الأمن الغذائي ضرورة وطنية
الثلاثاء / 11 / شعبان / 1443 هـ - 23:05 - الثلاثاء 15 مارس 2022 23:05
الحرب الروسية-الأوكرانية أظهرت مدى انكشاف الأمن الغذائي العربي من خلال الخلل الكبير في وجود السلع الاستراتيجية، والتي من أهمها القمح، الشريان الغذائي لعشرات الملايين من الشعوب العربية.
بعد أن تحدثت روسيا الاتحادية وأوكرانيا عن إمكانية وقف صادرات القمح للعالم بسبب ظروف الحرب بدأت تطرح تساؤلات حقيقية هل الأمن الغذائي العربي وحتى في بلادنا سلطنة عمان يتماشى والظروف والصراعات التي تندلع في العالم بين فترة وأخرى؟ أم أن المسألة هي مجرد انتظار لما يحدث؟ وهو الأمر الذي يدخل قضية الأمن الغذائي في إطار استراتيجية الأمن الوطني للدول.
ومن هنا فإن الحاجة تبدو ملحة وضرورة وطنية في إيجاد نظرة فاحصة على موضوع الأمن الغذائي وأهمية وضع استراتيجية واضحة كما توضع الخطط الخمسية.
ومن الصعب الانتظار حتى تندلع أزمة أو حرب حتى نتحدث عن أهمية الأمن الغذائي، كما أن مسألة الحرب الروسية-الأوكرانية لن تكون الحرب الأخيرة، بل سوف تندلع حروب وصراعات لأسباب مختلفة في إطار صراع النفوذ والسيطرة على مقدرات الثروات خاصة بين القوى العالمية.
نحو استراتيجية غذائية
سلطنة عمان لابد أن تعمل وبشكل أسرع نحو إيجاد استراتيجية فيما يخص الأمن الغذائي خاصة أن منطقة كالنجد في بادية محافظة ظفار هي المنطقة التي لابد أن تستغل في قضايا المنتجات الزراعية ذات البعد الاستراتيجي كالحبوب وغيرها من المنتجات التي يحتاجها المواطنون، كما أن هناك مناطق أخرى في سلطنة عمان تصلح لمنتجات زراعية أخرى.
وعلى ضوء ذلك لابد من التفكير جديا في إيجاد مشروعات استراتيجية تجنب البلد أي هزة غذائية خاصة على صعيد القمح وغيرها من المنتجات التي لا يكفي الإنتاج المحلي لسد حاجة المجتمع المحلي.
فالحرب الروسية-الأوكرانية جعلت الدول العربية تنكشف بشكل كبير على صعيد الأمن الغذائي خاصة الدول العربية ذات الكثافة السكانية والتي تعتمد بشكل كبير على القمح والذي يعد ركنًا أساسيًا في حياة السكان على صعيد الغذاء اليومي.
ومن خلال ذلك الانكشاف الغذائي العربي يمكن الحديث عن نتائج كارثية تخص السيادة الوطنية والأمن القومي للدول فالأمن الغذائي هو في حقيقته أمن وطني.
ويظهر هذا بشكل جلي في حالات الأزمات والحروب وأيضا في حالات تأزم العلاقات الدولية، ومن هنا لابد من التأكيد على وضع استراتيجية للأمن الغذائي ومن خلال خطة مدروسة تستمر عدة سنوات.
السيادة والاستقلالية
الدراسات الاستراتيجية تركز في السنوات الأخيرة على الربط بين الأمن الغذائي وسيادة الدول على اعتبار أن الارتهان إلى الآخرين بالنسبة للأمن الغذائي يعد من الأخطار الاستراتيجية على الدول بصرف النظر عن موضوع العلاقات الجيدة. وتظهر تلك الإشكالات عند اندلاع الأزمات والحروب ولعل أقرب مثال على ذلك هو موضوع تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة حول موضوع الحرب الروسية-الأوكرانية، وكيف واجهت عدد من دول العالم مواقف سياسية صعبة لارتباطها على الصعيد الغذائي بواشنطن خاصة على صعيد القمح وبقية المنتجات، وحتى المواد الأولية.
ومن هنا تركز تلك الدراسات على أهمية الاستقلال الغذائي على غرار الاستقلال السيادي للدول وعدم الاعتماد على الآخرين بصرف النظر عن الصداقة أو العلاقة الجيدة.
فالأزمات والحروب تجعل الأوضاع معقدة، وتصبح مواقف الدول رهينة لمصالح أكبر، وهنا تكمن الخطورة حتى عدم التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبر موقفًا سياسيًا، وعرّض عددًا من الدول لانتقادات أمريكية، وحتى روسية ومن خلال المشهد الروسي-الأوكراني يمكن استخلاص العبر والدروس، لأن هذه الحروب تكشف عن قضايا مهمة، وفي مقدمتها موضوع الأمن الغذائي خاصة أن روسيا الاتحادية أعلنت عن وقف عشرات السلع من التصدير خارجيا ومن ضمنها السلعة الاستراتيجية الأولى وهي القمح، كما ارتفعت أسعار هذه السلعة والتي تستوردها معظم الدول العربية وأيضا أوكرانيا في طريقها إلى منع تصدير القمح وهي تواجه حربًا معقدة ومدمرة.
