منافع المستشار وأضراره
الاثنين / 6 / ذو القعدة / 1443 هـ - 15:56 - الاثنين 6 يونيو 2022 15:56
المستشار درجة من الخبرة والفهم والمعرفة في ذات التخصص والمجال، ينالها المرء بعد سنوات من المهنية والاحترافية والإنجازات المُتراكمة، تلجأ إليه المؤسسات طلبا لمشورته ورأيه في مسائل تصب في تخصصه وعلمه، للاستئناس بخبرته ومعرفته العميقة في مجاله المهني والإداري الذي شغله. أحيانا لا تكتفي المؤسسة بمستشار واحد، فتعمل على بعث مجلس مستشارين يساهمون في نجاح المؤسسة وتحقيق أهدافها. وقد نجحت المشاريع التي قدم لها مستشارون أكفاء خلاصة تجاربهم وخبراتهم.
إن وظيفة المستشار مهمة إذا اقتصرت على الاستشارة دون التنفيذ، كما ذكر ذلك د. محمد عبدالله الخازم في مقال بعنوان (وظيفة المستشار: المهام والسلبيات) والمنشور في جريدة الرياض السعودية في مارس 2002 ' يفترض أن لا توكل المهام التنفيذية للمستشار، لأن ذلك يلغي في كثير من الأحيان، حيادية المستشار ونزاهته في تقديم المشورة الصحيحة المخلصة'، ويضيف الكاتب أيضا ' من السلبيات المصاحبة لتعيين المستشار هي استغلال ذلك، كوسيلة يمكن من خلالها (تطفيش) مسؤول تنفيذي في القطاع يصعب إزاحته من موقعه بشكل مباشر'.
هكذا يصبح المستشار عائقا أمام تقدم مؤسسته بسبب أرائه المحبطة وقراراته المجحفة التي من خلالها يضلل مسؤوله أو من آمن بقدراته، فبدلا من أن يكون ميسرا للعمل يصبح حجر عثرة في طريق التقدم والتطور.
قريبا من ذلك أشار المغفور له السلطان قابوس -رحمه الله- أثناء زيارته لجامعة السلطان قابوس عام 2000، عندما قال: «لا أخفيكم الحقيقة أنه عندما طُرِحَتْ هذه الفكرة في ذلك الزمان كان البعض من المفكرين في هذا البلد لم يشجعوا حقيقةً على إقامة هذه الجامعة في ذلك الحين لأن البعض اعتقد أنه ما دام بإمكان إرسال الطلاب والطالبات إلى الخارج فربما أسهل وربما أرخص ولكن نظرتنا كانت غير ذلك نحن نشاور ولكن إذا عزمنا نتوكل فتوكلنا». وهنا ظهرت حكمة المغفور له حين تخلى عن رأي المفكرين (المستشارين)، وعزم على تنفيذ فكرته.
تحدث أحد المستشارين ذات مرة في اجتماع مع الموظفين في مؤسسته ولم يتحدث بكلمة واحدة عن الاستراتيجية التي تنفذها المؤسسة، ولم يكتفِ بذلك بل خرج الحاضرون من القاعة وهم في حالة من الإحباط والشعور بالخذلان من حديث المستشار الذي مجّد ذاته إلى درجة التضخم. فكان في ذلك الموقف مثل قول فرعون (أنا ربكم الأعلى). فهدم أكثر مما بنى وأخطأ أكثر مما أصاب.
وهنا يتبادل إلى الذهن ما الذي يفعله المستشار الذي لا يحمل من الأهلية ما يجعله جديرا بمنصبه، سوى إعاقته لحركة التطور في المؤسسة، خاصة إذا كان بلا مؤهل أكاديمي ولا إنجاز يشهد له في مسيرته وسيرته. وبما أنه الشيء بالشيء يُذكر فقد أدخل مُستشار لجهة حكومية مؤسسته إلى أروقة المحاكم فأضر بسمعة المؤسسة التي ينتمي لها، ناهيك عن زرعه مشاعر الكراهية بين المواطن والمصلحة الحكومية، نستحضر المثال للذكر وليس لمحاكمة الماضي بأدوات الحاضر، لكن إذا أردنا تحقيق النجاح في المستقبل فعلينا الاجتهاد في الحاضر.
هنا نطرح عدة تساؤلات، هل نحن بحاجة إلى مستشارين؟ ومن هو المستشار الذي نحتاجه؟ وأين يقف المستشار في«رؤية عمان 2040»؟
لعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن «رؤية عمان 2040» بحاجة لمُنفذين لأهداف الرؤية وليس لمستشارين، فقد اجتهد من اجتهد في وضع تفاصيل الرؤية وأهدافها الاستراتيجية، وهنا توقف دور المستشار ليأتي دور المنفذ المفُعّل بالمرسوم السلطاني رقم 100 /2020، بإنشاء وحدة متابعة تنفيذ «رؤية عمان2040» وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي.
وهذا ما يوحي أن المرحلة مرحلة عمل وبناء وتنفيذ وليس الاستماع لرأي المستشارين.
