النمو الاقتصادي ضروري.. وكذلك المرونة
الأربعاء / 8 / ربيع الأول / 1444 هـ - 22:53 - الأربعاء 5 أكتوبر 2022 22:53
ترجمة : قاسم مكي -
حاول واضعو السياسات منذ فترة طويلة رعاية وتعزيز النمو الاقتصادي. لكن ونحن نعكف على تشكيل اقتصادنا في فترة ما بعد الجائحة نحتاج أيضا إلى تقوية مرونتنا الاقتصادية داخل أمريكا وحول العالم.
في السنوات الأخيرة أصبح الاقتصاد العالمي معرّضا بقدر أكبر وباطِّراد لنقص الإمدادات وصدمات الأسعار.
لقد أفضت جائحة فيروس كورونا إلى اختلالات جسيمة في سلسلة التوريد مع تعافي النشاط الاقتصادي من أسرع هبوط تشهده التجارة على الإطلاق. وأوجدت حرب روسيا في أوكرانيا اضطرابا بأسواق الطاقة العالمية وقفزاتٍ في أسعار السلع الأخرى.
يتوقع الخبراء ازدياد وتيرة صدمات الإمدادات التي تحدث بين فترة وأخرى. وينتج التغير المناخي تسارعا في الأحداث المناخية المتطرفة مع كوارث أطول وأكثر حدة ولها القدرة على تعطيل عدد أكبر من المزارع والمصانع. هذه الاختلالات ستؤثر على العاملين ومؤسسات الأعمال والعائلات في أرجاء الاقتصاد.
في خطاب بولاية ميشجان أوائل سبتمبر أوضحتُ الكيفية التي ستلطِّف بها الخطةُ الاقتصادية لإدارة بايدن مثل هذه الصدمات للعاملين والشركات الأمريكية على السواء. تقدم الخطة حلولا لصدمات الإمداد العالمية حيث تعمل الولايات المتحدة في تناغم مع شركائنا وحلفائنا على امتداد العالم. لدينا أربع أولويات هي الطاقة والغذاء والتقنية والصحة العامة.
أولا، أمن الطاقة. كان من الواضح ومنذ فترة طويلة أن اعتمادنا العالمي على النفط يساهم في التغير المناخي. وهو أيضا يعرضنا لمخاطر جيوسياسية.
في الماضي سوّقَت روسيا نفسها شريكا موثوقا في مجال الطاقة. لكنها تسخِّر صادراتها من الغاز الطبيعي والنفط كأداة إكراه جيوسياسي لباقي العالم.
عندما نقلل وحلفاؤنا اعتمادنا على الوقود الأحفوري لا نعالج بذلك فقط أزمة المناخ لكننا أيضا نعزز مرونتنا تجاه صدمات الإمداد كالأزمة التي نعيشها هذا العام.
في سبيل ذلك شرَّعت الإدارة (الأمريكية) لتوها الإجراء المناخي الأكثر تشددا في تاريخنا. فقانون خفض التضخم يقدم للمستهلكين والشركات إعفاءات ضريبية ستعزز إنتاج الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة.
من المتوقع أن يخفِّض هذا التشريع، إلى جانب قانون البنية التحتية الذي يؤيده الحزبان الديمقراطي والجهوري، انبعاثات غاز الاحتباس الحراري بأكثر من بليون طن متري في عام 2030. وهو بذلك يساهم مباشرة في جهودنا لمحاربة التغير المناخي.
تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة سيحمي الكوكب ويجعل الاقتصاد الأمريكي أقل تعرضا لتصرفات أوتوقراطي في الجانب الآخر من العالم. إلى ذلك ستفيد الاستثمارات الأمريكية في الطاقة كثيرا باقي العالم بخفض تكاليف التقنية الجديدة لإنتاج الطاقة النظيفة.
أيضا تستجيب الإدارة الأمريكية مباشرة للاختلالات في الأجل القصير والتي سببتها تصرفات روسيا. فوزارة الطاقة ضخت نفطا بكميات تاريخية من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي لدعم إمدادات خام النفط. وعبر وكالة الطاقة الدولية نسقنا مع البلدان الأخرى التي تعهدت بتقديم عشرات البلايين من البراميل الإضافية هذا العام من احتياطياتها. كما توسعنا أيضا في صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا وشكلنا قوة مهام مشتركة لأمن الطاقة مع المفوضية الأوروبية.
