أعمدة

تداول : حتى لا تكون الشركات مجرد رقم في بيانات التداول

 
نتوقف اليوم عند أحد التقسيمات التي اعتمدتها بورصة مسقط لتوزيع الشركات على الأسواق الفرعية وهي السوق النظامية والسوق الموازية وسوق المتابعة، فقد قامت إدارة البورصة -في إطار مراجعتها لأداء شركات المساهمة العامة بعد ظهور النتائج المالية للربع الأول من العام الجاري- بإجراء تعديلات على توزيع الشركات على هذه الأسواق، ووفقا للقرار الجديد الذي تم تطبيقه ابتداء من 12 مايو الجاري صعدت 5 شركات من السوق الموازية إلى السوق النظامية بعد أن استوفت المعايير المطلوبة والشركات الخمس هي: تأجير للتمويل، وظفار لتوليد الكهرباء، والوطنية العمانية للهندسة والاستثمار، والبنك الوطني العماني، والدولية للاستثمارات المالية القابضة، وفي المقابل هبطت 5 شركات من السوق النظامية إلى السوق الموازية بعد أن فقدت معيار متوسط العائد على الاستثمار وهو 5%، والشركات الخمس هي: الرؤية للتأمين، والأنوار للاستثمارات، والغاز الوطنية، وريسوت للأسمنت، ومسقط للتمويل، كما صعدت شركتان من سوق المتابعة إلى السوق الموازية وهما: صناعة مواد البناء، والباطنة للتنمية والاستثمار، وفي نفس الوقت هبطت 3 شركات من السوق الموازية إلى سوق المتابعة بعد أن أخلت بمعيار حقوق المساهمين، والشركات الثلاث هي: صحار للطاقة، والمدينة للاستثمار، وزجاج مجان، وبهذا يرتفع عدد الشركات المدرجة في سوق المتابعة من 13 شركة إلى 14 شركة بقيمة سوقية عند 71.9 مليون ريال عماني.

وعلى الرغم من أن توزيع الشركات على الأسواق الثلاثة يخضع لعدد من المعايير مثل: معدل دوران السهم، ومعدل حجم التداول وعدد أيام التداول وحقوق المساهمين وغيرها من المعايير الأخرى التي وضعتها بورصة مسقط؛ إلا أنني كثيرًا ما أنظر إلى توزيع الشركات على الأسواق الثلاثة باعتباره نوعًا من التقييم للشركات المدرجة في البورصة، ويساعد المستثمرين في اتخاذ قرارهم الاستثماري، إذ يمكننا النظر إلى الشركات المدرجة في السوق النظامية على أنها الشركات الأكثر استقرارًا في أدائها المالي، وفي قدرتها على استقطاب المستثمرين، كما أن التقلبات التي تشهدها أسهمها تكون أقل مقارنة بالشركات الأخرى ولهذا ينظر إليها المستثمرون على أنها من الشركات الأفضل عائدًا على الاستثمار على المدى البعيد، وإذا تزامن هذا مع وجود الشركات في عينة المؤشر الرئيسي للبورصة، فإنها تكون مستهدفة من قبل الصناديق الكبرى والمحافظ الاستثمارية، ولعله من المناسب أن نشير هنا إلى أن انتقال البنك الوطني العماني من السوق الموازية إلى السوق النظامية رفع عدد البنوك المدرجة في السوق النظامية إلى 4 بنوك من إجمالي 8 بنوك مدرجة في البورصة، وقد لاحظنا أن سهم البنك الوطني العماني ارتفع الأسبوع الماضي بنسبة 1% وأغلق على 200 بيسة عائدًا بذلك إلى مستواه في نهاية أبريل الماضي.

وفي المقابل نستطيع أن نقول إن تحويل الشركات إلى سوق المتابعة يعني أن هذه الشركات فقدت الكثير من عناصر القوة التي تدفع المستثمرين إلى شراء أسهمها، ولهذا فإن الصناديق الاستثمارية تبتعد عنها؛ لأنها لا تحقق لها العائد المطلوب على المدى البعيد.

ربما تغري الأسعار المنخفضة لأسهم شركات المتابعة التي يتم تداولها بأقل من قيمتها الاسمية بعض المضاربين على أمل أن ترتفع في المستقبل القريب؛ غير أنه من الصعب لأسهم هذه الشركات التي تآكلت رؤوس أموالها أن ترتفع من جديد، إلا بنسبة بسيطة (في إطار المضاربة وليس نتيجة لأدائها المالي) ثم تفقدها في الأيام التالية، وهكذا تدور هذه الشركات في حلقة مفرغة إلى أن تقوم بإعادة هيكلة رأسمالها.

وعلى هذا فإن إدراج أي شركة في سوق المتابعة يمكننا اعتباره جرس إنذار للشركة لتحسين أدائها المالي والوفاء بالمعايير التي وضعتها بورصة مسقط لتوزيع الشركات على السوقين النظامية والموازية، أما إذا أهملت هذا الأمر فإنها ستكون مجرد رقم في بيانات التداول، وستظل عبئًا ثقيلًا على المساهمين والبورصة وقطاع سوق رأس المال بشكل عام.