«لعبة بوتين» والخروج الإعلامي الكبير من روسيا
الثلاثاء / 11 / شعبان / 1443 هـ - 20:40 - الثلاثاء 15 مارس 2022 20:40
تؤكد الحرب الدائرة حاليًا في أوكرانيا أن ضحايا الحروب ليسوا فقط الجنود الذين يدفع بهم قادتهم إلى الصفوف الأولى في المواجهات العسكرية، والمدنيين العزل الذين تقصف منازلهم وتهدم فوق رؤوسهم، ويجبر من بقي منهم على قيد الحياة على الهروب من بلادهم والتحول إلى لاجئين في دول أخرى، ولكن أيضًا الصحفيين الذين تستهدفهم الأطراف المتحاربة لمنعهم من نقل الحقائق، وربما تدفعهم إلى الخروج من مواقع الأحداث خشية القتل أو على الأقل الاعتقال والسجن.
في الأيام الأخيرة أقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اتخاذ خطوة حاول من خلالها تحصين الداخل الروسي من تدخلات الإعلام الأمريكي والغربي المعادي، وذلك عبر تحجيم التواجد الإعلامي الدولي الكبير في روسيا وإجبار وسائل الإعلام الكبرى على الخروج من موسكو.
نجحت «لعبة» بوتين التي قامت على إضافة قانون معني بأخبار الحرب الكاذبة إلى قانون وسائل الإعلام، يتضمن تجريم كل من لا يلتزم بالوصف الروسي لما يجري في أوكرانيا بأنه «عملية عسكرية خاصة» ويطلق عليه تعبير «الغزو» الروسي، وهو ما دفع العديد من وسائل الإعلام إلى الفرار بجلدها ومراسليها من روسيا.
ينص القانون الجديد، على أحكام بالسجن تصل إلى 15 عامًا لنشر معلومات تهدف إلى «تشويه سمعة» القوات العسكرية، و«الدعوة إلى إعاقة» استخدام القوات المسلحة الروسية، كما يعاقب أي دعوة لمعاقبة موسكو، ويجرم وصف الأعمال العسكرية الجارية في أوكرانيا بـ«الحرب».
وتبرر روسيا إصدارها هذا القانون بأنه لحماية «الحقيقة» حول العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وفور صدور القانون الجديد سارعت وسائل الإعلام الأمريكية والغربية إلى سحب مراسليها من روسيا في عملية خروج إعلامي كبيرة من موسكو شملت كل المؤسسات الإخبارية ذات الطابع العالمي وعلى رأسها هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» التي قالت إنها علقت «مؤقتًا» عمل صحفييها في روسيا لضمان «سلامتهم»، وشبكة «سي إن إن» التي أعلنت أنها «ستتوقف عن البث في روسيا لحين تقييم الوضع وتحديد خطواتها التالية، وكذلك شبكة «سي بي إس نيوز»، وشبكة «أيه بي سي نيوز»، بالإضافة إلي هيئة الإذاعة الكندية (سي بي سي) ، وقناتا التلفزيون الألمانيتان «أي أر دي» و«زي دي أف». أما صحيفة نيويورك تايمز التي تعمل في روسيا منذ عام 1919، فقد قررت الثلاثاء الفائت ولأول مرة في تاريخها سحب طاقم تحريرها من روسيا بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، على أساس أن «التشريع الروسي الجديد يسعى إلى تجريم التقارير الإخبارية المستقلة والدقيقة حول الحرب ضد أوكرانيا». أما صحيفة واشنطن بوست فقد قررت استمرار عمل مراسليها في روسيا مع إزالة أسمائهم من على المواد المنشورة في الصحيفة حتى لا تتم مساءلتهم عنها.
