الاقتصادية

تحصين الصين – خطة "شي" لتأمين الاستقلال الاقتصادي

 
جيمس كينج وآخرون- الفاينانشال تايمز -

ترجمة قاسم مكي -


قد تكون تقنية ' نانو نايف' التي تنتجها شركة تيانجين سايكسيانج شكلا من أنظمة الجراحة الدقيقة لكنها مؤشر على اتجاه عريض يعيد تشكيل علاقة الصين الاقتصادية مع باقي العالم.

تستهدف هذه التقنية القضاء على خلايا سرطان البروستاتا من دون توغل جراحي.

حصلت تيانجين سايكسيانج وهي شركة تكاد تكون غير معروفة على صفة 'العملاق الصغير' في عام 2020. يعني هذا التصنيف الرسمي أنها مؤهلة للحصول على معاملة تفضيلية مقابل مساعدتها الصين على ارتقاء سلم التقنية.

ووفقا لمسؤول في الشركة رفض ذكر اسمه أن هذه النسخة الصينية من العلاج الجراحي المتقدم هي جزء من مسعي يستهدف التقليل من الحاجة إلى التقنيات الطبية المستوردة، وأن الحكومة تطلب من المشافي المحلية إحلال المعدات الطبية الأجنبية بأخرى محلية كلما أمكن ذلك، ويضيف ' هذه نعمة لشركتنا.'

هذا الشهر ألقى شي جينبينج خطابا تحدث فيه عن الحاجة الماسَّة لتحقيق اختراقات في التقنية المحلية من أجل التفوق في المنافسة مع الغرب وتعزيز الأمن الوطني. تجربة تيانجين سايكسيانج مثال واحد وصغير لحجم طموحات القادة الصينيين.

تسعى الصين، في ظل رئاسة شي الذي من المؤكد أنه سيؤمن لنفسه فترة رئاسية أخرى كما يبدو، للتحول بقيادة الدولة إلى قوة تقنية عظمى مكتفية ذاتيا ولا تعتمد كثيرا على الغرب.

في نظر المحللين الهدف الضمني لهذه السياسة هو تحصين الصين، بمعنى إعادة هندسة ثاني أكبر اقتصاد في العالم ليتمكن من الاعتماد على طاقاته الداخلية والصمود في الحرب إذا دعت الحاجة لذلك.

وفي حين يريد العديدون في الولايات المتحدة فصل اقتصادهم عن الصين ترغب بيجينج في أن تكون أقل اعتمادا على الغرب وخصوصا تقنيته.

لهذه الإستراتيجية التي تعتمدها الصين مكونات عديدة وإذا نجحت ستحتاج إلى عدة سنوات لكي تتحقق حسبما يقول المحللون.

في مجال التقنية تستهدف حفز الابتكار المحلي لتوطين الجوانب الإستراتيجية من سلسلة التوريد، وفي قطاع الطاقة تعزيز استخدام الموارد المتجددة للتقليل من استيراد النفط والغاز بواسطة السفن، وفي مجال الغذاء يشمل المسار الذي اختطته هذه الإستراتيجية لتعظيم الاعتماد على الذات إعادة إنعاش صناعة البذور المحلية، وفي القطاع المالي المطلوب التصدي لإمكانية تحويل الدولار الأمريكي إلى سلاح.

تشكل مثل هذه التحولات تحديا واضحا للعديد من الشركات متعددة الجنسية التي يستمد بعضها الشطر الأعظم من نموه العالمي من سوق الصين.

اتجاه الصين نحو الاكتفاء الذاتي ظل يتبلور على مدى سنوات عديدة لكنه تسارع منذ الحرب الروسية الأوكرانية وفرض العقوبات الغربية التي أعقبته على موسكو.

بحسب تشين زيو، أستاذ التمويل بجامعة هونج كونج، يدرك القادة الصينيون أن النزاعات العسكرية قد يصعب تجنبها إذا أرادت بيجينج توحيد تايوان مع الصين الكبرى.

يقول زيو 'العقوبات الاقتصادية الشاملة ضد روسيا بعد حربها على أوكرانيا عززت من ضرورة إسراع الصين إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في التقنية والتمويل والغذاء والطاقة.' وأضاف 'عبارة الاكتفاء الذاتي راجت مجددا في مطبوعات الحزب.'

