صوت ظفار الأصيل الفنان مسلم بن علي
كلام فنون
الاحد / 20 / شوال / 1443 هـ - 18:42 - الاحد 22 مايو 2022 18:42
1903125_201
أتحدث هنا عن الفنان القدير مسلم بن علي بن عبدالكريم الغساني، هذا الفنان صاحب السيرة الفنية الطويلة والأصيلة، والحائز على أكثر من تقدير رسمي، وصاحب التقدير الكبير من الجماهير العُمانية المحبة لأغنياته الأصيلة ذات الطابع الظفاري الأصيل.
ظهر مسلم بن علي مع شقيقه عازف العود عبدالكريم في السبعينات من القرن العشرين، وكان حسب معلوماتي من أوائل الفنانين المطربين في مدينة صلالة. وقد أثّر في العديد من المطربين من أبرزهم الفنان سالم بن علي الذي بدأ مع أغاني مسلم بن علي على ما أتذكر.
قائمة أغاني مسلم بن علي طويلة، وطنية وعاطفية، وكلها تقريبًا كانت ناجحة، وظلت هذه الأغاني تحتل مكانة الصدارة في مقدمة الأغاني المحبوبة للجمهور العُماني عامة والظفاري خاصة حتى وقت قريب عندما ظهر جيل جديد من المطربين في صلالة متأثرين بموضة الأغنية الخليجية الخفيفة، وشعرها النبطي المختلف تمامًا عن الشعر الحُميني الشائع في الغناء الحضري في مدينة صلالة.
والحُميني، مصطلح يمني الأصل يقصد به الشعر الغنائي؛ لتمييزه عن الشعر الفصيح، ونحن نستعمله في هذا السياق للتمييز بين أنواع الشعر المغنى: الفصيح والحُميني والنبطي، علما بأن الشعر الفصيح ليس شائعًا في غناء ظفار العودي وعاصمته مدينة صلالة، وأكثر النصوص المغناة تندرج في خانة الحُمينيات التي تكون أقرب للغة الفصحى. وفي اعتقادي كان من أبرز أسباب تراجع حضور الغناء الظفاري في خارطة الغناء العُماني الحديث هو ما قام به الشعراء والمطربين الجدد من تقليد للأسلوب الخليجي شعرًا وغناءً، فذهبوا بعيدًا في هذا السياق. وأتذكر أنه في التسعينات من القرن العشرين كان هناك موجة متأثرة بالأسلوب الحضرمي في الشعر والتلحين والغناء، ومن المعروف أن المطربين اليمنيين هم الأكثر شعبية في ظفار وفي مقدمتهم أبو بكر سالم بالفقيه وأيوب طارش، فهوى الغناء الظفاري الحديث، وإن تطلع جنوبًا أو شمالًا لن ينجح إلا بأصالته، هذا حكم الجغرافيا والثقافة والتراث.
وبطبيعة الحال كان الغناء الحضرمي لا يزال الأقرب للغناء العُماني الظفاري شعرًا ولحنًا. وقد استفاد الفنان سالم بن علي وزملائه الفنانين من بعض الضروب الإيقاعية الحضرمية، وحتى أسلوب التلحين، وحافظوا في الوقت نفسه على أصالة الشعر واللحن والأداء المحلي، ولعلي أذكر في هذه المناسبة بكل احترام وتقدير الفنان الكبير سالم بن محاد الذي كان كذلك صاحب بصمة عميقة في الغناء والتلحين.
اليوم قليل من يكتب حمينيات في صلالة، وبناء عليه قليل نسمع لحن ظفاري أصيل من المطربين الجدد أو مطربي النبطيات إن جاز الوصف، وهذا ليس لعدم القدرة ولكن تأثرًا بالموضة في اعتقادي والسعي للشهرة السريعة، فلا تزال ظفار عامة تحتفظ بكنوزها اللحنية والأدبية الأصيلة تحت رماد الشائع من الغناء الحديث. لا أدري إن كان من جيل الشباب من يعرف أغاني الفنان مسلم بن علي بن عبدالكريم الغساني، وهي مكتوبة على الطريقة الحمينية الذي أتمنى أن يعود إليه شعراء الأغنية في إطار التنويع من جهة، والمحافظة على أصالة الغناء الظفاري العُماني من جهة أخرى.