وأوقفت وسائل إعلام غربية أخرى بالفعل أنشطة مراسليها في روسيا خوفًا من الانتقام، بما في ذلك راديو كندا، ووكالة بلومبرج الأمريكية التي كان لديها 27 مراسلًا ومحررًا ومترجمًا في روسيا، وقناة «راي» التلفزيونية الإيطالية العامة، وسارت وكالة «إيفي» للأنباء، على نفس النهج، وقالت أول وكالة أنباء ناطقة بالإسبانية في العالم في بيان نشرته على موقعها «أنها المرة الأولى منذ 1970، عندما افتتحت إيفي مكتبها الدائم في موسكو، التي تضطر الوكالة فيها إلى تعليق نشاط صحفييها المعتمدين في العاصمة الروسية». وأعلنت القناة التلفزيونية الإسبانية العامة أنها «توقفت مؤقتًا عن العمل من روسيا».
قد يختلف البعض على صحة الإطار الإخباري الذي يريد بوتين من وسائل الإعلام تأطير الحرب من خلاله، وهو إطار العملية العسكرية الخاصة، وذلك الذي تصر عليه وسائل الإعلام الغربية وهو إطار «الغزو»، ولكن في إطار الحرب الإعلامية والدعائية يصبح كل شيء مباحًا، خاصة وأن روسيا تعلم أن وسائل الإعلام الغربية أصبحت إحدى أهم أدوات الحرب الدعائية ضد روسيا، وتؤثر، بما تنشره عن الداخل الروسي خاصة بعد العقوبات الغربية الواسعة، على معنويات الشعب الروسي وقبوله للحرب.
يبدو قرار بوتين بشأن قانون وسائل الإعلام متوافقًا إلى حد كبير مع حالة الحرب التي تخوضها بلاده، بصرف النظر هنا عن مشروعيتها أو عدم مشروعيتها، فالدول في حالات الحرب تفعل قوانين الطوارئ وقوانين الأحكام العرفية وتفرض رقابة على وسائل الإعلام. وقد حدث ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها عندما قررت دخول الحرب العالمية الأولى في 1917، ثم حال دخولها الحرب العالمية الثانية في 1941. وفي أوقات الحروب تُعدل الدول القوانين القائمة لمنع نشر الأخبار الكاذبة والشائعات التي يمكن أن تؤثر على الجيش والمجهود الحربي والروح المعنوية للشعوب، وتزيد من حالة المعارضة للحرب داخل البلاد. وهذا ما فعله بوتين ولا يستهدف فقط وسائل الإعلام المحلية، ولكن يستهدف في المقام الأول وسائل الإعلام الغربية التي تحتفظ بمكاتب وعدد كبير من المراسلين في الداخل الروسي. في هذا الإطار قد يبدو مفهومًا أيضا قرار الهيئة الروسية المنظمة لعمل وسائل الإعلام تقييد وصول الجمهور الروسي إلى مواقع الإعلام الغربي الرئيسية مثل «بي بي سي»، و«صوت أمريكا»، و«دويتشه فيله» الألمانية التي مُنعت في روسيا، وأجبر مراسلوها على التوقف عن العمل، بالإضافة إلى حجب موقع فيسبوك و«تقييد الوصول» إلى موقع تويتر.
في المقابل أثار هذا القانون غضبا واسعا في أوساط الإعلام الأمريكي والغربي واعتبروه مسعى جديدًا لتجريم الأخبار والتقارير الإخبارية المستقلة والدقيقة حول الحرب ضد أوكرانيا، والتعتيم على المعارضة المتزايدة في الداخل الروسي للحرب.
واقع الحال إن عداء الرئيس بوتين لوسائل الإعلام الأمريكية والغربية ليس جديدًا. ففي 25 من نوفمبر من عام 2017 وقع بوتين قانونا يتيح تصنيف وسائل الإعلام الأجنبية العاملة في روسيا باعتبارها «عميلا أجنبيا» بناء على قرار من وزارة العدل.
