الصورة مقربة - 2 -
السبت / 14 / محرم / 1444 هـ - 18:01 - السبت 13 أغسطس 2022 18:01
- عادة ما أتوجس خِيفة كلما شاهدت مجموعة من العمال الوافدين وهم متجمعون داخل غرفة من غرف أجهزة السحب والإدخال الآلي لأن تجمعهم هناك في الغالب سيُفضي إلى تعطيل أحد الأجهزة إذا لم يكن جميعها. سيتعطل الجهاز ليس بسبب زيادة الاستخدام إنما لجهل العامل بطريقة السحب وجهل 'الشِلة' الذين أتى بهم بغرض المساعدة. المشهد كان في المنطقة التجارية بالقرم.. كنا أنا وثلاثة أشخاص ننتظر دورنا للسحب أمام الآلة الوحيدة التي سلّمها الله من الأعطال، ثلاثة من الآسيويين يقومون بسحب 45 ريالًا بطريقة 10 / 10 / 10 / 10 / 5 'كما أخبرني أحدهم لاحقًا'.. انتهت عملية السحب بعدها توقف الجهاز مباشرة عن العمل.. وهم يغلقون باب الكابينة مودعين بعد عملية سحب موفقة كانت ابتسامة عريضة تنطبع على ملامح العامل الآسيوي الذي أنجز مع 'ربعه' مهمته بنجاح فيما انفجرت داخلنا نحن المنتظرين براكين تقذف بحِمم من الغيظ حين توجهنا إلى سياراتنا باحثين عن أجهزة أخرى صالحة للسحب، الله وحده يعلم أين سنعثر عليها.
- يومًا ما كنت من المتحمسين لفكرة اقتناء الأرقام المتشابهة الثلاثية والرباعية سهلة القراءة للسيارات أما الأُحادية والثنائية فلم يحصل لي أن فكرت فيها لأن قيمة الواحد منها ستكون أكبر بعشر مرات من قيمة سيارتي 'الكامري' التي فرطت فيها بعد 13 عامًا من الاستخدام. ظل ذلك الشغف جارفًا إلى أن تعرّفت على الصديق 'جواد' في أحد مقاهي مسقط وهو رجل أعمال ستيني معروف. كنا كمرتادين للمقهى نعرف قبل أن نجلس على الطاولة بوجود 'جواد' من عدمه من أرقام سياراته الثنائية المميزة تلك السيارات التي تساوي قيمة الواحدة منها قيمة منزل رجل متوسط الدخل. في أحد صباحات يناير الباردة وأنا أُلقى نظرة على المواقف لم أُشاهد سيارة 'جواد' الزرقاء الفارهة غير أنني شاهدته لاحقًا وهو يتناول قهوته مع مجموعة الأصدقاء الذين أنهوا للتو رياضتهم الصباحية... بصوتٍ سمعه الجميع: 'وين سيارتك الحبيب' رد 'جواد': 'موجودة هاذيك قدامك' و'وين راح الرقم؟' رد: 'تخلصت منه'. بعدها انضممت إليهم وهنا وجد 'جواد' نفسه مُلزمًا بالتفسير فقال: مثل تلك الأرقام تشكل أحيانًا عبئًا ثقيلًا على صاحبها لأن صاحب السيارة يشعر أنه مراقب في كل مكان منزوع الخصوصية وعادة ما يكون هدفًا سهلًا للشحاذين. 'جواد' دخل في تلك الجلسة إلى عالم أرقام السيارات الذي لا نعرف له نحن البسطاء طريقًا، تحدث عن مبالغ بيعها وشرائها الخيالية وكيف يحصل عليها البعض وكيف أصبحت تجارة رائجة غيّرت عوالم الكثيرين ممن مُنحت لهم، مختتمًا حديثه وهو يضحك: 'أرقامي كلها شارنها بفلوسي لا يروح بكم التفكير بعيد'.
- من القصص التي لن أنساها ما حييت قصة صاحب 'مصنع الطابوق' الذي عهِد بمصنعه الفتيّ إلى صديقٍ وضع فيه كل ثقته لكن الأخير استغل تلك الثقة لخدمة أهدافه الشخصية فأساء للعُمال وسمعة المصنع بينما هو منشغل بحياته. الرجل الذي عُرف عنه العصامية والذكاء وجد نفسه فجأة ومن حيث لا يدري مديونًا ملاحقًا في المحاكم من قِبل جهات عِدة. بلغ المصنع من التردي حالة يُرثى لها لدرجة أساءت إلى المنتج 'الطابوق' الذي كانت سمعة جودته قد بلغت مختلف أرجاء البلاد أيام والده الكبير في السِن. يتردد الآن أن الرجل أفاق من غفلته وتعرّف على أسباب تردي حال المصنع وهو يبذل جهده لاستعادة توازنه وسمعته في السوق. تأكد له أن الديون المتراكمة ورداءة المُنتج كانت بسبب الثقة العمياء التي وُضعت في غير محلها فيمن لا يستحق الثقة فقرر اختيار أحد موظفيه الثقات ليكون مديرًا للمصنع كما عقد العزم على الاقتراب من عُماله والاستماع إلى تطلعاتهم ومشاركتهم همومهم منطلقًا من قناعة راسخة أنهم كانوا وحدهم من صنع نجاح هذا المصنع العريق وأسس لسمعته الطيبة أيام إدارة والده.
