القرنقشوه وصراع الأيدولوجيات
مقامات
الاحد / 22 / رمضان / 1443 هـ - 15:00 - الاحد 24 أبريل 2022 15:00
يمثل صراع الأفكار أو المواجهة بين فكرتين متضادتين عبر حوار جاد يروم البرهنة على قيمة ووعي الزاوية الخاصة التي ينطلق منها كل طرف أو يدافع عنها؛ حالة صحية تماما، تنضج معها المجتمعات وتخرج من حيز الوعي الضيق إلى فضاءات الوعي المتسع والتعددية الفكرية عبر تفنيد الآراء، واحترام الرأي الآخر مهما بدا مخالفا أو غير مقبول.
ولعل الحراك الفكري الذي ظهر في الشارع العماني حول ظاهرة 'القرنقشوه' قبيل منتصف شهر رمضان الحالي والذي يظهر كل عام تقريبا؛ قد مثّل هذه الفكرة تماما، فعبر النقاش المستمر والمستعر إلى حد ما والذي بدأ على مواقع التواصل الاجتماعي وامتد ضمنيا للشارع العماني ومعاهد الدرس وغيرها _ ظهرت حالة ثقافية صحية اعتمدت الحوار والوعي ومحاولة الانتصار للفكرة التي يؤمن بها كل طرف من الطرفين.
ورغم أن الطرف الأول (السلطة الدينية) كان يروم النصر بأدواته الثابتة وهالة سلطته التاريخية وبعض التنمر الإلكتروني الذي ينطلق من وهم القوة وتبرير الظاهرة الاجتماعية تبريرات بعيدة إلى حد كبير عن جوهرها وتداوليتها الطبيعية إلا أن السلطة الاجتماعية لم تكن أقل شراسة في الدفاع عن معتقدها الجمعي ومتعلقاته الإنسانية مثل قيمة الفرح والخير والعلاقات الطيبة، وأنه مهما كانت أصل الفكرة إلا أنها بالضرورة قد خرجت عن سياقها التاريخي إلى سياق اجتماعي جديد، وأصبح واضحا لدى الناس كما أصبح مشتركا جمعيا في المنطقة، وخروج الفكرة عن سياقها التاريخي أمر معروف في دراسة الأفكار واللغات فالكثير من الظواهر الفكرية واللغوية غيرت سياقاتها واستحدثت سياقا جديدا، واستبدلت أرديتها بحلة ثقافية مغايرة تماما حتى نسي الناس ما كانت عليه وأصبح السياق الجديد هو سياقها الفعلي.
وهكذا كان كل طرف في هذا الصراع الصحي يروم تبرير موقفه بما يملك من أدوات لجلاء سلبيات الظاهرة وإيجابياتها من وجهة نظره.
وتقريبا لم يخرج أحد الطرفين منتصرا إلا ضمن حيز جماعته؛ إلا أن حالة المواجهة بالحوار كانت في حد ذاتها قيمة عظيمة تستحق المتابعة والاحترام لكل الجهود المبذولة في الإقناع. كما أن تصدي المجتمع للسلطة الدينية ورفض معالجة ظاهرة اجتماعية محضة ضمن الإطار الديني؛ تمثل في حد ذاتها حالة ثقافية عظيمة تدل على عمق وعي المجتمع بقيمه وظواهره واستيعابه لضرورة التشبث بمساحات الفرح والجمال في حيواته التي تقلصت فيها هذه المساحات بشكل مزعج، وإدراكه لضرورة عدم الانسياق وراء السلطة الدينية في تأطير حيواته بأبعاد دينية ما أنزل الله بها من سلطان.
كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تصدي السلطة الدينية لأي ظاهرة اجتماعية بسيطة مهما بدت غريبة على مرجعياتها؛ ومحاولة تغليفها بالكفر والمجون لإبعاد الناس عنها سيؤثر على احترام المجتمع لها؛ لذا عليها التفكير في ذلك بعمق وحمله على محمل الجد لضمان سلطتها الروحية والتشريعية التي يحتاجها الناس.
أما الأمر الأهم في الأمر هو أن صراع الأفكار هذا ظل حالة ثقافية واعية ومواجهات لغوية عبر حوار علني وضمن حيز واضح وصريح دون تدخل السلطة السياسية والقانونية لنصرة أي من الفريقين؛ الأمر الذي أضفى على الحالة صحتها وعمقها؛ لأن مثل ذلك التدخل يحجب الوعي ويؤثر في بناء حوار وثقافي ووعي مجتمعي ويخلق ضغائن وترد فكري في المجتمع، بينما صناعة الوعي عبر الحوار هي أهم قيمة يجب الحرص عليها من السلطات الثلاث وممن يضع نفسه في موقع التأمل والدراسة.