آخر مرة ألتقيت فيها صوت ظفار الأصيل الفنان مسلم بن علي بن عبدالكريم وشقيقه عازف العود المحترم عبدالكريم بن علي الغساني كان عام 2006، عندما تفضل أبو عبدالكريم مشكورًا بتلبية دعوة مركز عُمان للموسيقى التقليدية التابع لوزارة الإعلام في ذلك الوقت للمشاركة في أمسية عُمانية ضمن أمسيات ملتقى العود الدولي بمناسبة مسقط عاصمة الثقافية العربية، وكنت شخصيًا حريصًا على مشاركتهما بشكل خاص في ذلك الملتقى الذي جمع مدارس عزف متعددة لآلة العود من الشرق والغرب، ذلك أن أسلوب عزف الفنان عبدالكريم على آلة العود متفرد يحاول الجمع بين بساطة اللحن الظفاري حسب أسلوب شقيقه مسلم بن علي وأسلوب العزف اليمني وريشته، بحيث ممكن تمييزه كأسلوب عزف متفرد وأن كان لم يتبلور في شكله النهائي بعد.
هنا في بلادنا العزيزة عُمان مدن هامة هي بمثابة مراكز فنية عظيمة في سلطنة عُمان، والمنطقة لعل في مقدمتها ( لا الحصر) مدن: صور، والمصنعة، والسويق، وشناص، وعاصمة بلادنا العظيمة مدينة مسقط العامرة بالخير والمحبة. من هنا أتطلع إلى تبني إذاعاتنا المحلية المحترمة إعادة أداء أغاني الفنان مسلم بن علي وغيره من الفنانين العُمانيين، وبأسلوب يجمع بين المحافظة على أصالة هذه الألحان من جهة، ومهارات أداء العازفين والمطربين العُمانيين المعاصرين من جهة أخرى، وإعطائها إلى جانب جديد الأغاني العُمانية المساحة الأكبر من ساعات بث الأغاني. إن هذا ليس تطويرًا، ولكن احترامًا وتقديرًا لأصالة هذه الألحان، وإحيائها بأساليب فنية متجددة، وإعادة الذائقة المحلية نحو الاستمتاع إلى الغناء العُماني ولهجاته المتنوعة بعد اغتراب طال أمده حسب اعتقادي.
مسلم بن أحمد الكثيري موسيقي وباحث
ظهر مسلم بن علي مع شقيقه عازف العود عبدالكريم في السبعينات من القرن العشرين، وكان حسب معلوماتي من أوائل الفنانين المطربين في مدينة صلالة. وقد أثّر في العديد من المطربين من أبرزهم الفنان سالم بن علي الذي بدأ مع أغاني مسلم بن علي على ما أتذكر.
قائمة أغاني مسلم بن علي طويلة، وطنية وعاطفية، وكلها تقريبًا كانت ناجحة، وظلت هذه الأغاني تحتل مكانة الصدارة في مقدمة الأغاني المحبوبة للجمهور العُماني عامة والظفاري خاصة حتى وقت قريب عندما ظهر جيل جديد من المطربين في صلالة متأثرين بموضة الأغنية الخليجية الخفيفة، وشعرها النبطي المختلف تمامًا عن الشعر الحُميني الشائع في الغناء الحضري في مدينة صلالة.
والحُميني، مصطلح يمني الأصل يقصد به الشعر الغنائي؛ لتمييزه عن الشعر الفصيح، ونحن نستعمله في هذا السياق للتمييز بين أنواع الشعر المغنى: الفصيح والحُميني والنبطي، علما بأن الشعر الفصيح ليس شائعًا في غناء ظفار العودي وعاصمته مدينة صلالة، وأكثر النصوص المغناة تندرج في خانة الحُمينيات التي تكون أقرب للغة الفصحى. وفي اعتقادي كان من أبرز أسباب تراجع حضور الغناء الظفاري في خارطة الغناء العُماني الحديث هو ما قام به الشعراء والمطربين الجدد من تقليد للأسلوب الخليجي شعرًا وغناءً، فذهبوا بعيدًا في هذا السياق. وأتذكر أنه في التسعينات من القرن العشرين كان هناك موجة متأثرة بالأسلوب الحضرمي في الشعر والتلحين والغناء، ومن المعروف أن المطربين اليمنيين هم الأكثر شعبية في ظفار وفي مقدمتهم أبو بكر سالم بالفقيه وأيوب طارش، فهوى الغناء الظفاري الحديث، وإن تطلع جنوبًا أو شمالًا لن ينجح إلا بأصالته، هذا حكم الجغرافيا والثقافة والتراث.
