بين الصراع الوجودي والسلام المؤقت مع الكيان الصهيوني
الثلاثاء / 10 / محرم / 1444 هـ - 19:37 - الثلاثاء 9 أغسطس 2022 19:37
منذ انطلاق الصراع بين العرب والكيان الصهيوني في فلسطين قبل سبعة عقود وموضوع السلام يتردد مع نهاية كل جولة من الحروب منذ نكبة فلسطين عام ١٩٤٨ وحتى الحروب الأخيرة التي تشنها قوات الكيان الإسرائيلي ضد قطاع غزة تحديدا وانتهاك المقدسات وخاصة حرمة المسجد الأقصى المبارك وحتى المقدسات المسيحية. ومن هنا فإن تجربة عملية السلام مع الكيان الإسرائيلي هي صادقة من قبل الدول العربية خاصة المبادرة التي قدمها العرب في قمة بيروت عام ٢٠٠٢ وكان يجدر بالكيان الإسرائيلي أن يقبل تلك المبادرة التي تتحدث عن السلام الشامل والعادل بين العرب والكيان الإسرائيلي وانتهاء الصراع بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ورجوع الحقوق للشعب الفلسطيني وإقامة الدولتين.
الكيان الإسرائيلي رفض تلك المبادرة العربية مما أعطى إحساسا بأن هذا الكيان الغاصب لا يريد السلام بل تمادى من خلال إقامة المستوطنات على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس في انتهاك صارخ للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
ومن هنا فإن شن الحروب الواحدة بعد الأخرى على الشعب الفلسطيني وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وهدم البيوت على المدنيين كما في الهجمة العسكرية المتوحشة لقوات الاحتلال يعطي دليلا بأن هذا الكيان يخوض صراعًا وجوديًا من خلال الهيمنة على ارض فلسطين بل وتصنيف الكيان الإسرائيلي كدولة يهودية، ويبقى السؤال ماذا ينتظر العرب أمام هذا التوجه العنصري لآخر احتلال بغيض في التاريخ الحديث؟
إن بيانات الإدانة من الدول العربية بعد كل هجمة شرسة من الآلة العسكرية الإسرائيلية لن يغير من واقع الحال خاصة أن العالم العربي يعيش أوضاعا تتسم بالصراعات والحروب الأهلية والخلافات وتدني التكامل بين دوله بل واندفع البعض بإقامة علاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني، وعلى ضوء تلك المحددات فإن الصراع مع الكيان الإسرائيلي في تصوري هو صراع وجودي وليس سياسيًا انطلاقًا من الفلسفة الصهيونية التي نتجت عن مؤتمر بازل في سويسرا قبل قرن ومن هنا فإن السلام وأن حدث سوف يكون شكليًا وقد يتجدد الصراع مع أجيال أخرى بعد عقود في ظل الفكر الصهيوني الذي يقوم على التوسع والسيطرة والأساطير اللاهوتية وقد أثبت الكيان الصهيوني مصداقية هذا الطرح بعد قرن من الصراع.
الانحياز الأمريكي
الولايات المتحدة الأمريكية هي الطرف الأكثر انحيازًا للكيان الإسرائيلي منذ أصبحت واشنطن هي اللاعب الأساسي لملف الصراع في الشرق الأوسط ورغم أن الوسيط ينبغي أن يكون نزيها فقد أثبتت الإدارات الأمريكية ومنذ قيام الكيان الإسرائيلي عام ١٩٤٨ بأنها منحازة وبشكل سافر، حيث إن واشنطن تبقى الحليف الاستراتيجي للكيان الإسرائيلي وبما يتجاوز تحالفها مع دول أوروبا ودول الناتو، وأذكر أني سألت عددا من الخبراء في الولايات المتحدة الأمريكية في واشنطن خلال إحدى الزيارات عن ذلك الانحياز فكانت الإجابة بأن موضوع إسرائيل يناقش في الولايات المتحدة الأمريكية وكأنه موضوع محلي كما يحدث في ولاية نيويورك أو ولاية تكساس علاوة على أن هناك تأثير اللوبي الصهيوني في الكونجرس وفي مجال الأعمال والسيطرة اليهودية على مفاصل الاقتصاد الأمريكي علاوة على دور مراكز البحوث الاستراتيجية في العاصمة واشنطن والتي يتجاوز عددها ٥٠ مركزًا وقد زرت بعضها خاصة مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، وهو من المراكز البحثية الداعمة للكيان الإسرائيلي وكان مدير المركز في عام ١٩٨٩ مارتن انديك، والذي لم يخف دعم المركز للكيان الإسرائيلي، ومن المعروف أن أنديك أصبح فيما بعد سفيرًا للولايات المتحدة الأمريكية في إسرائيل وبعد ذلك مساعدًا لوزير الخارجية حتى تقاعده وأصبح من المحللين حول قضايا الشرق الأوسط في القنوات والشبكات الأخبارية. ومن هنا فإن الصراع العربي الإسرائيلي سوف يتواصل على الصعيد الوجودي وليس السياسي.
