في «المُستعمَل» كمخرج آمن
السبت / 20 / صفر / 1444 هـ - 15:00 - السبت 17 سبتمبر 2022 15:00
عمر العبري
ألا توافقونني أنه منذ سنوات لم نعُد نشاهد بكثرة اللوحات الخضراء التي توضع على السيارات الجديدة والتي عادة ما تبين أن السيارة ما زالت في مرحلة «الفحص» مقارنة بفترة التسعينيات؟ حيث كانت السيارات الخارجة للتو من الوكالات تملأ الشوارع كما تزدحم جنبات الطُرق الرئيسية وواجهات المباني باللوحات الإعلانية التي تروج للجديد بعالمها خاصة في شهر رمضان المبارك.
وبالطبع لا يعني عدم ملاحظتنا لتلك اللوحات - كما اعتدنا - يفسرُ أن شراء السيارات الجديدة توقف نهائيًا لأن ذلك سيكون غير منطقي ولأن وجود فئة قادرة على شراء كل ما تريد هو أمر طبيعي في الحياة فتفاوت القدرات والأرزاق هي سنة الله في عباده.
أقول أن تلك الظاهرة «انحسرت» بصورة كبيرة لدواعٍ وأسباب اقتصادية معروفة لمتعد بخافية على أحد الأمر الذي يعني ببساطة أن البعض من ذوي الدخل المحدود والمتوسط قرر ضبط أسلوب حياته وإعادة طريقة تفكيره ما أدى مباشرة إلى ظهور ثقافة جديدة لنُطلق عليها بـ«ثقافة اقتناء المستعمَل » وهو الخيار الأمثل لهذه الشريحة من المجتمع من أجل ضمان عدم الدخول في إشكالات مالية قد تصبح مزمنة مع مرور الوقت.
لا شك أن اقتناء المستعمل هو المخرج المناسب لكثير من المآزق التي قد تترتب على اقتناء ضرورات الحياة كالسيارات بمختلف استخداماتها وقطع الغيار الخاصة بها والهواتف النقالة والمعدات الزراعية ومعدات التصنيع التي قد يكلف شراء الجديد منها مبالغ طائلة ليس الجميع بقادر على توفيرها وإن تمكن من ذلك فسيكون من خلال القروض والتمويل.
لقد أثبت اقتناء المُستعمل أيًا كان مصدره أنه الطريق الآمن لعبور فئة معينة من المستهلكين «ولو خلال مرحلة التأسيس للحياة» لأنه يُمكِنهم من تلبية مختلف احتياجاتهم بأقل مصاريف ممكنة فسيارة مستعملة بحالة جيدة مثلًا قد تكون البديل المناسب لسيارة جديدة مُكلفة.
ولا يعني مفهوم «المُستعَمل» على كل حال أن مواصفاته محدودة ورديئة أو أن استخدامه سيكون لفترة قصيرة أو أنه متخلف التقنية بل ربما يفسر رغبة البعض من المقتدرين في التجديد واقتناء كل ما هو حديث ومتطور التقنية أو أن السيارة مثلا جُلبت من بلاد تكلفة إصلاحها فيها مرتفعة للغاية ومُكلفة فقرر صاحبها التخلص من تبعات هذا الإصلاح لتباع في بلادِ قيمته فيها منخفضة.
هذا الأمر ينطبق كذلك على المنازل والساعات الشخصية والأدوات الكهربائية والإلكترونية والمنزلية والأثاث وحتى الكُتب التي أصبحت تُنظم لها الآن معارض خاصة في كثير من الدول لأهداف كثيرة أهمها نشر الثقافة وتمكين غير القادرين على اقتناء الكتب من توفيرها بأسعار زهيدة ولتوافر الطبعات الجديدة والأنيقة للكتب القديمة.
قد يرى البعض في هذه الدعوة أنها مؤشر لافت لوضع اقتصادي عام متردٍ أو أنها لا تناسبنا كأبناء مجتمعات خليجية مرفهة تنتج النفط والغاز والموارد الحيوية الأخرى خاصة في ظل الارتفاع الملحوظ لأسعار النفط هذه الفترة غير أن هذا غير صحيح البتة بل ومردود عليه أن قوة الفرد المالية وتحرُرِه من تبعات القروض تُسهم في تجويد حياته وفي الدفع بالاقتصاد المحلي للأمام كما أنها تُسهم في اختفاء الكثير من الظواهر السلبية المترتبة على ضعف الموقف المالي للأُسر وتساعد على زيادة القوة الشرائية للفرد والأُسرة وتتيح للحكومة فرصة دعم شرائح المجتمع المستحقة بصورة أكبر وتكثيف جهودها لتحقيق المزيد من الرفاهية للمواطن.
الدعوات المتوالية التي نستمع إليها من قبل المحللين الاقتصاديين والمهتمين في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة ومنصات التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تدعو جميعها إلى ضرورة تغيير ثقافة الاستهلاك السلبية واستبدالها بثقافة جديدة تقوم على الواقعية عند الشراء والتوفير والنظر في الخيارات تجنبًا لأي مصاعب محتملة.. مثل هذه الدعوات تستحق أن نتوقف عندها ونتمعن في مضامينها لأنها تبثُ الضوء في النفق المُظلم.
