عامٌ دراسي جديد: أفكارٌ وتأملات
السبت / 6 / صفر / 1444 هـ - 20:43 - السبت 3 سبتمبر 2022 20:43
إن استشراف المستقبل في حقل التعليم سيمكن من كفاءة أفضل للانفاق على النظام التعليمي والمساهمة في حل إشكالية الثنائية القائمة (شهادات في مقابل مهارات) بالإضافة إلى اختزال السنوات اللازمة للتنافسية عبر الإمساك بالفرص السريعة والممكنة بغرض تطوير بيئة نظم التعليم والتعلم
مع انتظام قرابة 741 ألف متعلم على مقاعد الدرس في مستهل عامٍ دراسي جديد تبدو المساحة – كمطلع أي عام – متاحة للتأمل في أحوال النظام التعليمي والتفكير بأفق مفتوح في التحولات والتداعيات والفُرص والمتطلبات التي تفرضها عدة عوامل على ضرورة تجديد ومواكبة النظام التعليمي، فهناك أولويات وطنية تنموية (مراحلية) تفترض بالنظام التعليمي مواكبتها وإعداد المورد البشري الملائم للوفاء بها، وهناك معارف علمية ومقتضيات في نهج التفكير والتعلم يطرحها سياق السباق العالمي للتعليم تتوجب على أنظمة التعليم إدماج الملائم منها والاستفادة من فرصها والامساك بزمام التنافسية فيها، كما أن هناك مستجدات عالمية ومخاطر تدفع بالنظام التعليمي إلى ضرورة استيعابها وتهيئة الطلبة بوصفهم 'مواطنيين عالميين' للتعامل معها بالفعل لا برد الفعل. وهكذا هو حال النظام التعليمي في أي بقعة يقع في دائرة الضوء لأي تحول منتظر، وفي سهم التصويب لأي تصحيح مرجو، وفي قفص الاتهام لأي تعطل تنموي مُلاحظ.
يبقى السؤال الرئيس في كل عام: ما الذي نتوقعه من النظام التعليمي؟ ليس فقط على مستوى المخرجات وإنما على مستوى المواكبة في النموذج والنهج وتجديد الجلدة. ونعتقد أن هذه المرحلة تفرض خمسة متطلبات/ توقعات رئيسية من النظام التعليمي وهي:
- نظامٌ يستدمج المهارات اللازمة لتسريع الأولويات الوطنية المرحلية.
- نظامٌ مرنٌ في قدرته على تجديد معارفه وأدواته.
- نظامٌ يعد المتعلم والمعلم على حد سواء لمجتمع المخاطر العالمي.
- نظام متأسس على تشخيص دقيق لعائد التعليم.
- نظام مؤسس للحفاظ على القيم المجتمعية في عالم مضطرب القيم.
والمؤكد أن تلك السمات لا تتحقق بمجرد وصفها والتعبير عنها كشعارات للنظام التعليمي وإنما يتطلب كل منها اشتغال استراتيجي دقيق على مستوى الأدوار والحوكمة والمضامين والأدوات للوصول لتحقيق الغاية المتطلبة. فعلى سبيل المثال نعتقد أن النظام التعليمي اليوم مطلوب منه المساهمة في إعداد تلاميذ أكثر وعيًا بالتحولات العالمية الملامسة للواقع المحلي سواء كنا نتحدث عن آفاق تغير المناخ أو الأزمات الاقتصادية أو مختلف أشكال المخاطر التي يفرضها الاشتباك العالمي وحركة العولمة المتجددة. وبالتالي فإن المطلوب من المعلم والطالب على حد سواء إضافة لبناء المعرفة والوعي الإسهام في الابتكار وتصميم المبادرات والتهيؤ على مستوى السلوك لمواكبة هذا العالم وما يفرضه. ويتوقع كذلك أن يهيئ هذا النظام التلاميذ لمهارات الريادة بشكل أكبر وخاصة في جانب إكساب الأدوات والمعارف اللازمة لريادة الأعمال والدخول بمنظور ابتكاري للأسواق وبناء المشروعات الذاتية التي تسهم في بناء الدخل الفردي وتضيف إلى السوق المحلي. وعلى مستوى الانخراط في نهج الحياة الرقمية يتوقع أن يكسب النظام الدارسين إلى جانب المهارات الرقمية وعيًا أكبر بمحددات الخصوصية في العالم الرقمي وإدراكًا أكبر لمتطلبات الأمن السيبراني والوعي الرقمي إلى جانب الامتثال للقوانين والوعي بالتشريعات التي تنظم الحقوق والخصوصية والملكية والتعاملات في هذه الفضاءات. كما أن هناك ضرورة مرحلية باستدماج المعرفة بالتوجهات والأولويات الوطنية الراهنة في المناهج الدراسية والتفصيل المتعمق لها سواء على مستوى الرؤية الوطنية 2040 أو الخطط والاستراتيجية والتوجهات المرحلية لترسيخ وعي الدارسين بها واستدراك الأدوار المتطلبة منهم في سبيل تحقيقها وزيادة مستويات الإيمان والمشاركة الجمعية في تنفيذ برامجها.
