ما ينبغي أن يُقال لا يُقال
الاثنين / 4 / ذو الحجة / 1443 هـ - 15:16 - الاثنين 4 يوليو 2022 15:16
سأستعير عبارة 'ما ينبغي أن يُقال' من الكاتب والروائي الألماني جونتر جراس (1927-2015) الفائز بجائزة نوبل للآداب سنة 1999، والذي تعرض إلى حملة شعواء في الصحافة الأوروبية وخاصة في بلده ألمانيا بعد نشره قصيدة نثرية بعنوان (ما ينبغي أن يقال) ففي هذه القصيدة انتقد صاحب رواية طبل الصفيح، النفاق الأوروبي تجاه إسرائيل التي قال عنها أنها تهدد السلام العالمي بتهديداتها لضرب المنشآت النووية الإيرانية. فتخلى عنه الأصدقاء وذكّره الخصوم باعترافه كونه قد انضم إلى فرقة (إس إس) المسؤولة عن حماية هتلر، فصاحب رواية سنوات الكلاب اعترف في مذكراته (أثناء تقشير البصل) بأنه كان أحد أفراد الفرقة المذكورة.
ما يتوجب قوله في هذه الأثناء أن الممارسات الاستفزازية التي تثيرها بين حين وآخر بعض الفئات في المجتمعات الغربية المعروفة بالديمقراطية وحقوق الإنسان تؤدي إلى نتائج عكسية لدى أطراف أخرى في المجتمع ذاته، كالبحث عن أيديولوجيات مغلقة وحواضن متشددة تستثمر أفعال الطرف الآخر في إذكاء الخطاب المتطرف والعنصري وتغذية التشدد والكراهية. منذ أيام نشرت حسابات في التويتر خبرا مفاده قيام (مسجد ابن رشد – جوته) في برلين برفع راية المثليين في مكان يُدعى أنه مسجد، إذ أسسته امرأة تُدعى سيران أتيس وهي من أممت المشاركين والمشاركات معها في حركات أشبه بالصلاة، ولا نعرف ما الهدف من هذه الحركة المستفزة لنا كبشر، ليس لكوننا مسلمين بل لأننا لا نقبل أن تتحول دور العبادة -أي كانت الديانة أو الطائفة- إلى أماكن تمارس فيها أفعال تستفز مشاعر الآخرين تحت ذريعة احترام حقوق الإنسان وحق الرأي والتعبير. وبطبيعة الحال نحن ندافع عن حقوق الإنسان الأساسية وهي حق الرأي والتعبير وحق التجمع السلمي وحق تكوين الجمعيات، لكننا على يقين بأن لكل حرية حدود لا يمكن تجاوزها أو السماح بها للإساءة إلى الآخرين بدعوى الحقوق. ثم أن حقوق الرأي في أوروبا تعاني من ازدواجية معايير مقيتة، ففي الوقت الذي تطرح فيه المجتمعات الغربية حرصها على كرامة الإنسان وحق الرأي والتعبير، نجدها ترتعد فرائصها أمام حركة الصهيونية العالمية التي رسخت قانون تجريم معاداة السامية فأي قول ينتقد ممارسات الكيان الصهيوني من أي فرد في المجتمعات الغربية يمكن اتهامه بمعاداة السامية، لكن من عبّر عن رفضه لسلوكيات المثليين يُصنف كمتطرف وعنصري، ويوصف بالصلف الذي لا يراعي مشاعر الآخرين. فمن يركب موجة المثلية قد لا يكون نتيجة خلل في هرمونات الذكورة والأنوثة، بل ربما باحث عن الشهرة والاهتمام، فيلحق الضرر بالآخرين في سبيل شعوره بالرضا الذاتي، مثلما فعلت الطفلة (كلارا) في الفيلم الدانماركي ( The Hunt) للمخرج الدانماركي 'توماس فنتربيرغ' وبطولة الممثل الدانماركي 'مادسن ميكلسن' -يمكن مشاهدة الفيلم من خلال صفحة سينما العالم في الفيسبوك التي يديرها الكاتب العراقي/ الكندي هادي ياسين- ففي هذا الفيلم يتعرض المعلم (لوكاس) إلى موقف جعله يدفع الثمن، إذ اتهمته الطفلة بالتحرش مع أنه لم يمسها، حيث اخترعت تلك الكذبة لتجد اهتماما من والديها، وقد صدق الجميع الطفلة بما فيهم مديرة المدرسة، ولأن موضوع التحرش حساس جدا وقد حدثت بعض الوقائع الحقيقية في أماكن أخرى، لكنها في الفيلم لم تكن صحيحة.