آخر نقطة
ربما بعد سنوات ستتذكرين تلك الشجارات التي أوصلتنا إلى طريق مسدود، ستتذكرينها لكن بمحبة لأنها 'وكما يتأكد الآن' كانت الدليل القاطع الذي لا يقبل الشك على الإخلاص وصدق النوايا.. أما أنا فسأتذكرها بصفتي الناصح الذي خبأ الحُب في قسوته مؤمنًا بالمثل الشعبي الذي يقول 'الله يخلي من بكاني ولا ضحك علي الناس'.
- يومًا ما كنت من المتحمسين لفكرة اقتناء الأرقام المتشابهة الثلاثية والرباعية سهلة القراءة للسيارات أما الأُحادية والثنائية فلم يحصل لي أن فكرت فيها لأن قيمة الواحد منها ستكون أكبر بعشر مرات من قيمة سيارتي 'الكامري' التي فرطت فيها بعد 13 عامًا من الاستخدام. ظل ذلك الشغف جارفًا إلى أن تعرّفت على الصديق 'جواد' في أحد مقاهي مسقط وهو رجل أعمال ستيني معروف. كنا كمرتادين للمقهى نعرف قبل أن نجلس على الطاولة بوجود 'جواد' من عدمه من أرقام سياراته الثنائية المميزة تلك السيارات التي تساوي قيمة الواحدة منها قيمة منزل رجل متوسط الدخل. في أحد صباحات يناير الباردة وأنا أُلقى نظرة على المواقف لم أُشاهد سيارة 'جواد' الزرقاء الفارهة غير أنني شاهدته لاحقًا وهو يتناول قهوته مع مجموعة الأصدقاء الذين أنهوا للتو رياضتهم الصباحية... بصوتٍ سمعه الجميع: 'وين سيارتك الحبيب' رد 'جواد': 'موجودة هاذيك قدامك' و'وين راح الرقم؟' رد: 'تخلصت منه'. بعدها انضممت إليهم وهنا وجد 'جواد' نفسه مُلزمًا بالتفسير فقال: مثل تلك الأرقام تشكل أحيانًا عبئًا ثقيلًا على صاحبها لأن صاحب السيارة يشعر أنه مراقب في كل مكان منزوع الخصوصية وعادة ما يكون هدفًا سهلًا للشحاذين. 'جواد' دخل في تلك الجلسة إلى عالم أرقام السيارات الذي لا نعرف له نحن البسطاء طريقًا، تحدث عن مبالغ بيعها وشرائها الخيالية وكيف يحصل عليها البعض وكيف أصبحت تجارة رائجة غيّرت عوالم الكثيرين ممن مُنحت لهم، مختتمًا حديثه وهو يضحك: 'أرقامي كلها شارنها بفلوسي لا يروح بكم التفكير بعيد'.
- من القصص التي لن أنساها ما حييت قصة صاحب 'مصنع الطابوق' الذي عهِد بمصنعه الفتيّ إلى صديقٍ وضع فيه كل ثقته لكن الأخير استغل تلك الثقة لخدمة أهدافه الشخصية فأساء للعُمال وسمعة المصنع بينما هو منشغل بحياته. الرجل الذي عُرف عنه العصامية والذكاء وجد نفسه فجأة ومن حيث لا يدري مديونًا ملاحقًا في المحاكم من قِبل جهات عِدة. بلغ المصنع من التردي حالة يُرثى لها لدرجة أساءت إلى المنتج 'الطابوق' الذي كانت سمعة جودته قد بلغت مختلف أرجاء البلاد أيام والده الكبير في السِن. يتردد الآن أن الرجل أفاق من غفلته وتعرّف على أسباب تردي حال المصنع وهو يبذل جهده لاستعادة توازنه وسمعته في السوق. تأكد له أن الديون المتراكمة ورداءة المُنتج كانت بسبب الثقة العمياء التي وُضعت في غير محلها فيمن لا يستحق الثقة فقرر اختيار أحد موظفيه الثقات ليكون مديرًا للمصنع كما عقد العزم على الاقتراب من عُماله والاستماع إلى تطلعاتهم ومشاركتهم همومهم منطلقًا من قناعة راسخة أنهم كانوا وحدهم من صنع نجاح هذا المصنع العريق وأسس لسمعته الطيبة أيام إدارة والده.
آخر نقطة
ربما بعد سنوات ستتذكرين تلك الشجارات التي أوصلتنا إلى طريق مسدود، ستتذكرينها لكن بمحبة لأنها 'وكما يتأكد الآن' كانت الدليل القاطع الذي لا يقبل الشك على الإخلاص وصدق النوايا.. أما أنا فسأتذكرها بصفتي الناصح الذي خبأ الحُب في قسوته مؤمنًا بالمثل الشعبي الذي يقول 'الله يخلي من بكاني ولا ضحك علي الناس'.