وبطبيعة الحال كان الغناء الحضرمي لا يزال الأقرب للغناء العُماني الظفاري شعرًا ولحنًا. وقد استفاد الفنان سالم بن علي وزملائه الفنانين من بعض الضروب الإيقاعية الحضرمية، وحتى أسلوب التلحين، وحافظوا في الوقت نفسه على أصالة الشعر واللحن والأداء المحلي، ولعلي أذكر في هذه المناسبة بكل احترام وتقدير الفنان الكبير سالم بن محاد الذي كان كذلك صاحب بصمة عميقة في الغناء والتلحين.
اليوم قليل من يكتب حمينيات في صلالة، وبناء عليه قليل نسمع لحن ظفاري أصيل من المطربين الجدد أو مطربي النبطيات إن جاز الوصف، وهذا ليس لعدم القدرة ولكن تأثرًا بالموضة في اعتقادي والسعي للشهرة السريعة، فلا تزال ظفار عامة تحتفظ بكنوزها اللحنية والأدبية الأصيلة تحت رماد الشائع من الغناء الحديث. لا أدري إن كان من جيل الشباب من يعرف أغاني الفنان مسلم بن علي بن عبدالكريم الغساني، وهي مكتوبة على الطريقة الحمينية الذي أتمنى أن يعود إليه شعراء الأغنية في إطار التنويع من جهة، والمحافظة على أصالة الغناء الظفاري العُماني من جهة أخرى.
آخر مرة ألتقيت فيها صوت ظفار الأصيل الفنان مسلم بن علي بن عبدالكريم وشقيقه عازف العود المحترم عبدالكريم بن علي الغساني كان عام 2006، عندما تفضل أبو عبدالكريم مشكورًا بتلبية دعوة مركز عُمان للموسيقى التقليدية التابع لوزارة الإعلام في ذلك الوقت للمشاركة في أمسية عُمانية ضمن أمسيات ملتقى العود الدولي بمناسبة مسقط عاصمة الثقافية العربية، وكنت شخصيًا حريصًا على مشاركتهما بشكل خاص في ذلك الملتقى الذي جمع مدارس عزف متعددة لآلة العود من الشرق والغرب، ذلك أن أسلوب عزف الفنان عبدالكريم على آلة العود متفرد يحاول الجمع بين بساطة اللحن الظفاري حسب أسلوب شقيقه مسلم بن علي وأسلوب العزف اليمني وريشته، بحيث ممكن تمييزه كأسلوب عزف متفرد وأن كان لم يتبلور في شكله النهائي بعد.
هنا في بلادنا العزيزة عُمان مدن هامة هي بمثابة مراكز فنية عظيمة في سلطنة عُمان، والمنطقة لعل في مقدمتها ( لا الحصر) مدن: صور، والمصنعة، والسويق، وشناص، وعاصمة بلادنا العظيمة مدينة مسقط العامرة بالخير والمحبة. من هنا أتطلع إلى تبني إذاعاتنا المحلية المحترمة إعادة أداء أغاني الفنان مسلم بن علي وغيره من الفنانين العُمانيين، وبأسلوب يجمع بين المحافظة على أصالة هذه الألحان من جهة، ومهارات أداء العازفين والمطربين العُمانيين المعاصرين من جهة أخرى، وإعطائها إلى جانب جديد الأغاني العُمانية المساحة الأكبر من ساعات بث الأغاني. إن هذا ليس تطويرًا، ولكن احترامًا وتقديرًا لأصالة هذه الألحان، وإحيائها بأساليب فنية متجددة، وإعادة الذائقة المحلية نحو الاستمتاع إلى الغناء العُماني ولهجاته المتنوعة بعد اغتراب طال أمده حسب اعتقادي.
مسلم بن أحمد الكثيري موسيقي وباحث