الاقتصادية

مساع كبيرة لزيادة إنتاج النحاس من مناجم سلطنة عمان 16 مليون طن من احتياطات النحاس في ينقل، و10 ملايين طن في المضيبي

نظرا لأهميته في الصناعات الحديثة ومشروعات الطاقة المتجددة

 
شهدت السنوات الأخيرة طلب متزايد على المعادن الفلزية وخاصة معدن النحاس الذي يلقب بملك المعادن الخضراء؛ لاعتماده في العديد من الصناعات الحديثة والمطلوبة في عصرنا الحالي كالسيارات الكهربائية والإلكترونيات الاستهلاكية، ومشروعات الطاقة المتجددة، الأمر الذي يتطلب بذل المزيد من الجهود من قبل الجهات المختصة للتنقيب، وإنتاج هذا المعدن في السنوات القادمة.

وكان إجمالي إنتاج سلطنة عمان من المعادن في نهاية العام الماضي 4.5% ارتفع إلى 60.3 مليون طن، في حين بلغ إجمالي الكمية المبيعة 57.5 مليون طن بقيمة 90.3 مليون ريال، بينما بلغ كمية المعادن المصدرة 37 مليون طن، ومن المتوقع ارتفاع الإنتاج من الثروات المعدنية في الأعوام المقبلة؛ لاهتمام الحكومة بهذا القطاع الحيوي، ومحاولة رفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، إذ لا تزال مساهمة القطاع متواضعة ولا تتناسب مع حجم الثروات التعدينية في سلطنة عمان.

ويعد قطاع التعدين من ضمن سياسات التنويع الاقتصادي في سلطنة عمان، إضافة إلى أنه إحدى ركائز النمو في الخطة الخمسية العاشرة. كما يتمتع قطاع التعدين بإمكانيات كبيرة تؤهله لتحقيق أهداف التنويع الاقتصادي، حيث إن توفر الثروات المعدنية في سلطنة عمان يقدم فرصًا جاذبة للاستثمار، وتعزيز الصادرات.

وبلغ عدد التراخيص التعدينية الدائمة الصادرة خلال العام الماضي (13) ترخيصًا، و(9) تراخيص تنقيبيه، الأمر الذي يتطلب إلى جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية.

تحدثت «عمان» لرجال أعمال في وقت سابق، وأشاروا إلى أن ضعف الإقبال على الاستثمار في هذا القطاع يعود إلى تأخر في إصدار تراخيص التنقيب والاستكشاف من قبل الوزارة المعنية، إضافة إلى ارتفاع رسوم الجمارك والتصدير، وارتفاع تكلفة المناولة في الموانئ، وعدم وجود آلية واضحة للاستثمار في قطاع التعدين.

وتسعى وزارة الطاقة والمعادن حاليًا على تطوير وتنمية القطاع من خلال توفير البيئة التنظيمية، وإعداد البحوث والدراسات الجيولوجية والتعدينية للكشف والتنقيب عن الثروات المعدنية، إضافة إلى تنفيذ دراسات ما قبل الجدوى الاقتصادية للمشروعات.

كما تعمل الوزارة حاليًا على الترويج عن مناطق الامتياز؛ لاستغلال الخامات المعدنية المتوفرة بكميات تجارية، والموافقة على تصميم المناجم والمحاجر وخطط التحجير، إضافة إلى الإشراف والرقابة على الشركات العاملة في مجال المناجم والمحاجر؛ لمعرفة مدى التزامها بالقوانين والتشريعات والاتفاقيات الموقعة معها.

وشهدت الفترة الماضية توقيع (12) اتفاقية لتصل المساحة الإجمالية لمناطق الامتياز التي تغطيها هذه الاتفاقيات (21480) كيلومتر، إذ تم التركيز على المعادن ذات القيمة الاقتصادية «المعادن الفلزية» كالنحاس والذهب والكروم،الذي يشمل (8) مناطق يتمركز معظمها في محافظات شمال وجنوب الباطنة، والظاهرة، والبريمي، والداخلية، وشمال وجنوب الشرقية، وجميعها مناطق امتياز من التنقيب إلى التعدين، ومنطقة واحدة منها وصلت لمرحلة متقدمة من التنقيب للبدء بالتعدين تقع في ولاية ينقل بمساحة إجمالية تصل إلى (20) كم مربع لخام النحاس.