وقد جاء ذلك ردا على قانون أمريكي مشابه تضمن إلزام قناة روسيا اليوم ووسائل إعلام صينية بالتسجيل بهذه الصفة في الولايات المتحدة. وفي يناير من العام الماضي تمت إضافة قيود جديدة إلى القانون ليشمل ليس فقط المؤسسات الإعلامية ولكن أيضا الأشخاص والخبراء الروس الذين يعملون لحساب وسائل إعلام أجنبية واعتبارهم «عملاء أجانب»، والإشارة عند الاستعانة بهم في وسائل الإعلام إلى أنهم «عملاء أجانب»، وذلك في محاولة للتقليل من الاستشهاد والاقتباس من الوكالات والأفراد المصنّفين ضمن «العملاء الأجانب» في وسائل الإعلام الروسية والدولية.
وفي أغسطس 2014 صدر قانون الإعلام الجديد الذي يفرض قيودًا على شبكة الإنترنت، بما فيها المواقع الإلكترونية ومواقع وسائل التواصل والمدونات، وألزم المدونين، ممن لديهم أكثر من 3000 متابع، بالتسجيل في «هيئة تنظيم وسائل الإعلام». ويلزم القانون شبكات الإنترنت السماح للسلطات الروسية بالوصول إلى معلومات المستخدمين، ووجوب احتفاظ الشبكات الاجتماعية ببيانات مستخدميها لمدة 6 أشهر، وأن يتم تخزين المعلومات في خوادم مقرها الأراضي الروسية حتى تتمكن السلطات الحكومية من متابعتها.
إن الحروب الإعلامية لم تعد تقل أهمية عن الحروب الحقيقية، وأن الإعلام بوسائله ومنصاته التقليدية والجديدة أصبح يستخدم وعلى نطاق واسع كسلاح فعّال في الحروب الحديثة، ومن حق كل طرف من أطراف الصراع أن يتحكم فيما ينشر عنه وعن الحرب، حتى وإن اصطدم ذلك مع مبادئ ومعايير حرية الإعلام. وعلى هذا فإن الخروج الإعلامي الغربي الكبير من روسيا يعد انتصارًا لروسيا، وهو انتصار مؤقت، ولكنه قد يكون حاسمًا في تقرير مصير ومآلات تلك الحرب، كونه يوفر للطرف الروسي مساحة من الهدوء والتركيز، بعيدا عن الصخب الإعلامي الدولي لحسم الحرب، ولعل هذا هو الفخ الذي نصبه الرئيس بوتين، ووقعت فيه وسائل الإعلام الغربية عندما سارعت بالخروج من روسيا تاركة الساحة لوسائل الإعلام التي يتحكم فيها بوتين.
في الأيام الأخيرة أقدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على اتخاذ خطوة حاول من خلالها تحصين الداخل الروسي من تدخلات الإعلام الأمريكي والغربي المعادي، وذلك عبر تحجيم التواجد الإعلامي الدولي الكبير في روسيا وإجبار وسائل الإعلام الكبرى على الخروج من موسكو.
نجحت «لعبة» بوتين التي قامت على إضافة قانون معني بأخبار الحرب الكاذبة إلى قانون وسائل الإعلام، يتضمن تجريم كل من لا يلتزم بالوصف الروسي لما يجري في أوكرانيا بأنه «عملية عسكرية خاصة» ويطلق عليه تعبير «الغزو» الروسي، وهو ما دفع العديد من وسائل الإعلام إلى الفرار بجلدها ومراسليها من روسيا.
ينص القانون الجديد، على أحكام بالسجن تصل إلى 15 عامًا لنشر معلومات تهدف إلى «تشويه سمعة» القوات العسكرية، و«الدعوة إلى إعاقة» استخدام القوات المسلحة الروسية، كما يعاقب أي دعوة لمعاقبة موسكو، ويجرم وصف الأعمال العسكرية الجارية في أوكرانيا بـ«الحرب».
