العرب والعالم

موسكو تهدد بهجوم كبير على أوكرانيا وواشنطن تضغط على بكين لموقفها من الحرب

المخابرات البريطانية: الجيش الروسي يحشد قوات الاحتياط قرب الحدود

دبابة روسية متمركزة على خط المواجهة بشرق اوكرانيا
 
دبابة روسية متمركزة على خط المواجهة بشرق اوكرانيا
عواصم 'رويترز': قال مسؤولون إن جنود المقاومة الأوكرانية خاضوا معارك اليوم لعرقلة التقدم العسكري الروسي على عدة جبهات في الوقت الذي ضغطت فيه الولايات المتحدة على الصين للانضمام إلى الغرب في معارضة العمليات الروسية بعد اجتماع غلب عليه التوتر لمجموعة العشرين.

وقال حاكم خاركيف إن ضربة صاروخية على المدينة الواقعة بشمال شرق البلاد أسقطت ثلاثة جرحى من المدنيين لكن الهجمات الروسية الرئيسية تتركز فيما يبدو إلى الجنوب الشرقي من المدينة وتحديدا في لوجانسك ودونيتسك.

ويشكل الإقليمان اللذان كانا بالفعل تحت سيطرة الانفصاليين الموالين لموسكو قبل العمليات الروسية في فبراير منطقة دونباس الصناعية في شرق أوكرانيا. وأبلغ مسؤولون أوكرانيون عن وقوع ضربات في كلا الإقليمين اليوم السبت.

من جهة ثانية، قالت المخابرات العسكرية البريطانية اليوم السبت إن روسيا تقوم بنقل قوات الاحتياط من جميع أنحاء البلاد وتحشدها بالقرب من أوكرانيا من أجل القيام بعمليات هجومية في المستقبل.

وذكرت وزارة الدفاع البريطانية في نشرة دورية على تويتر أن نسبة كبيرة من وحدات المشاة الروسية الجديدة تنتشر على الأرجح بمركبات مدرعة إم تي-إل بي.

وقال بافلو كيريلينكو حاكم إقليم دونيتسك عبر تطبيق تيليجرام إن صاروخا روسيا أصاب بلدة دروزكيفكا الواقعة خلف خط المواجهة وأشار إلى قصف مراكز سكانية أخرى.

كما قال حاكم منطقة لوجانسك سيرهي جايداي عبر تيليجرام 'الروس يطلقون النار على طول خط المواجهة بأكمله'، لكنه ذكر لاحقا أن هجوما مضادا للقوات الأوكرانية أصاب مخازن أسلحة وذخيرة روسية وأجبر موسكو على وقف هجومها.

وتنفي روسيا، التي أعلنت بسط سيطرتها على إقليم لوجانسك بالكامل الأسبوع الماضي، استهداف المدنيين.

ووجهت أوكرانيا الجمعة نداء للحصول على مزيد من الأسلحة المتطورة من الغرب والتي قالت كييف إنها مكنتها حتى الآن من إبطاء التقدم الروسي.

وبعدها بساعات، وقع الرئيس الأمريكي جو بايدن أمرا بإرسال أسلحة جديدة تصل قيمتها إلى 400 مليون دولار لأوكرانيا، تشمل أربعة أنظمة صاروخية إضافية من طراز هيمارس.

وشكر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بايدن على الأنظمة الصاروخية والذخائر التي قال إنها احتياجات ذات أولوية. وأضاف على تويتر 'هذا ما يساعدنا في الضغط على العدو'.

وتعليقا على توريد الأسلحة الجديدة، قالت السفارة الروسية في واشنطن إن الولايات المتحدة تريد 'إطالة أمد الصراع بأي ثمن' وتعويض الخسائر العسكرية الأوكرانية.

'لا بد من تصعيد العقوبات'

ودعا وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن المجتمع الدولي اليوم السبت إلى إدانة 'العدوان الروسي'، وقال إنه ناقش مخاوف واشنطن مع نظيره الصيني وانغ يي بشأن وقوف بكين في صف موسكو، وذلك خلال محادثات استمرت أكثر من خمس ساعات.

