روضة الصائم

خديجة بنت خويلد

ومضات.. لصحابيات خالدات

 
نساء فتح التاريخ لهن الأبواب فشيدن بأخلاقهن بنيانا

التزمن بتعاليم الإسلام منذ بداياته.. فتركن أثرا لا يمكن طمسه

ربت المرأة شجعانا.. ودافعت عن الدين.. فبنت أوطانا

وجاهدت بالمال.. وعالجت الأبطال.. وشاركت في النزال

وحفظت مكانتها وتعلمت وتفقهت وكانت منارا للأجيال

تصاحبنا في كل يوم من أيام شهر رمضان المبارك صحابية من النساء اللاتي عاصرن النبي وشهدن الإسلام في بداياته، وتركن بصمتهن فيمن حولهن وساهمن في رفع راية الإسلام....

سيدة عظيمة وصحابية جليلة وهي أول النساء دخولا في الإسلام، كانت زوجة النبي صلى الله عليه وسلم الأولى، ولدت له جميع أبنائه، ما عدا إبراهيم. وقد ساندت النبي صلى الله عليه وسلم ووقفت إلى جانبه، ودافعت عنه، وأخذت بيده.

إنها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشية، ولدت في مكة بعام خمسمائة وستة وخمسين ميلاديا، تزوجت مرتين قبل رسول الله، وكان النبي عليه الصلاة والسلام زوجها الثالث، بعد أن خطبته لنفسها وكانت تبلغ من العمر أربعين عاما، وكان عمر النبي حينها خمسة وعشرين عاما.

حياتها

كانت خديجة ذات حسب ومن بيت كريم، وتزوجت زوجها الأول أبا هالة التميمي الذي ورثت منه بعد وفاته أموالا كثيرة، ورزقت منه بولدين، ثم تزوجت عتيق المخزومي وطلقها وقيل إنه مات وولدت له بنتا، وكانت خديجة تستأجر من يأخذ لها تجارتها في رحلة الشام واليمن، وكانت حريصة على أن يكون الشخص أمينا لكيلا تخسر تجارتها، فسمعت بأمانة محمد عليه الصلاة والسلام، وأرسلته بمالها برفقة غلام يدعى ميسرة، فعاد إليها بمال مضاعف، فتوسمت فيه خيرا، وأرسلت إليه تسأله الزواج منه فوافق النبي صلى الله عليه وسلم، وولدت له ولدين وأربعة بنات.

إسلامها

حين جاءها النبي خائفا بعد نزول الوحي كانت أول من استقبله، وصدقه، وأخذت بيده تواسيه، وطمأنته وأخذته لابن عمها ورقة بن نوفل، الذي بشره وبشرها بنبوته، ولم تتخل عنه، بل آزرته ودفعت عنه أذى المشركين، وتحملت معه الحصار والجوع، وقطيعة قريش، وطلاق ابنتيها، فلم تتراجع وإنما صدقت النبي وساندته حتى آخر يوم في حياتها، وكانت وفاتها بسبب المرض الذي سببه الحصار ونقص الغذاء.

صفاتها

لأن خديجة كانت من بيت عرف بالوجاهة والطهارة أطلق عليها لقب الطاهرة وكان ذلك قبل الإسلام، وكانت صاحبة مال، وعلم، ورجاحة عقل، وكانت تذهب لابن عمها ورقة بن نوفل ليفسر لها ما لا تجد له تفسيرا، وكانت للنبي صلى الله عليه وسلم الصاحبة، والونيسة، ومن تحملت كل شيء في سبيل زوجها ودينها، فكانت مثالا للزوجة الصالحة، وقد كانت صابرة محتسبة.

مكانتها

قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم إنها واحدة من خير نساء العالمين، وهن أربع، وكانت خديجة إحداهن، كما أنه لم يتزوج أخرى عندما كانت في عصمته لمدة تجاوزت أربعا وعشرين عاما، وهي أول من آمن بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكانت إلى جانبه في السراء والضراء، وهي أم أولاده: القاسم، وعبد الله، وزينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة. وكان النبي يبرها حتى بعد وفاتها يذكرها ويثني عليها، ويذكر صديقاتها، ولا يرضى أن تمس بكلمة.

وفاتها

توفيت خديجة بنت خويلد في شهر رمضان بمكة بعد وفاة أبي طالب عم النبي بأيام سنة ستمائة وتسعة عشر ميلاديا، وكانت عمرها خمسة وستين عاما، ودفت بالحجون في مكة المكرمة.