آخر نقطة
يقول المثل المصري «داري على شمعتك تقيد» أي حافظ على بقاء شمعتك مضيئة بجعلها بعيدا عن تيار الهواء وهو مثلُ يختصر فكرة أن الإنسان يجب أن يحُب نفسه بإحاطة أعماله بما يمكِنُها من الاستمرار والنماء وأن يوظف إمكاناته ومقدراته التوظيف الصحيح بما يضمن حفظ كرامته فلم تجلب الإدارة السيئة سوى الفشل.
وبالطبع لا يعني عدم ملاحظتنا لتلك اللوحات - كما اعتدنا - يفسرُ أن شراء السيارات الجديدة توقف نهائيًا لأن ذلك سيكون غير منطقي ولأن وجود فئة قادرة على شراء كل ما تريد هو أمر طبيعي في الحياة فتفاوت القدرات والأرزاق هي سنة الله في عباده.
أقول أن تلك الظاهرة «انحسرت» بصورة كبيرة لدواعٍ وأسباب اقتصادية معروفة لمتعد بخافية على أحد الأمر الذي يعني ببساطة أن البعض من ذوي الدخل المحدود والمتوسط قرر ضبط أسلوب حياته وإعادة طريقة تفكيره ما أدى مباشرة إلى ظهور ثقافة جديدة لنُطلق عليها بـ«ثقافة اقتناء المستعمَل » وهو الخيار الأمثل لهذه الشريحة من المجتمع من أجل ضمان عدم الدخول في إشكالات مالية قد تصبح مزمنة مع مرور الوقت.
لا شك أن اقتناء المستعمل هو المخرج المناسب لكثير من المآزق التي قد تترتب على اقتناء ضرورات الحياة كالسيارات بمختلف استخداماتها وقطع الغيار الخاصة بها والهواتف النقالة والمعدات الزراعية ومعدات التصنيع التي قد يكلف شراء الجديد منها مبالغ طائلة ليس الجميع بقادر على توفيرها وإن تمكن من ذلك فسيكون من خلال القروض والتمويل.
لقد أثبت اقتناء المُستعمل أيًا كان مصدره أنه الطريق الآمن لعبور فئة معينة من المستهلكين «ولو خلال مرحلة التأسيس للحياة» لأنه يُمكِنهم من تلبية مختلف احتياجاتهم بأقل مصاريف ممكنة فسيارة مستعملة بحالة جيدة مثلًا قد تكون البديل المناسب لسيارة جديدة مُكلفة.
ولا يعني مفهوم «المُستعَمل» على كل حال أن مواصفاته محدودة ورديئة أو أن استخدامه سيكون لفترة قصيرة أو أنه متخلف التقنية بل ربما يفسر رغبة البعض من المقتدرين في التجديد واقتناء كل ما هو حديث ومتطور التقنية أو أن السيارة مثلا جُلبت من بلاد تكلفة إصلاحها فيها مرتفعة للغاية ومُكلفة فقرر صاحبها التخلص من تبعات هذا الإصلاح لتباع في بلادِ قيمته فيها منخفضة.
هذا الأمر ينطبق كذلك على المنازل والساعات الشخصية والأدوات الكهربائية والإلكترونية والمنزلية والأثاث وحتى الكُتب التي أصبحت تُنظم لها الآن معارض خاصة في كثير من الدول لأهداف كثيرة أهمها نشر الثقافة وتمكين غير القادرين على اقتناء الكتب من توفيرها بأسعار زهيدة ولتوافر الطبعات الجديدة والأنيقة للكتب القديمة.
قد يرى البعض في هذه الدعوة أنها مؤشر لافت لوضع اقتصادي عام متردٍ أو أنها لا تناسبنا كأبناء مجتمعات خليجية مرفهة تنتج النفط والغاز والموارد الحيوية الأخرى خاصة في ظل الارتفاع الملحوظ لأسعار النفط هذه الفترة غير أن هذا غير صحيح البتة بل ومردود عليه أن قوة الفرد المالية وتحرُرِه من تبعات القروض تُسهم في تجويد حياته وفي الدفع بالاقتصاد المحلي للأمام كما أنها تُسهم في اختفاء الكثير من الظواهر السلبية المترتبة على ضعف الموقف المالي للأُسر وتساعد على زيادة القوة الشرائية للفرد والأُسرة وتتيح للحكومة فرصة دعم شرائح المجتمع المستحقة بصورة أكبر وتكثيف جهودها لتحقيق المزيد من الرفاهية للمواطن.
الدعوات المتوالية التي نستمع إليها من قبل المحللين الاقتصاديين والمهتمين في وسائل الإعلام الرسمية والخاصة ومنصات التواصل الاجتماعي بين الحين والآخر تدعو جميعها إلى ضرورة تغيير ثقافة الاستهلاك السلبية واستبدالها بثقافة جديدة تقوم على الواقعية عند الشراء والتوفير والنظر في الخيارات تجنبًا لأي مصاعب محتملة.. مثل هذه الدعوات تستحق أن نتوقف عندها ونتمعن في مضامينها لأنها تبثُ الضوء في النفق المُظلم.
آخر نقطة
يقول المثل المصري «داري على شمعتك تقيد» أي حافظ على بقاء شمعتك مضيئة بجعلها بعيدا عن تيار الهواء وهو مثلُ يختصر فكرة أن الإنسان يجب أن يحُب نفسه بإحاطة أعماله بما يمكِنُها من الاستمرار والنماء وأن يوظف إمكاناته ومقدراته التوظيف الصحيح بما يضمن حفظ كرامته فلم تجلب الإدارة السيئة سوى الفشل.