كما أن شركة تنمية معادن عمان تعمل على تطوير العديد من المشروعات، منها: مشروع مزون للتعدين الذي يقع في ولاية ينقل على مساحة إجمالية (16) كم مربع، إذ يتكون هذا المشروع من خمسة مناجم، بمخزون من احتياطيات النحاس (16) مليون طن، وبطاقة إنتاجية تقدّر بحوالي 1.56 مليون طن سنويًا وبتكلفة تبلغ حوالي (300) مليون دولار أمريكي.

كما يعد مشروع شليم للمعادن الصناعية أحد المشروعات التي بدأت الشركة بتطويره منذ 2017، إذ كشفت الدراسة الجيولوجية عن وجود احتياطات كبيرة من الجبس والحجر الجيري، مما يجعل سلطنة عمان من أكبر الموردين لصادرات الجبس في السنوات القادمة.

وتعمل الشركة أيضًا على دراسة الفرص التجارية؛ لتطوير صناعة الملح من خلال مشروعين، هما: إنتاج الملح البحري في ولاية محوت، والآخر مرتبط بدراسة إنتاج الملح من المياه العميقة شديدة الملوحة المرتبطة بعمليات استخراج النفط الخام بالتعاون مع شركة تنمية نفط عمان. ويركز المشروع الأول على إنتاج الملح بدرجة نقاء عالية من خلال بناء أحواض تبخر الملح، التي من المتوقع إنتاج 1.5 مليون طن من الخام سنويًا باستخدام مياه البحر، ليتم بعد ذلك استخدامه كمواد خام في المشروعات الكيميائية والتطبيقات الصناعية الأخرى. أما المشروع الثاني فهو يركز على إنتاج الملح الخام من المياه العميقة المصاحبة لإنتاج النفط، إذ يتميز المحلول الملحي المستخرج من المياه العميقة بأنه مشبع بـ 3.5 مرة بكلوريد الصوديوم من ماء البحر، بالإضافة إلى أنه أكثر نقاءً من الملح المستخرج من مياه البحر بسبب خصائصه الكيميائية.

كما وقعت حكومة سلطنة عمان المتمثلة في وزارة الطاقة والمعادن خلال العام الماضي مذكرة تفاهم مع جمهورية الهند؛ لتعزيز وتطوير التعاون في مجال التعدين. إذ ركزت هذه الاتفاقية على تبادل النظم واللوائح المعمول بها، وتبادل المعلومات عن الفرص الاستثمارية المتاحة بين البلدين، ولذلك قد نشهد الفترة المقبلة المزيد من الاستثمارات الهندية في قطاع التعدين.

وفي إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دعم خطط التنويع الاقتصادي، وتمويل المشروعات في مختلف القطاعات، أبدت العديد من البنوك العاملة في سلطنة عمان على تقديم التمويل للمشروعات المنفذة في قطاع التعدين، إذ تشير بيانات نشرها البنك المركزي العماني إلى أن إجمالي الائتمان المصرفي في سلطنة عمان بلغ أكثر من (٢٣) مليار ريال عماني بنهاية العام الماضي، ويستحوذ قطاع التعدين (المناجم والمحاجر) على نحو ٥.٣ بالمائة من هذا الائتمان أي ما يعادل ١.٢ مليار ريال عماني.

فقد وافقت أحد البنوك بتقديم تسهيلات تمويلية بقيمة 19 مليون ريال لإحدى شركات القطاع الخاص؛ لاستخراج النحاس في منطقة الواشحي - المجازه بولاية المضيبي.

وتشير البيانات إلى اكتشاف أكثر من 16 مليون طن من النحاس في موقع المشروع، واحتياطات قابلة للتعدين يتجاوز حجمها 10 ملايين طن، وتبلغ التكلفة الإجمالية للمشروع نحو 27 مليون ريال عُماني مع عمر افتراضي لإنتاج المشروع على مدى ١٠ سنوات.