إذن هناك ربط وثيق بين الأمن الوطني والسيادة للدول والأمن الغذائي خاصة وأن هناك دولًا عديدة تعاني الآن من شبح عدم وجود القمح من روسيا الاتحادية وأوكرانيا وحتى من دول أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية، كما أن سلعة القمح ارتفعت أسعارها بشكل كبير مما يهدد موازنات عدد من الدول العربية والتي تعاني أساسا من العجز.
الأمن الغذائي العربي
كان من المأمول أن تكون هناك استراتيجية عربية على صعيد الأمن الغذائي، وكان السودان هو البلد العربي الذي يمكنه أن تقام على أرضه الخصبة ومياهه الوفيرة النهضة الزراعية العربية، ولكن ذلك لم يحدث ودخل السودان في مشكلاته الداخلية حتى الآن على مدى عقود، وانشغل العرب بمشروعاتهم الوهمية وخلافاتهم وصراعاتهم التي لا تنتهي.
ومن الصعب في ظل الوضع العربي الراهن الحديث عن استراتيجية عربية على صعيد الأمن الغذائي.
ومن هنا فإن بلادنا سلطنة عمان لابد أن تبدأ خطوات جادة فيما يخص الأمن الغذائي وهناك خطوات لا بأس بها، ولكن نحن هنا نتحدث عن السلع الإنتاجية الاستراتيجية وهي الحبوب وغيرها من المنتجات كما أن ذلك يصب في تنويع مصادر الدخل الوطني وتنشيط الاقتصاد وتوفير فرص العمل، ولابد للجهات المختصة في بلادنا أن تفكر بشكل جاد حول موضوع الأمن الغذائي، ولابد من استيعاب ما يحدث من حروب لا تنتهي.
كما أن الأزمة الغذائية ستتواصل مع كل أزمة أو حرب.
ومن هنا فإن المشهد السياسي يحتاج إلى نظرة فاحصة كما أن المشهد الغذائي يحتاج هو الآخر إلى أكثر من نظرة وإلى وقفة جادة في ظل الظروف الحالية والمستقبلية، ولا ينبغي الركون إلى فترات السلام لأن تلك الظروف تتغير بسرعة، وآلية الصراعات سوف تتواصل، وفي تصوري أن المواجهة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين سوف تكون من أكبر المواجهات في هذا القرن لأسباب اقتصادية وأيديولوجية، ومسألة النفوذ والتلاشي التدريجي للقطب الواحد التي سوف تكون إحدى النتائج الحاسمة للمواجهة الروسية-الأوكرانية الحالية.
عوض بن سعيد باقوير - صحفي وكاتب سياسي
بعد أن تحدثت روسيا الاتحادية وأوكرانيا عن إمكانية وقف صادرات القمح للعالم بسبب ظروف الحرب بدأت تطرح تساؤلات حقيقية هل الأمن الغذائي العربي وحتى في بلادنا سلطنة عمان يتماشى والظروف والصراعات التي تندلع في العالم بين فترة وأخرى؟ أم أن المسألة هي مجرد انتظار لما يحدث؟ وهو الأمر الذي يدخل قضية الأمن الغذائي في إطار استراتيجية الأمن الوطني للدول.
ومن هنا فإن الحاجة تبدو ملحة وضرورة وطنية في إيجاد نظرة فاحصة على موضوع الأمن الغذائي وأهمية وضع استراتيجية واضحة كما توضع الخطط الخمسية.
ومن الصعب الانتظار حتى تندلع أزمة أو حرب حتى نتحدث عن أهمية الأمن الغذائي، كما أن مسألة الحرب الروسية-الأوكرانية لن تكون الحرب الأخيرة، بل سوف تندلع حروب وصراعات لأسباب مختلفة في إطار صراع النفوذ والسيطرة على مقدرات الثروات خاصة بين القوى العالمية.
نحو استراتيجية غذائية
سلطنة عمان لابد أن تعمل وبشكل أسرع نحو إيجاد استراتيجية فيما يخص الأمن الغذائي خاصة أن منطقة كالنجد في بادية محافظة ظفار هي المنطقة التي لابد أن تستغل في قضايا المنتجات الزراعية ذات البعد الاستراتيجي كالحبوب وغيرها من المنتجات التي يحتاجها المواطنون، كما أن هناك مناطق أخرى في سلطنة عمان تصلح لمنتجات زراعية أخرى.
وعلى ضوء ذلك لابد من التفكير جديا في إيجاد مشروعات استراتيجية تجنب البلد أي هزة غذائية خاصة على صعيد القمح وغيرها من المنتجات التي لا يكفي الإنتاج المحلي لسد حاجة المجتمع المحلي.
فالحرب الروسية-الأوكرانية جعلت الدول العربية تنكشف بشكل كبير على صعيد الأمن الغذائي خاصة الدول العربية ذات الكثافة السكانية والتي تعتمد بشكل كبير على القمح والذي يعد ركنًا أساسيًا في حياة السكان على صعيد الغذاء اليومي.