في مايو 2022 أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي تقريرًا حول: 'تحفيز التعليم 4.0: الاستثمار في مستقبل التعلم من أجل التعافي الذي يركز على الإنسان' وحدد فيه إطارًا لمهارات التعليم 4.0 وهو يتضمن مهارات يمكن أن تكون متضمنة على مستوى (المحتوى) وهي: (مهارات المواطنة العالمية – مهارات الابتكار والإبداع – مهارات التكنولوجيا – مهارات التعامل مع الآخرين). وخبرات يمكن اكتسابها من طرق التدريس المبتكرة وهي: (التعلم المخصص وذاتي الخطى – التعلم الشامل متاح الوصول – التعلم القائم على حل المشكلات والتعلم التعاوني – التعلم مدى الحياة والقائم على الطالب). ويتوقع المنتدى أن 'الاستثمار في المهارات الأساسية للمستقبل مثل حل المشكلات التعاوني يمكن أن يضيف 2.54 تريليون دولار إضافية في زيادة الإنتاجية إلى الاقتصاد العالمي'. وهذه الفرص في تقديرنا لا يمكن تشخيصها واستدماجها دون وجود حقل قائم ومتأسس لدراسات العائد من التعليم وأن يستفيد هذا الحقل من الإمكانات التي تتيحها النمذجة الاقتصادية في هذا الخصوص ويقدم إطارًا مؤشراتيًا واضحًا للتوقعات من الاستثمار في التعليم. ونعتقد هنا بإمكانية إنشاء كيان/ وحدة/ مركز يُعنى باستشراف مستقبل التعليم على أن يعمل بطريقة holistic level مستفيدًا في البدء من تأسيس حقل واضح لدراسات تشخيص واقع التعليم ومن ثم استدماج منهجيات استشراف المستقبل بما فيها (المسح الأفقي – رسم السيناريوهات – تحليل الاتجاهات) لتحليل المعطيات الأكثر تأثيرًا على مستوى التعليم في السياق المحلي بالإضافة إلى السيناريوهات المتوقعة لمسار التعليم على مستوى مدارات زمنية محددة. سيمكن هذا الكيان من تحديد المسارات البديلة الممكنة للمسارات الحالية على مستوى خطط وبرامج ومضامين التعليم، وسينبه القيمون على رسم السياسات التعليمية وبناء الاستراتيجيات بمحددات بيئة المخاطر الكلية الأكثر تأثيرًا على النظام التعليمي، كما سيمنح تركيزًا أكبر للعاملين في الحقل التربوي على تشخيص أهم المؤثرات المستقبلية وبالتالي بناء القدرة التنافسية للنظام الحالي والتنبه إلى أهم القيم التي يجب إدماجها والتركيز عليها لدى الدارسين للتمتع بتلك الميزة التنافسية. وسيتناول عمل هذا الكيان ليس التقنيات الأكثر حسمًا وطرائق إعداد المعلمين الأكثر تأثيرًا والمهارات الأكثر طلبًا بالنسبة للإدارات التعليمية إلى جانب تمكين التدخلات السلوكية الأكثر فاعلية في تصميم بيئات التعليم والمجتمعات المدرسية. إن استشراف المستقبل الذي ندعو إليه في حقل التعليم سيمكن من كفاءة أفضل للانفاق على النظام التعليمي والمساهمة في حل إشكالية الثنائية القائمة (شهادات في مقابل مهارات) بالإضافة إلى اختزال السنوات اللازمة للتنافسية عبر الإمساك بالفرص السريعة والممكنة والملاءمة للبيئة المحلية بغرض تطوير بيئة نظم التعليم والتعلم.