أخيرا، وافق وزراء مالية مجموعة السبع على تحديد وتطبيق سقف على سعر النفط الروسي. هدفنا هو الحفاظ على تدفق النفط إلى الأسواق العالمية بأسعار أقل وفي ذات الوقت خفض إيرادات روسيا. علينا ألا ندع روسيا تستفيد من حرب بدأتها. سيفيد سقفُ السعرِ على النفط الروسي خصوصا مواطني بلدان الدخل المنخفض والمتوسط المستوردة للنفط. هذه المجموعة تشمل بعض أفقر وأضعف بلدان العالم والأكثر تأثرا من تداعيات حرب روسيا في أوكرانيا.
أولويتنا الثانية تحسين أمن الغذاء. الصراعات والتغير المناخي والاختلالات الاقتصادية الناجمة عن تفشي الجائحة أعاقت الإنتاج العالمي للغذاء لبعض الوقت. لكن حرب روسيا على أوكرانيا حولت الإجهاد في أنظمتنا الغذائية إلى أزمة في بلدان عديدة.
اتخذت الولايات المتحدة وستستمر في اتخاذ إجراءات قوية لإيصال الغذاء إلى أولئك الذين يحتاجون إليه الآن. تشمل جهودنا تدخلات طارئة مثل «برنامج مساعدات الأمن الغذائي الإضافية» والتي أعلنت مؤخرا بتكلفة تبلغ 2.9 بليون دولار إلى جانب بلايين الدولارات التي تم التعهد بها سابقا في هذا العام. نحن أيضا نزيد حجم الاستثمار في مرونة الغذاء في الأجل الطويل بما في ذلك تشجيع الممارسات الإنتاجية التي تزيد من الغلة الزراعية وفي ذات الوقت تقلل من الانبعاثات.
نحن نعزز الابتكارات مثل الزراعة الحضرية. ونحن نركز على اللوجستيات والبنية التحتية البالغة الأهمية ليس فقط لإنتاج الغذاء لكن أيضا لتخزينه ونقله.
في مايو نشر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى خطة عمل الأمن الغذائي التي ستدعم الفئات الضعيفة والأنظمة الغذائية المرنة مناخيا وتساعد على تلطيف النقص في المخصبات الزراعية وتطوير التجارة المفتوحة.
إدارة بايدن سعيدة خصوصا بالمساهمة بمبلغ 155 مليون دولار هذا العام لبرنامج الزراعة والأمن الغذائي العالمي والذي سيوظف المؤسسات المتعددة الأطراف للدفع إلى الأمام بمشروعات جديدة وواعدة مثل تزويد المزارعين بالبذور الأكثر مقاومة للجفاف والحرارة والأوضاع المناخية المتطرفة الأخرى. هذا سيساعد في تعزيز الإنتاج الزراعي.
أولويتنا الثالثة هي التقنية الرقمية. أثناء الجائحة نتجت اضطرابات ليست هينة في الإمداد بسبب هشاشة سلاسل توريد السلع الحيوية خصوصا أشباه الموصِّلات. لقد حدث شح في إمدادات الرقائق الإلكترونية تسبب حسب بعض التقديرات في فقدان إنتاج بقيمة 240 بليون دولار في الولايات المتحدة خلال العام الماضي فقط. واضطر مصنِّعو السيارات إلى خفض إنتاجها بحوالي مليون سيارة. إلى ذلك تتصف صناعة أشباه الموصلات بمخاطر عالية نتيجة تركُّزها الجغرافي. فحتى العام الماضي جرت كل عمليات إنتاج أشباه الموصلات الأكثر تقدما في العالم تقريبا في بلد شرق آسيوي واحد فقط هو تايوان.
تحتاج الولايات المتحدة والبلدان الأخرى إلى سلاسل توريد آمنة وموثوقة لأشباه الموصلات والتي هي من بين أهم التقنيات الأساسية الحديثة.