ولعل الحراك الفكري الذي ظهر في الشارع العماني حول ظاهرة 'القرنقشوه' قبيل منتصف شهر رمضان الحالي والذي يظهر كل عام تقريبا؛ قد مثّل هذه الفكرة تماما، فعبر النقاش المستمر والمستعر إلى حد ما والذي بدأ على مواقع التواصل الاجتماعي وامتد ضمنيا للشارع العماني ومعاهد الدرس وغيرها _ ظهرت حالة ثقافية صحية اعتمدت الحوار والوعي ومحاولة الانتصار للفكرة التي يؤمن بها كل طرف من الطرفين.
ورغم أن الطرف الأول (السلطة الدينية) كان يروم النصر بأدواته الثابتة وهالة سلطته التاريخية وبعض التنمر الإلكتروني الذي ينطلق من وهم القوة وتبرير الظاهرة الاجتماعية تبريرات بعيدة إلى حد كبير عن جوهرها وتداوليتها الطبيعية إلا أن السلطة الاجتماعية لم تكن أقل شراسة في الدفاع عن معتقدها الجمعي ومتعلقاته الإنسانية مثل قيمة الفرح والخير والعلاقات الطيبة، وأنه مهما كانت أصل الفكرة إلا أنها بالضرورة قد خرجت عن سياقها التاريخي إلى سياق اجتماعي جديد، وأصبح واضحا لدى الناس كما أصبح مشتركا جمعيا في المنطقة، وخروج الفكرة عن سياقها التاريخي أمر معروف في دراسة الأفكار واللغات فالكثير من الظواهر الفكرية واللغوية غيرت سياقاتها واستحدثت سياقا جديدا، واستبدلت أرديتها بحلة ثقافية مغايرة تماما حتى نسي الناس ما كانت عليه وأصبح السياق الجديد هو سياقها الفعلي.
وهكذا كان كل طرف في هذا الصراع الصحي يروم تبرير موقفه بما يملك من أدوات لجلاء سلبيات الظاهرة وإيجابياتها من وجهة نظره.
وتقريبا لم يخرج أحد الطرفين منتصرا إلا ضمن حيز جماعته؛ إلا أن حالة المواجهة بالحوار كانت في حد ذاتها قيمة عظيمة تستحق المتابعة والاحترام لكل الجهود المبذولة في الإقناع. كما أن تصدي المجتمع للسلطة الدينية ورفض معالجة ظاهرة اجتماعية محضة ضمن الإطار الديني؛ تمثل في حد ذاتها حالة ثقافية عظيمة تدل على عمق وعي المجتمع بقيمه وظواهره واستيعابه لضرورة التشبث بمساحات الفرح والجمال في حيواته التي تقلصت فيها هذه المساحات بشكل مزعج، وإدراكه لضرورة عدم الانسياق وراء السلطة الدينية في تأطير حيواته بأبعاد دينية ما أنزل الله بها من سلطان.
كما يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تصدي السلطة الدينية لأي ظاهرة اجتماعية بسيطة مهما بدت غريبة على مرجعياتها؛ ومحاولة تغليفها بالكفر والمجون لإبعاد الناس عنها سيؤثر على احترام المجتمع لها؛ لذا عليها التفكير في ذلك بعمق وحمله على محمل الجد لضمان سلطتها الروحية والتشريعية التي يحتاجها الناس.
أما الأمر الأهم في الأمر هو أن صراع الأفكار هذا ظل حالة ثقافية واعية ومواجهات لغوية عبر حوار علني وضمن حيز واضح وصريح دون تدخل السلطة السياسية والقانونية لنصرة أي من الفريقين؛ الأمر الذي أضفى على الحالة صحتها وعمقها؛ لأن مثل ذلك التدخل يحجب الوعي ويؤثر في بناء حوار وثقافي ووعي مجتمعي ويخلق ضغائن وترد فكري في المجتمع، بينما صناعة الوعي عبر الحوار هي أهم قيمة يجب الحرص عليها من السلطات الثلاث وممن يضع نفسه في موقع التأمل والدراسة.