إن تجربة مصر والأردن فيما يخص السلام انحصرت في رجوع أراضي البلدين الشقيقين ولكن العداء للكيان الإسرائيلي من قبل الشعبين المصري والأردني باق وراسخ والذي جعله يتصاعد هو سلوك إسرائيل العدواني ضد الشعب الفلسطيني والتي كان آخرها الحملات العسكرية الوحشية ضد قطاع غزة وتدمير البنية الأساسية وقتل المدنيين وانتهاك حرمات المسجد الأقصي واغتيال القيادات الفلسطينية، والتي كان آخرها في نابلس أمس كما أن الانتهاكات ضد حقوق الإنسان في فلسطين متواصلة ورغم الإدانات الواسعة النطاق من المنظمات الحقوقية والمدنية فإن المبدأ الإسرائيلي هو تجاهل كل تلك الإدانات، خاصة أن واشنطن لن تسمح بإدانة الكيان الصهيوني في مجلس الأمن وهذه معضلة كبرى أن تتصرف دولة كبرى بهذا السلوك المنحاز على مدى سبعة عقود كما أن تبني الإدارة الأمريكية الحالية حول حل الدولتين هي مسألة نظرية أكثر منها فعلية، بدليل أن أي هجمة عسكرية إسرائيلية علي الأراضي الفلسطينية يكون البيان الأمريكي حاضرًا للدفاع عن الكيان الإسرائيلي وأن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها.
مصير المنطقة
في تصوري أن الكيان الإسرائيلي لن يقدم أي تنازلات حقيقية خاصة على صعيد المبادرة العربية أو على صعيد قرارات الشرعية الدولية، لأن هذا الكيان الإسرائيلي وقياداته المتشددة تشعر بأنها غير مضطرة للتنازل، وأنها في موقف عسكري أقوى من العرب علاوة على الدعم الاقتصادي والعسكري من واشنطن، وأن العرب كما هو الاتجاه حاليا سوف يطبعون مع إسرائيل على الأقل بعضهم وأن إسرائيل لن تتنازل عن أي شيء وليس هناك ضغط قوي عليها لا من الغرب ولا من الولايات المتحدة الأمريكية ولا من المجتمع الدولي في ظل الصراعات والحروب الحالية بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا والتي قد تقترب شراراتها من أوروبا وهناك المواجهة الاستراتيجية الحالية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على شواطئ المحيط الهادي وقضية تايوان كما أن التضامن العربي هو في أدنى مستوياته ومن هنا فإن المشهد السياسي يعبر عن نفسه.
على الصعيد الفلسطيني فإن الشعب الفلسطيني يبقي هو الرهان الأكبر الذي يقف عقبة كبيرة أمام الاحتلال الإسرائيلي ومع ذلك فإن مسألة المصالحة الفلسطينية تبقى أحد الأمور الحيوية للدفاع عن المشروع الوطني الفلسطيني لان الخلافات بين الفصائل الفلسطينية يخدم المشروع الإسرائيلي من خلال تعميق الاحتلال وإيجاد تلك الفرقة والتشرذم بين القوى الفلسطينية خاصة بين حركتي فتح وحماس وعلى ضوء ذلك المدخل الحقيقي لتحصين الموقف الفلسطيني واستمرار النضال والكفاح ضد المحتل يبقى حجر الزاوية في الصراع الوجودي مع المحتل العنصري الإسرائيلي، وبدون ذلك فإن الجبهة الداخلية سوف تكون أقل فاعلية.
