عن أسواق العمل والتوقعات الاجتماعية
السبت / 23 / ذو الحجة / 1443 هـ - 22:08 - السبت 23 يوليو 2022 22:08
يتحدث المنتدى الاقتصادي العالمي عن أربعة تغيرات محورية ستكون حاسمة بالنسبة لأسواق العمل في العالم خلال العقود المقبلة وهي (التغيرات الديموغرافية وزيادة الاختيار الفردي والثورة التكنولوجية المستمرة وتغير تجربة العملاء) هذه العوامل الأربعة ستسهم بطريقة أو بأخرى في إعادة هيكلة دورة العمل/ المنتج وستكون مدعومة بصعود نجم (الموهبة) كعنصر فارق في معادلة العرض والطلب في أسواق العمل العالمية. ورغم أن هذه العوامل يمكن سحبها على كل السياقات العالمية بحيث أن كلا منها قد يحدد اتجاه / سرعة تغير / نشوء اتجاهات جديدة في أسواق العمل إلا أن ثمة عوامل ذات خصوصية محلية تتحكم في كل سوق عمل. وبالنظر إلى الحالة العُمانية فإننا نعتقد أن هناك خمسة عوامل حاسمة ستشكل مستقبل سوق العمل العُماني وهي:
1- التغير في توقعات الداخلين الجدد إلى أسواق العمل من الواقعين تحت فئة (قوى العمل).
2- الحاجة إلى تخليق أسواق / نظم عمل مواكبة لتغيرات مدى الحياة وأمد العمر.
3- فهم صيرورة المبتكرات الاجتماعية والخدمات الناشئة.
4- نشوء اتجاهات فردية جديدة للتوجه نحو اقتصاديات الموهبة.
5- الإجابة الحاسمة على سؤال: ماذا نريد تحديدًا من التعليم.
بحسب قاعدة بيانات البنك الدولي ارتفع العمر المتوقع عند الميلاد في عُمان من 43 عامًا في عام 1960 إلى نحو 78 عامًا في عام 2020 وهذا التحسن أعلى من المتوسط العالمي (73 عامًا) والمتوسط في العالم العربي (72 عامًا). يعزى ذلك إلى تحسن جودة الخدمات الصحية والاكتمال النسبي لمنظومة الرعاية الصحية المتكاملة بالإضافة إلى التغير في الأنماط الثقافية المرتبطة بجودة الحياة بشكل عام والأنماط الثقافية المرتبطة بالصحة والمرض والإنجاب على وجه الخصوص. يعني ذلك أن تصميم النظم التشريعية المرتبطة بالحماية الاجتماعية وأسواق العمل يجب أن يأخذ في الاعتبار هذا المنحنى التصاعدي ليس فقط كتقدير كمي جزافي وإنما من ثلاث نواح أساسية:
- تغير في التوقعات.
- تغير في القابليات.
- تغير في أنماط الخبرات المتراكمة.
ستشكل (مرحلة ما بعد التقاعد) – إن صحت تسميتها – أسواقًا مختلفة من الطلب على أنماط عمل جديدة تتلاءم مع قابليات الأفراد لممارسة العمل وقدرتهم عليه وكذلك أسواق جديدة من المنتجات والسلع والخدمات الموجهة لتلك الفئة التي تقتضي أيضًا طبيعة خاصة للوظائف والمشروعات التي تقوم بتقديمها أو إنتاجها. وهذا في تقديرنا تحول أساس يجب النظر إليه وأخذه في الاعتبار في أي مقاربة لوضع سياسات وطنية لأسواق العمل – ونقول هنا سياسة سوق العمل وليس سياسة التشغيل – التي تعد جزءا مكونا من السياسة الكلية لأسواق العمل.
تشير التقديرات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات (سيناريوهات النمو السكاني ومتطلبات التنمية المستدامة حتى عام 2040) أنه بافتراض سيناريو الخصوبة المتوسطة (3.3 مولود لكل امرأة) فإن عدد الداخلين الجدد إلى أسواق العمل بين عامي 2016 و 2040 سيكون في حدود 549 ألف مستجد. وهذا الرقم لا يعني مجرد أعداد جديدة تضاف إلى أسواق العمل وإنما هي (قابليات متفاوتة – توقعات متباينة – أنماط اكتساب معرفة متفاوتة – قوى ابتكارية متفاوتة – أنماط ذكاء متفاوتة – مخرجات اكتساب تعليمي متفاوتة). وعليه فإن القدرة على تصميم سياسة لأسواق العمل لا يمكن أن تبنى فقط وفق التقديرات العامة للداخلين أو اختصاصاتهم الأكاديمية ومستوياتهم التعليمية المختلفة. وإنما من خلال رصد تفصيلي لاتجاهات هؤلاء الداخلين الجدد في الستة أبعاد التي ذكرناها أعلاه. وهذا الرصد سيمكن أسواق العمل من معرفة فرص الابتكار والخدمات الناشئة ومن تحديد الثيمة العامة للإنتاج وهياكله التي يمكن أن يشغلها هؤلاء الداخلون الجدد.