قانون (إيجاد حوافز مساعدة على إنتاج أشباه الموصلات والعلوم) الذي أجيز مؤخرا سيؤسس ويوسع إنتاج أشباه الموصلات الأحدث في الولايات المتحدة وينشئ إمدادا كافيا ومستقرا من أشباه الموصلات الناضجة. ومن شأن عشرات بلايين الدولارات التي يتيحها القانون في شكل حوافز من أجل تصنيعها في الولايات المتحدة تقليص المخاطر الناجمة عن «نقاط الفشل الحرجة» في سلسلة الإمداد.
سيعيد القانون الثقة في توافر الرقائق اللازمة لإنتاج السلع العالمية (المحمصات والحواسيب والآلات الصناعية المتقدمة) وقتما وأينما تكون هنالك حاجة لها.
أولويَّتُنا الرابعة تعزيزُ الصحة العامة. لقد تعلمنا من العامين السابقين على الأقل أن الجائحات يمكن أن تحدث. وعندما تفعل ذلك يمكن أن توقف تماما حركة الاقتصادين المحلي والدولي
كرَّسنا أنفسنا أولا وقبل كل شيء آخر لمحاربة جائحة فيروس كورونا. وتم تقديم 600 مليون جرعة لقاح في الولايات المتحدة من خلال أكبر حملة تطعيم تشهدها البلاد على الإطلاق. وقادت الولايات المتحدة المجهود الدولي لاقتسام جرعات لقاح كوفيد. لقد سلمنا أكثر من 620 مليون جرعة لأكثر من 110 بلدان. هذه اللقاحات جزء من استراتيجيتنا لمحاربة كوفيد على نطاق العالم والتي تساعد بدورها على حماية الأمريكيين.
لكن كوفيد لن يكون آخر مهدد للصحة العالمية ولاستقرارنا الاقتصادي الخاص بنا. لذلك يمتد عملنا أيضا إلى استثمارات الصحة العامة في الأجل الطويل. ستمكننا تلك الاستثمارات من الاستجابة بسرعة وفعالية أكبر للمهددات في المستقبل. في الداخل قدمت خطة الإنقاذ الأمريكية استثمارا تاريخيا في بنيتنا التحتية للصحة العامة. في الخارج وبقيادة من الولايات المتحدة دشنت مجموعة العشرين والشركاء الآخرون في سبتمبر صندوقا جديدا مقره في البنك الدولي للوقاية من الجائحة والاستعداد لها ومواجهتها. الهدف من الصندوق تقديم تدفقات تمويلية مخصصة لبلدان الدخل المنخفض والمتوسط. حتى الآن تعهدت الولايات المتحدة وشركاؤنا للصندوق بمبلغ 1.4 بليون دولار وهذه مجرد البداية.
فيما يخص المستقبل نسعى إلى التقليل من مكامن ضعف سلسلة التوريد وفي ذات الوقت تقوية الروابط الاقتصادية العالمية. فالتجارة العالمية تجلب معها الكفاءة الاقتصادية. يمكننا الاعتماد على بلدان عديدة ونحن ملتزمون بتعميق التكامل الاقتصادي معها. هذه المقاربة التي ندعوها «التحول إلى الأصدقاء» تمكننا من الاستمرار في إتاحة النفاذ بأمان إلى السوق. وهي تقلل مخاطرنا ومخاطر شركائنا الموثوقين. «تهدف مقاربة التحول إلى الأصدقاء أو الحلفاء تصنيع المكونات والمواد الخام والحصول عليها داخل مجموعة من البلدان التي تتشاطر قيما مشتركة مع الولايات المتحدة- المترجم».
بكل هذه السبل وضعت إدارة بايدن النمو المرن في قلب خطتنا الاقتصادية. تعزيز النمو الاقتصادي ضروري لكنه أيضا ليس كافيا. الجائحة والحرب في أوكرانيا تذكير واضح بالكيفية التي تتغير بها الظروف فجأة. علينا ترقية طموحاتنا وحماية أنفسنا والناس حول العالم من التقلب الاقتصادي الذي قد نشهده في الشهور والسنوات القادمة.
جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية
المقال عن مجلة أتلانتيك ترجمة خاصة بجريدة عمان
حاول واضعو السياسات منذ فترة طويلة رعاية وتعزيز النمو الاقتصادي. لكن ونحن نعكف على تشكيل اقتصادنا في فترة ما بعد الجائحة نحتاج أيضا إلى تقوية مرونتنا الاقتصادية داخل أمريكا وحول العالم.
في السنوات الأخيرة أصبح الاقتصاد العالمي معرّضا بقدر أكبر وباطِّراد لنقص الإمدادات وصدمات الأسعار.
لقد أفضت جائحة فيروس كورونا إلى اختلالات جسيمة في سلسلة التوريد مع تعافي النشاط الاقتصادي من أسرع هبوط تشهده التجارة على الإطلاق. وأوجدت حرب روسيا في أوكرانيا اضطرابا بأسواق الطاقة العالمية وقفزاتٍ في أسعار السلع الأخرى.
يتوقع الخبراء ازدياد وتيرة صدمات الإمدادات التي تحدث بين فترة وأخرى. وينتج التغير المناخي تسارعا في الأحداث المناخية المتطرفة مع كوارث أطول وأكثر حدة ولها القدرة على تعطيل عدد أكبر من المزارع والمصانع. هذه الاختلالات ستؤثر على العاملين ومؤسسات الأعمال والعائلات في أرجاء الاقتصاد.
في خطاب بولاية ميشجان أوائل سبتمبر أوضحتُ الكيفية التي ستلطِّف بها الخطةُ الاقتصادية لإدارة بايدن مثل هذه الصدمات للعاملين والشركات الأمريكية على السواء. تقدم الخطة حلولا لصدمات الإمداد العالمية حيث تعمل الولايات المتحدة في تناغم مع شركائنا وحلفائنا على امتداد العالم. لدينا أربع أولويات هي الطاقة والغذاء والتقنية والصحة العامة.
أولا، أمن الطاقة. كان من الواضح ومنذ فترة طويلة أن اعتمادنا العالمي على النفط يساهم في التغير المناخي. وهو أيضا يعرضنا لمخاطر جيوسياسية.
في الماضي سوّقَت روسيا نفسها شريكا موثوقا في مجال الطاقة. لكنها تسخِّر صادراتها من الغاز الطبيعي والنفط كأداة إكراه جيوسياسي لباقي العالم.
عندما نقلل وحلفاؤنا اعتمادنا على الوقود الأحفوري لا نعالج بذلك فقط أزمة المناخ لكننا أيضا نعزز مرونتنا تجاه صدمات الإمداد كالأزمة التي نعيشها هذا العام.
في سبيل ذلك شرَّعت الإدارة (الأمريكية) لتوها الإجراء المناخي الأكثر تشددا في تاريخنا. فقانون خفض التضخم يقدم للمستهلكين والشركات إعفاءات ضريبية ستعزز إنتاج الطاقة النظيفة في الولايات المتحدة.
من المتوقع أن يخفِّض هذا التشريع، إلى جانب قانون البنية التحتية الذي يؤيده الحزبان الديمقراطي والجهوري، انبعاثات غاز الاحتباس الحراري بأكثر من بليون طن متري في عام 2030. وهو بذلك يساهم مباشرة في جهودنا لمحاربة التغير المناخي.
تسريع التحول إلى الطاقة النظيفة سيحمي الكوكب ويجعل الاقتصاد الأمريكي أقل تعرضا لتصرفات أوتوقراطي في الجانب الآخر من العالم. إلى ذلك ستفيد الاستثمارات الأمريكية في الطاقة كثيرا باقي العالم بخفض تكاليف التقنية الجديدة لإنتاج الطاقة النظيفة.
أيضا تستجيب الإدارة الأمريكية مباشرة للاختلالات في الأجل القصير والتي سببتها تصرفات روسيا. فوزارة الطاقة ضخت نفطا بكميات تاريخية من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي لدعم إمدادات خام النفط. وعبر وكالة الطاقة الدولية نسقنا مع البلدان الأخرى التي تعهدت بتقديم عشرات البلايين من البراميل الإضافية هذا العام من احتياطياتها. كما توسعنا أيضا في صادرات الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا وشكلنا قوة مهام مشتركة لأمن الطاقة مع المفوضية الأوروبية.