إن ما ينبغي العمل عليه من الآن تجاه ملف المثلية الذي لا نستبعد فرضه على المجتمعات المحافظة، هو الرفض التام لكل تهديد يستهدف الأسرة والتماسك المجتمعي والفطرة الإنسانية، فأعداء البشرية يحاولون إثارة الغرائز الجنسية واستثمارها، وكأن العالم لا يُعاني إلا من اضطهاد المثليين، فلا الظلم والحرمان واللاجئين ومعاناتهم تعني شيئا لدى سيران أتيس وأمثالها.
* محمد الشحري كاتب وروائي عماني
ما يتوجب قوله في هذه الأثناء أن الممارسات الاستفزازية التي تثيرها بين حين وآخر بعض الفئات في المجتمعات الغربية المعروفة بالديمقراطية وحقوق الإنسان تؤدي إلى نتائج عكسية لدى أطراف أخرى في المجتمع ذاته، كالبحث عن أيديولوجيات مغلقة وحواضن متشددة تستثمر أفعال الطرف الآخر في إذكاء الخطاب المتطرف والعنصري وتغذية التشدد والكراهية. منذ أيام نشرت حسابات في التويتر خبرا مفاده قيام (مسجد ابن رشد – جوته) في برلين برفع راية المثليين في مكان يُدعى أنه مسجد، إذ أسسته امرأة تُدعى سيران أتيس وهي من أممت المشاركين والمشاركات معها في حركات أشبه بالصلاة، ولا نعرف ما الهدف من هذه الحركة المستفزة لنا كبشر، ليس لكوننا مسلمين بل لأننا لا نقبل أن تتحول دور العبادة -أي كانت الديانة أو الطائفة- إلى أماكن تمارس فيها أفعال تستفز مشاعر الآخرين تحت ذريعة احترام حقوق الإنسان وحق الرأي والتعبير. وبطبيعة الحال نحن ندافع عن حقوق الإنسان الأساسية وهي حق الرأي والتعبير وحق التجمع السلمي وحق تكوين الجمعيات، لكننا على يقين بأن لكل حرية حدود لا يمكن تجاوزها أو السماح بها للإساءة إلى الآخرين بدعوى الحقوق. ثم أن حقوق الرأي في أوروبا تعاني من ازدواجية معايير مقيتة، ففي الوقت الذي تطرح فيه المجتمعات الغربية حرصها على كرامة الإنسان وحق الرأي والتعبير، نجدها ترتعد فرائصها أمام حركة الصهيونية العالمية التي رسخت قانون تجريم معاداة السامية فأي قول ينتقد ممارسات الكيان الصهيوني من أي فرد في المجتمعات الغربية يمكن اتهامه بمعاداة السامية، لكن من عبّر عن رفضه لسلوكيات المثليين يُصنف كمتطرف وعنصري، ويوصف بالصلف الذي لا يراعي مشاعر الآخرين. فمن يركب موجة المثلية قد لا يكون نتيجة خلل في هرمونات الذكورة والأنوثة، بل ربما باحث عن الشهرة والاهتمام، فيلحق الضرر بالآخرين في سبيل شعوره بالرضا الذاتي، مثلما فعلت الطفلة (كلارا) في الفيلم الدانماركي ( The Hunt) للمخرج الدانماركي 'توماس فنتربيرغ' وبطولة الممثل الدانماركي 'مادسن ميكلسن' -يمكن مشاهدة الفيلم من خلال صفحة سينما العالم في الفيسبوك التي يديرها الكاتب العراقي/ الكندي هادي ياسين- ففي هذا الفيلم يتعرض المعلم (لوكاس) إلى موقف جعله يدفع الثمن، إذ اتهمته الطفلة بالتحرش مع أنه لم يمسها، حيث اخترعت تلك الكذبة لتجد اهتماما من والديها، وقد صدق الجميع الطفلة بما فيهم مديرة المدرسة، ولأن موضوع التحرش حساس جدا وقد حدثت بعض الوقائع الحقيقية في أماكن أخرى، لكنها في الفيلم لم تكن صحيحة.
إن ما ينبغي العمل عليه من الآن تجاه ملف المثلية الذي لا نستبعد فرضه على المجتمعات المحافظة، هو الرفض التام لكل تهديد يستهدف الأسرة والتماسك المجتمعي والفطرة الإنسانية، فأعداء البشرية يحاولون إثارة الغرائز الجنسية واستثمارها، وكأن العالم لا يُعاني إلا من اضطهاد المثليين، فلا الظلم والحرمان واللاجئين ومعاناتهم تعني شيئا لدى سيران أتيس وأمثالها.
* محمد الشحري كاتب وروائي عماني