مقامات: نَص
الاحد / 6 / شوال / 1443 هـ - 16:08 - الاحد 8 مايو 2022 16:08
١.
هذا نص عذب؛ أقول ذلك كلما رأيت عملا فنيا رائعا في الرسم أو الطبخ أو الموسيقا أو غيرها من الفنون؛ لأن كل فن هو كتابة بشكل ما. وحين يكون النص كاملا لا تعرف أين يكمن الكمال؛ أما حين يكون النص ناقصا فإنك تعرف ذلك بسرعة وبدقة وبتحديد واضح أيضا أحيانا كثيرة.
ولكن المهم أن تكون أنت أول المعجبين بنصك، وأكثرهم إيمانا به، وأن يكون نصك يشبهك، يعبر عنك، يمثلك، ويكون قادرا على تمثيلك، لأنك غالبا تضع فيه جزءا منك؛ من روحك ووعيك ولذا فهو أنت.
٢.
لا أعيش على مواقع التواصل، ولكنني لا أدعي أنني لست من سكانها حيث الفن والأدب والمتعة والجمال أو لست من زوارها الدائمين في أقل تقدير، ولكنني لا أستسيغ المكوث طويلا في دهاليزها الضوئية؛ لذا فغالبا أقرأ نصا واحدا فقط كل مرة وأهرب. أختار نصا جادا وعميقا وممتلئا بالحكمة العذبة والجمال المعذِب، والفن المؤلم، والخسارات الدافئة، والعبثية العظيمة، والحلم الواهم؛ ثم أذهب بعيدا جهة توافه الأشياء الحميمة التي أستعذبها؛ كوب قهوة مصنوع على عجل من يد نادل يهتم لرسالة تأتي لهاتفه أكثر من القهوة ومني، أو حساء بلا طعم يحاول ألا يضيف شيئا من النكهات للذوق، هذيان يشبه الاحتضار، أو ثرثرة كانت تشتهي الصمت، أو ضحكة غير صادقة تبدد الأكاذيب في فقاعاتها وكل ما يشبه الملل والحياة معا؛ ولكن ذلك النص الأجمل لا يفارقني يظل في خلفية الرأس والقلب يتكرر ويتصاعد حتى يصل الروح فتشعر باللذة فأتنهد براحة وأتمتم؛ هكذا فقط يمكننا الحياة ليوم آخر ما دام ثمة من يستطيع كتابة نص كهذا ثم نفخه في الهواء الأزرق بهدوء لنشربه نحن بهدوء أكبر وبسهولة ويسر لينبت داخلنا شجرة ما أو يبني كوخا لشتاءات البرد لنحتمي قليلا من تفاهة العالم.
أما حين أتعثر بأكثر من نص رائع (ثلاثة في الأكثر) أستشعر تحت جلدي وخزات تشبه قرصات النمل الأصفر، وخزات تولد رغبة مجنونة ولذة تخدر الجسد فيصبح جسدي ثقيلا مرتخيا كمن أسرف في الشراب في ليلة حزينة، ويريد أن يهذي بكل ما عاشه دفعة واحدة لمتسولة على رصيف بارد في ليلة رأس السنة.
ويحدث كثيرا أن أقرأ أكثر من نص رائع مرة واحدة فأحيا يومي وأنا سعيدة بشكل أوسع من الفهم، وأعذب من دموع تسقط في فنجان قهوة في مقهى على شاطئ البحر لحظة نزول المطر.
٣.
الحوار الممتد في الزمن وبعد الوقت، داخل المكان وخارجه؛ في البيت والحديقة والسرير والمطبخ والسيارة وأرصفة المشي، وفي كل الموضوعات من الطب حتى الأدب ومن الموسيقا حتى السينما ومن الفلسفة حتى الطبخ ومن الزراعة حتى تربية القطط؛ الحوار الفرح والحزين والغاضب والقلق والنبيل والكثير، الحوار الذي يفتق الأفكار ويلاقي بينها ويرتقي بها، ويدعمها، ويوسع شريان الحياة ويصنع مجرياتها، ويصغي لها، الحوار الذي يصف الصورة، ويصفّيها، ويلونها ويؤطرها، الحوار الذي يفتت الذاكرة، ويستحضر الماضي ويذهب فيه، ويصف الحاضر ويستجليه، الحوار الحالم، والناعم، والقاتم، الحوار العذب، والمالح معا، الحوار الناقص أبدا والراغب في الاكتمال الذي لا يحدث؛ لأن فكرة جديدة تقفز كل لحظة تتداخل فيه، وتغير مجرياته وتصنع جداوله الصغيرة أبدا، الحوار الممتد من الروح للروح ومن القلب للعقل؛ هو صورة الحب، وقيمة الحياة وبرهان الصداقة، وهو ما يجعلنا نمضي في هدوء الطريق متأملين ومستمتعين بالرحلة دون انتظار الوصول.