من جانبه يحذر ستيف سانج أستاذ كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن من أن تشييد 'حصن الصين' اقترابها من عزل نفسها عن العالم الخارجي. فهي بوصفها أكبر قوة تجارية في الاقتصاد العالمي وأحد أكبر البلدان المستقبلة للاستثمار الأجنبي المباشر ستؤذي نفسها باتخاذها مثل هذا المسار.

بدلا عن ذلك، يقول سانغ، 'يعكف الرئيس الصيني على بناء سلسلة من القلاع المتحركة أو القواعد الأمامية لتعزيز مكانة الصين في العالم. فهي تجعل الصين قوة ابتكار لتقنيات تدفع البلدان الأخرى إلى التطلع لاقتسامها معها، وهذا ما يجعلها معتمدة على الصين.'

مقامرة ضخمة في التقنية

العديد من التحولات التي يُنوَّه بها مع استعداد الصين لاستضافة المؤتمر الوطني الثلاثين للحزب الشيوعي الصيني في منتصف أكتوبر كانت متوقعة أو تحدث منذ بعض الوقت، لكن من المرجح كما يبدو أن يؤكدها مؤتمر الحزب ويعجل بها.

رسمت الملاحظات التي أدلى بها شي أثناء توليه رئاسة اجتماع للجنة المركزية لتعميق الإصلاح رؤية واضحة للتقنية. فتطوير 'التقنيات الأساسية' لا يمكن تركه لحرية السوق ويجب أن تتولى قيادته حكومة الصين.

ونقل تلفزيون الصين المركزي عن الرئيس شي قوله 'من الضروري تقوية القيادة الموحدة للجنة المركزية وتأسيس نظام قيادة موثوق لاتخاذ قرارات التقنية.'

وفي مؤشر على الأهمية التي يوليها شي لهذه الأجندة سيحشد كما يبدو تكنوقراط وليس مهنيين بيروقراط في هذه اللجنة المركزية الجديدة التي تضم حوالى 200 من كبار المسئولين في الصين، بحسب تحليل دَيميان ما المؤسس المشارك ومدير مركز الأبحاث ماكرو بولو بالولايات المتحدة.

سيتولى هؤلاء المسؤولون المتمرسون في التقنية مسؤولية الإشراف على ما يرقى إلى أن يكون مقامرة ضخمة. فالصين تضخ مواردَ غير مسبوقة في مساعيها لتعزيز الاعتماد الذاتي التقني خصوصا في الصناعات الإستراتيجية مثل شبه الموصلات بأمل أن يقود مثل هذا التمويل إلى الابتكار وإحلال الواردات.

إجمالا، تم التعهد بتخصيص ما يزيد عن 150 بليون دولار لحفز التقدم في صناعة شبه الموصلات. ووجد تقرير صدر العام الماضي عن رابطة صناعة شبه الموصلات وهي مجموعة تضم مصنِّعي الرقائق الإلكترونية في الولايات المتحدة أن الصين استثمرت

39 بليون دولار بواسطة الصندوق القومي للدوائر المتكاملة وذهب معظمها لتمويل مشروعات صناعية جديدة.

إضافة إلى ذلك أعلنت أكثر من 15 حكومة محلية عن تخصيص أموال تبلغ في جملتها 25 بليون دولار لدعم الشركات الصينية التي تتولى صناعة شبه الموصلات. كما خصص تمويل آخر بمبلغ 50 بليون دولار في شكل 'منح حكومية واستثمارات في الأسهم وقروض منخفضة الفائدة،' بحسب تقرير الرابطة المذكورة.

بالمقارنة، تبدو خطة الولايات المتحدة لإنفاق 50 بليون دولار في دعم صناعة شبه الموصلات المحلية أكثر تواضعا.

وتعدّ شبه الموصلات عموما كعب أخيل (نقطة ضعف) صناعة الصين. في عام 2020 استورد الصين ما قيمته 378 بليون دولار من شبه الموصلات. وهذا مكمن ضعف في سلسلة التوريد. استمر هذا الضعف بسبب تكريس 95% من القدرات الصينية المحلية لإنتاج تقنيات غير مستحدثة، وفقا لتقرير الرابطة.