وبناء عليه فإن صلف الكيان الإسرائيلي وعدوانه المتواصل لن يغير من الواقع على الأرض فالكيان الإسرائيلي هو كيان محتل للأرض الفلسطينية وأن نضال الشعوب على مر التاريخ هو الذي ينتصر وأن موازين القوة ليست الوحيدة في حسم أي صراع، ولنا في دولة جنوب إفريقيا عبرة بعد عقود من النضال ضد المستعمر البريطاني.
الكيان الإسرائيلي رفض تلك المبادرة العربية مما أعطى إحساسا بأن هذا الكيان الغاصب لا يريد السلام بل تمادى من خلال إقامة المستوطنات على الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس في انتهاك صارخ للشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
ومن هنا فإن شن الحروب الواحدة بعد الأخرى على الشعب الفلسطيني وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ وهدم البيوت على المدنيين كما في الهجمة العسكرية المتوحشة لقوات الاحتلال يعطي دليلا بأن هذا الكيان يخوض صراعًا وجوديًا من خلال الهيمنة على ارض فلسطين بل وتصنيف الكيان الإسرائيلي كدولة يهودية، ويبقى السؤال ماذا ينتظر العرب أمام هذا التوجه العنصري لآخر احتلال بغيض في التاريخ الحديث؟
إن بيانات الإدانة من الدول العربية بعد كل هجمة شرسة من الآلة العسكرية الإسرائيلية لن يغير من واقع الحال خاصة أن العالم العربي يعيش أوضاعا تتسم بالصراعات والحروب الأهلية والخلافات وتدني التكامل بين دوله بل واندفع البعض بإقامة علاقات تطبيع مع الكيان الصهيوني، وعلى ضوء تلك المحددات فإن الصراع مع الكيان الإسرائيلي في تصوري هو صراع وجودي وليس سياسيًا انطلاقًا من الفلسفة الصهيونية التي نتجت عن مؤتمر بازل في سويسرا قبل قرن ومن هنا فإن السلام وأن حدث سوف يكون شكليًا وقد يتجدد الصراع مع أجيال أخرى بعد عقود في ظل الفكر الصهيوني الذي يقوم على التوسع والسيطرة والأساطير اللاهوتية وقد أثبت الكيان الصهيوني مصداقية هذا الطرح بعد قرن من الصراع.
الانحياز الأمريكي
الولايات المتحدة الأمريكية هي الطرف الأكثر انحيازًا للكيان الإسرائيلي منذ أصبحت واشنطن هي اللاعب الأساسي لملف الصراع في الشرق الأوسط ورغم أن الوسيط ينبغي أن يكون نزيها فقد أثبتت الإدارات الأمريكية ومنذ قيام الكيان الإسرائيلي عام ١٩٤٨ بأنها منحازة وبشكل سافر، حيث إن واشنطن تبقى الحليف الاستراتيجي للكيان الإسرائيلي وبما يتجاوز تحالفها مع دول أوروبا ودول الناتو، وأذكر أني سألت عددا من الخبراء في الولايات المتحدة الأمريكية في واشنطن خلال إحدى الزيارات عن ذلك الانحياز فكانت الإجابة بأن موضوع إسرائيل يناقش في الولايات المتحدة الأمريكية وكأنه موضوع محلي كما يحدث في ولاية نيويورك أو ولاية تكساس علاوة على أن هناك تأثير اللوبي الصهيوني في الكونجرس وفي مجال الأعمال والسيطرة اليهودية على مفاصل الاقتصاد الأمريكي علاوة على دور مراكز البحوث الاستراتيجية في العاصمة واشنطن والتي يتجاوز عددها ٥٠ مركزًا وقد زرت بعضها خاصة مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، وهو من المراكز البحثية الداعمة للكيان الإسرائيلي وكان مدير المركز في عام ١٩٨٩ مارتن انديك، والذي لم يخف دعم المركز للكيان الإسرائيلي، ومن المعروف أن أنديك أصبح فيما بعد سفيرًا للولايات المتحدة الأمريكية في إسرائيل وبعد ذلك مساعدًا لوزير الخارجية حتى تقاعده وأصبح من المحللين حول قضايا الشرق الأوسط في القنوات والشبكات الأخبارية. ومن هنا فإن الصراع العربي الإسرائيلي سوف يتواصل على الصعيد الوجودي وليس السياسي.