هذا نص عذب؛ أقول ذلك كلما رأيت عملا فنيا رائعا في الرسم أو الطبخ أو الموسيقا أو غيرها من الفنون؛ لأن كل فن هو كتابة بشكل ما. وحين يكون النص كاملا لا تعرف أين يكمن الكمال؛ أما حين يكون النص ناقصا فإنك تعرف ذلك بسرعة وبدقة وبتحديد واضح أيضا أحيانا كثيرة.
ولكن المهم أن تكون أنت أول المعجبين بنصك، وأكثرهم إيمانا به، وأن يكون نصك يشبهك، يعبر عنك، يمثلك، ويكون قادرا على تمثيلك، لأنك غالبا تضع فيه جزءا منك؛ من روحك ووعيك ولذا فهو أنت.
٢.
لا أعيش على مواقع التواصل، ولكنني لا أدعي أنني لست من سكانها حيث الفن والأدب والمتعة والجمال أو لست من زوارها الدائمين في أقل تقدير، ولكنني لا أستسيغ المكوث طويلا في دهاليزها الضوئية؛ لذا فغالبا أقرأ نصا واحدا فقط كل مرة وأهرب. أختار نصا جادا وعميقا وممتلئا بالحكمة العذبة والجمال المعذِب، والفن المؤلم، والخسارات الدافئة، والعبثية العظيمة، والحلم الواهم؛ ثم أذهب بعيدا جهة توافه الأشياء الحميمة التي أستعذبها؛ كوب قهوة مصنوع على عجل من يد نادل يهتم لرسالة تأتي لهاتفه أكثر من القهوة ومني، أو حساء بلا طعم يحاول ألا يضيف شيئا من النكهات للذوق، هذيان يشبه الاحتضار، أو ثرثرة كانت تشتهي الصمت، أو ضحكة غير صادقة تبدد الأكاذيب في فقاعاتها وكل ما يشبه الملل والحياة معا؛ ولكن ذلك النص الأجمل لا يفارقني يظل في خلفية الرأس والقلب يتكرر ويتصاعد حتى يصل الروح فتشعر باللذة فأتنهد براحة وأتمتم؛ هكذا فقط يمكننا الحياة ليوم آخر ما دام ثمة من يستطيع كتابة نص كهذا ثم نفخه في الهواء الأزرق بهدوء لنشربه نحن بهدوء أكبر وبسهولة ويسر لينبت داخلنا شجرة ما أو يبني كوخا لشتاءات البرد لنحتمي قليلا من تفاهة العالم.
أما حين أتعثر بأكثر من نص رائع (ثلاثة في الأكثر) أستشعر تحت جلدي وخزات تشبه قرصات النمل الأصفر، وخزات تولد رغبة مجنونة ولذة تخدر الجسد فيصبح جسدي ثقيلا مرتخيا كمن أسرف في الشراب في ليلة حزينة، ويريد أن يهذي بكل ما عاشه دفعة واحدة لمتسولة على رصيف بارد في ليلة رأس السنة.
ويحدث كثيرا أن أقرأ أكثر من نص رائع مرة واحدة فأحيا يومي وأنا سعيدة بشكل أوسع من الفهم، وأعذب من دموع تسقط في فنجان قهوة في مقهى على شاطئ البحر لحظة نزول المطر.
٣.
الحوار الممتد في الزمن وبعد الوقت، داخل المكان وخارجه؛ في البيت والحديقة والسرير والمطبخ والسيارة وأرصفة المشي، وفي كل الموضوعات من الطب حتى الأدب ومن الموسيقا حتى السينما ومن الفلسفة حتى الطبخ ومن الزراعة حتى تربية القطط؛ الحوار الفرح والحزين والغاضب والقلق والنبيل والكثير، الحوار الذي يفتق الأفكار ويلاقي بينها ويرتقي بها، ويدعمها، ويوسع شريان الحياة ويصنع مجرياتها، ويصغي لها، الحوار الذي يصف الصورة، ويصفّيها، ويلونها ويؤطرها، الحوار الذي يفتت الذاكرة، ويستحضر الماضي ويذهب فيه، ويصف الحاضر ويستجليه، الحوار الحالم، والناعم، والقاتم، الحوار العذب، والمالح معا، الحوار الناقص أبدا والراغب في الاكتمال الذي لا يحدث؛ لأن فكرة جديدة تقفز كل لحظة تتداخل فيه، وتغير مجرياته وتصنع جداوله الصغيرة أبدا، الحوار الممتد من الروح للروح ومن القلب للعقل؛ هو صورة الحب، وقيمة الحياة وبرهان الصداقة، وهو ما يجعلنا نمضي في هدوء الطريق متأملين ومستمتعين بالرحلة دون انتظار الوصول.