مع ذلك تحققت بعض الاختراقات اللافتة. لقد اتضح هذا الصيف أن شركة تصنيع شبه الموصلات الدولية (إس إم آي سي) وهي إحدى الشركات الصينية الكبرى العاملة في هذا المجال نجحت في صناعة رقيقة إلكترونية بحجم 7 نانومتر. وهذا قلص المسافة بينها وبين الشركات التي تقود صناعة شبه الموصلات مثل تي إس إم سي في تايوان وسامسونج في كوريا الجنوبية بنحو جيل أو جيلين

لكن رغم هذا التقدم الذي تحقق والأموال الضخمة التي خصصتها الصين لتطوير صناعة الرقائق يقول محللون عديدون: إن هدفها في الاعتماد الكامل على الذات في مجال شبه الموصلات غير واقعي. فهذه الصناعة معقدة ومترابطة فيما بينها بحيث لا يمكن لبلد أن يخوض غمارها بمفرده.

يقول دان وانغ محلل التقنية بمركز الأبحاث جافيكال دراجونوميكس في شنجهاي 'الاكتفاء الذاتي أضغاث أحلام لأي بلد حتى لو كان كبيرا مثل الولايات المتحدة أو الصين حين يتعلق الأمر بالرقائق الإلكترونية.'

هنالك مسار ثان لجهود تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالين مترابطين هما اختيار الدولة لشركات واعدة مثل تيانجين سايكسيانج ودعم الحكومة لاندفاعة قوية باتجاه رأس المال المغامر.

في اجتماع قومي عقد هذا الشهر في إقليم جيانجسو الشرقي أطلقت الصين اسم ' العمالقة الصغار' على 8997 منشأة. وهذا يؤهلها للإعفاء من الضرائب حتى تتمكن من مساعدة الصين في المنافسة مع الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى. وذكر شي في رسالة إلى الاجتماع المذكور أنه يأمل في أن تؤدي مثل هذه المنشآت 'دورا أكثر أهمية في تثبيت سلاسل الإمداد.' وهو ما يشير إلى طموحه في أن يساعد ' العمالقة الصغار' على توطين صناعة التقنية في الصين.

دعم مثل هذه الجهود يمكن ملاحظته في تأكيد بيجينج على السيطرة المتزايدة على صناعة رأس المال المغامر في الصين. في السنوات القليلة الماضية أشرفت على إنشاء أكثر من 1800 صندوق توجيه حكومي. جمعت الصين من خلال هذه الصناديق أكثر من 6 تريليون رينمينبي (900 بليون دولار أمريكي) بهدف استثمار معظمها في القطاعات التقنية التي تعتبرها بيجينج ' استراتيجية.'

الملمح البارز لهذه الصناديق أنها في معظمها تدار بواسطة حكومات إقليمية ومحلية أو مؤسسات مملوكة للحكومة. لكن هنا أيضا يتشكك المحللون في فعالية محاولات بيجينج في الأجل الطويل ' لتقرير الشركات الفائزة.'

يقول مستشار للحكومة الصينية رفض ذكر اسمه أن جوانب عديدة لخطة ' العمالقة الصغار' مختلة.

فقد لزم فحص الشركات بواسطة الحكومات المحلية ابتداء مما فتح المجال للمحسوبية والفساد. إلى ذلك من الممكن أن يكون تقييم المسؤولين لمستقبل الشركة ضعيفا خصوصا عندما يرتبط بتقنية يصعب فهمها.

يعتقد المستشار الحكومي أن أفضل طريقة لتحديد الشركات الواعدة هي 'اتباع قاعدة البقاء للأصلح.' ويضيف 'أية شركة تقنية رفيعة تنمو من خلال المنافسة يجب اعتبارها مرشحة لأن تكون عملاقا صغيرا. ولا يمكن للحكومة تحديد ذلك مسبقا.'

مثل هذه المخاوف لا تعني أن برنامج 'العمالقة الصغار 'سيفشل في تحقيق أهدافه في تعزيز الاعتماد على الذات، لكن قد ينطوي على قدر كبير من الهدر وانعدام الكفاءة.'

التركيز على الموارد المتجددة

عند تقاطع الجغرافية السياسية مع التقنية تتموضع نقطة ضعف كبرى أخرى للصين، إنها إمدادات الطاقة. وفي زيارة إلى حقل نفط شمالي الصين أواخر العام الماضي أطلق شي نداء ظلت أصداؤه تتردد عبر وسائل الإعلام الرسمية منذ ذلك الحين، إذ قال شي: إن على الصين تدبير إمداداتها من الطاقة اعتمادا على نفسها.

