التكامل الخليجي في ظل التحولات السياسية
الأربعاء / 8 / ربيع الأول / 1444 هـ - 22:54 - الأربعاء 5 أكتوبر 2022 22:54
شكلت زيارة الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات لسلطنة عمان مؤخرا منعطفا للعلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين، وما يجمعهما من روابط وعلاقات أخوية متينة تربط الشعبين العماني والإماراتي، وما تمخضت عنه هذه الزيارة، من اتفاقيات ومذكرات للتفاهم لتعزيز الشراكات والتعاون في مجالات عديدة، أعادت الروح مرة أخرى لما تم تأجيله من اتفاقيات وتفاهمات في قمم سابقة، بين دول مجلس التعاون، وإن ما تم الاتفاق عليه في لقاء مسقط، سيكون له الأثر الإيجابي ليس على مستوى البلدين الشقيقين، وهذا مفروغ منه بحمد الله، وإنما سيكون له الحافز والداعم لإحياء بعض الاتفاقيات في مؤتمرات القمم الخليجية الماضية، ومنها المؤتمر الذي عقد في مدينة العلا السعودية، وأهمها التكامل الاقتصادي والتنموي الذي يعد راهنا من أهم الأولويات الذي يجب أن يأخذ الاهتمام الأبرز لدول المنطقة على الوجه الأخص، إلى جانب مشاريع لها الأهمية الاستراتيجية القصوى، مثل الربط الكهربائي، والربط البري، وتحقيق السوق الخليجية المشتركة، ومشروع السكة الحديدية، وغيرها من المشروعات التي نوقشت منذ عدة عقود، ولم تلق الدافع، مع أهميتها في التنفيذ.
ولا يختلف أحد أن تجربة مجلس التعاون الخليجي، تعد بلا شك تجربة رائدة بكل المقاييس، باعتبارها أولى التجمعات العربية الإقليمية، التي بقيت صامدة دون جمود أو تلاشت فاعليتها، بالرغم من بطء الكثير من القرارات والتوصيات عن التنفيذ الفعلي، مع مرور واحد وأربعين عاماً على تأسيس هذا المجلس، إذ نراه ما يزال حيويا من حيث التوافق بين دوله، فإنشاؤه جاء بإرادة جماعية متفق عليها، ولم يأت من فراغ ودون الحاجة الضرورية الدافعة لقيامه، بل أتى لاستجابة طبيعية لمشاعر مشتركة وصلات تاريخية راسخة في وجدان دول مجلس التعاون وشعوبه، ولذلك جاء هذا المجلس ترجمة حقيقية لهذه المشاعر ورغبة دافعة له، تهدف إلى واقع عملي بزيادة التقارب، والتعاون، والتكامل، لمواجهة المتغيرات والتحديات الواقعية في تلك الفترة، ولا تزال هذه التحديات الخطيرة، تبرز وتتجلى بين فترة وأخرى في عالم اليوم صعب التنبؤ بما يتمخض عنه، من تحولات ومتغيرات غير ثابتة.
وقد استطاع المجلس بحق منذ إنشائه عام 1981م أن يحدد لنفسه المكانة المتميزة كمنظمة إقليمية، وتسعى لمواكبة الظروف للحفاظ على الأمن والاستقرار، لكن التعاون الاقتصادي والتنموي والاجتماعي وزيادة التكامل بين دوله في كافة المجالات، لم يتحقق بالصورة التي جاءت في بيانات القمم واجتماعات اللجان وتوصياتها، ويتم تأجيلها بين عقد وآخر، وهذه كانت من السلبيات الكثيرة، التي قللت من أهمية تطبيق التكامل المنشود، وكان يجب تفعيلها وليس تأجيلها، حتى تتحقق الأهداف الكامنة في أهداف هذا المجلس، كما نرى الكثير من دول العالم في شرقه وغربه، داخلة في تكتلات اقتصادية، ومشاريع استثمارية بينية، منذ عدة عقود، وما تزال راسخة وتزداد قوة ومتانة ، إلى جانب تأسيس خطط استراتيجية بعيدة المدى لتقوية الروابط التي من شأنها الإسهام في اقتصادياتها لمواجهة التحديات التي يتم التخطيط لها بعناية من هذه التكتلات، لأن عالم التحولات السياسية والاقتصادية والصراعات في التجربة الإنسانية، تحدث دون أي تخطيط لها، وهذه تأتي من الخبرات الإنسانية التي مرت على كل الدول المعاصرة أو قبلها، سواء أتت من خلال حروب أو صراعات، أو نتيجة لخلافات حدودية أو نتيجة لخلافات أيديولوجية قائمة، وهي من الطبيعة البشرية التي تحدث هذه الصراعات الدولية. فالمشاريع الإقليمية حاجة وطنية واستراتيجية، ومن المهم أن تتم لتعزيز الشراكات والتعاون، سواء لمواجهة التحديات التي ربما قد تحصل ـ كما أشرنا آنفاً ـ إذ هناك مؤشرات لصراعات سياسية واقتصادية تبرز في الأفق منذ فترة مضت وتزداد في وقتنا الراهن، وهذه من السنن الإلهية التي سببها الاختلافات في الرؤى والأفكار، أو كما تسمى في القرآن الكريم سنن (التدافع)، وقد لا يتم التنبؤ بمخاطرها الاقتصادية أو السياسية على كل الثقافات والحضارات الإنسانية.