أخيرا، وافق وزراء مالية مجموعة السبع على تحديد وتطبيق سقف على سعر النفط الروسي. هدفنا هو الحفاظ على تدفق النفط إلى الأسواق العالمية بأسعار أقل وفي ذات الوقت خفض إيرادات روسيا. علينا ألا ندع روسيا تستفيد من حرب بدأتها. سيفيد سقفُ السعرِ على النفط الروسي خصوصا مواطني بلدان الدخل المنخفض والمتوسط المستوردة للنفط. هذه المجموعة تشمل بعض أفقر وأضعف بلدان العالم والأكثر تأثرا من تداعيات حرب روسيا في أوكرانيا.
أولويتنا الثانية تحسين أمن الغذاء. الصراعات والتغير المناخي والاختلالات الاقتصادية الناجمة عن تفشي الجائحة أعاقت الإنتاج العالمي للغذاء لبعض الوقت. لكن حرب روسيا على أوكرانيا حولت الإجهاد في أنظمتنا الغذائية إلى أزمة في بلدان عديدة.
اتخذت الولايات المتحدة وستستمر في اتخاذ إجراءات قوية لإيصال الغذاء إلى أولئك الذين يحتاجون إليه الآن. تشمل جهودنا تدخلات طارئة مثل «برنامج مساعدات الأمن الغذائي الإضافية» والتي أعلنت مؤخرا بتكلفة تبلغ 2.9 بليون دولار إلى جانب بلايين الدولارات التي تم التعهد بها سابقا في هذا العام. نحن أيضا نزيد حجم الاستثمار في مرونة الغذاء في الأجل الطويل بما في ذلك تشجيع الممارسات الإنتاجية التي تزيد من الغلة الزراعية وفي ذات الوقت تقلل من الانبعاثات.
نحن نعزز الابتكارات مثل الزراعة الحضرية. ونحن نركز على اللوجستيات والبنية التحتية البالغة الأهمية ليس فقط لإنتاج الغذاء لكن أيضا لتخزينه ونقله.
في مايو نشر صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية الأخرى خطة عمل الأمن الغذائي التي ستدعم الفئات الضعيفة والأنظمة الغذائية المرنة مناخيا وتساعد على تلطيف النقص في المخصبات الزراعية وتطوير التجارة المفتوحة.
إدارة بايدن سعيدة خصوصا بالمساهمة بمبلغ 155 مليون دولار هذا العام لبرنامج الزراعة والأمن الغذائي العالمي والذي سيوظف المؤسسات المتعددة الأطراف للدفع إلى الأمام بمشروعات جديدة وواعدة مثل تزويد المزارعين بالبذور الأكثر مقاومة للجفاف والحرارة والأوضاع المناخية المتطرفة الأخرى. هذا سيساعد في تعزيز الإنتاج الزراعي.
أولويتنا الثالثة هي التقنية الرقمية. أثناء الجائحة نتجت اضطرابات ليست هينة في الإمداد بسبب هشاشة سلاسل توريد السلع الحيوية خصوصا أشباه الموصِّلات. لقد حدث شح في إمدادات الرقائق الإلكترونية تسبب حسب بعض التقديرات في فقدان إنتاج بقيمة 240 بليون دولار في الولايات المتحدة خلال العام الماضي فقط. واضطر مصنِّعو السيارات إلى خفض إنتاجها بحوالي مليون سيارة. إلى ذلك تتصف صناعة أشباه الموصلات بمخاطر عالية نتيجة تركُّزها الجغرافي. فحتى العام الماضي جرت كل عمليات إنتاج أشباه الموصلات الأكثر تقدما في العالم تقريبا في بلد شرق آسيوي واحد فقط هو تايوان.
تحتاج الولايات المتحدة والبلدان الأخرى إلى سلاسل توريد آمنة وموثوقة لأشباه الموصلات والتي هي من بين أهم التقنيات الأساسية الحديثة.