مع انتظام قرابة 741 ألف متعلم على مقاعد الدرس في مستهل عامٍ دراسي جديد تبدو المساحة – كمطلع أي عام – متاحة للتأمل في أحوال النظام التعليمي والتفكير بأفق مفتوح في التحولات والتداعيات والفُرص والمتطلبات التي تفرضها عدة عوامل على ضرورة تجديد ومواكبة النظام التعليمي، فهناك أولويات وطنية تنموية (مراحلية) تفترض بالنظام التعليمي مواكبتها وإعداد المورد البشري الملائم للوفاء بها، وهناك معارف علمية ومقتضيات في نهج التفكير والتعلم يطرحها سياق السباق العالمي للتعليم تتوجب على أنظمة التعليم إدماج الملائم منها والاستفادة من فرصها والامساك بزمام التنافسية فيها، كما أن هناك مستجدات عالمية ومخاطر تدفع بالنظام التعليمي إلى ضرورة استيعابها وتهيئة الطلبة بوصفهم 'مواطنيين عالميين' للتعامل معها بالفعل لا برد الفعل. وهكذا هو حال النظام التعليمي في أي بقعة يقع في دائرة الضوء لأي تحول منتظر، وفي سهم التصويب لأي تصحيح مرجو، وفي قفص الاتهام لأي تعطل تنموي مُلاحظ.
يبقى السؤال الرئيس في كل عام: ما الذي نتوقعه من النظام التعليمي؟ ليس فقط على مستوى المخرجات وإنما على مستوى المواكبة في النموذج والنهج وتجديد الجلدة. ونعتقد أن هذه المرحلة تفرض خمسة متطلبات/ توقعات رئيسية من النظام التعليمي وهي:
- نظامٌ يستدمج المهارات اللازمة لتسريع الأولويات الوطنية المرحلية.
- نظامٌ مرنٌ في قدرته على تجديد معارفه وأدواته.
- نظامٌ يعد المتعلم والمعلم على حد سواء لمجتمع المخاطر العالمي.
- نظام متأسس على تشخيص دقيق لعائد التعليم.
- نظام مؤسس للحفاظ على القيم المجتمعية في عالم مضطرب القيم.
والمؤكد أن تلك السمات لا تتحقق بمجرد وصفها والتعبير عنها كشعارات للنظام التعليمي وإنما يتطلب كل منها اشتغال استراتيجي دقيق على مستوى الأدوار والحوكمة والمضامين والأدوات للوصول لتحقيق الغاية المتطلبة. فعلى سبيل المثال نعتقد أن النظام التعليمي اليوم مطلوب منه المساهمة في إعداد تلاميذ أكثر وعيًا بالتحولات العالمية الملامسة للواقع المحلي سواء كنا نتحدث عن آفاق تغير المناخ أو الأزمات الاقتصادية أو مختلف أشكال المخاطر التي يفرضها الاشتباك العالمي وحركة العولمة المتجددة. وبالتالي فإن المطلوب من المعلم والطالب على حد سواء إضافة لبناء المعرفة والوعي الإسهام في الابتكار وتصميم المبادرات والتهيؤ على مستوى السلوك لمواكبة هذا العالم وما يفرضه. ويتوقع كذلك أن يهيئ هذا النظام التلاميذ لمهارات الريادة بشكل أكبر وخاصة في جانب إكساب الأدوات والمعارف اللازمة لريادة الأعمال والدخول بمنظور ابتكاري للأسواق وبناء المشروعات الذاتية التي تسهم في بناء الدخل الفردي وتضيف إلى السوق المحلي. وعلى مستوى الانخراط في نهج الحياة الرقمية يتوقع أن يكسب النظام الدارسين إلى جانب المهارات الرقمية وعيًا أكبر بمحددات الخصوصية في العالم الرقمي وإدراكًا أكبر لمتطلبات الأمن السيبراني والوعي الرقمي إلى جانب الامتثال للقوانين والوعي بالتشريعات التي تنظم الحقوق والخصوصية والملكية والتعاملات في هذه الفضاءات. كما أن هناك ضرورة مرحلية باستدماج المعرفة بالتوجهات والأولويات الوطنية الراهنة في المناهج الدراسية والتفصيل المتعمق لها سواء على مستوى الرؤية الوطنية 2040 أو الخطط والاستراتيجية والتوجهات المرحلية لترسيخ وعي الدارسين بها واستدراك الأدوار المتطلبة منهم في سبيل تحقيقها وزيادة مستويات الإيمان والمشاركة الجمعية في تنفيذ برامجها.