من هنا يجب على دول مجلس التعاون الخليجي ـ وعالمنا العربي عموماً ـ أن ينظروا نظرة ثاقبة وواعية لما يدور الآن في العالم من توترات وصراعات وحروب، وبعض التحليلات تنذر بحرب عالمية قد تشتعل، والعالم لم يعد جزراً منفصلة، فما يجري في الصين أو الولايات المتحدة أو قارة أستراليا، قد يصلنا أردنا أم لم نرد، وتلك هي الظاهرة الإنسانية المتشابكة اقتصاديا وتكنولوجياً، وهي بلا شك مخاطر قد يصيبنا شررها، في كل المجالات المتشابكة بعالم اليوم، المتداخل مع عوالم أخرى لها مصالح مع منطقتنا وعالمنا الكبير، ولذلك نحتاج بحق إلى الاكتفاء الذاتي دون أن نكون في حاجة لدول أخرى في ظل الحروب والتوترات التي لا يمكن الاستغناء عنها ضمن التعاون السابق، خاصة إذا حصلت حروب أو صراعات، تجعل الاستيراد من هذه الدول أمراً صعباً، بسبب هذه الظروف الاستثنائية غير المتوقعة.
ومن هنا نرى أن يتم إعادة تحريك الاتفاقيات التي تم الموافقة عليها ومناقشة الأولويات التي يجب أن تتقدم للتطبيق الفعلي، بما يتناسب والحاجة الماسة لاحتياجات دول المجلس، وتلك من المطالب التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار والضرورة القائمة للتكامل الاقتصادي والتنموي، وتطبيق الاستثمارات المشتركة وتعزيزها، وهناك مؤشرات إيجابية، كما تقول الباحثة الأوروبية «كارين إ. يونغ» ومنها مشيرة إلى التوجه العام: «لزيادة التجارة الداخلية بين دول مجلس التعاون الخليجي في العقد الماضي، حيث سعت المنظمة لبناء جهد مؤسساتي لزيادة التجارة وتدفق رأس المال البشري، لنأخذ بعين الاعتبار التنسيق الوثيق في السياسة النقدية، وتشجيع استثمار البنية التحتية في المشاركة بشبكة سكة الحديد، وبناء محطات الربط الكهربائي لمشاركة الطاقة الكهربائية وإيجاد سوق الطاقة المشترك. ومع ذلك، فإن معظم هذه الأفكار معلقة حاليًّا. لقد حاول مجلس التعاون الخليجي، كمؤسسة، تحقيق أهداف أعضائه في التعاون الاقتصادي. والمشكلة ليست في المؤسسة بحد ذاتها، وإنما في تحفظ الأعضاء على الاستغلال الكامل لأهداف السياسة التي وضعوها، فالدول الأعضاء هي التي تعرقل أهداف التطور الاقتصادي التي أعلنتها بنفسها».
ولذلك من المهم لدول المجلس أن تحدد الأولويات للتطبيق في وقتنا الراهن، وعلى أسس مخططة في الإطار المؤسساتي، وهي كثيرة ومتعددة المناشط والمهام ، ولذلك فإن طرح قضية التكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون من الضروري وضعه في الحسبان، باعتباره هدفا لا غنى عنه لتعزيز القدرات الاقتصادية وزيادة تفاعلها ونشاطها، وهو ما يجعل دول المجلس ضمن التكتلات الاقتصادية القائمة في عصرنا الحالي. وهو هدف مجاله رحب ومفتوح وليس هناك إعاقات تمنعه من الانطلاق، فدول المجلس تربطها الكثير من التقارب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، مما يساعدها على التكامل دون الكثير من المصاعب كما أشرنا، وهذه حقيقة لا يختلف عليها أحد. إلى جانب دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بين الدول الأعضاء، بما يسهم في دفع نشاطها بهدف الانطلاق والتحرك في الأعمال الفردية المؤسساتية ودعمها للنجاح بين مواطني دول المجلس، فلا بد من خلق وتحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لإيجاد فرص للعمل الحر في القطاع الخاص، والتقليل من الوظائف في القطاع العام. فالظروف العالمية التي نعيشها في هذه الفترة، بعد الحرب في أوكرانيا وما أعقبها، تجعل من التكامل الاقتصادي والاستثماري وزيادة الروابط في ما تم التوافق عليه، حاجة وضرورة تحتمها الظروف التي يعيشها العالم من صراعات وتوترات، لا نعلم مداها ولا مخاطرها على الإنسانية.