ومع اكتفاء الصين ذاتيا من الطاقة بنسبة 80% في الوقت الحالي هنالك 20% من احتياجاتها (معظمها في شكل واردات من النفط والغاز) عرضة نسبيا للصدمات الخارجية. والصين قلقة خصوصا بشأن ممرات التجارة البحرية في نقاط العبور الضيقة مثل مضيق ملقا حيث تهيمن القوة البحرية الأمريكية.

تعتقد ميشال ميدان بمعهد أكسفورد لدراسات الطاقة أن الصين تتجه باطراد إلى التركيز على الموارد المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح لتكون جزءًا من الحل.

تقول 'الصين تنظر إلى الوضع الجيوسياسي العالمي وتقيِّم مكامن الضعف حول سلاسل الإمداد. من المعقول جدا أن تسعي إلى تعزيز وضعها المسيطر في صناعة الموارد المتجددة وسلاسل الإمداد ونشرها محليا.'

هذا الموقف يوجد زخما موثوقا للتوسع في الموارد المتجددة. ويقول المحللون إن الصين في سبيلها إلى إنفاذ خطة وطنية في وقت مبكر تستهدف بها الحصول على 33% من الكهرباء التي تحتاجها من الموارد المتجددة بحلول عام 2025. لكنهم يضيفون أن الصين بحاجة إلى عدة سنوات لكي تتخلص من اعتمادها على استيراد النفط والغاز عبر البحر.

الجبهة الرئيسية لمعركة الغذاء

الاعتماد على العالم الخارجي الأكثر استعصاء على الحل يتعلق بالزراعة. لقد تراجع الأمن الغذائي للصين خلال العقود الثلاثة الأخيرة مع تزايد أعداد سكانها وتحويل استخدام الأراضي الزراعية من الحبوب إلى محاصيل أكثر ربحية.

في عام 2021 كان الإنتاج المحلي يسدُّ 33% فقط من حاجة الصين من إجمالي الطلب على ثلاثة زيوت غذائية رئيسية هي زيت فول الصويا وزيت الفول السوداني وزيت اللفت مقارنة باكتفائها ذاتيا بنسبة 100% في أوائل التسعينات.

وعلى الرغم من أن القادة الذين مروا على الصين أكدوا أهمية الأمن الغذائي الحيوية لبلادهم لكن المحللين يعتقدون أن اللغة والنغمة صارت أكثر تشددا في عهد شي.

تلك هي الحال خصوصا منذ تهديدات الحرب التجارية التي ابتدرتها الولايات المتحدة إبان رئاسة دونالد ترامب ونشر الورقة البيضاء عن أمن الطاقة في عام 2019 بواسطة مجلس الدولة الصيني.

منذ ذلك الوقت طابَق كبار القادة بوضوح بين الأمن الوطني والأمن الغذائي وجرى التعبير عن الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية بمفردات شبيهة بتلك التي تصف الطموحات الأخرى لمقاربة 'تحصين الصين.'

تركز السياسات المفتاحية لإنتاج الحبوب على الحاجة إلى زيادة الغلة باستمرار وعلى قدر أكبر من الحماية للأراضي الصالحة للزراعة واستخدام أكثر كفاءة للمياه ومشروعات كبرى أخرى للتقليل من هدرها. وتسعى الصين إلى الحفاظ على اكتفائها الذاتي من الحبوب الرئيسية والذي تعدى 95% في عام 2019.

لكن أهم السياسات بحسب المحللة ترينا تشين ببنك جولدمان ساكس هي خطة إحياء صناعة البذور التي روّج لها الرئيس شي في البداية في عام 2021. تحث هذه الخطة على بذل المزيد من الجهود لتحقيق الاعتماد على الذات.

نقطة التحول الرئيسية حقا في مجال إنتاج الغذاء ضمن سياق تحصين الصين ستكون استحداث الجيل الأول للبذور المعدلة وراثيا في الصين. وهو تحول واجه مقاومة شديدة. لكن المحللين يعتبرونه الآن حتميا، فالصين تستخدم القطن المحور وراثيا فقط في الوقت الحالي، وقد تغير الموقف منذ استحواذ الصين على مجموعة التقنية الزراعية السويسرية 'سينجينتا' والتي تشمل أنشطتها إنتاج البذور وتطوير قدرات المنتجين المحليين للأغذية المعدلة وراثيا.