قانون (إيجاد حوافز مساعدة على إنتاج أشباه الموصلات والعلوم) الذي أجيز مؤخرا سيؤسس ويوسع إنتاج أشباه الموصلات الأحدث في الولايات المتحدة وينشئ إمدادا كافيا ومستقرا من أشباه الموصلات الناضجة. ومن شأن عشرات بلايين الدولارات التي يتيحها القانون في شكل حوافز من أجل تصنيعها في الولايات المتحدة تقليص المخاطر الناجمة عن «نقاط الفشل الحرجة» في سلسلة الإمداد.
سيعيد القانون الثقة في توافر الرقائق اللازمة لإنتاج السلع العالمية (المحمصات والحواسيب والآلات الصناعية المتقدمة) وقتما وأينما تكون هنالك حاجة لها.
أولويَّتُنا الرابعة تعزيزُ الصحة العامة. لقد تعلمنا من العامين السابقين على الأقل أن الجائحات يمكن أن تحدث. وعندما تفعل ذلك يمكن أن توقف تماما حركة الاقتصادين المحلي والدولي
كرَّسنا أنفسنا أولا وقبل كل شيء آخر لمحاربة جائحة فيروس كورونا. وتم تقديم 600 مليون جرعة لقاح في الولايات المتحدة من خلال أكبر حملة تطعيم تشهدها البلاد على الإطلاق. وقادت الولايات المتحدة المجهود الدولي لاقتسام جرعات لقاح كوفيد. لقد سلمنا أكثر من 620 مليون جرعة لأكثر من 110 بلدان. هذه اللقاحات جزء من استراتيجيتنا لمحاربة كوفيد على نطاق العالم والتي تساعد بدورها على حماية الأمريكيين.
لكن كوفيد لن يكون آخر مهدد للصحة العالمية ولاستقرارنا الاقتصادي الخاص بنا. لذلك يمتد عملنا أيضا إلى استثمارات الصحة العامة في الأجل الطويل. ستمكننا تلك الاستثمارات من الاستجابة بسرعة وفعالية أكبر للمهددات في المستقبل. في الداخل قدمت خطة الإنقاذ الأمريكية استثمارا تاريخيا في بنيتنا التحتية للصحة العامة. في الخارج وبقيادة من الولايات المتحدة دشنت مجموعة العشرين والشركاء الآخرون في سبتمبر صندوقا جديدا مقره في البنك الدولي للوقاية من الجائحة والاستعداد لها ومواجهتها. الهدف من الصندوق تقديم تدفقات تمويلية مخصصة لبلدان الدخل المنخفض والمتوسط. حتى الآن تعهدت الولايات المتحدة وشركاؤنا للصندوق بمبلغ 1.4 بليون دولار وهذه مجرد البداية.
فيما يخص المستقبل نسعى إلى التقليل من مكامن ضعف سلسلة التوريد وفي ذات الوقت تقوية الروابط الاقتصادية العالمية. فالتجارة العالمية تجلب معها الكفاءة الاقتصادية. يمكننا الاعتماد على بلدان عديدة ونحن ملتزمون بتعميق التكامل الاقتصادي معها. هذه المقاربة التي ندعوها «التحول إلى الأصدقاء» تمكننا من الاستمرار في إتاحة النفاذ بأمان إلى السوق. وهي تقلل مخاطرنا ومخاطر شركائنا الموثوقين. «تهدف مقاربة التحول إلى الأصدقاء أو الحلفاء تصنيع المكونات والمواد الخام والحصول عليها داخل مجموعة من البلدان التي تتشاطر قيما مشتركة مع الولايات المتحدة- المترجم».
بكل هذه السبل وضعت إدارة بايدن النمو المرن في قلب خطتنا الاقتصادية. تعزيز النمو الاقتصادي ضروري لكنه أيضا ليس كافيا. الجائحة والحرب في أوكرانيا تذكير واضح بالكيفية التي تتغير بها الظروف فجأة. علينا ترقية طموحاتنا وحماية أنفسنا والناس حول العالم من التقلب الاقتصادي الذي قد نشهده في الشهور والسنوات القادمة.
جانيت يلين وزيرة الخزانة الأمريكية
المقال عن مجلة أتلانتيك ترجمة خاصة بجريدة عمان