ولا يختلف أحد أن تجربة مجلس التعاون الخليجي، تعد بلا شك تجربة رائدة بكل المقاييس، باعتبارها أولى التجمعات العربية الإقليمية، التي بقيت صامدة دون جمود أو تلاشت فاعليتها، بالرغم من بطء الكثير من القرارات والتوصيات عن التنفيذ الفعلي، مع مرور واحد وأربعين عاماً على تأسيس هذا المجلس، إذ نراه ما يزال حيويا من حيث التوافق بين دوله، فإنشاؤه جاء بإرادة جماعية متفق عليها، ولم يأت من فراغ ودون الحاجة الضرورية الدافعة لقيامه، بل أتى لاستجابة طبيعية لمشاعر مشتركة وصلات تاريخية راسخة في وجدان دول مجلس التعاون وشعوبه، ولذلك جاء هذا المجلس ترجمة حقيقية لهذه المشاعر ورغبة دافعة له، تهدف إلى واقع عملي بزيادة التقارب، والتعاون، والتكامل، لمواجهة المتغيرات والتحديات الواقعية في تلك الفترة، ولا تزال هذه التحديات الخطيرة، تبرز وتتجلى بين فترة وأخرى في عالم اليوم صعب التنبؤ بما يتمخض عنه، من تحولات ومتغيرات غير ثابتة.
وقد استطاع المجلس بحق منذ إنشائه عام 1981م أن يحدد لنفسه المكانة المتميزة كمنظمة إقليمية، وتسعى لمواكبة الظروف للحفاظ على الأمن والاستقرار، لكن التعاون الاقتصادي والتنموي والاجتماعي وزيادة التكامل بين دوله في كافة المجالات، لم يتحقق بالصورة التي جاءت في بيانات القمم واجتماعات اللجان وتوصياتها، ويتم تأجيلها بين عقد وآخر، وهذه كانت من السلبيات الكثيرة، التي قللت من أهمية تطبيق التكامل المنشود، وكان يجب تفعيلها وليس تأجيلها، حتى تتحقق الأهداف الكامنة في أهداف هذا المجلس، كما نرى الكثير من دول العالم في شرقه وغربه، داخلة في تكتلات اقتصادية، ومشاريع استثمارية بينية، منذ عدة عقود، وما تزال راسخة وتزداد قوة ومتانة ، إلى جانب تأسيس خطط استراتيجية بعيدة المدى لتقوية الروابط التي من شأنها الإسهام في اقتصادياتها لمواجهة التحديات التي يتم التخطيط لها بعناية من هذه التكتلات، لأن عالم التحولات السياسية والاقتصادية والصراعات في التجربة الإنسانية، تحدث دون أي تخطيط لها، وهذه تأتي من الخبرات الإنسانية التي مرت على كل الدول المعاصرة أو قبلها، سواء أتت من خلال حروب أو صراعات، أو نتيجة لخلافات حدودية أو نتيجة لخلافات أيديولوجية قائمة، وهي من الطبيعة البشرية التي تحدث هذه الصراعات الدولية. فالمشاريع الإقليمية حاجة وطنية واستراتيجية، ومن المهم أن تتم لتعزيز الشراكات والتعاون، سواء لمواجهة التحديات التي ربما قد تحصل ـ كما أشرنا آنفاً ـ إذ هناك مؤشرات لصراعات سياسية واقتصادية تبرز في الأفق منذ فترة مضت وتزداد في وقتنا الراهن، وهذه من السنن الإلهية التي سببها الاختلافات في الرؤى والأفكار، أو كما تسمى في القرآن الكريم سنن (التدافع)، وقد لا يتم التنبؤ بمخاطرها الاقتصادية أو السياسية على كل الثقافات والحضارات الإنسانية.