إن الخبرات الأكاديمية والفنية والإدارية التي يمتلكها عدد من الكوادر الوطنية، يتوجب استثمارها عبر تأسيس بيوت خبرة تضم الخبراء والأكاديميين والمستشارين، وتلحق بيوت الخبرة بإحدى المؤسسات الأكاديمية أو الإدارية في الدولة، بهدف الاستفادة من الخبرات والمؤهلات وأصحاب المعارف.
* محمد الشحري كاتب وروائي عماني
إن وظيفة المستشار مهمة إذا اقتصرت على الاستشارة دون التنفيذ، كما ذكر ذلك د. محمد عبدالله الخازم في مقال بعنوان (وظيفة المستشار: المهام والسلبيات) والمنشور في جريدة الرياض السعودية في مارس 2002 ' يفترض أن لا توكل المهام التنفيذية للمستشار، لأن ذلك يلغي في كثير من الأحيان، حيادية المستشار ونزاهته في تقديم المشورة الصحيحة المخلصة'، ويضيف الكاتب أيضا ' من السلبيات المصاحبة لتعيين المستشار هي استغلال ذلك، كوسيلة يمكن من خلالها (تطفيش) مسؤول تنفيذي في القطاع يصعب إزاحته من موقعه بشكل مباشر'.
هكذا يصبح المستشار عائقا أمام تقدم مؤسسته بسبب أرائه المحبطة وقراراته المجحفة التي من خلالها يضلل مسؤوله أو من آمن بقدراته، فبدلا من أن يكون ميسرا للعمل يصبح حجر عثرة في طريق التقدم والتطور.
قريبا من ذلك أشار المغفور له السلطان قابوس -رحمه الله- أثناء زيارته لجامعة السلطان قابوس عام 2000، عندما قال: «لا أخفيكم الحقيقة أنه عندما طُرِحَتْ هذه الفكرة في ذلك الزمان كان البعض من المفكرين في هذا البلد لم يشجعوا حقيقةً على إقامة هذه الجامعة في ذلك الحين لأن البعض اعتقد أنه ما دام بإمكان إرسال الطلاب والطالبات إلى الخارج فربما أسهل وربما أرخص ولكن نظرتنا كانت غير ذلك نحن نشاور ولكن إذا عزمنا نتوكل فتوكلنا». وهنا ظهرت حكمة المغفور له حين تخلى عن رأي المفكرين (المستشارين)، وعزم على تنفيذ فكرته.
تحدث أحد المستشارين ذات مرة في اجتماع مع الموظفين في مؤسسته ولم يتحدث بكلمة واحدة عن الاستراتيجية التي تنفذها المؤسسة، ولم يكتفِ بذلك بل خرج الحاضرون من القاعة وهم في حالة من الإحباط والشعور بالخذلان من حديث المستشار الذي مجّد ذاته إلى درجة التضخم. فكان في ذلك الموقف مثل قول فرعون (أنا ربكم الأعلى). فهدم أكثر مما بنى وأخطأ أكثر مما أصاب.
وهنا يتبادل إلى الذهن ما الذي يفعله المستشار الذي لا يحمل من الأهلية ما يجعله جديرا بمنصبه، سوى إعاقته لحركة التطور في المؤسسة، خاصة إذا كان بلا مؤهل أكاديمي ولا إنجاز يشهد له في مسيرته وسيرته. وبما أنه الشيء بالشيء يُذكر فقد أدخل مُستشار لجهة حكومية مؤسسته إلى أروقة المحاكم فأضر بسمعة المؤسسة التي ينتمي لها، ناهيك عن زرعه مشاعر الكراهية بين المواطن والمصلحة الحكومية، نستحضر المثال للذكر وليس لمحاكمة الماضي بأدوات الحاضر، لكن إذا أردنا تحقيق النجاح في المستقبل فعلينا الاجتهاد في الحاضر.
هنا نطرح عدة تساؤلات، هل نحن بحاجة إلى مستشارين؟ ومن هو المستشار الذي نحتاجه؟ وأين يقف المستشار في«رؤية عمان 2040»؟
لعلنا لا نبالغ إذا قلنا أن «رؤية عمان 2040» بحاجة لمُنفذين لأهداف الرؤية وليس لمستشارين، فقد اجتهد من اجتهد في وضع تفاصيل الرؤية وأهدافها الاستراتيجية، وهنا توقف دور المستشار ليأتي دور المنفذ المفُعّل بالمرسوم السلطاني رقم 100 /2020، بإنشاء وحدة متابعة تنفيذ «رؤية عمان2040» وتحديد اختصاصاتها واعتماد هيكلها التنظيمي.
وهذا ما يوحي أن المرحلة مرحلة عمل وبناء وتنفيذ وليس الاستماع لرأي المستشارين.
إن الخبرات الأكاديمية والفنية والإدارية التي يمتلكها عدد من الكوادر الوطنية، يتوجب استثمارها عبر تأسيس بيوت خبرة تضم الخبراء والأكاديميين والمستشارين، وتلحق بيوت الخبرة بإحدى المؤسسات الأكاديمية أو الإدارية في الدولة، بهدف الاستفادة من الخبرات والمؤهلات وأصحاب المعارف.
* محمد الشحري كاتب وروائي عماني