يحصلُ أحيانًا
السبت / 27 / صفر / 1444 هـ - 15:46 - السبت 24 سبتمبر 2022 15:46
عمر العبري
يحصلُ أحيانًا أن يرمي بك الحظ وتجلس إلى جانب مُصلٍ تُزكمك رائحته العطِنة في صلاة تمكث فيها مدة أطول في المسجد كصلاة الجمعة ولا تجد أي مخرج سوى التمني بألا يطيل الخطيب في خطبته وأن يوجز قدر استطاعته لأنك حينها تكون فاقد التركيز تمامًا ويكاد يُغمى عليك من هجمات الرائحة التي يوزعها بسخاء مكيف المسجد ذي العشرة أطنان بين الفينة والأخرى.
كلما أُتيحت لك الفرصة تحاول أن تُظهر للرجل تأففك وانزعاجك لكن جارك المستمع بخشوع للخطبة يبدو في قمة التركيز والإنصات.. أتصوّره يفكّر بعُمق ويتمثل أهوال يوم القيامة ومشاهد هذا اليوم العظيم وكيف سيُحاسب الإنسان على أعماله صغيرها قبل كبيرها. تنظر إلى قسمات وجهه مُركّزًا على حركة عينيه فتلحظ دمعة حرّى تكاد تنحدر على خده خوفًا وفزعًا.
تتأكد رغم محاولات إظهار سخطك أن الرجل هو الآن في عالم وأنت في عالم آخر.. أنك لا تملك فرصة أن تقول له إنك في بيت الله وأنت ضيفه وإن التطيب من سنن النبي عليه الصلاة والسلام وإن رائحتك 'طفّرت' بمَن حولك.
تلك اللحظة وفي ذلك التوقيت ليس بمقدورك أن تذكّره بما رواه أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: (من اغتسل يوم الجمعة فأحسن الغُسْل وتطهَّر فأحسَنَ الطُّهور ولبِسَ مِنْ أحسن ثيابه ومَسَّ مَا كتَب الله له مِن طيبِ أوْ دُهْنِ أهله ثُم أتى المسجد فلم يَلْغُ ولم يُفَرِّقْ بينَ اثنينِ غفر الله له ما بينه وبين الجمعة الأُخْرى) بحسب رواية الطبراني، كما ليس بالإمكان تعريفه بمضمون قول أنس بن مالك رضي الله عنه عندما قال: (ما شممتُ عنبرًا قطُّ ولا مسكًا ولا شيئًا أطيبَ من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم) كما رواه مسلم.
سيتعذر عليك كذلك أن تشرح له والمقام مقام صلاة جمعة أن الدراسات العلمية الحديثة والأبحاث المتخصصة أثبتت أن للعطور والروائح تأثيرًا مباشرًا على الحالة المزاجية والنفسية للإنسان، إذ قدمت هذه الأبحاث حقائق ودلائل تؤكد أن الروائح الطيبة 'وليس رائحته المُنفرة' تساعد على الاسترخاء وأن البعض منها يساعد على زيادة الجهد والنشاط ويبعث على الحيوية، كما أن العطور تعمل على جلب السعادة والشعور بجمال الحياة وتدفع الشخص إلى أن يكون فعالًا وأكثر إيجابية.. كما تقوم الروائح الجميلة إلى جانب عملها الأساسي وهو جلب السعادة بعمل المهدئات وهي تدخل في بعض برامج العلاج النفسي.
يذهب عالم النفس الأسترالي جون بريسكوت الباحث بجامعة أكسفورد إلى أن الروائح اللطيفة تضفي على نفس الإنسان الراحة والاسترخاء وتُحسّن من حالته المزاجية لأنها 'تُنشط أنظمة أو حساسات الأفيون بدماغه والتي تجعل الجسم يشعر بالتحسن'، مما يفسر أيضًا أن الروائح العطرية قد يكون لها تأثير سلبي على الحالة المزاجية.
تمنيت في يوم الجمعة ذلك الذي لن أنساه وأنا أنتظر مع باقي المصلين الوقوف بين يدي الله أن أُلفِت انتباه المصلي الذي يقف إلى يساري مستبقًا تكبيرة الإحرام بشيء من الدُعاء لله بأن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأن يتجاوز عنه لما ألحقه بي من ضرر نفسي عميق وألا يغفل في المرة القادمة وهو قادمُ لملاقاة ربه أن يضع قليلًا من العطر على جسده وملابسه لأن عبير العطور يُقيم علاقة عاطفية وثيقة ودائمة بين الإنسان والإنسان من خلال تبادلها كهدايا وبين الإنسان والمكان وكذلك بين الإنسان والذكريات.