إن تجربة مصر والأردن فيما يخص السلام انحصرت في رجوع أراضي البلدين الشقيقين ولكن العداء للكيان الإسرائيلي من قبل الشعبين المصري والأردني باق وراسخ والذي جعله يتصاعد هو سلوك إسرائيل العدواني ضد الشعب الفلسطيني والتي كان آخرها الحملات العسكرية الوحشية ضد قطاع غزة وتدمير البنية الأساسية وقتل المدنيين وانتهاك حرمات المسجد الأقصي واغتيال القيادات الفلسطينية، والتي كان آخرها في نابلس أمس كما أن الانتهاكات ضد حقوق الإنسان في فلسطين متواصلة ورغم الإدانات الواسعة النطاق من المنظمات الحقوقية والمدنية فإن المبدأ الإسرائيلي هو تجاهل كل تلك الإدانات، خاصة أن واشنطن لن تسمح بإدانة الكيان الصهيوني في مجلس الأمن وهذه معضلة كبرى أن تتصرف دولة كبرى بهذا السلوك المنحاز على مدى سبعة عقود كما أن تبني الإدارة الأمريكية الحالية حول حل الدولتين هي مسألة نظرية أكثر منها فعلية، بدليل أن أي هجمة عسكرية إسرائيلية علي الأراضي الفلسطينية يكون البيان الأمريكي حاضرًا للدفاع عن الكيان الإسرائيلي وأن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها.
مصير المنطقة
في تصوري أن الكيان الإسرائيلي لن يقدم أي تنازلات حقيقية خاصة على صعيد المبادرة العربية أو على صعيد قرارات الشرعية الدولية، لأن هذا الكيان الإسرائيلي وقياداته المتشددة تشعر بأنها غير مضطرة للتنازل، وأنها في موقف عسكري أقوى من العرب علاوة على الدعم الاقتصادي والعسكري من واشنطن، وأن العرب كما هو الاتجاه حاليا سوف يطبعون مع إسرائيل على الأقل بعضهم وأن إسرائيل لن تتنازل عن أي شيء وليس هناك ضغط قوي عليها لا من الغرب ولا من الولايات المتحدة الأمريكية ولا من المجتمع الدولي في ظل الصراعات والحروب الحالية بين روسيا الاتحادية وأوكرانيا والتي قد تقترب شراراتها من أوروبا وهناك المواجهة الاستراتيجية الحالية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على شواطئ المحيط الهادي وقضية تايوان كما أن التضامن العربي هو في أدنى مستوياته ومن هنا فإن المشهد السياسي يعبر عن نفسه.
على الصعيد الفلسطيني فإن الشعب الفلسطيني يبقي هو الرهان الأكبر الذي يقف عقبة كبيرة أمام الاحتلال الإسرائيلي ومع ذلك فإن مسألة المصالحة الفلسطينية تبقى أحد الأمور الحيوية للدفاع عن المشروع الوطني الفلسطيني لان الخلافات بين الفصائل الفلسطينية يخدم المشروع الإسرائيلي من خلال تعميق الاحتلال وإيجاد تلك الفرقة والتشرذم بين القوى الفلسطينية خاصة بين حركتي فتح وحماس وعلى ضوء ذلك المدخل الحقيقي لتحصين الموقف الفلسطيني واستمرار النضال والكفاح ضد المحتل يبقى حجر الزاوية في الصراع الوجودي مع المحتل العنصري الإسرائيلي، وبدون ذلك فإن الجبهة الداخلية سوف تكون أقل فاعلية.
وبناء عليه فإن صلف الكيان الإسرائيلي وعدوانه المتواصل لن يغير من الواقع على الأرض فالكيان الإسرائيلي هو كيان محتل للأرض الفلسطينية وأن نضال الشعوب على مر التاريخ هو الذي ينتصر وأن موازين القوة ليست الوحيدة في حسم أي صراع، ولنا في دولة جنوب إفريقيا عبرة بعد عقود من النضال ضد المستعمر البريطاني.