وتحدث بلينكن إلى صحفيين من جزيرة بالي الإندونيسية بعد اجتماع الجمعة لوزراء خارجية مجموعة العشرين. وكان الوزير الروسي سيرجي لافروف قد انسحب من الاجتماع وندد بتركيز الغرب على توجيه 'انتقادات مسعورة' لبلده.

وقبل فترة وجيزة من العمليات الروسية في أوكرانيا في 24 فبراير، أعلنت بكين وموسكو تأسيس شراكة 'لا حدود لها'، لكن مسؤولين أمريكيين قالوا إنهم لم يلحظوا محاولات صينية لتجنب العقوبات الصارمة التي تقودها الولايات المتحدة على روسيا أو تزويدها بعتاد عسكري.

وقال أوليه سينيهوبوف حاكم مدينة خاركيف عبر تيليجرام إنه بالإضافة إلى الضربة الصاروخية التي أصابت المدينة، نجح المقاتلون الأوكرانيون في التصدي لهجومين روسيين بالقرب من ديمينتيفكا، وهي بلدة تقع بين المدينة والحدود مع روسيا.

وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قواتها قصفت 'قاعدتين لمرتزقة أجانب ينتشرون قرب خاركيف'.

وقال المتحدث باسم الوزارة إيجور كوناشينكوف إن طائرتين أوكرانيتين من طراز سو-25 أسقطتا في منطقة ميكولايف الجنوبية كما تم تدمير خمسة مستودعات للذخيرة، منها ما يقع في المنطقة وأخرى في منطقتي دنيبروبتروفسك ودونيتسك الشرقيتين.

وقالت القوات المدعومة من روسيا في جمهورية دونيتسك الشعبية التي أعلنت استقلالها من جانب واحد إن ثلاثة أشخاص قتلوا وأصيب 17 هناك خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية. وذكرت أن القوات الأوكرانية قصفت عشرة مواقع في المنطقة. ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من التقارير الواردة من ساحة المعركة.

مناشدة لفرض عقوبات إضافية

وعقب اجتماع مجموعة العشرين الجمعة، ألمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أن الكرملين لا يعتزم التفكير في حل وسط قريبا، قائلا إن استمرار استخدام العقوبات ضد روسيا قد يؤدي لارتفاع 'كارثي' في أسعار الطاقة.

وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا اليوم السبت إن العقوبات تؤتي ثمارها وكرر مناشدة كييف لإرسال المزيد من شحنات الأسلحة الغربية عالية الدقة.

وأضاف في منتدى في دوبروفنيك عبر رابط فيديو 'الروس يحاولون جاهدين رفع تلك العقوبات، وهو ما يثبت أنها تؤلمهم حقا. لذلك، يجب تشديد العقوبات حتى يتخلى بوتين عن خططه العدوانية أو ببساطة حتى يفقد القدرة على تجديد الموارد أو استخدامها'.

في غضون ذلك، استبعد سفير روسيا لدى بريطانيا أندريه كيلين احتمال انسحاب بلاده من المناطق الأوكرانية الخاضعة لسيطرة موسكو، وقال إن القوات الروسية ستستولي على بقية أراضي منطقة دونباس.

وتقول موسكو، التي استولت أيضا على مساحة كبيرة من الأراضي في جنوب أوكرانيا، إنها تريد انتزاع السيطرة على دونباس.

وتسبب الصراع، وهو الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية، في مقتل الآلاف وتشريد الملايين كما سوى مدنا أوكرانية بالأرض.

وتصف روسيا دخول جنودها لاوكرانيا بأنه 'عملية عسكرية خاصة' تهدف إلى تقويض قدرات الجيش الأوكراني والقضاء على الأشخاص الذين تعتبرهم قوميين خطرين. وتقول أوكرانيا وحلفاؤها الغربيون إن الحرب الروسية ما هي إلا عملية استيلاء غير مبررة على الأراضي.

*************

تحقيق

نقاط الضعف في العلاقات الصينية الروسية

واشنطن 'د.ب.أ': سلطت حرب روسيا في أوكرانيا الضوء على العلاقات بين الصين وروسيا. ففي الرابع من فبراير الماضي، قبل أسابيع فقط من العمليات الروسية في أوكرانيا، اجتمع الرئيس الصيني شي جين بينج مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأصدرا بيانا تاريخيا مشتركا ذكر أن علاقاتهما الثنائية' بدون حدود' وأنه 'ليست هناك أي مجالات تعاون- محظورة- بينهما'.

