّ الكتاب نصوصا من الشعر الآسيوي، دون سواه، وذلك لأنّ 'الثقافة الآسيوية الثرية في تنوّعها مثل جميع الثقافات العالمية، قدّمت دليلا على نمط من التجانس المذهل حقا' كما يرى المستشرق الأمريكي جيمز كريتزك، في مقدّمة الكتاب مضيفا: 'ومع أن الدين الإسلامي قد أسهم بلا ريب في العنصر الأساس في إحداث ذلك التجانس، فإنه لم يكن الوحيد في ذلك الإسهام' فهو يعتبر 'انتشار اللغة العربية، ومثلها الفارسية في مناطق واسعة، وحقب طويلة جدا، قد ساعد أيضا في إحداث ذلك التجانس'، فالأدب الإسلامي أكبر من حصره في أطر ضيّقة، فهو برأيه أدب أضداد، وزهد ولذّة، ويتوقف عند الزهد، قائلا: 'مارس المسلمون الزهد وكذلك التصوف منذ عهد مبكر حتى أنه يمكن القول إنه صار بعد مراحله الأولى أعظم مصادر الإلهام الأدبي في الإسلام'.
وخلال تصفّحه توقّفت أمام نص للشاعر الكردي أحمدي خاني (جبل الطور) وظّف به العديد من المفردات، والرموز الواردة في القرآن الكريم، بدءا من العنوان (جبل الطور) الجبل الذي تسلم فيه النبي موسى (عليه السلام) الوصايا العشر، ويقع في سيناء بمصر، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم: 'وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين'، وتحديدا قوله تعالى: 'الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم' فيقول:
العشق نار والجسد جبل الطور
والقلب هو الشجرة التي تشتعل نارا ونورا
القفص مشكاة والقبس سراج
والروح زيت والجسد فتيلها
القلب زجاجة فيها السراج
والسر جزء منتشر في الكل
ويرفع الشاعر بابا طاهر الهمداني يديه بالدعاء الصادر من القلب في رباعية من رباعياته:
إلهي، أغث نداء قلبي
فأنت معين من لا أحد له، وأنا لا أحد لي
الجميع يقولون: طاهر ليس له أحد
إنما الله هو معيني، فلا حاجة لأحد
ويستلهم الشاعر الكردي أحمد الجزيري (1407-1481م) حكاية قيس وليلى ولكنه يشحنها بطاقة شعرية صوفية، ويعيد تفكيك السرديّة بما يخدم رؤاه:
لم يكن قيس مجنونا
يهيم في الصحارى عبثا
لكنه اضطر فاتخذ الصحراء ملجأ
لأن حبه لليلى جعله لا يدرك الصواب من الخطأ
جبروت هذا الحب
دفعه إلى الجنون
إن هذا الاهتمام بالأدب الإسلامي، يأتي ليعرّف الغرب بهذا الأدب الذي يجهله، مثلما يجهل الكثير عن ديننا الحنيف، إلى سنوات قريبة، وضمن هذا السياق يذكر المستشرق الأمريكي جيمز كريتزك أنه في الأسبوع الأول من وجوده في مدرسة الأرامكو في لونك آيلند وجّهت له ولزملائه أسئلة للتأكّد من معلوماتهم عن العالم العربي، وقد كشفت الإجابات عن جهل كبير، كان أقرب الأجوبة إلى (الصواب) قول أحد الرجال أن لـ(محمد) علاقة بجبل، أما أنه ذهب إليه أو أن الجبل أتى إليه، ويعلق على تلك الأجوبة أنّها 'تكشف جهلا فاضحا لدى الأمريكيين من ذوي المستوى الثقافي فوق المتوسط، ومن ذلك فإن الآداب الإسلامية لم تحظ بدراسات وافية في الغرب إلّا في وقت متأخر نسبيا'.
ويندرج الكتاب ضمن جهود تثبت للغرب أن الثقافة الإسلامية أنتجت أدبا لا يقلّ قيمة، وأهمية عن الآداب العالمية.