ومن خلال ذلك الانكشاف الغذائي العربي يمكن الحديث عن نتائج كارثية تخص السيادة الوطنية والأمن القومي للدول فالأمن الغذائي هو في حقيقته أمن وطني.
ويظهر هذا بشكل جلي في حالات الأزمات والحروب وأيضا في حالات تأزم العلاقات الدولية، ومن هنا لابد من التأكيد على وضع استراتيجية للأمن الغذائي ومن خلال خطة مدروسة تستمر عدة سنوات.
السيادة والاستقلالية
الدراسات الاستراتيجية تركز في السنوات الأخيرة على الربط بين الأمن الغذائي وسيادة الدول على اعتبار أن الارتهان إلى الآخرين بالنسبة للأمن الغذائي يعد من الأخطار الاستراتيجية على الدول بصرف النظر عن موضوع العلاقات الجيدة. وتظهر تلك الإشكالات عند اندلاع الأزمات والحروب ولعل أقرب مثال على ذلك هو موضوع تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة حول موضوع الحرب الروسية-الأوكرانية، وكيف واجهت عدد من دول العالم مواقف سياسية صعبة لارتباطها على الصعيد الغذائي بواشنطن خاصة على صعيد القمح وبقية المنتجات، وحتى المواد الأولية.
ومن هنا تركز تلك الدراسات على أهمية الاستقلال الغذائي على غرار الاستقلال السيادي للدول وعدم الاعتماد على الآخرين بصرف النظر عن الصداقة أو العلاقة الجيدة.
فالأزمات والحروب تجعل الأوضاع معقدة، وتصبح مواقف الدول رهينة لمصالح أكبر، وهنا تكمن الخطورة حتى عدم التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتبر موقفًا سياسيًا، وعرّض عددًا من الدول لانتقادات أمريكية، وحتى روسية ومن خلال المشهد الروسي-الأوكراني يمكن استخلاص العبر والدروس، لأن هذه الحروب تكشف عن قضايا مهمة، وفي مقدمتها موضوع الأمن الغذائي خاصة أن روسيا الاتحادية أعلنت عن وقف عشرات السلع من التصدير خارجيا ومن ضمنها السلعة الاستراتيجية الأولى وهي القمح، كما ارتفعت أسعار هذه السلعة والتي تستوردها معظم الدول العربية وأيضا أوكرانيا في طريقها إلى منع تصدير القمح وهي تواجه حربًا معقدة ومدمرة.
إذن هناك ربط وثيق بين الأمن الوطني والسيادة للدول والأمن الغذائي خاصة وأن هناك دولًا عديدة تعاني الآن من شبح عدم وجود القمح من روسيا الاتحادية وأوكرانيا وحتى من دول أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية، كما أن سلعة القمح ارتفعت أسعارها بشكل كبير مما يهدد موازنات عدد من الدول العربية والتي تعاني أساسا من العجز.
الأمن الغذائي العربي
كان من المأمول أن تكون هناك استراتيجية عربية على صعيد الأمن الغذائي، وكان السودان هو البلد العربي الذي يمكنه أن تقام على أرضه الخصبة ومياهه الوفيرة النهضة الزراعية العربية، ولكن ذلك لم يحدث ودخل السودان في مشكلاته الداخلية حتى الآن على مدى عقود، وانشغل العرب بمشروعاتهم الوهمية وخلافاتهم وصراعاتهم التي لا تنتهي.
ومن الصعب في ظل الوضع العربي الراهن الحديث عن استراتيجية عربية على صعيد الأمن الغذائي.
ومن هنا فإن بلادنا سلطنة عمان لابد أن تبدأ خطوات جادة فيما يخص الأمن الغذائي وهناك خطوات لا بأس بها، ولكن نحن هنا نتحدث عن السلع الإنتاجية الاستراتيجية وهي الحبوب وغيرها من المنتجات كما أن ذلك يصب في تنويع مصادر الدخل الوطني وتنشيط الاقتصاد وتوفير فرص العمل، ولابد للجهات المختصة في بلادنا أن تفكر بشكل جاد حول موضوع الأمن الغذائي، ولابد من استيعاب ما يحدث من حروب لا تنتهي.
كما أن الأزمة الغذائية ستتواصل مع كل أزمة أو حرب.
ومن هنا فإن المشهد السياسي يحتاج إلى نظرة فاحصة كما أن المشهد الغذائي يحتاج هو الآخر إلى أكثر من نظرة وإلى وقفة جادة في ظل الظروف الحالية والمستقبلية، ولا ينبغي الركون إلى فترات السلام لأن تلك الظروف تتغير بسرعة، وآلية الصراعات سوف تتواصل، وفي تصوري أن المواجهة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين سوف تكون من أكبر المواجهات في هذا القرن لأسباب اقتصادية وأيديولوجية، ومسألة النفوذ والتلاشي التدريجي للقطب الواحد التي سوف تكون إحدى النتائج الحاسمة للمواجهة الروسية-الأوكرانية الحالية.
عوض بن سعيد باقوير - صحفي وكاتب سياسي