وتبرر روسيا إصدارها هذا القانون بأنه لحماية «الحقيقة» حول العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وفور صدور القانون الجديد سارعت وسائل الإعلام الأمريكية والغربية إلى سحب مراسليها من روسيا في عملية خروج إعلامي كبيرة من موسكو شملت كل المؤسسات الإخبارية ذات الطابع العالمي وعلى رأسها هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» التي قالت إنها علقت «مؤقتًا» عمل صحفييها في روسيا لضمان «سلامتهم»، وشبكة «سي إن إن» التي أعلنت أنها «ستتوقف عن البث في روسيا لحين تقييم الوضع وتحديد خطواتها التالية، وكذلك شبكة «سي بي إس نيوز»، وشبكة «أيه بي سي نيوز»، بالإضافة إلي هيئة الإذاعة الكندية (سي بي سي) ، وقناتا التلفزيون الألمانيتان «أي أر دي» و«زي دي أف». أما صحيفة نيويورك تايمز التي تعمل في روسيا منذ عام 1919، فقد قررت الثلاثاء الفائت ولأول مرة في تاريخها سحب طاقم تحريرها من روسيا بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة، على أساس أن «التشريع الروسي الجديد يسعى إلى تجريم التقارير الإخبارية المستقلة والدقيقة حول الحرب ضد أوكرانيا». أما صحيفة واشنطن بوست فقد قررت استمرار عمل مراسليها في روسيا مع إزالة أسمائهم من على المواد المنشورة في الصحيفة حتى لا تتم مساءلتهم عنها.
وأوقفت وسائل إعلام غربية أخرى بالفعل أنشطة مراسليها في روسيا خوفًا من الانتقام، بما في ذلك راديو كندا، ووكالة بلومبرج الأمريكية التي كان لديها 27 مراسلًا ومحررًا ومترجمًا في روسيا، وقناة «راي» التلفزيونية الإيطالية العامة، وسارت وكالة «إيفي» للأنباء، على نفس النهج، وقالت أول وكالة أنباء ناطقة بالإسبانية في العالم في بيان نشرته على موقعها «أنها المرة الأولى منذ 1970، عندما افتتحت إيفي مكتبها الدائم في موسكو، التي تضطر الوكالة فيها إلى تعليق نشاط صحفييها المعتمدين في العاصمة الروسية». وأعلنت القناة التلفزيونية الإسبانية العامة أنها «توقفت مؤقتًا عن العمل من روسيا».
قد يختلف البعض على صحة الإطار الإخباري الذي يريد بوتين من وسائل الإعلام تأطير الحرب من خلاله، وهو إطار العملية العسكرية الخاصة، وذلك الذي تصر عليه وسائل الإعلام الغربية وهو إطار «الغزو»، ولكن في إطار الحرب الإعلامية والدعائية يصبح كل شيء مباحًا، خاصة وأن روسيا تعلم أن وسائل الإعلام الغربية أصبحت إحدى أهم أدوات الحرب الدعائية ضد روسيا، وتؤثر، بما تنشره عن الداخل الروسي خاصة بعد العقوبات الغربية الواسعة، على معنويات الشعب الروسي وقبوله للحرب.
يبدو قرار بوتين بشأن قانون وسائل الإعلام متوافقًا إلى حد كبير مع حالة الحرب التي تخوضها بلاده، بصرف النظر هنا عن مشروعيتها أو عدم مشروعيتها، فالدول في حالات الحرب تفعل قوانين الطوارئ وقوانين الأحكام العرفية وتفرض رقابة على وسائل الإعلام. وقد حدث ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية نفسها عندما قررت دخول الحرب العالمية الأولى في 1917، ثم حال دخولها الحرب العالمية الثانية في 1941. وفي أوقات الحروب تُعدل الدول القوانين القائمة لمنع نشر الأخبار الكاذبة والشائعات التي يمكن أن تؤثر على الجيش والمجهود الحربي والروح المعنوية للشعوب، وتزيد من حالة المعارضة للحرب داخل البلاد. وهذا ما فعله بوتين ولا يستهدف فقط وسائل الإعلام المحلية، ولكن يستهدف في المقام الأول وسائل الإعلام الغربية التي تحتفظ بمكاتب وعدد كبير من المراسلين في الداخل الروسي. في هذا الإطار قد يبدو مفهومًا أيضا قرار الهيئة الروسية المنظمة لعمل وسائل الإعلام تقييد وصول الجمهور الروسي إلى مواقع الإعلام الغربي الرئيسية مثل «بي بي سي»، و«صوت أمريكا»، و«دويتشه فيله» الألمانية التي مُنعت في روسيا، وأجبر مراسلوها على التوقف عن العمل، بالإضافة إلى حجب موقع فيسبوك و«تقييد الوصول» إلى موقع تويتر.