وذكر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي في دراسة له أن الدولتين عززتا علاقاتهما في السنوات الأخيرة. ويتمتع الرئيسان الصيني والروسي بعلاقات عمل وثيقة تدفع لتعاون رفيع المستوى. كما يتعاون الجانبان على أساس مخاوف إزاء خطر سعي الولايات المتحدة وحلفائها لتطويقهما وتقويضهما. كما أن العلاقات العسكرية الوثيقة والديناميكيات الاقتصادية التكميلية تساعد في تدعيم علاقاتهما.

ومع ذلك، فإن العلاقات الصينية - الروسية معقدة ولها تكاليفها بالنسبة للجانبين. ويبدو أن القادة في بكين وموسكو توصلوا في تقييمهما بالنسبة للوقت الحالي إلى أن المكاسب تفوق الخسائر، ولكن من الممكن أن يتغير هذا التقدير.

ويرى المحللون أن هناك نقاط ضعف رئيسية في العلاقات بين الدولتين. فهناك عوامل تاريخية وهيكلية تسفر عن عدم ثقة استراتيجي بين بكين وموسكو. كما أن الركود الروسي يقلل من قيمة موسكو كشريك مفيد لبكين ويسهم في حدوث تفاوت متزايد في القوة. ويؤدي العدوان العسكري الروسي إلى انتكاسات بالنسبة للصين ويفاقم الركود في روسيا.

فرغم تدعيم العلاقات بين بكين وموسكو في السنوات الأخيرة، هناك قدر كبير من انعدام الثقة الاستراتيجي بين الدولتين، ويرجع انعدام الثقة الاستراتيجي لدى الصين من ناحية إلى التاريخ المتقلب بين الدولتين، والذي شهد استغلال الامبراطورية الأكثر قوة والاتحاد السوفيتي ضعف الصين.

وبالنسبة لروسيا، فإن العوامل الهيكلية الدائمة، ولا سيما الجغرافية- أججت المخاوف من احتمال أن تجور الصين التي تزداد قوة على مصالحها وتستغل الضعف الروسي. وتزداد مخاوف موسكو نتيجة ثقافة استراتيجية تنطوي على طموحات كبيرة راسخة تتعلق بالقوة والشعور بالضيق من أن تكون شريكا أصغر في أي علاقة مع الصين.

وعلى أية حال، فإن العلاقات الوثيقة الحالية بين الصين وروسيا تعد انحرافا ملحوظا عن التاريخ، الذي شهد في الغالب استغلال الدول الأكثر قوة للدولة الأضعف.

وعلى الجبهة الاقتصادية، حلت الصين بسرعة محل روسيا كأكبر شريك تجاري لجميع دول آسيا الوسطى الخمس. ففي عام 2000، بلغت واردات الصين من كازخستان، وقيرغستان، وطاجيكستان، وتركمنستان وأوزبكستان أقل من ربع الواردات الروسية، ولكن بحلول عام 2020 بلغت أكثر من ضعف الواردات الروسية. كما أن الصادرات الصينية زادت كثيرا أيضا، حيث بلغت قيمة الصادرات الصينية إلى آسيا الوسطى 3ر19 مليار دولار في عام 2020. ويمثل استمرار هذا الاتجاه التهديد بتقليص قدرة روسيا على تعزيز نفوذها الاقتصادي في المنطقة.

كما تشعر روسيا بالحذر من الطموحات الصينية في المنطقة القطبية الشمالية، التي لموسكو فيها مصالح مهمة. فنحو خمس الأراضي الروسية الشاسعة توجد في الدائرة القطبية الشمالية. وفي عهد بوتين ركزت روسيا على المنطقة القطبية الشمالية، بما في ذلك إحياء تواجدها العسكري هناك.