في مايو 2022 أصدر المنتدى الاقتصادي العالمي تقريرًا حول: 'تحفيز التعليم 4.0: الاستثمار في مستقبل التعلم من أجل التعافي الذي يركز على الإنسان' وحدد فيه إطارًا لمهارات التعليم 4.0 وهو يتضمن مهارات يمكن أن تكون متضمنة على مستوى (المحتوى) وهي: (مهارات المواطنة العالمية – مهارات الابتكار والإبداع – مهارات التكنولوجيا – مهارات التعامل مع الآخرين). وخبرات يمكن اكتسابها من طرق التدريس المبتكرة وهي: (التعلم المخصص وذاتي الخطى – التعلم الشامل متاح الوصول – التعلم القائم على حل المشكلات والتعلم التعاوني – التعلم مدى الحياة والقائم على الطالب). ويتوقع المنتدى أن 'الاستثمار في المهارات الأساسية للمستقبل مثل حل المشكلات التعاوني يمكن أن يضيف 2.54 تريليون دولار إضافية في زيادة الإنتاجية إلى الاقتصاد العالمي'. وهذه الفرص في تقديرنا لا يمكن تشخيصها واستدماجها دون وجود حقل قائم ومتأسس لدراسات العائد من التعليم وأن يستفيد هذا الحقل من الإمكانات التي تتيحها النمذجة الاقتصادية في هذا الخصوص ويقدم إطارًا مؤشراتيًا واضحًا للتوقعات من الاستثمار في التعليم. ونعتقد هنا بإمكانية إنشاء كيان/ وحدة/ مركز يُعنى باستشراف مستقبل التعليم على أن يعمل بطريقة holistic level مستفيدًا في البدء من تأسيس حقل واضح لدراسات تشخيص واقع التعليم ومن ثم استدماج منهجيات استشراف المستقبل بما فيها (المسح الأفقي – رسم السيناريوهات – تحليل الاتجاهات) لتحليل المعطيات الأكثر تأثيرًا على مستوى التعليم في السياق المحلي بالإضافة إلى السيناريوهات المتوقعة لمسار التعليم على مستوى مدارات زمنية محددة. سيمكن هذا الكيان من تحديد المسارات البديلة الممكنة للمسارات الحالية على مستوى خطط وبرامج ومضامين التعليم، وسينبه القيمون على رسم السياسات التعليمية وبناء الاستراتيجيات بمحددات بيئة المخاطر الكلية الأكثر تأثيرًا على النظام التعليمي، كما سيمنح تركيزًا أكبر للعاملين في الحقل التربوي على تشخيص أهم المؤثرات المستقبلية وبالتالي بناء القدرة التنافسية للنظام الحالي والتنبه إلى أهم القيم التي يجب إدماجها والتركيز عليها لدى الدارسين للتمتع بتلك الميزة التنافسية. وسيتناول عمل هذا الكيان ليس التقنيات الأكثر حسمًا وطرائق إعداد المعلمين الأكثر تأثيرًا والمهارات الأكثر طلبًا بالنسبة للإدارات التعليمية إلى جانب تمكين التدخلات السلوكية الأكثر فاعلية في تصميم بيئات التعليم والمجتمعات المدرسية. إن استشراف المستقبل الذي ندعو إليه في حقل التعليم سيمكن من كفاءة أفضل للانفاق على النظام التعليمي والمساهمة في حل إشكالية الثنائية القائمة (شهادات في مقابل مهارات) بالإضافة إلى اختزال السنوات اللازمة للتنافسية عبر الإمساك بالفرص السريعة والممكنة والملاءمة للبيئة المحلية بغرض تطوير بيئة نظم التعليم والتعلم.