في المقابل أثار هذا القانون غضبا واسعا في أوساط الإعلام الأمريكي والغربي واعتبروه مسعى جديدًا لتجريم الأخبار والتقارير الإخبارية المستقلة والدقيقة حول الحرب ضد أوكرانيا، والتعتيم على المعارضة المتزايدة في الداخل الروسي للحرب.
واقع الحال إن عداء الرئيس بوتين لوسائل الإعلام الأمريكية والغربية ليس جديدًا. ففي 25 من نوفمبر من عام 2017 وقع بوتين قانونا يتيح تصنيف وسائل الإعلام الأجنبية العاملة في روسيا باعتبارها «عميلا أجنبيا» بناء على قرار من وزارة العدل.
وقد جاء ذلك ردا على قانون أمريكي مشابه تضمن إلزام قناة روسيا اليوم ووسائل إعلام صينية بالتسجيل بهذه الصفة في الولايات المتحدة. وفي يناير من العام الماضي تمت إضافة قيود جديدة إلى القانون ليشمل ليس فقط المؤسسات الإعلامية ولكن أيضا الأشخاص والخبراء الروس الذين يعملون لحساب وسائل إعلام أجنبية واعتبارهم «عملاء أجانب»، والإشارة عند الاستعانة بهم في وسائل الإعلام إلى أنهم «عملاء أجانب»، وذلك في محاولة للتقليل من الاستشهاد والاقتباس من الوكالات والأفراد المصنّفين ضمن «العملاء الأجانب» في وسائل الإعلام الروسية والدولية.
وفي أغسطس 2014 صدر قانون الإعلام الجديد الذي يفرض قيودًا على شبكة الإنترنت، بما فيها المواقع الإلكترونية ومواقع وسائل التواصل والمدونات، وألزم المدونين، ممن لديهم أكثر من 3000 متابع، بالتسجيل في «هيئة تنظيم وسائل الإعلام». ويلزم القانون شبكات الإنترنت السماح للسلطات الروسية بالوصول إلى معلومات المستخدمين، ووجوب احتفاظ الشبكات الاجتماعية ببيانات مستخدميها لمدة 6 أشهر، وأن يتم تخزين المعلومات في خوادم مقرها الأراضي الروسية حتى تتمكن السلطات الحكومية من متابعتها.
إن الحروب الإعلامية لم تعد تقل أهمية عن الحروب الحقيقية، وأن الإعلام بوسائله ومنصاته التقليدية والجديدة أصبح يستخدم وعلى نطاق واسع كسلاح فعّال في الحروب الحديثة، ومن حق كل طرف من أطراف الصراع أن يتحكم فيما ينشر عنه وعن الحرب، حتى وإن اصطدم ذلك مع مبادئ ومعايير حرية الإعلام. وعلى هذا فإن الخروج الإعلامي الغربي الكبير من روسيا يعد انتصارًا لروسيا، وهو انتصار مؤقت، ولكنه قد يكون حاسمًا في تقرير مصير ومآلات تلك الحرب، كونه يوفر للطرف الروسي مساحة من الهدوء والتركيز، بعيدا عن الصخب الإعلامي الدولي لحسم الحرب، ولعل هذا هو الفخ الذي نصبه الرئيس بوتين، ووقعت فيه وسائل الإعلام الغربية عندما سارعت بالخروج من روسيا تاركة الساحة لوسائل الإعلام التي يتحكم فيها بوتين.