من هنا يجب على دول مجلس التعاون الخليجي ـ وعالمنا العربي عموماً ـ أن ينظروا نظرة ثاقبة وواعية لما يدور الآن في العالم من توترات وصراعات وحروب، وبعض التحليلات تنذر بحرب عالمية قد تشتعل، والعالم لم يعد جزراً منفصلة، فما يجري في الصين أو الولايات المتحدة أو قارة أستراليا، قد يصلنا أردنا أم لم نرد، وتلك هي الظاهرة الإنسانية المتشابكة اقتصاديا وتكنولوجياً، وهي بلا شك مخاطر قد يصيبنا شررها، في كل المجالات المتشابكة بعالم اليوم، المتداخل مع عوالم أخرى لها مصالح مع منطقتنا وعالمنا الكبير، ولذلك نحتاج بحق إلى الاكتفاء الذاتي دون أن نكون في حاجة لدول أخرى في ظل الحروب والتوترات التي لا يمكن الاستغناء عنها ضمن التعاون السابق، خاصة إذا حصلت حروب أو صراعات، تجعل الاستيراد من هذه الدول أمراً صعباً، بسبب هذه الظروف الاستثنائية غير المتوقعة.
ومن هنا نرى أن يتم إعادة تحريك الاتفاقيات التي تم الموافقة عليها ومناقشة الأولويات التي يجب أن تتقدم للتطبيق الفعلي، بما يتناسب والحاجة الماسة لاحتياجات دول المجلس، وتلك من المطالب التي يجب أن تؤخذ في الاعتبار والضرورة القائمة للتكامل الاقتصادي والتنموي، وتطبيق الاستثمارات المشتركة وتعزيزها، وهناك مؤشرات إيجابية، كما تقول الباحثة الأوروبية «كارين إ. يونغ» ومنها مشيرة إلى التوجه العام: «لزيادة التجارة الداخلية بين دول مجلس التعاون الخليجي في العقد الماضي، حيث سعت المنظمة لبناء جهد مؤسساتي لزيادة التجارة وتدفق رأس المال البشري، لنأخذ بعين الاعتبار التنسيق الوثيق في السياسة النقدية، وتشجيع استثمار البنية التحتية في المشاركة بشبكة سكة الحديد، وبناء محطات الربط الكهربائي لمشاركة الطاقة الكهربائية وإيجاد سوق الطاقة المشترك. ومع ذلك، فإن معظم هذه الأفكار معلقة حاليًّا. لقد حاول مجلس التعاون الخليجي، كمؤسسة، تحقيق أهداف أعضائه في التعاون الاقتصادي. والمشكلة ليست في المؤسسة بحد ذاتها، وإنما في تحفظ الأعضاء على الاستغلال الكامل لأهداف السياسة التي وضعوها، فالدول الأعضاء هي التي تعرقل أهداف التطور الاقتصادي التي أعلنتها بنفسها».
ولذلك من المهم لدول المجلس أن تحدد الأولويات للتطبيق في وقتنا الراهن، وعلى أسس مخططة في الإطار المؤسساتي، وهي كثيرة ومتعددة المناشط والمهام ، ولذلك فإن طرح قضية التكامل الاقتصادي لدول مجلس التعاون من الضروري وضعه في الحسبان، باعتباره هدفا لا غنى عنه لتعزيز القدرات الاقتصادية وزيادة تفاعلها ونشاطها، وهو ما يجعل دول المجلس ضمن التكتلات الاقتصادية القائمة في عصرنا الحالي. وهو هدف مجاله رحب ومفتوح وليس هناك إعاقات تمنعه من الانطلاق، فدول المجلس تربطها الكثير من التقارب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، مما يساعدها على التكامل دون الكثير من المصاعب كما أشرنا، وهذه حقيقة لا يختلف عليها أحد. إلى جانب دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بين الدول الأعضاء، بما يسهم في دفع نشاطها بهدف الانطلاق والتحرك في الأعمال الفردية المؤسساتية ودعمها للنجاح بين مواطني دول المجلس، فلا بد من خلق وتحفيز المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، لإيجاد فرص للعمل الحر في القطاع الخاص، والتقليل من الوظائف في القطاع العام. فالظروف العالمية التي نعيشها في هذه الفترة، بعد الحرب في أوكرانيا وما أعقبها، تجعل من التكامل الاقتصادي والاستثماري وزيادة الروابط في ما تم التوافق عليه، حاجة وضرورة تحتمها الظروف التي يعيشها العالم من صراعات وتوترات، لا نعلم مداها ولا مخاطرها على الإنسانية.