استخدام الدولار سلاحًا

يمكن أيضا استشعار حسابات تحويل الصين إلى قلعة محصنة اقتصاديا في موقفها من هيمنة الدولار. أما بيجينج فإحدى أهم السمات المثيرة للقلق في العقوبات الغربية على روسيا استبعادُ بعض مؤسساتها المالية من نظام المراسلات المالية (سويفت) الذي يؤدي دورا مركزيا في التسويات الدولية.

وحذر المسؤولون الصينيون منذ فترة طويلة من مثل هذا السيناريو. وكتب تشو شينجان مدير معهد المالية ببنك الشعب الصيني في مايو من العام الماضي 'عندما يتواتر استخدام الأمريكيين للعقوبات ويبالغون في التأكيد على مصالح الولايات المتحدة وفي الوقت ذاته يتجاهلون مسؤولياتها الدولية ستتزايد أعداد البلدان التي تأمل في التقليل من اعتمادها على الدولار.'

يمكن أن تتعرض الصين لمثل هذا النوع من العقوبات لأن ثلاثة أرباع تجارتها تتم فوترتها بالدولار، وهذا يعني أنها تعتمد على إمكانية استخدام نظام سويفت.

الحل لبيجينج لا يمكن أن يتحقق إلا في الأجل الطويل فقط. فجهودها لعولمة عملتها الرينمينبي أحرزت نجاحا محدودا حتى الآن. وعلى نحو مماثل تباطأت جهود تعزيز 'الرينيمنبي الرقمي' الذي يُغنيها عن الحاجة إلى استخدام منصات مثل منصة سويفت.

تقول ديانا شويليفا كبيرة الاقتصاديين بشركة اينودو إيكونوميكس في لندن ' في الأجل القصير أجهدت بيجينج نفسها لتجنب الاصطدام بالعقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا. لكن أيضا يتزايد تركيزها على فك الارتباط بالدولار.'

تأكيد الصين على الاعتماد على الذات جاء بعد فترة طويلة. منذ حوالي عام 2015 أكدت إدارة شي باطراد على الاعتماد الذاتي في سلاسل التوريد الصناعية، وتعزز ذلك مع إطلاق الصين 'الخطة الخمسية الرابعة عشرة' في العام الماضي واستحداث سياسة 'الدورة المزدوجة 'التي تركز على اعتماد الصين على الدينامية المحلية.'

بعد ذلك عزز مدُّ العقوبات الأمريكية المتصاعد على الشركات الصينية والانقسامات الجيوسياسية الناشئة عن دعم الصين لروسيا في الحرب الأوكرانية وتزايد التوترات حول تايوان الاتجاهاتِ التي يرتكز عليها تحصين اقتصاد الصين.

يشكل مثل هذا التأكيد القوي على التقنية المحلية مخاطر ليست هينة على الشركات المتعددة الجنسية التي ركزت على إمداد سوق الصين. وحسب أحد كبار الصيارفة في آسيا، هنالك في الوقت الحاضر انفصال كبير في مجالس إدارات الشركات الغربية بين حماسها لإمكانية نمو أنشطتها في الصين وصمتها عن الجدل الجيوسياسي الذي يشكل البيئة التي يلزم أن تعمل فيها.

يقول الصيرفي إن شركات غربية كثيرة تلوم نفسها لعدم الحديث والجهر برأيها حول ما يجب أن تكون عليه العلاقة التجارية بين الصين والغرب. لكنها في الوقت نفسه تشعر بعدم قدرتها تماما على فعل أي شيء بشأن ذلك. '

رغم كل الشعارات السياسية يعتقد بعض المحللين بوجود حدود لسياسة تحصين الصين.

يعتقد يو جي، وهو زميل أول أبحاث بمركز شاتام هاوس، أن الصين لا يمكنها عزل نفسها عن العالم لأن بنية اقتصادها ترتكز على التصدير، لذلك غالبا ما ستتبنى مقاربة هجين.

يقول 'سيتم التعامل مع القطاعات المهمة استراتيجيا والضروريات اليومية للسكان كمسائل تتعلق بالأمن القومي، وستظل القطاعات التي تتطلب رؤوس أموال وقوة عاملة أجنبية مفتوحة ومترابطة مع العالم.'