أعمدة

لماذا الطاقة المتجددة

 
كانت الطاقة المتجددة في معظم تاريخ البشرية هي المصدر الرئيسي للطاقة ممثلة في النباتات والتي تستخدم للتدفئة وإطعام الحيوانات والتي بدورها تساهم في النقل والحرث وغيرها، ولكن ومنذ بداية القرن التاسع عشر ظهرت مصادر الطاقة غير المتجددة بشكل كبير وبالأخص الوقود الأحفوري، ولا زالت مصادر الطاقة غير المتجددة تتربع على هرم الاستهلاك البشري من الطاقة بنسبة تتجاوز التسعين في المائة، مما يعني أن العالم يعتمد بشكل كبير على مصادر طاقة ناضبة ومعرضة للنفاذ، بالإضافة إلى أن إنتاج الطبيعة لهذه الموارد تتطلب فترات زمنية طويلة، حيث يعد الوقود الأحفوري من المصادر غير المتجددة للطاقة متمثلا في الفحم والنفط الخام والغاز الطبيعي، كما أن الطاقة النووية أيضا تعد من أنواع الطاقة القابلة للنفاذ لأنها تعتمد بشكل كلي على خام اليورانيوم.

وبرغم ما تتميز به الطاقة غير المتجددة من مزايا مثل التكلفة المنخفضة وسهولة الوصول لها وتخزينها وتحويلها إلى طاقة وسهولة نقلها، إلا أن لها مساوئ كبيرة وخطيرة أهمها ما تخلفه من غازات دفينة وإشكالية الاحتباس الحراري ونضوب طبقة الأوزون وضررها المباشر على البيئة والإنسان، بالإضافة إلى أن ما تخلفه من أمطار حمضية وبقايا غير قابلة للتحلل بسهولة، وهذا ما تعاني منه حاليا العديد من عواصم العالم الصناعية، مما دعا منظمة الأمم المتحدة إلى عقد قمة ريو دي جانيرو (قمة الأرض) في البرازيل عام 1992م وبمشاركة 172 دولة والتي كان هدفها الرئيسي إيقاف الضرر الذي يتعرض له كوكب الأرض من تدمير لموارده وتلويث لبيئته.

ولذلك كان من الضروري التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والمستدامة، والتي تعيد إنتاج نفسها بشكل طبيعي في إطار النطاق الزمني لحياة البشر، كالطاقة الشمسية والتي تعد احد أكثر مصادر الطاقة وفرة وإتاحة، حيث أن ما يصلنا من طاقة شمسية خلال ساعة واحدة قادر على تلبية احتياجات العالم من طاقة لمدة عام كامل، وكذلك طاقة الرياح التي تعتبر من أنظف مصادر الطاقة رغم ما تسببه التوربينات من تلوث صوتي وضرر على الطيور بشكل عام، إضافة إلى الطاقة الكهرومائية والتي أيضا تعتمد على التوربينات من خلال فكرة التدفق المائي عبر السدود والشلالات، وتعتبر الطاقة الكهرومائية من أكثر أنواع الطاقة المتجددة فعالية حيث يصل مردودها إلى نسبة 80%، وأخيرا الطاقة الحرارية الأرضية (Geothermal) والتي لا زالت بحاجة إلى تطوير لأن حصة هذا النوع من الطاقة لا تتجاوز 1% من مصادر توليد الكهرباء في العالم.

من هنا جاءت رؤية عمان 2040 لتضع قواعد واضحة للتحول إلى مصادر الطاقة البديلة لتصل إلى نسبة 39% بحلول العام 2040م، حيث جاءت سلطنة عمان في المرتبة الثالثة على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجال استخدام الطاقة المتجددة، كما تم تدشين محطة عبري للطاقة الشمسية والتي تعد من أكبر مشاريع الطاقة المتجددة في البلاد بسعة تتجاوز 500 ميجاواط، بالإضافة إلى محطتين لإنتاج الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية في محافظة الداخلية، ومحطة ظفار لإنتاج الطاقة الكهربائية من خلال الرياح بقدرة إنتاجية تبلغ 50 ميجا واط، كل هذه الجهود سوف تضاعف قدرة السلطنة لإنتاج الهيدروجين الأخضر والذي يعد ثورة في مجال الطاقة النظيفة.