وبافتراض سيناريو الخصوبة المتوسطة ذاته سيكون الإجمالي التراكمي للملتحقين الجدد بالتعليم في سلطنة عُمان بين عامي 2016 و 2040 نحو 1.949 ألف طالب. وسيحتاج النظام التعليمي إلى زيادة قدرها نحو 64 ألف معلم. وسيكون هناك حاجة لزيادة مليار ريال عُماني في الإنفاق على التعليم حتى عام 2040 لمواكبة هذا النمو المتوقع. وما يعنينا هنا في الصلة بأسواق العمل هو طرح ثلاثة أسئلة رئيسية:
- كيف سيعاد هندسة النظام التعليمي لإكساب الطلبة مرونة أكبر في التعامل مع أسواق عمل مختلفة من ناحية (التخصصات – المناهج – المهارات)؟
- ما التغيرات المطلوبة في برامج إعداد المعلمين ليكونوا أكثر استيعابًا لمتطلبات أسواق العمل من مخرجات التعليم؟ وكيف تكون أدوات المعلم مستشرفة للتغير في أسواق العمل؟
- كيف سيعاد تصور معايير جودة التعليم لتكون مجمل عملياته أكثر مرونة في مواكبة أسواق عمل متغيرة الأنماط؟
بحسب نيل سي هيوز فإنه 'خلال عام 2020 ، دخل أكثر من 50 مليون عامل مستقل إلى القوى العاملة. بحلول عام 2025، من المتوقع أن تكون أنظمة المواهب المفتوحة هي نموذج التوظيف السائد'. يتم الحديث اليوم بشكل موسع عن اقتصاديات المواهب المفتوحة في إشارة إلى التحول في دور الموهبة في أسواق العمل. حيث الخيارات الحرة وغير المقيدة للعامل من ناحية وحيث الموهبة هي محور الارتكاز في أي عملية توظيف وحيث تقديم الخدمة هو محور التعاقد بين أصحاب العمل والعمال. حسب الأدبيات ستتلاشى عقود العمل التقليدية. وسيكون هناك (موهوب) يستطيع عبر المهارات التي يمتلكها أن يقدم خدمات مدفوعة لأية مؤسسة في أي مكان في العالم في أي وقت بموجب اتفاقات بينية حسب القطاع والخدمة. هذا التحول يشيع اليوم – وإن كان بشكل محدود – في صيغ من يعرفون أنفسهم كونهم freelancers والتنبؤات تشير إلى أن هذا النمط قد يصبح عالميًا في أسواق العمل مما يتطلب إدراك هذا التحول وإدماجه وإكساب تشريعات وسياسات العمل مرونة أكبر لاحتوائه وتضمينه في أنماط ومحدداتها. في المجمل ستلعب تلك التغيرات دورًا حاسمًا في توجيه أسواق العمل والرهان هنا يكمن في ثلاثة اعتبارات أساسية (مدى القدرة على توليد البيانات وتحديثها بشكل مستمر حول ما يتغير في سوق العمل – الذهاب بعيدًا عن الأرقام والتقديرات لقياس أوضح وتشخيص أعمق للاتجاهات – القدرة على إدماج التوجهات المستجدة في أسواق العمل في النظم والتشريعات المحلية.
1- التغير في توقعات الداخلين الجدد إلى أسواق العمل من الواقعين تحت فئة (قوى العمل).
2- الحاجة إلى تخليق أسواق / نظم عمل مواكبة لتغيرات مدى الحياة وأمد العمر.
3- فهم صيرورة المبتكرات الاجتماعية والخدمات الناشئة.
4- نشوء اتجاهات فردية جديدة للتوجه نحو اقتصاديات الموهبة.
5- الإجابة الحاسمة على سؤال: ماذا نريد تحديدًا من التعليم.
بحسب قاعدة بيانات البنك الدولي ارتفع العمر المتوقع عند الميلاد في عُمان من 43 عامًا في عام 1960 إلى نحو 78 عامًا في عام 2020 وهذا التحسن أعلى من المتوسط العالمي (73 عامًا) والمتوسط في العالم العربي (72 عامًا). يعزى ذلك إلى تحسن جودة الخدمات الصحية والاكتمال النسبي لمنظومة الرعاية الصحية المتكاملة بالإضافة إلى التغير في الأنماط الثقافية المرتبطة بجودة الحياة بشكل عام والأنماط الثقافية المرتبطة بالصحة والمرض والإنجاب على وجه الخصوص. يعني ذلك أن تصميم النظم التشريعية المرتبطة بالحماية الاجتماعية وأسواق العمل يجب أن يأخذ في الاعتبار هذا المنحنى التصاعدي ليس فقط كتقدير كمي جزافي وإنما من ثلاث نواح أساسية:
- تغير في التوقعات.
- تغير في القابليات.
- تغير في أنماط الخبرات المتراكمة.