ورغم افتقار الصين لأي أراض في المنطقة القطبية الشمالية، سعت لترسيخ نفسها كـ' دولة شبه قطبية شمالية'. وفي وثيقة بشأن المنطقة القطبية الشمالية عام 2018، قدمت الصين رؤية لبناء 'طريق حرير قطبي' يكمل مبادرة الحزام والطريق الأوسع نطاقا. وقد تعاونت الصين وروسيا حتى الآن في مشروعات الطاقة والبنية الأساسية في المنطقة، لكن كانت هناك انتكاسات كبيرة.

وقد عارضت روسيا في بادىء الأمر السماح للصين بالانضمام إلى المجلس القطبي الشمالي متعدد الأطراف كمراقب، وتواصل روسيا تشككها في أهداف الصين الاستراتيجية في المنطقة. وحتى الآن نجحت الدولتان في تحديد تنافسهما في هذه المناطق، ونجحتا في تدعيم علاقاتهما رغم تاريخهما المضطرب. ومع ذلك فإن بذور عدم الثقة راسخة في العلاقات ويمكن أن تتحول في يوم ما إلى عقبة في علاقاتهما.

وفيما يتعلق باحتمال أن يؤدي الركود الروسي إلى تفاقم التوترات مع الصين، فإنه يمكن القول أن الصين وروسيا سعتا لترسيخ نفسيهما كشريكين متساويين، ولكن من الصعب بصورة متزايدة الحفاظ على هذا القول نظرا للتفاوت المتزايد في القوة بين الدولتين. ومع ركود روسيا أو حتى اضمحلالها، ومع استمرار الصين في تعزيز قوتها الوطنية، ستكون روسيا شريكا أقل نفعا بالنسبة للصين في مواجهة النفوذ الغربي. كما أن تقدم الصين المتزايد على روسيا يمكن أن يفاقم أيضا التوترات وعدم الثقة الراهنة بين بكين وموسكو إذا شعرت روسيا بأنها تتعرض لعدم الاحترام أو معاملتها كشريك أصغر.

وذكرت الدراسة أنه من غير الواضح ما إذا كان تفاوت القوة بين الدولتين سوف يهدد العلاقات بينهما، أو في أي مرحلة يمكن أن يحدث ذلك. فإذا ما ضعفت قوة روسيا واستمر عزل الغرب لها، ربما ترى روسيا أنه ليس أمامها خيار سوى اللحاق بركب الصين. ومع ذلك، وفي ضوء رؤية روسيا لنفسها وتاريخها كدولة عظمى، ربما تكون غير مستعدة لأن تربطها شراكة وثيقة مع الصين ليست قائمة على أساس المساواة.

وفيما يتعلق بتعارض الحرب الروسية مع المصالح الصينية، ترى الدراسة أن التدخلات العسكرية المتعددة - خاصة الحرب الحالية في أوكرانيا- تسببت في انتكاسات سياسية واقتصادية بالنسبة للصين. ويأتي في مقدمة ذلك، أن حرب روسيا في أوكرانيا أضعفت روسيا، وقللت من فائدتها للصين وزادت من تفاقم فجوة القوة بين الصين وروسيا.

فالاستراتيجيون والمحللون الصينيون رفضوا استعداد روسيا لاستخدام القوة على أساس موافقة الصين على ذلك. ووصف بعضهم بوتين بأنه 'ثوري' يسعى لتغيير النظام الدولي الراهن وذكروا أن أهداف موسكو تكشف أنها أكثر استعدادا لاستخدام العنف لتحقيق مصالحها.

وفي المقابل، وصف الباحثون الصينيون بلادهم بأن لديها هدفا أكثر تواضعا لجعل النظام الدولي الراهن أكثر تحقيقا لنمو الصين وتطورها- ومن ثم فإنها أقل استعدادا للجوء للقوة.

وخلصت الدراسة إلى أنه في الوقت الراهن اختارت الصين تعزيز علاقاتها مع روسيا رغم الانتكاسات سالفة الذكر. ومع ذلك، فإن هذه التطورات تمثل صداعا شديدا بالنسبة للصين، فروسيا تشهد ركودا، وربما تكون في حالة انحدار تام، يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى تفاقم عدم الثقة بين بكين وموسكو، وربما يجعل روسيا أقل قيمة استراتيجيا بدرجة كبيرة بالنسبة للصين.