آخر نقطة
يُعتقد أن المصريين القدماء كانوا أول من استخدم العطور وذلك في احتفالاتهم الدينية، تبعهم اليونانيون والرّومان، وفي عام 1190م بدأت فرنسا بتصنيع العطور لغرض تجاري فانطلقت هذه الصناعة بصورتها الحديثة والمنظمة من العاصمة باريس لتغزو العالم أجمع.
كلما أُتيحت لك الفرصة تحاول أن تُظهر للرجل تأففك وانزعاجك لكن جارك المستمع بخشوع للخطبة يبدو في قمة التركيز والإنصات.. أتصوّره يفكّر بعُمق ويتمثل أهوال يوم القيامة ومشاهد هذا اليوم العظيم وكيف سيُحاسب الإنسان على أعماله صغيرها قبل كبيرها. تنظر إلى قسمات وجهه مُركّزًا على حركة عينيه فتلحظ دمعة حرّى تكاد تنحدر على خده خوفًا وفزعًا.
تتأكد رغم محاولات إظهار سخطك أن الرجل هو الآن في عالم وأنت في عالم آخر.. أنك لا تملك فرصة أن تقول له إنك في بيت الله وأنت ضيفه وإن التطيب من سنن النبي عليه الصلاة والسلام وإن رائحتك 'طفّرت' بمَن حولك.
تلك اللحظة وفي ذلك التوقيت ليس بمقدورك أن تذكّره بما رواه أبي ذر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال: (من اغتسل يوم الجمعة فأحسن الغُسْل وتطهَّر فأحسَنَ الطُّهور ولبِسَ مِنْ أحسن ثيابه ومَسَّ مَا كتَب الله له مِن طيبِ أوْ دُهْنِ أهله ثُم أتى المسجد فلم يَلْغُ ولم يُفَرِّقْ بينَ اثنينِ غفر الله له ما بينه وبين الجمعة الأُخْرى) بحسب رواية الطبراني، كما ليس بالإمكان تعريفه بمضمون قول أنس بن مالك رضي الله عنه عندما قال: (ما شممتُ عنبرًا قطُّ ولا مسكًا ولا شيئًا أطيبَ من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم) كما رواه مسلم.
سيتعذر عليك كذلك أن تشرح له والمقام مقام صلاة جمعة أن الدراسات العلمية الحديثة والأبحاث المتخصصة أثبتت أن للعطور والروائح تأثيرًا مباشرًا على الحالة المزاجية والنفسية للإنسان، إذ قدمت هذه الأبحاث حقائق ودلائل تؤكد أن الروائح الطيبة 'وليس رائحته المُنفرة' تساعد على الاسترخاء وأن البعض منها يساعد على زيادة الجهد والنشاط ويبعث على الحيوية، كما أن العطور تعمل على جلب السعادة والشعور بجمال الحياة وتدفع الشخص إلى أن يكون فعالًا وأكثر إيجابية.. كما تقوم الروائح الجميلة إلى جانب عملها الأساسي وهو جلب السعادة بعمل المهدئات وهي تدخل في بعض برامج العلاج النفسي.
يذهب عالم النفس الأسترالي جون بريسكوت الباحث بجامعة أكسفورد إلى أن الروائح اللطيفة تضفي على نفس الإنسان الراحة والاسترخاء وتُحسّن من حالته المزاجية لأنها 'تُنشط أنظمة أو حساسات الأفيون بدماغه والتي تجعل الجسم يشعر بالتحسن'، مما يفسر أيضًا أن الروائح العطرية قد يكون لها تأثير سلبي على الحالة المزاجية.
تمنيت في يوم الجمعة ذلك الذي لن أنساه وأنا أنتظر مع باقي المصلين الوقوف بين يدي الله أن أُلفِت انتباه المصلي الذي يقف إلى يساري مستبقًا تكبيرة الإحرام بشيء من الدُعاء لله بأن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأن يتجاوز عنه لما ألحقه بي من ضرر نفسي عميق وألا يغفل في المرة القادمة وهو قادمُ لملاقاة ربه أن يضع قليلًا من العطر على جسده وملابسه لأن عبير العطور يُقيم علاقة عاطفية وثيقة ودائمة بين الإنسان والإنسان من خلال تبادلها كهدايا وبين الإنسان والمكان وكذلك بين الإنسان والذكريات.
آخر نقطة
يُعتقد أن المصريين القدماء كانوا أول من استخدم العطور وذلك في احتفالاتهم الدينية، تبعهم اليونانيون والرّومان، وفي عام 1190م بدأت فرنسا بتصنيع العطور لغرض تجاري فانطلقت هذه الصناعة بصورتها الحديثة والمنظمة من العاصمة باريس لتغزو العالم أجمع.