ستشكل (مرحلة ما بعد التقاعد) – إن صحت تسميتها – أسواقًا مختلفة من الطلب على أنماط عمل جديدة تتلاءم مع قابليات الأفراد لممارسة العمل وقدرتهم عليه وكذلك أسواق جديدة من المنتجات والسلع والخدمات الموجهة لتلك الفئة التي تقتضي أيضًا طبيعة خاصة للوظائف والمشروعات التي تقوم بتقديمها أو إنتاجها. وهذا في تقديرنا تحول أساس يجب النظر إليه وأخذه في الاعتبار في أي مقاربة لوضع سياسات وطنية لأسواق العمل – ونقول هنا سياسة سوق العمل وليس سياسة التشغيل – التي تعد جزءا مكونا من السياسة الكلية لأسواق العمل.
تشير التقديرات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات (سيناريوهات النمو السكاني ومتطلبات التنمية المستدامة حتى عام 2040) أنه بافتراض سيناريو الخصوبة المتوسطة (3.3 مولود لكل امرأة) فإن عدد الداخلين الجدد إلى أسواق العمل بين عامي 2016 و 2040 سيكون في حدود 549 ألف مستجد. وهذا الرقم لا يعني مجرد أعداد جديدة تضاف إلى أسواق العمل وإنما هي (قابليات متفاوتة – توقعات متباينة – أنماط اكتساب معرفة متفاوتة – قوى ابتكارية متفاوتة – أنماط ذكاء متفاوتة – مخرجات اكتساب تعليمي متفاوتة). وعليه فإن القدرة على تصميم سياسة لأسواق العمل لا يمكن أن تبنى فقط وفق التقديرات العامة للداخلين أو اختصاصاتهم الأكاديمية ومستوياتهم التعليمية المختلفة. وإنما من خلال رصد تفصيلي لاتجاهات هؤلاء الداخلين الجدد في الستة أبعاد التي ذكرناها أعلاه. وهذا الرصد سيمكن أسواق العمل من معرفة فرص الابتكار والخدمات الناشئة ومن تحديد الثيمة العامة للإنتاج وهياكله التي يمكن أن يشغلها هؤلاء الداخلون الجدد.
وبافتراض سيناريو الخصوبة المتوسطة ذاته سيكون الإجمالي التراكمي للملتحقين الجدد بالتعليم في سلطنة عُمان بين عامي 2016 و 2040 نحو 1.949 ألف طالب. وسيحتاج النظام التعليمي إلى زيادة قدرها نحو 64 ألف معلم. وسيكون هناك حاجة لزيادة مليار ريال عُماني في الإنفاق على التعليم حتى عام 2040 لمواكبة هذا النمو المتوقع. وما يعنينا هنا في الصلة بأسواق العمل هو طرح ثلاثة أسئلة رئيسية:
- كيف سيعاد هندسة النظام التعليمي لإكساب الطلبة مرونة أكبر في التعامل مع أسواق عمل مختلفة من ناحية (التخصصات – المناهج – المهارات)؟
- ما التغيرات المطلوبة في برامج إعداد المعلمين ليكونوا أكثر استيعابًا لمتطلبات أسواق العمل من مخرجات التعليم؟ وكيف تكون أدوات المعلم مستشرفة للتغير في أسواق العمل؟
- كيف سيعاد تصور معايير جودة التعليم لتكون مجمل عملياته أكثر مرونة في مواكبة أسواق عمل متغيرة الأنماط؟
بحسب نيل سي هيوز فإنه 'خلال عام 2020 ، دخل أكثر من 50 مليون عامل مستقل إلى القوى العاملة. بحلول عام 2025، من المتوقع أن تكون أنظمة المواهب المفتوحة هي نموذج التوظيف السائد'. يتم الحديث اليوم بشكل موسع عن اقتصاديات المواهب المفتوحة في إشارة إلى التحول في دور الموهبة في أسواق العمل. حيث الخيارات الحرة وغير المقيدة للعامل من ناحية وحيث الموهبة هي محور الارتكاز في أي عملية توظيف وحيث تقديم الخدمة هو محور التعاقد بين أصحاب العمل والعمال. حسب الأدبيات ستتلاشى عقود العمل التقليدية. وسيكون هناك (موهوب) يستطيع عبر المهارات التي يمتلكها أن يقدم خدمات مدفوعة لأية مؤسسة في أي مكان في العالم في أي وقت بموجب اتفاقات بينية حسب القطاع والخدمة. هذا التحول يشيع اليوم – وإن كان بشكل محدود – في صيغ من يعرفون أنفسهم كونهم freelancers والتنبؤات تشير إلى أن هذا النمط قد يصبح عالميًا في أسواق العمل مما يتطلب إدراك هذا التحول وإدماجه وإكساب تشريعات وسياسات العمل مرونة أكبر لاحتوائه وتضمينه في أنماط ومحدداتها. في المجمل ستلعب تلك التغيرات دورًا حاسمًا في توجيه أسواق العمل والرهان هنا يكمن في ثلاثة اعتبارات أساسية (مدى القدرة على توليد البيانات وتحديثها بشكل مستمر حول ما يتغير في سوق العمل – الذهاب بعيدًا عن الأرقام والتقديرات لقياس أوضح وتشخيص أعمق للاتجاهات – القدرة على إدماج التوجهات المستجدة في أسواق العمل في النظم والتشريعات المحلية.